المنتج العالمي غوميز: اختيار الممثلين كان الجزء الأكثر صعوبة في «وُلد ملكاً»

قال لـ «الشرق الأوسط» إن زيارة الفيصل للندن أثارت إعجابه

مشهد من فيلم «وُلد ملكاً»
مشهد من فيلم «وُلد ملكاً»
TT

المنتج العالمي غوميز: اختيار الممثلين كان الجزء الأكثر صعوبة في «وُلد ملكاً»

مشهد من فيلم «وُلد ملكاً»
مشهد من فيلم «وُلد ملكاً»

توقع المنتج الإسباني أندريس غوميز، الحاصل على جائزة الأوسكار، أن يحقق فيلم «وُلد ملكاً» الذي يحكي زيارة الملك فيصل لندن عندما كان في عمر الثالثة عشرة، نجاحاً في السعودية ودول الخليج العربي والعالم.
وأشار غوميز في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» إلى أن تصوير الفيلم استغرق نحو عشرة أسابيع بين الرياض ولندن، مبيناً أن النسخة العربية من الفيلم سوف تُعرض في السعودية يوم الخميس 26 سبتمبر (أيلول) المقبل.
ويتناول الفيلم رحلة الملك فيصل إلى بريطانيا، حيث ظهر للعالم كقائد يتمتع بالهدوء والحكمة ورجاحة الرأي، فتوقع له زعماء العالم مستقبلاً باهراً في عالم السياسة.
عن بداية الفكرة، يقول غوميز «في فبراير (شباط) 2016م كنت في السعودية أبحث في تاريخها، وقرأت كتاب المستشرق الروسي أليكسي فاسيلييف الذي يتحدث عن سيرة الملك فيصل، فوجدت فصلاً يتناول زيارته إلى لندن عندما كان في الثالثة عشرة، وعلى الفور شعرت بأن هذا الفصل سيكون فيلماً رائعاً».
وأضاف: «رأيت أن ذلك سيكون تعريفاً عظيماً للقيادة والسياسة في المملكة العربية السعودية، فكتبت 11 صفحة وضعت فيها كل المعلومات التي توصلت إليها، ثم تواصلت مع مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية وطلبت موعد لقاء، وقابلت الأمين العام للمركز آنذاك ومعه عدد من أحفاد الملك فيصل، وطرحت الفكرة عليهم، فأبلغوني بأن كثيرين قبلي حاولوا طرح أفكار لعمل فيلم عن الملك فيصل». لكن أمين المركز استدرك قائلاً: «زاوية الحديث عن طفولته وزيارته تلك إلى لندن جميلة، سوف أرتّب لك لقاءً مع الأمير تركي الفيصل».
يتابع غوميز بقوله: «بعد شهر قابلت الأمير تركي في منزله وعرضت عليه صفحاتي الـ11، فأعجب بالفكرة، وبعدها بفترة أعطاني موافقة العائلة على عمل الفيلم».
وحسب المنتج الإسباني، استغرقت عملية كتابة النص ستة أشهر، مشيراً إلى أن التعامل مع حياة شخصية معروفة في السعودية والوطن العربي والإسلامي مثل الملك فيصل أمر ليس بالسهل، وقال: «عندما تتعامل مع شخصية حقيقية يجب عليك أن تؤمن بها أولاً، عدد كبير من الناس الأحياء يتذكرونه، كذلك عائلته وأولاده وأحفاده، كانت المهمة صعبة جداً».
وتابع: «لا مجال للخطأ إطلاقاً، وبكل صراحة يمكنني التأكيد أن 90% من المحتوى دقيق، الأمر الأهم بالنسبة إليّ هو رضا عائلة الفيصل، فقد كان الأمير تركي الفيصل معنا في كل مراحل الفيلم، لم يعدل شيئاً، ما كان يفعله هو المساعدة لتحسين الفيلم وليكون أكثر دقة».
وأوضح أندريس غوميز أن طاقم العمل في الفيلم وصل إلى 180 شخصاً، 50% منهم سعوديون، وأضاف: «كانت الأجواء حارة وأحياناً باردة، قمنا بالتصوير لمدة 7 أسابيع في لندن، ثم توقفنا فترة الصيف في السعودية أربعة أشهر، بعدها صورنا ثلاثة أسابيع في الرياض».
اختيار الممثلين كان الجزء الأكثر صعوبة، حسب المنتج الإسباني الذي يقول: «اخترنا الممثل السعودي راكان لتجسيد شخصية الملك عبد العزيز، ربما راكان لم يكن مشهوراً ولكنه درس في لوس أنجليس، وتلقى بعض التدريبات، لذلك أحضرناه هنا وعملنا معه بجهد مع مدرب خاص، وينبغي عليّ القول إنه ممثل عظيم وسيكون اسماً كبيراً في المستقبل».
وتابع: «ثم بدأنا البحث عن طفل عمره 13 عاماً كان الأمر صعباً جداً، اختبرنا الكثير من الأطفال بمن فيهم بعض أحفاد الملك فيصل، وأخيراً وبالمصادفة نظرنا إلى الأولاد الصغار في المدرسة الأميركية بجدة ووجدنا الطفل المناسب، بقية الممثلين السعوديين كانوا في أدوار ثانوية وصغيرة، إلى جانب الممثل البريطاني من أصول أفريقية الذي لعب دور مرزوق (مساعد الملك فيصل) وصديقه من الطفولة».
فيلم «وُلد ملكاً» أُنتجت منه نسخة عربية، وأخرى إنجليزية ستُعرض أولاً في السعودية ثم دول الخليج والعالم العربي، وفقاً لغوميز الذي يضيف: «النسخة الأصلية من الفيلم بالعربي، عندما يتحدث السعوديون فيما بينهم يتحدثون بالعربية، فقط عندما يصل الملك فيصل ومرزوق إلى لندن يبدآن الحديث بالإنجليزية، حتى الجزء الإنجليزي في أجزاء منه يتحدثان بالعربية».
وقال: «ابني شاهد الفيلم وأخبرني بأنه أحب النسخة العربية أكثر، لكن بعض العروض ستكون بالإنجليزية مثل دبي وغيرها، أعتقد أن الفيلم سيحقق نجاحاً هنا، لا شك أن السوق صغيرة، حيث ما زال هناك القليل من دور السينما، ثم سيُعرض في دول الخليج، بعدها في مهرجان القاهرة السينمائي، ولبنان كذلك، وفي إسبانيا سيكون في يناير (كانون الثاني)، ونأمل كذلك لندن نفس الشهر، أما بقية الدول فما زلنا نبحث عن المهرجانات العالمية للمشاركة فيها».
وختم غوميز حديثه بالقول إن أكثر ما يحبه في السعودية هو أهلها والطعام المنزلي، كما كشف أنه سيبدأ في يناير المقبل تصوير فيلم سعودي جديد يسمى «الأبطال»، والتصوير سيكون في كل من الرياض وجدة بطاقم تمثيل سعودي كامل، على حد تعبيره.
فيلم «وُلد ملكاً» من إخراج الإسباني أجوستي فيلارونغا، وتأليف بدر السماري من السعودية، إضافة إلى ري لوريجا وهنري فرتز، وبطولة كل من الممثلين هيرميوني كورفيلد، وإد سكرين، ولورانس فوكس، وجيمس فليت، إضافة إلى الطفل السعودي علي العقل الذي مثَّل شخصية الفيصل وسنه 8 سنوات، والشاب السعودي عبد الله علي، والممثل السعودي راكان عبد الواحد، إضافة إلى مشاركة أكثر من 80 شاباً سعودياً في الفيلم.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».