البرازيل: «رئة العالم»... في خطر

مصالح سياسية واقتصادية تواجه آراء بيئية في كارثة حرائق الأمازون

البرازيل: «رئة العالم»... في خطر
TT

البرازيل: «رئة العالم»... في خطر

البرازيل: «رئة العالم»... في خطر

اعتاد سكان مدينة سان باولو، كبرى مدن البرازيل، الذين يقارب عددهم العشرين مليوناً، على التعايش مع الظروف المناخية السيئة، إلا أن المشهد الذي خيّم على المدينة ظهر يوم الاثنين الماضي لم يكن مألوفاً: سماء ملبّدة بغيوم سوداء تحجب الرؤيا... وليل يهبط ثقيلاً في الثالثة بعد الظهر. ثم تهطل أمطار متقطعة بين سحب من الدخان الكثيف الذي تحذّر السلطات من تأثيره على المرضى والأطفال والمسنّين.
إنه الدخان الآتي من غابات الآمازون... من الحرائق التي تلتهم غابات تمتدّ على خمس ولايات. ويقول الخبراء إنها جاءت نتيجة التعرية الحُرجية المُتسارعة منذ وصول الرئيس اليميني المتطرف جاير بولسونارو إلى الحكم، وتخفيفه إجراءات الحماية البيئية، ثم إطلاقه تراخيص أعمال التنقيب عن المعادن واستخراج النفط من المناطق التي تعيش فيها مجموعات السكان الأصليين.
وعلى بعد 3 آلاف كيلومتر في اتجاه الشمال من ساو باولو، تندلع حرائق كبيرة في المحميات الطبيعية التي يُفترَض أنها تخضع لمراقبة شديدة من أجهزة المكافحة، وتجتاز مئات الكيلومترات حتى تصل إلى مدينة بورتو فيّو (الميناء القديم)، حيث الضباب الكثيف يعيق التنفّس وتكتظّ مراكز العناية الصحية والمستشفيات بالمرضى.
البرازيليون يعرفون أن الحرائق تكثر عادة في فترات الجفاف، وأنها ليست كلها مفتعلة. لكن المعلومات الواردة منذ أيام تتحدّث عن عشرات آلاف الحرائق، وتفيد بأن الحكومة والسلطات الفيدرالية قد فقدت السيطرة عليها، وأن البلاد تعيش اليوم أخطر موجات الحرائق منذ أكثر من 15 سنة.

يفيد المعهد البرازيلي للبحوث الفضائية بأن عدد الحرائق التي اندلعت في البرازيل منذ بداية العام الحالي قد زاد على 76 ألفاً، أي بزيادة قدرها 85 في المائة عن الفترة نفسها من العام الماضي، وأن 80 في المائة من الأراضي التي التهمتها النيران توجد في منطقة حوض نهر الأمازون، أغزر أنهار العالم.
ويقول خبراء المعهد المذكور، إن التعرية الحُرجية قد ازدادت بنسبة 34 في المائة في مايو (أيار) الماضي وبـ88 في المائة في يونيو (حزيران) ثم بـ212 في المائة في يوليو (تموز) مقارنة بالأشهر نفسها من العام الماضي. لكن الرئيس جاير بولسونارو شكّك في جدّية المعهد ونتائج أبحاثه، بل سارع إلى إقالة مديره عندما رفض انتقادات الرئيس، وأكد على خطورة الوضع الناجم عن التدابير الأخيرة التي اتخذتها الحكومة. وهنا تجدر الإشارة إلى أن الحكومة اليمينية الحالية خفضّت أيضاً ميزانية أجهزة مكافحة الحرائق بنسبة 38 في المائة، كما خفضت إلى النصف مخصّصات المؤسسات التي تُعنى بتداعيات تغيـّر المناخ.

سياسات بولسونارو

لقد اعتمد بولسونارو في حملته الانتخابية على دعم الشركات الزراعية الكبرى الواسعة النفوذ، ووعد بتخفيف القيود التي كانت مفروضة على التراخيص لاستغلال المناطق المَحمية التي تطمع هذه الشركات في الاستفادة من مواردها وثرواتها. غير أن ما لم يكن في حسابات الرئيس البرازيلي هي هذه التعبئة الدولية السريعة في مواجهة الكوارث البيئية التي لم يعد الاهتمام بها محصوراً داخل الحدود الوطنية؛ لأن تداعياتها الأليمة والخطيرة ما عادت تقتصر على منطقة بعينها كما يتبدّى من مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عندما أدرج حرائق الأمازون بين البنود الرئيسية على جدول أعمال «قمة مجموعة الدول الصناعية السبع» (السبعة الكبار) التي انعقدت نهاية الأسبوع الماضي في منتجع بياريتز على ساحل فرنسا الأطلسي. وكان ماكرون قد غرّد على حسابه قائلاً: «بيتنا تلتهمه النيران»، بينما كانت الأسرة الدولية تتحرّك انطلاقاً من مبدأ أن غابات الأمازون ليست مُلك البرازيل وحدها، أو مُلك الدول التي تمتد في أراضيها من بوليفيا إلى الإكوادور ومن البيرو إلى كولومبيا، بل هي «رئة العالم» كله.
ويؤكد التقرير الأخير الذي صدر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة، ومقرّه في العاصمة الكينية نيروبي، أن حماية غابات الأمازون باتت مسؤولية عالمية لما تختزنه من تنوّع حيوي وما تشكّله من مصدر أساسي للأوكسيجين، ناهيك عن دورها الحاسم في ضبط التقلّبات المناخية وانحباس ثاني أوكسيد الكربون، وتأثيرها على دورة التيّارات المائية في المحيطات. كذلك يفيد التقرير – في سياق أرقامه المقلقة – بأن حوض الأمازون قد خسر 20 في المائة من مساحته الحرجية منذ أواسط القرن الماضي.

المتحفّظون... ومخالفوهم

بعض الجهات العلمية تدعو من جهتها إلى توخّى الحذر وتحاشي الإفراط في المبالغة، منها «البرنامج الأوروبي لمراقبة الأرض» التابع للمفوضية الأوروبية. خبراء «البرنامج» يرون «أن الكثافة اليومية للحرائق في بعض مناطق الأمازون تجاوزت المعدّل العادي خلال الأسابيع الأولى من الشهر الحالي، غير أن انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون التي تولّدت عن الحرائق خلال هذا الشهر لم تتجاوز المعدلات العادية. وهي حتى إذا تجاوزت معدلات السنوات الست أو السبع الماضية، فإنها ما زالت دون معدلات بداية العقد الماضي».
وفي سياق موازٍ، تنحو «وكالة الطيران والفضاء الأميركية» (ناسا) جانب الحذر أيضاً في تقديراتها؛ فتقول: «الحرائق ليست أمراً غير مألوف في البرازيل خلال هذه الفترة من العام، عندما ترتفع درجات الحرارة وتخفّ نسبة الرطوبة. وحده الوقت يمكن أن يؤكد لنا ما إذا كانت حرائق هذه السنة قد سجّلت رقماً قياسياً أم أنها ما زالت ضمن المعدلات العادية». ويذكّر تقرير صدر مطلع هذا الأسبوع عن «ناسا» أن الحرائق في منطقة الأمازون «نادرة جداً خارج هذه الفترة من السنة، لكن عددها يزداد اعتباراً من يوليو إبّان فصل الجفاف عندما يلجأ كثيرون إلى استخدام النيران لتعرية الأراضي من أجل استخدامها للرعي أو لأغراض أخرى، وأن الحرائق تبلغ ذروتها في سبتمبر (أيلول) وتختفي اعتباراً من نوفمبر (تشرين الثاني)».
في المقابل، مانويلا ماتشادو، الاختصاصية في علم الأحياء، لها رأي آخر؛ فهي تجادل قائلة: «صحيح أن غابات الأمازون تتعرّض لحرائق بشكل شبه منتظم، إلا أن هذا لا يعني أبداً أن الأمر طبيعي اليوم. الحرائق ليست من السمات الطبيعية في ديناميكية الغابات المَدارية، كما هو الحال في مناطق أخرى. الأمازون تحترق إبّان فترات الجفاف... لكن ليس بسبب الجفاف. إنه يحترق لأن ثمة طلباً متزايداً على المراعي والأراضي الزراعية، والحكومة الحالية أهملت كليّاً برامج التنمية المُستدامة وشرعت في تنفيذ خطط تشجّع على التعرية الحُرجية». وتضيف ماتشادو - التي تعمل باحثة في جامعة شيفيلد البريطانية – شارحة: «ليس بإمكاننا أن نعرف في الوقت الحاضر نسبة تأثير هذه الحرائق قياساً بالسنوات السابقة، لكن لا يجوز أن نرى فيها ظاهرة عادية أو طبيعية على الإطلاق».

تقديرات وأرقام

وفي الحقيقة، تتفاوت تقديرات الجهات العلمية حول خطورة هذه الحرائق وفداحة تداعياتها على البيئة والتقلبات المناخية، لكن ثمّة إجماعاً حيال أهميتها الكبيرة بالنسبة للتنوّع البيولوجي المُهدّد في معظم مناطق العالم. فالغابة الأمازونية العملاقة تختزن وحدها 10 في المائة من الأجناس الحيوانية والنباتية المعروفة، وتحبس 100 ألف مليون طن من الكربون سنويّاً... أي عشرة أضعاف الانبعاثات الصادرة عن الوقود الأحفوري، كما تفيد دراسة حديثة وضعها خبراء في جامعة أوريغون الأميركية. الدراسة تذكر «أن المشكلة تكمن في كميات الكربون التي تفقدها الأشجار عند احتراقها؛ ما يؤدي إلى حدوث تقلبّات مناخية كبيرة وخسارة في التنوّع البيولوجي. وليس مستبعداً في حال تكرّرت هذه الحرائق الضخمة أن تتحوّل الغابات المدارية المطيرة إلى مساحات جَرداء شبه صحراوية في المستقبل غير البعيد».
من جهة ثانية، نشير إلى أن مجموعة من العلماء البرازيليين، بقيادة الاختصاصي في علم المناخ كارلوس بوبري من «أكاديمية العلوم الوطنية» في الولايات المتحدة، كانت قد حذّرت في عام 2016 من أن حرارة منطقة الأمازون قد ارتفعت درجة مئوية في العقود الخمسة الماضية، وفقدت 20 في المائة من مساحتها الحُرجية، وأنه في حال بلوغ هذه النسبة 40 في المائة ستدخل المنطقة مرحلة من التصحّر لا رجعة فيها. ومن ثم، تشدّد معظم الدراسات على الأهمية القصوى لتعزيز منظومات الوقاية من الحرائق وأجهزة إخمادها في كل أنحاء العالم، نظراً للترابط الوثيق بين تداعياتها خارج الحدود الوطنية. ويذكّر خبراء «برنامج الأمم المتحدة للبيئة» أن الحرائق الكبرى تحصل عادة في المناطق التي تشهد تغييرات في النظم الإيكولوجية (البيئية)، وأن غابات كتلك الواقعة في شمال كندا وجبال البرانس (البيرينيه) الأوروبية، وحتى في جزيرة غرينلاند، ما عادت في منأى عن خطر الدمار الشامل بسبب الحرائق. ويبقى أن التغيير الكبير في المعادلة الراهنة هو الوعي الدولي المتزايد حول خطورة هذه الأحداث، وما يتولّد عنه من ضغوط سياسية وشعبية، كتلك المظاهرات الاحتجاجية أمام السفارات البرازيلية في عدد من العواصم، واشتعال وسائل التواصل الاجتماعي.

بولسونارو... والعالم

كل هذا ما دفع بالرئيس بولسونارو إلى الاعتراف بمسؤوليته عن احتراق 20 ألف هكتار من «رئة العالم» الكبرى، وأمر بتكليف الجيش مكافحة الحرائق في المناطق المنكوبة. غير أن الرئيس البرازيلي اليميني المتطرف أصرّ، مع ذلك، على «أن حرائق الغابات تحصل في شتى أنحاء العالم، ولا يمكن أن تكون ذريعة لفرض عقوبات دولية». وكان بولسونارو يتوجّه في تصريحاته بالذات إلى الرئيس الفرنسي ماكرون الذي كان قد هدّد بتجميد الاتفاقية التجارية الكبرى التي سبق أن وقّعها الاتحاد الأوروبي أخيراً مع دول أميركا الجنوبية بسبب «أكاذيب» بولسونارو.
وتجدر الإشارة، إلى أن قمة «مجموعة الدول الصناعية السبع» خصّصت 20 مليون دولار أميركي مساعدةً فورية لدعم البلدان المتضرّرة من حرائق الأمازون. ومن المنتظر أن تناقش الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها المقبلة مطلع سبتمبر المقبل خطة طويلة الأمد وضعتها «مجموعة بلدان أميركا اللاتينية» بالتعاون مع عدد من المنظمات الدولية، لإعادة تحريج المناطق المنكوبة ومساعدة المجموعات المحلية المتضررة. وكان الرئيس الفرنسي ماكرون، الذي قرّر إدراج موضوع حرائق الأمازون بين أولويات قمة «مجموعة السبع»، قد اعتبر «أن خسارة رئة الأرض الكبرى هي مشكلة عالمية، ولا يمكن لأي بلد أن يدّعي التفرّد بها بغضّ النظر عن وجوب احترام السيادات الوطنية». غير أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، المعجب ببولسونارو والمعروف بموقفه الرافض للالتزامات الدولية في مجال تغيّر المناخ، قد تغيّب عن جلسة القمة في بياريتز، التي خُصصت لمناقشة حرائق الأمازون وتقررت فيها المساعدة الطارئة للبلدان المنكوبة.
عودة إلى الحرائق ذاتها، شهدت الأيام الأخيرة امتداداً لحرائق الأمازون إلى بوليفيا والباراغواي، حيث قضت على عشرات آلاف الهكتارات من الغابات التي تعيش فيها مجموعات من السكان الأصليين. ويفيد بيان صدر عن نقابة المهندسين الزراعيين في بوليفيا «بأن الطبيعة تحتاج إلى 200 سنة لتعويض الأضرار التي سببتها الحرائق، وبخاصة في غابة تشيكيتانو الفريدة من نوعها في العالم، حيث تعيش مئات الأجناس الحيوانية والنباتية المتوطّنة». كما أنه، بينما تتجه أنظار العالم إلى الحرائق التي تلتهم مساحات شاسعة في مناطق متعددة من الغابة الأمازونية، وزّعت وكالة «ناسا» صوراً فضائية تبيّن أن الحرائق المشتعلة حاليّاً في غابات أنغولا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، في أفريقيا، تضاعف عبر المحيط الأطلسي بنسبة خمس مرات تلك المشتعلة في مناطق الأمازون البرازيلية.

حوض الأمازون يحتضر تحت وطأة السدود

> منطقة حوض نهر الآمازون ليست مجرّد غابات بلا نهاية تمدّ الكرة الأرضية بنحو 20 في المائة من الاوكسيجين، بل هي أيضاً أكبر خزّان في العالم للمياه العذبة تتدفّق من أعظم أنهار كوكبنا غزارة. وللعلم، يزيد طول مجرى الآمازون الرئيس على ألفي كيلومتر ويصبّ في المحيط الأطلسي على مساحة يزيد عرضها على 300 كيلومتر. لكن النهر ينساب أساساً قبل ذلك من منابعه في جبال البيرو مسافة خمسة آلاف كيلومتر مع روافده الثلاثة: ماديرا ونيغرو وخابورا، المصنّفة بين أكبر عشرة أنهار في العالم. وتمتدّ مساحة حوض الآمازون على 6.1 مليون كيلومتر مربع، أي ما يعادل عشرة أضعاف مساحة بريطانيا.
إلا أنه رغم هذه الضخامة التي يصعب تخيّلها، فإن حوض الآمازون مهدد من السدود المائية المبنيّة على مجاري أنهاره والتي يبلغ عددها 140 سدّاً، ومن تلك التي يخطَّط لبنائها في السنوات المقبلة ويبلغ عددها 428 في الوقت الحاضر. ويقدّر العلماء أنه حتى لو بُني جزء فقط من هذه السدود، ستكون تداعياتها وتحبس الجزء الأكبر من الترسّبات النهرية التي تغذّي السهول الآمازونية، وتقضي على مقوّمات الحياة في النهر ومصبّه في المحيط الأطلسي.
وتبيّن دراسة شاركت في وضعها مجموعة من علماء البيئة والمهندسين وخبراء الاقتصاد والجيولوجيا في عشر جامعات أميركية وألمانية وبريطانية وبرازيلية، ونشرت في مجلة «نايتشر» Nature العلمية الرصينة، أن من شأن هذه السدود القضاء نهائياً على الفيضانات الموسمية التي تمدّ غابات الآمازون وسهولها بالحياة وتحرمها من الترسبّات التي تشكّل عماد خصوبتها.
كذلك، تفيد الدراسة بأن 60 في المائة من هذه الترسّبات ستقضي عليها السدود التي سبق وقضت على 75 في المائة منها في بعض المناطق مثل بارانا، في جنوب البرازيل. ويقول الخبراء، إن هذه التحوّلات الجذرية في ديناميكية الأنهر ستكون لها تداعيات خطيرة جداً على الحياة النباتية والحيوانية في حوض الآمازون والمناطق المحيطة به، ويرجّح أن يكون لها تأثير كبير على التقلبات المناخية في المنطقة والعالم. أما على صعيد تداعيات السدود على مصبّ الآمازون في المحيط الأطلسي، والذي يمتدّ على مساحة تبلغ 1.3 مليون كيلومتر مربّع - أي نصف مساحة البحر المتوسط - فستكون كارثّية أيضاً على الشعاب المرجانية في كل السواحل الأميركية، كما أنها ستؤثر على التقلبات المناخية المولّدة للأعاصير والعواصف المدارية في منطقة البحر الكاريبي، إضافة إلى ارتفاع نسبة الملوحة في المخزونات الجوفية من المياه العذبة.
وهنا نذكر أنه في حين تقول الجهات التي تقف وراء سياسة بناء السدود، إن هذه السدود السبيل الوحيد لتوليد الطاقة التي تحتاج إليها البرازيل والإكوادور والبيرو وبوليفيا لتنفيذ خططها الإنمائية، لخبراء الاقتصاد رأي آخر. إذ يؤكد كثرة من هؤلاء، بينهم البروفسور عاطف أنصار الباحث في جامعة أكسفورد البريطانية العريقة، أن الحل ليس في هذه السدود الكهرمائية، ويؤكد «أن الدراسات التي أجريناها بيّنت أنه، بسبب مشكلة الزيادة الدائمة في التكاليف واطالة فترات التنفيذ، أصبحت الكلفة الإجمالية للسدود الضخمة غير قابلة للاسترداد في أكثر من 95 في المائة من الحالات، إضافة إلى التداعيات البيئية السلبية التي تنجم عنها».


مقالات ذات صلة

"تايم "تختار دونالد ترمب شخصية العام 2024

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

"تايم "تختار دونالد ترمب شخصية العام 2024

اختارت مجلة تايم الأميركية دونالد ترمب الذي انتخب لولاية ثانية على رأس الولايات المتحدة شخصية العام 2024.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
حصاد الأسبوع شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت

فاضل النشمي (بغداد)
حصاد الأسبوع ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين

كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

رجل واحد حمله المستشار الألماني أولاف شولتس مسؤولية انهيار حكومته، وما نتج عن ذلك من فوضى سياسية دخلت فيها ألمانيا بينما هي بأمس الحاجة للاستقرار وتهدئة

راغدة بهنام ( برلين)
حصاد الأسبوع شيل

ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

مع أن «الحزب الديمقراطي الحر»، الذي يعرف في ألمانيا بـ«الحزب الليبرالي»، حزب صغير نسبياً، مقارنةً بالقطبين الكبيرين «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (المحافظ)

«الشرق الأوسط» (برلين)
حصاد الأسبوع لقاء ترمب وبوتين على هامش "قمة العشرين" عام 2017 (آ ف ب)

موسكو تترقّب إدارة ترمب... وتركيزها على سوريا والعلاقة مع إيران

لم تُخفِ موسكو ارتياحها للهزيمة القاسية التي مُنيت بها الإدارة الديمقراطية في الولايات المتحدة. إذ في عهد الرئيس جو بايدن تدهورت العلاقات بين البلدين إلى أسوأ

رائد جبر (موسكو)

أميركا اللاتينية منقسمة إزاء التعايش مع ترمب «العائد»

الرئيس الأرجنتيني اليميني خافيير ميلي مع ترمب "حليفه الأكبر" في واشنطن خلال فبراير (شباط) الماضي (رويترز والرئاسة الأرجنتينية)
الرئيس الأرجنتيني اليميني خافيير ميلي مع ترمب "حليفه الأكبر" في واشنطن خلال فبراير (شباط) الماضي (رويترز والرئاسة الأرجنتينية)
TT

أميركا اللاتينية منقسمة إزاء التعايش مع ترمب «العائد»

الرئيس الأرجنتيني اليميني خافيير ميلي مع ترمب "حليفه الأكبر" في واشنطن خلال فبراير (شباط) الماضي (رويترز والرئاسة الأرجنتينية)
الرئيس الأرجنتيني اليميني خافيير ميلي مع ترمب "حليفه الأكبر" في واشنطن خلال فبراير (شباط) الماضي (رويترز والرئاسة الأرجنتينية)

من شائع القول، أن الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة يجب أن تكون مفتوحة لمشاركة جميع سكان العالم، لما لنتائجها من تأثير سياسي واقتصادي وأمني على الصعيد الدولي الواسع. لكن مما لا شك فيه أن أميركا اللاتينية التي تعد «الحديقة الخلفية» لواشنطن، والتي طالما كان ليد الإدارات الأميركية الطولى وأجهزة استخباراتها الدور الحاسم في تحديد خياراتها السياسية والاقتصادية، هي الأشد تأثراً بوجهة الرياح التي تهبّ من البيت الأبيض. «الصوت اللاتيني» كان هذه المرة موضع منافسة محتدمة بين الجمهوريين والديمقراطيين خلال الحملة الانتخابية، وكان راجحاً في كفّة المرشح الفائز، كما دلّ على أهميته قرار الرئيس العائد دونالد ترمب اختيار منافسه في الانتخابات الأولية، السيناتور الكوبي الأصل ماركو روبيو، لمنصب وزير الخارجية في الإدارة الجديدة. إلا أن ردود الفعل في بلدان أميركا اللاتينية على فوز دونالد ترمب بولاية رئاسية ثانية، جاءت متفاوتة ومتأرجحة بين القلق الدفين في أوساط الأنظمة اليسارية والتقدمية، والابتهاج الظاهر بين الحكومات والأحزاب المحافظة واليمينية المتطرفة.

أول المحتفلين بفوز الرئيس دونالد ترمب والمُنتشين لعودته إلى البيت الأبيض كان الرئيس الأرجنتيني اليميني المتطرف خافيير مَيلي الذي سارع، بعد أسبوع من إعلان الفوز، لملاقاته في مقره بولاية فلوريدا حيث أعرب له عن «استعداد الأرجنتين الكامل لمساعدته على تنفيذ برنامجه».

أيضاَ، المعارضة البرازيلية التي يقودها الرئيس اليميني المتطرف السابق جايير بولسونارو - الذي يخضع حالياً للمحاكمة بتهمة التحريض على قلب نظام الحكم وهو ممنوع من السفر خارج البلاد - لم تكن أقل ابتهاجاً من الرئيس الأرجنتيني أو المعارضة الفنزويلية التي عادت لتعقد الآمال مجدّداً على رفع منسوب الضغط الأميركي على نظام نيكولاس مادورو اليساري في فنزويلا والدفع باتجاه تغيير المعادلة السياسية لصالحها.

حذر في المكسيك

في المقابل، حاولت السلطات المكسيكية من جهتها إبداء موقف حذر على الرغم المخاوف التي تساورها من أن يفي الرئيس الأميركي العائد بالوعود التي قطعها خلال الحملة الانتخابية حول الهجرة والتجارة ومكافحة المخدرات، والتي تجعل من المكسيك أكثر بلدان المنطقة تعرّضاً لتداعيات السياسة الشعبوية المتشددة التي ستتبعها إدارته الثانية اعتباراً من العام المقبل. ومعلوم أن ترمب كان قد جعل من بناء «الجدار» على الحدود الفاصلة بين المكسيك والولايات المتحدة عنواناً لحملته الانتخابية الأولى وأحد ركائز حملته الثانية، إلى جانب خطابه العنصري المناهض للمهاجرين المكسيكيين الذين يشكلون الغالبية الساحقة من المهاجرين اللاتينيين إلى الولايات المتحدة. كذلك، كان ترمب قد هدد الرئيسة المكسيكية الاشتراكية الجديدة كلاوديا شاينباوم بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على السلع المستوردة من المكسيك ما لم تمنع تدفق المهاجرين من أميركا الوسطى إلى الولايات المتحدة عبر أراضي المكسيك.

الرئيسة شاينباوم قلّلت من شأن تهديدات ترمب، وقالت إن بلادها - كالعادة - «ستتمكن من تجاوز الأزمة»، لكن لا أحد يشك في أن الدولة المرشحة لأكبر قدر من الضرر جرّاء عودة ترمب إلى البيت الأبيض هي المكسيك، أولاً نظراً لكونها الشريك التجاري الأول للولايات المتحدة، وثانياً لأن العلاقات بين البلدين المتجاورين هي أشبه بزواج لا طلاق فيه.

من جهة ثانية، كان لافتاً أن سوق المال (البورصة) المكسيكية لم تتعرّض لأي اهتزازات تذكر بعد إعلان فوز ترمب، خلافاً لما حصل بعد فوزه بالولاية الأولى عام 2016. وهو ما يدلّ على التأقلم مع أسلوبه والتكيّف معه، وأيضاً على متانة «اتفاقية التجارة الحرة» بين المكسيك وكندا والولايات المتحدة كإطار يحكم المبادلات التجارية بين البلدان الثلاثة.

المشهد البرازيلي

في البرازيل، كما سبقت الإشارة، كان الرئيس السابق جايير بولسونارو بين أوائل المهنئين بفوز دونالد ترمب. إذ أعرب عن ابتهاجه لهذا «النصر الأسطوري الذي منّ به الله تعالى على الولايات المتحدة والعالم»، في حين اكتفت حكومة الرئيس الحالي اليساري الحالي لويس إيناسيو (لولا) بالطقوس الدبلوماسية المألوفة، بعدما كان «لولا» قد أعلن صراحة دعمه لمرشحة الحزب الديمقراطي نائبة الرئيس المودّعة كمالا هاريس.

أكثر من هذا، تابع إدواردو بولسونارو، نجل الرئيس السابق والعضو في مجلس النواب البرازيلي، عملية فرز نتائج الانتخابات الأميركية في منزل ترمب بفلوريدا، حيث صرّح بعد إعلان الفوز: «ها نحن اليوم نشهد على قيامة مقاتل حقيقي يجسد انتصار الإرادة الشعبية على فلول النخب التي تحتقر قيمنا ومعتقداتنا وتقاليدنا». وبالمناسبة، لا يزال بولسونارو «الأب» عازماً على الترشّح للانتخابات الرئاسية البرازيلية في عام 2026. على الرغم من صدور حكم قضائي مُبرم يجرّده من حقوقه السياسية حتى عام 2030 بتهمة سوء استخدام السلطة والتحريض على الانقلاب.

بالتوازي، كان «لولا» قد تعرّض للانتقاد بسبب تأييده الصريح لهاريس، الذي ضيّق كثيراً هامش المناورة أمامه بعد هزيمتها. لكنه علّق بعد تهنئته ترمب: «الديمقراطية هي صوت الشعب الذي يجب احترامه».

اليوم يعتقد أنصار بولسونارو أن المشهد السياسي الأميركي الجديد، والدور الوازن الذي يلعبه الملياردير إيلون ماسك داخل إدارة ترمب، قد يشكّلان ضغطاً على الكونغرس البرازيلي والمحكمة العليا لإصدار عفو عن الرئيس البرازيلي السابق يتيح له الترشح في انتخابات عام 2026 الرئاسية. أما على الصعيد الاقتصادي، فتخشى البرازيل، في حال قرّر ترمب رفع الرسوم الجمركية وفرض إجراءات حمائية، خفض صادراتها إلى الولايات المتحدة وتراجعاً في قيمة موادها الخام. كذلك، من شأن إغلاق السوق الأميركية أمام السلع الصينية أن يؤدي إلى خفض الطلب على المواد الخام التي تشكّل عماد المبادلات التجارية البرازيلية. أما على الصعيد البيئي، فقد حذرت وزيرة البيئة البرازيلية مارينا سيلفا من أن الأسرة الدولية ستكون مضطرة لمضاعفة جهودها للحد من تداعيات أزمة المناخ إذا قرر ترمب المضي في تنفيذ سياساته البيئية السلبية المعلنة.

مَيلي متحمّس ومرتاح

الرئيس الأرجنتيني خافيير مَيلي، من جانبه، احتفى بفوز ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، وتعهد بالتعاون مع إدارته لتنفيذ برنامجه الانتخابي، معوّلاً على استثمارات أميركية ضخمة في القطاعات الإنتاجية الأرجنتينية. وانضمّ أيضاً إلى «التهاني» من معسكر اليمين الأرجنتيني الرئيس الأسبق ماوريسيو ماكري، الذي يشارك حزبه المحافظ في حكومة مَيلي الائتلافية، والذي سبق أن كان شريكاً لترمب في صفقات عقارية في الولايات المتحدة.

يُذكر أن ترمب كان قد لعب دوراً حاسماً في منح صندوق النقد الدولي قرضاً للأرجنتين بقيمة 44 مليار دولار أميركي عام 2018 ما زالت عاجزة عن سداده. وفي حين يأمل مَيلي بأن تساعده الإدارة الأميركية الجديدة بالحصول على قرض جديد من صندوق النقد يحتاج إليه الاقتصاد الأرجنتيني بشدة للخروج من أزمته الخانقة، فإنه يعرف جيداً أن ترمب سيكون بجانبه في «الحرب الثقافية» التي أعلنها على اليسار الدولي وأجندته التقدمية.

فنزويلا وكوبا

في الدول الأميركية اللاتينية الأخرى، علّق إدموندو غونزاليس أوروتيا، مرشح المعارضة في الانتخابات الرئاسية الفنزويلية - المنفي حالياً في إسبانيا والذي تدلّ كل المؤشرات على فوزه - علَّق على فوز ترمب بوصفه هو أيضاً الفائز الذي اعترفت به دول عدة بينها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فقال: «هذه إرادة الشعب الأميركي وأهمية التناوب على الحكم».

أما زعيمة المعارضة ماريا كورينا ماتشادو، التي اضطرت للتنازل عن ترشيحها لصالح غونزاليس بعدما جرّدها القضاء من حقوقها السياسية - فقد هنأت ترمب بقولها: «نعرف أنك كنت عوناً لنا دائماً، والحكومة الديمقراطية التي اختارها الشعب الفنزويلي ستكون حليفاً موثوقاً لإدارتك».

من الجانب الآخر، اختارت الحكومة الفنزويلية اليسارية التزام الحذر في تعليقها الأول على فوز ترمب، وجاء في تهنئتها البروتوكولية: «نوجه التهنئة لشعب الولايات المتحدة على هذه الانتخابات. إن فنزويلا على استعداد دائماً لإقامة علاقات مع الإدارات الأميركية في إطار الحوار والرشد والاحترام». وأضاف البيان الذي صدر عن الرئاسة الفنزويلية مستحضراً خطابه المعهود: «إن الاعتراف بسيادة الشعوب وحقها في تقرير مصيرها هو الأساس لقيام عالم جديد يسوده التوازن بين الدول الحرة»، في إشارة إلى المفاوضات المتعثّرة منذ سنوات بين واشنطن وكاراكاس لإيجاد مخرج من الأزمة الفنزويلية التي تمرّ اليوم بأكثر مراحلها تعقيداً. وهنا تجدر الإشارة إلى أن ترمب كان قد فرض إبان ولايته الرئاسية الأولى ما يزيد عن مائة عقوبة على فنزويلا، وانتقد بشدة قرارات إدارة بايدن برفع بعضها. غير أنه ليس واضحاً بعد كيف ستكون مقاربته لهذا الملف، خاصة، أن فنزويلا يمكن أن تساعد على تلبية الاحتياجات الأميركية من الطاقة في ظروف دولية معاكسة بسبب الحرب في أوكرانيا والاضطرابات في الشرق الأوسط.

وبما يخصّ كوبا، تحمل ولاية ترمب الثانية في البيت الأبيض معها أيضاً «سحباً سوداء» فوق كوبا التي تتوقع تشديد العقوبات والمزيد منها. وكان ترمب قد حطّم جميع الأرقام القياسية في العقوبات التي فرضها على النظام الكوبي، وأدرجها على قائمة «الدول الراعية للإرهاب»، الأمر الذي يضفي صعوبات جمّة على علاقات الدولة الكوبية المالية مع الخارج. ويلفت أن الحكومة الكوبية - حتى كتابة هذه السطور - لم تعلّق بعد على فوز دونالد ترمب بولاية ثانية.

تحمل ولاية ترمب الثانية في البيت الأبيض

معها «سحباً سوداء» فوق كوبا

التي تتوقع تشديد العقوبات

الرئيس المكسيكية الاشتراكية كلاوديا شاينباوم (رويترز)

كولومبيا تثير موضوع غزة

كولومبيا أيضاً يسود فيها الترقّب الحذر لمعرفة الوجهة التي ستسير بها العلاقات بين ترمب والرئيس الكولومبي اليساري غوستافو بترو اللذين لا يجمع بينهما أي رابط شخصي أو عقائدي. بيد أن هذا لم يمنع بترو من توجيه رسالة تهنئة إلى الرئيس الأميركي العائد لعلها الأكثر صراحة في مضمونها السياسي والمواضيع التي ستتمحور حولها علاقات المعسكر التقدمي في أميركا اللاتينية مع الإدارة الأميركية اليمينية المتشددة الجديدة. وجاء في رسالة بترو: «إن السبيل الوحيد لإغلاق الحدود يمرّ عبر ازدهار بلدان الجنوب وإنهاء الحصار»، في إشارة واضحة إلى العقوبات الأميركية المفروضة على فنزويلا وكوبا. ثم تناولت الرسالة موضوع غزة، الذي يستأثر باهتمام كبير لدى الرئيس الكولومبي، وأوردت: «الخيار التقدمي في الولايات المتحدة لا يمكن أن يقبل بالإبادة التي تتعرّض لها غزة».

باقي اليمين يرحب

في المقابل، اكتفت رئيسة البيرو، دينا بولوارتي، التي منذ سنة لا تتمتع بتأييد سوى 8 في المائة من مواطنيها، بتوجيه رسالة تهنئة «للمرشح دونالد ترمب على فوزه في الانتخابات الديمقراطية التي أجريت في الولايات المتحدة»، بينما غرّد دانيال نوبوا، رئيس الإكوادور اليميني الذي تشهد بلاده أزمة سياسية وأمنية عميقة منذ أشهر، على حسابه مرحباً: «مستقبل زاهر ينتظر قارتنا بفوز دونالد ترمب».

وفي تشيلي - التي يحكمها اليسار - كان أول المهنئين خوسيه أنطونيو كاست، زعيم الحزب الجمهوري اليميني المتطرف الذي يطمح للفوز في الانتخابات الرئاسية العام المقبل. وفي المقلب الآخر، على الصعيد الرسمي بادر وزير الخارجية التشيلي ألبرتو فان كلافيرين إلى التهنئة المبكرة قائلاً: «نتيجة الانتخابات كانت واضحة وكاشفة على أكثر من صعيد. نقيم علاقة دولة مع الولايات المتحدة، والعلاقات هي بين الدول، ونطمح لأفضلها مع حكومة الرئيس ترمب الجديدة». أما الرئيس التشيلي اليساري غابريل بوريتش، الذي كان آخر المهنئين بين زعماء المنطقة، فجاء في رسالته: «تؤكد تشيلي التزامها توطيد العلاقات مع الولايات المتحدة من أجل تحقيق تنمية شاملة، واحترام حقوق الإنسان والعناية بالديمقراطية».

 

حقائق

واقع العلاقات والمخاوف في أميركا الوسطى

في أميركا الوسطى، وتحديداً السلفادور، وعلى الرغم من العلاقات الجيدة التي تربط رئيسها نجيب أبو كيلة (الفلسطيني الأصل) مع دونالد ترمب، كما تَبيّن خلال الولاية الأولى للرئيس الأميركي المنتخب، فإن ثمة مخاوف ملموسة من التهديدات التي أطلقها ترمب خلال حملته الانتخابية بطرد جماعي للمهاجرين غير الشرعيين. للعلم، فإن ملايين من مواطني السلفادور يعيشون في الولايات المتحدة بصورة غير شرعية، ويُشكِّلون مصدر الدعم الاقتصادي الأساسي لعائلاتهم في وطنهم الأم. وحقاً تعدّ تحويلات المهاجرين الواردة من الولايات المتحدة المحرّك الرئيسي لاقتصاد السلفادور، إذ بلغت في العام الماضي ما يزيد على 5 مليارات دولار.وراهناً، يسود الاعتقاد بين المراقبين الأميركيين اللاتينيين - على امتداد القارة - بأن دونالد ترمب، الذي استطاع خلال 8 سنوات أن يهدم المجتمع الأميركي ويعيد تشكيله على مزاجه وهواه، يشكّل اليوم - في أحسن الأحوال - مصدر قلق عميق بالنسبة لبلدان المنطقة. ويتوقع هؤلاء أن تكون التداعيات المحتملة لولايته مرهونةً بأمرين: الأول، مدى اعتماد هذه البلدان سياسياً واقتصادياً على الولايات المتحدة. والثاني، أين سيكون موقع أميركا اللاتينية بين أولويات السياسة عند الإدارة الجديدة في واشنطن.