ألمانيا تسعى لتحاشي «وضع اقتصادي درامي»

تدرس احتمالات الاقتراض لتفادي الركود

TT

ألمانيا تسعى لتحاشي «وضع اقتصادي درامي»

يُوجّه خبراء الاقتصاد في مصرف سيتي غروب الأميركي إصبع الاتهام إلى ألمانيا، لأنها قد تتعرّض قريباً لأزمة اقتصادية حادّة لا ينبغي الاستخفاف بأبعادها. وفي سيناريو مماثل لما قد يحصل في بريطانيا، من نقص محتمل في الأدوية والمواد الغذائية وغيرها في حال خروجها من دون اتفاق من عضوية الاتحاد الأوروبي، قد تقلب أي أزمة اقتصادية تضرب ألمانيا الأوراق على الطاولة، واضعة الاستقرار المالي الأوروبي في قفص الخطر.
ويشير تقرير مصرف سيتي غروب إلى أن الناتج القومي الألماني، عام 2020، سيلعب دور الحكم في تقرير مستقبل البلاد الاقتصادي. فنموه ما دون الواحد في المائة سيضع ألمانيا في وضع اقتصادي درامي. لذا، فإن كل شيء يعتمد على مسار الناتج القومي في الرُبعين الماليين الثالث والرابع من عام 2019.
مرة أخرى تلعب السياسة دوراً في قيادة الاقتصاد إلى برّ الأمان أو عتبة الهلاك وفقاً لرأي الخبيرة الاقتصادية الألمانية فرانسيسكا إنغولد. فالحزب الديمقراطي المسيحي الألماني يسعى إلى اصطياد أصوات الناخبين الهاربين من حزب الخضر عن طريق مبادرات ترمي إلى فرض ضريبة بيئية وموجة إصلاحات واسعة لحماية البيئة من شأنها رفع سقف الإنفاق العام.
وتضيف هذه الخبيرة أن خطط الحزب الديمقراطي المسيحي الصديقة للبيئة قد تكبح نمو الناتج القومي الألماني على المدى القصير، من جراء ارتفاع تكاليف التصدي للتغيّرات المُناخية؛ أي زيادة الإنفاق العام على مكافحة الاحتباس الحراري والدفاع عن البيئة. في حين يتمسّك الحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني بضرورة إبقاء إجمالي الدين العام عند مستوى 60 في المائة من معدل الناتج القومي لتجنّب الصعوبات المالية والاقتصادية.
وتختم: «يدرس الحزب الاشتراكي الألماني خططاً لمساعدة الشركات في تخفيض ساعات دوام الموظفين المثبّتين لديها كيلا يتعرّضوا لخطر التسريح. وتتضمّن هذه الخطط سلّة من التسهيلات والحوافز المالية والضريبية التي ستؤثر على حركة الإنفاق العام، لأن إجماليها سيرسو عند ما لا يقل عن مائة مليون يورو في عام 2020 وحده».
في سياق متصل، يشير ميخائيل هوتر، مدير المعهد الألماني للأبحاث الاقتصادية، إلى ضرورة قيام حكومة برلين بتأسيس صندوق مالي بقيمة 450 مليار يورو على الأقل، لتمويل المشاريع العامة بمعدل 45 مليار يورو كل عام، وذلك خلال الأعوام العشرة المقبلة في قطاعات النقل والرقمنة والإنترنت فائق السرعة (5 جي) والتكوين والتعليم والبناء والأنشطة البحثية والتطويرية. علما بأن مجموع الاستثمارات المُخطّط لها سنوياً يعادل تقريباً ما أنفقته ألمانيا قبل عشرة أعوام لمواجهة موجة الركود الاقتصادي الكبرى.
ويضيف أن الثغرة المالية المسجلة على مستوى البلديات ترسو عند 138 مليار يورو، منها 48 مليار يورو لتغطية احتياجات المدارس. أما الثغرة المسجلة في تطوير شبكة الطرقات فترسو عند 36 مليار يورو. كما يحتاج قطاع البناء إلى تمويل إجماليه 14 مليار يورو على الأقل، مقارنة بنحو 6.5 مليار يورو لدعم وتحديث شبكة المنشآت المائية.
ويوضح هوتر: «قد تتراجع أنشطة ألمانيا الاقتصادية في الربع المالي الثالث من عام 2019 بصورة طفيفة. كما تراجع الناتج القومي في الربع الثاني من عام 2019 نحو 0.1 في المائة، مما يفتح الطريق أمام وقوف البلاد على منعطف الركود الاقتصادي. وفي الحقيقة، حمل نمو البلاد تحت طيّاته، في الأعوام العشرة الأخيرة، خبايا متعلّقة بنقص عميق في أنظمتها الإنتاجية وبنيتها التحتية. ولن تتأخر هذه الخبايا عن البروز على السطح في حال واصل الناتج القومي تراجعه. عندئذٍ، سيتحول الركود الاقتصادي الطفيف إلى شلل مزمن. وهذا يتعارض مع مصالح ألمانيا التي تتغذى بفضل صادراتها في زمن يعيش تقلّبات تجارية دولية حادّة تهيمن عليها تنافسية العولمة الوحشية. وبالطبع، لن تتأخر حكومة برلين عن اللجوء إلى الاقتراض في أسوأ الحالات، للدفاع عن مصالحها الوطنية المُقدّسة عن طريق طرح المزيد من سنداتها المعروفة باسم (بوند) للبيع في الأسواق الدولية».


مقالات ذات صلة

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)
أوروبا رجل يلتقط صورة تذكارية مع ملصق يحمل صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول: «لماذا نريد مثل هذا العالم إذا لم تكن روسيا موجودة فيه؟» (رويترز)

«فليحفظ الرب القيصر»... مؤيدون يهنئون بوتين بعيد ميلاده الثاني والسبعين

وصف بعض المؤيدين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ«القيصر»، في عيد ميلاده الثاني والسبعين، الاثنين، وقالوا إنه أعاد لروسيا وضعها، وسينتصر على الغرب بحرب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جندي أوكراني يجلس داخل دبابة ألمانية الصنع من نوع «ليوبارد 2 إيه 5» بالقرب من خط المواجهة (أ.ف.ب)

هل انتهى عصر الدبابات «ملكة المعارك» لصالح الطائرات المسيّرة؟

رغم أن الدبابات ساعدت أوكرانيا في التقدم داخل روسيا، تعيد الجيوش التفكير في كيفية صنع ونشر هذه الآليات القوية بعد أدائها المتواضع خلال الفترة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا بوتين يتحدث مع طلاب مدرسة في جمهورية توفا الروسية الاثنين (إ.ب.أ) play-circle 00:45

بوتين يتوعد الأوكرانيين في كورسك ويشدد على استمرار الحرب حتى تحقيق أهدافها

شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أن الهجوم الأوكراني في كورسك لن يوقف تقدم جيشه في منطقة دونباس، متعهداً بمواصلة العمليات الحربية حتى تحقيق أهداف بلاده.

رائد جبر (موسكو)

سياسات ترمب التجارية تدفع كوريا الجنوبية لخفض الفائدة

شعار بنك كوريا يظهر على قمة مبناه في سيول (رويترز)
شعار بنك كوريا يظهر على قمة مبناه في سيول (رويترز)
TT

سياسات ترمب التجارية تدفع كوريا الجنوبية لخفض الفائدة

شعار بنك كوريا يظهر على قمة مبناه في سيول (رويترز)
شعار بنك كوريا يظهر على قمة مبناه في سيول (رويترز)

خفض البنك المركزي في كوريا الجنوبية سعر الفائدة الرئيسي للشهر الثاني على التوالي، قائلاً إن اقتصاد البلاد سينمو بوتيرة أبطأ مما كان متوقعاً في البداية.

وخفض بنك كوريا سعر الفائدة القياسي بمقدار ربع نقطة مئوية إلى 3 في المائة بعد اجتماع السياسة النقدية. كما خفض توقعاته للنمو الاقتصادي للبلاد إلى 2.2 في المائة من 2.4 في المائة هذا العام وإلى 1.9 في المائة من 2.1 في المائة لعام 2025، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

واتخذ البنك خطوات لخفض تكاليف الاقتراض على الرغم من الآثار المترتبة على ارتفاع التضخم ومستويات الديون الأسرية المقلقة مع كفاح الاقتصاد مع الركود.

وخفض البنك المركزي سعر الفائدة القياسي بمقدار ربع نقطة مئوية إلى 3.25 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول)، وهو أول خفض للسعر منذ مايو (أيار) 2020 في ذروة جائحة «كوفيد – 19».

وقال البنك إن اقتصاد البلاد المعتمد على التجارة يواجه حالة من عدم اليقين المتزايد بشأن الاتجاهات الاقتصادية العالمية والتضخم الذي قد يتأثر بسياسات الرئيس المنتخب دونالد ترمب والنزاعات الجيوسياسية المستمرة.

ومنذ إعادة انتخابه، تعهد ترمب بفرض رسوم جمركية جديدة باهظة على السلع الأجنبية التي تدخل الولايات المتحدة، بما في ذلك تلك القادمة من المكسيك وكندا والصين، وهي الخطوة التي يصر على أنها ستخلق المزيد من الوظائف المحلية وتخفض العجز الفيدرالي.

وفي مؤتمر صحافي، قال محافظ بنك كوريا المركزي ري تشانج يونغ إن البنك يواجه قراراً صعباً بشأن ما إذا كان سيبقي على أسعار الفائدة أو يخفضها. ولكن الانخفاض الأكبر من المتوقع في الصادرات في الربع الرابع وفوز ترمب في الانتخابات دفع البنك إلى اتخاذ هذا القرار.

وقال يونغ: «كنا نفكر في حالة عدم اليقين التي ستجلبها نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، لكن فوز حزب واحد في مجلس النواب ومجلس الشيوخ كان شيئاً لم نتوقعه».

وأضاف أن فوز ترمب «زاد من حالة عدم اليقين السياسي، ليس فقط بالنسبة لنا ولكن للعالم أجمع»، لكنه قال إنه من السابق لأوانه التنبؤ بكيفية تأثير تحركات ترمب الجمركية على صادرات كوريا الجنوبية.

وقال ري إن خفض أسعار الفائدة قد يساعد في تحفيز الاستهلاك المحلي من خلال ضخ المزيد من الأموال في الاقتصاد، ولكن من غير المرجح أن يعكس تباطؤ الصادرات، الذي يرجع إلى قضايا القدرة التنافسية طويلة الأمد في الصناعات الرئيسية التي تحتاج إلى معالجة من خلال تغييرات السياسة أو إعادة الهيكلة.

وأشار إلى أن 3 من أصل 6 أعضاء في لجنة السياسة النقدية يعتقدون أن البنك يجب أن يخفض أسعار الفائدة بشكل أكبر في الأشهر الثلاثة المقبلة لدعم الاقتصاد الراكد. وأضاف أن البنك سيراقب من كثب اتجاهات ديون الأسر وأسعار العقارات قبل النظر في خفض آخر.

وقال البنك، في بيان، إن اقتصاد كوريا الجنوبية يفقد الزخم بسبب ضعف الإنفاق المحلي وتباطؤ الصادرات وارتفاع معدلات البطالة.

وأضاف البيان: «من المتوقع أن يشهد الاستهلاك المحلي انتعاشاً طفيفاً في المستقبل، ولكن من المرجح أن يكون انتعاش الصادرات أضعف مما كان متوقعاً في البداية بسبب زيادة المنافسة وتعزيز سياسات الحماية التجارية في الصناعات الرئيسية».