«عاطل عن الحرية» هو عنوان البرنامج التلفزيوني الأسبوعي الذي بدأت بعرضه شاشة «إم تي في»، ضمن شبكة برامجها الجديدة.
هدف البرنامج، كما يقول معدّه ومقدمه سمير يوسف، نشر التوعية بين المواطنين بحيث يتعرفون إلى قصص وحكايات بعض المجرمين، الذين ارتكبوا جرائمهم عمدا، وهم اليوم نادمون على فعلتهم. ويقول يوسف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لقد رغبت من خلال استضافتي عددا من المساجين الذين ينفذون عقوبتهم، أن يكونوا عبرة للآخرين ودرسا لهم، كي لا يستسهلوا ارتكاب الجرائم، وأن يعرفوا سلفا ما ينتظرهم من عقوبات في حال أقدموا عليها».
وأشار سمير يوسف الذي احتل برنامجه مساحة ذهبية على الشاشة الصغيرة، كونه يُعرض مساء كل أحد، بعد نشرة أخبار الثامنة مساء مباشرة، إلى أن بعض تلك القصص مؤلمة جدا ومؤثرة، وأنه تداركا لتفشي هذه الآفة قرر القيام بهذه الخطوة الإعلامية التي من شأنها أن تسهم في الحد منها، لا سيما أن هذا الموضوع يجري التطرق إليه لأول مرة بهذا الأسلوب.
يتنوع ضيوف «عاطل عن الحرية» ما بين رجال ونساء ارتكبوا جرائم قتل في «ساعة تخلي» كما يقول مقدمه، فيروون في حوارات مباشرة معهم كيف خططوا وارتكبوا جريمتهم، وأيضا كيف تغيرت نظرتهم اليوم للأمر بعدما أمضوا قسما من عقوبتهم وراء القضبان.
حتى الآن، استضاف سمير يوسف مساجين، بينهم من قتل شقيقه لخلاف حول إرث، أو زوجته لإقدامها على فعل الخيانة، أو حتى من أقدم على قتل عدة أشخاص (أربعة) لخلافات متراكمة أو بدافع السرقة وغيرها.
ولكن هل يجري عرض هذا البرنامج أيضا من باب استقطاب تعاطف المشاهد مع المجرم، والتخفيف من الأحكام الاجتماعية القاسية عليه؟ يرد سمير يوسف: «لا، أبدا، كل ما أردنا الوصول إليه من خلال البرنامج هو تدارك ارتكاب الجريمة، وتسليط الضوء على حلول أخرى تتعلق باللجوء إلى القانون بدلا من أخذ الحق باليد، كما يُخيل لمرتكبها، فالمجرم عندما يقدم على فعلته لا يتصور مدى الأذى الذي يتسبب به لأفراد عائلته ولنفسه أيضا، فكان علينا تنبيه من هم خارج هذه اللعبة إلى الخطورة التي تحملها في طياتها».
ويضيف: «وفي العبرة أيضا شق آخر يتناول أسلوب حياة المجرم في السجن من الناحيتين الوجدانية والاجتماعية، وضرورة تأهيل سجوننا لاستبدال عقوبات معينة واستخدام أسلوب ممارسة العمل وتزويد المحكوم عليه بمهنة معينة».
ويستضيف البرنامج إضافة إلى المساجين الذين يشكلون العنصر الأساسي فيه، اختصاصيين في القانون وعلم النفس والاجتماع، ليعطوا الحلول التي كان يمكن أن تؤول إلى عدم ارتكاب الجرائم.
ويقول الأب فريد لحود أحد الناشطين في تحسين أوضاع السجون في لبنان، الذي جرت استضافته في إحدى حلقات البرنامج، إن من شأن «عاطل عن الحرية» أن يقدم للمشاهد مادة حيوية من واقعنا تعلمه ما يمكن أن يحمل له المستقبل من أيام سوداء، في حال أقدم على فعل الجريمة، كما أنه يضع النقاط على الحروف في بعض المواضيع الشائكة، التي نعمل من أجل تحسينها في جميع سجون لبنان، وأهمها الاكتظاظ الذي يتسبب في قيام المسجون بأعمال تسيء إليه وإلى زملائه في السجن».
ويعرف الأب فريد لحود في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط» المجرمين بمثابة مرضى «علينا أن نأخذ بيدهم، بدل أن نؤنبهم طيلة الوقت، وهذا البرنامج التلفزيوني هو بمثابة فسحة أمل تتيح لهم الفضفضة عما يساورهم من مخاوف وقلق وندم في آن».
والمعروف أن سجن رومية واحد من أكبر السجون في لبنان، ويعاني من اكتظاظ حاد رغم أنه يُعد بمثابة فندق نسبة إلى غيره من السجون في العالم العربي، كونه لا يقع تحت الأرض، ويطل على البحر، وتدخله الشمس، فهو يحتوي على 2100 سجين رغم أنه لا يتسع لأكثر من نصف هذا العدد، الأمر نفسه يعاني منه سجن طرابلس الذي لا يتسع لأكثر من 400 شخص ويستوعب حاليا 1100 سجين. وتوجد المشكلة نفسها في سجني «جب جنين» و«بعلبك»، إذ إن الأول فيه 115 سجينا، والثاني 120 سجينا، وهما لا يتسعان لأكثر من 50 شخصا.
وحده سجن «بربر خازن» في بيروت الذي لا يعاني من هذه المشكلة، حيث يبلغ عدد المساجين فيه 50، بينما هو يتسع لنحو الـ80 شخصا. ويرى سمير يوسف أن المستشارين القانونيين والنفسيين الذين يستضيفهم في حلقات برنامجه، يلعبون دورا بارزا في توعية المشاهد بهذا الشأن، بحيث لا يتورطون بجرائم وأفعال قد تودي بأحلامهم وبمستقبلهم إلى مهب الريح.
وأشار إلى أنه لكون نسبة الجريمة في لبنان ارتفعت في الآونة الأخيرة، لأسباب عدة، بينها الفلتان الأمني وعدم تطبيق القوانين، كان لا بد من تناول هذا الموضوع لتسليط الضوء على مرتكبي هذه الجرائم والوقوف على الدوافع التي آلت بهم إلى ارتكاب جرائمهم.
9:32 دقيقه
«عاطل عن الحرية» برنامج تلفزيوني يستضيف مرتكبي جرائم في السجون اللبنانية
https://aawsat.com/home/article/188151
«عاطل عن الحرية» برنامج تلفزيوني يستضيف مرتكبي جرائم في السجون اللبنانية
سمير يوسف: أعددته لزيادة الوعي ولتكون قصص المساجين عبرة للآخرين
مقدم البرنامج سمير يوسف
«عاطل عن الحرية» برنامج تلفزيوني يستضيف مرتكبي جرائم في السجون اللبنانية
مقدم البرنامج سمير يوسف
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة

