حالة طوارئ في غزة على خلفية تفجيرات داخلية

«حماس» تطارد «دواعش» وتتهم المخابرات الفلسطينية... و«فتح» ترد بأن {الفكر الإجرامي} يرتد عليها

عزاء بين أقرباء ضحايا تفجيرين عند نقطتي تفتيش في غزة ليلة أول من أمس (أ.ف.ب)
عزاء بين أقرباء ضحايا تفجيرين عند نقطتي تفتيش في غزة ليلة أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

حالة طوارئ في غزة على خلفية تفجيرات داخلية

عزاء بين أقرباء ضحايا تفجيرين عند نقطتي تفتيش في غزة ليلة أول من أمس (أ.ف.ب)
عزاء بين أقرباء ضحايا تفجيرين عند نقطتي تفتيش في غزة ليلة أول من أمس (أ.ف.ب)

أطلقت حركة «حماس» حملة اعتقالات واسعة في قطاع غزة، ركزت على مطاردة عناصر تنتمي لتنظيمات سلفية متشددة في القطاع، تستلهم فكر «داعش»، بعد ساعات من مقتل 3 رجال شرطة تابعين للحركة، في انفجارين وقعا في القطاع الساحلي.
وأعلنت الحركة التي تسيطر على القطاع حالة الطوارئ، بعدما فجّر مجهولون ينتمون لفصيل فلسطيني، لكنهم يحملون فكر «داعش»، نقطتي تفتيش لقوات الأمن في قطاع غزة، فجر الأمس، في أعنف هجوم تقوم به هذه الجماعات ضد «حماس» التي توعدت بـ«قطع يدهم من جذورها».
وقال ناطق باسم الداخلية التابعة لـ«حماس»، إن «التفجيرات أسفرت عن استشهاد 3 من عناصر جهاز الشرطة. هم الملازم سلامة النديم (32 عاماً)، والملازم وائل خليفة (45 عاماً)، والمساعد علاء الغرابلي (32 عاماً)». وجميعهم من شرطة المرور والنجدة.
وقتل شرطيان في هجوم انتحاري بدراجة نارية على نقطة تفتيش في غزة، ثم قتل شرطي في هجوم أعقبه بساعة واحدة، ما أثار حالة من القلق ومخاوف من الفوضى. ونجحت «حماس» بعد ساعات قليلة في اعتقال مشتبهين في التفجيرين، معلنة وجود تقدم في التحقيقات. وأكد الناطق باسم الداخلية التابعة لحركة «حماس»، إياد البزم، وجود تقدم في التحقيق. وأضاف أن «الأجهزة الأمنية توصلت إلى الخيوط الأولى لعملية التفجير».
واتهم البزم «أيدي مشبوهة تتقاطع أهدافها مع أهداف الاحتلال الإسرائيلي» بالوقوف «خلف هذه الجريمة الآثمة والنكراء». متوعداً أن «الداخلية ستضرب بيد من حديد كل من يحاول العبث بحالة الأمن والاستقرار». وشددت الداخلية على «أن الأيدي الآثمة التي ارتكبت هذه الجريمة لن تفلت من العقاب، وستطال يد العدالة هذه الشرذمة المأجورة، التي حاولت العبث بحالة الاستقرار الأمني، واستهدفت أرواح أبطال الشرطة والأجهزة الأمنية».
وسيطرت لغة التهديد والوعيد على «حماس»، أمس، التي تبادلت حرباً كلامية كذلك مع حركة فتح. وقال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية أن «ما لم يتحقق بالحروب والحصار لن يتحقق عبر هذه الجرائم المشبوهة بإذن الله». وقالت «حماس» في بيان إن «يد الغدر والخيانة التي قامت بالتفجيرين جنوبي مدينة غزة سوف تُقطع من جذورها»، مشددة على أنها «لن تسمح تحت أي ظرف من الظروف لفئة مارقة أن تهدد الأمن والسِّلم الأهلي في قطاع غزة».
وأضافت: «إن جريمة التفجير النكراء، تأتي في محاولة لحرف الأنظار عما يقوم به الاحتلال من جرائم ومؤامرات تستهدف المسجد الأقصى المبارك».
وشددت على أن «شعبنا في كل أماكن وجوده، وخاصة في قطاع غزة، ينخرط في العمل لإفشالها وإحباطها». وأضافت: «كأن هذه التفجيرات تكمل دور الاحتلال، ولكن وبكل أسف بأيدٍ خانت الانتماء لوطنها ولدينها، وارتضت أن تكون أداة قذرة بيد أعداء شعبنا».
ولم تتهم «حماس» بشكل رسمي أي جهات. لكن خطابات مسؤولين في الحركة ركزت على مصطلحات «متطرفين» و«مجرمين» و«منحرفين فكرياً» وأصحاب «فكر تكفيري»، وهي المصطلحات التي استخدمتها الحركة مراراً في وصف عناصر التنظيمات السلفية التي تستلهم فكر «داعش». بل ذهب القيادي في «حماس» خليل الحية، وهو عضو مكتب سياسي، ونائب قائد الحركة في غزة يحيى السنوار، إلى دعوة العائلات في القطاع «للانتباه لأبنائهم حتى لا يخسروهم»، في إشارة إلى تبنيهم أفكار «داعش».
وتوجد قاعدة لهذه الأفكار في غزة، قبل أن تتحول إلى مجموعات وتنظيمات راحت تناكف حركة «حماس». ومرت العلاقة بين هذه التنظيمات و«حماس» بمراحل مدّ وجزر، وشهدت اشتباكات وقتل واتفاقات. وعادة ترفد هذه المنظمات نفسها بمنشقين من «حماس» و«الجهاد» وفصائل أخرى في القطاع لم يعد يعجبهم النهج الذي تتبعه تنظيماتهم فيما يخص التهدئة مع إسرائيل.
ونشر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي أن المنفذين والمعتقلين ناشطون في «الجهاد الإسلامي»، لكنهم يحملون فكر «داعش». ونشر موقع إسرائيلي أن نجل قيادي في حركة «الجهاد الإسلامي» يقف خلف التفجيرات. وقال موقع i24news إن بعض المعتقلين في غزة على خلفية التفجيرات، فصلوا منذ أشهر قليلة من حركة «الجهاد الإسلامي»، وأحدهم كان يعمل في القوة الصاروخية لـ«الجهاد»، وما زالت ملاحقته جارية. وأضاف الموقع أن كل هذه العناصر تحمل فكر تنظيم «داعش»، وأن بينهم منفذين اعتقلوا منذ شهرين فقط لدى جهاز أمن «حماس» بسبب إعداد عبوات ناسفة والإعداد لإطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل.
وأكدت مصادر في غزة أن بعض الذي وردت أسماؤهم كمنتحرين، كانوا معتقلين لدى «حماس». وعلى الرغم من أن التركيز ظل منصباً على «الدواعش»، خرج الناطق باسم «حماس» فوزي برهوم للتلميح حول إمكانية تورط جهاز المخابرات الفلسطيني في التفجيرات.
وقال برهوم، في تغريدة مثيرة للجدل على «تويتر»: «لن نستبق نتائج التحقيقات في أحداث التفجيرات في غزة، ولكن كل محاولات إثارة الفوضى في غزة، كان يقف وراءها جهاز المخابرات بالسلطة، التابع لماجد فرج، ولصالح الشاباك الصهيوني والاحتلال، كما حدث في اغتيال القائد مازن فقهاء، ومحاولة اغتيال اللواء توفيق أبو نعيم، وتفجير موكب الحمد الله وغيره».
وفوراً ردّت حركة فتح باتهام «حماس» برعاية التنظيمات التكفيرية واستخدام نهج مطابق لها. وقال منير الجاغوب، المسؤول الإعلامي في حركة فتح، إن «(حماس) استخدمت نفسَ هذا النوعِ من الأعمالِ الإجرامية ضدّ عناصر السلطة وكوادِرها وقادتِها، قبلَ وأثناءَ وبعدَ انقلابِها الأسود عام 2007. وها هي تكتوي هي نفسُها بنارِ الإرهاب وتدفعُ ثمنَ تغاضيها عن وجودِ ورعاية بعضِ التيارات التكفيرية الإرهابية في قطاعِ غزة».
وأضاف، أن «الفكر الذي زرعته حركة (حماس) في انقلاب 2007 يرتد عليها»، وتابع أنه «بدلاً من أن تتّعظَ قيادة (حماس) وتراجعَ مواقفَها التي أوصلت الوضعَ في غزة إلى حالة شبيهة بالوضعِ في الصومالِ، يخرجُ علينا الناطقُ باسمها فوزي برهوم ليحمّلَ المسؤولية عن الاعتداءِ التفجيري إلى جهازِ المخابراتِ الفلسطينيّة ورئيسهِ اللواء ماجد فرج. وإن دلّ هذا على شيء إنما يدلُّ على إفلاس قيادة (حماس) وارتباكِها وفقدانِها للجرأة الكافية لتسمية المخطِّطِ والمنفّذِّ الحقيقي لهذا العملِ الإرهابي، الذي يأتي ثمرة لتغاضيها الطويلِ عن وجود وتنامي هذهِ الحركات الضالة التي استخدمتها لفترة طويلة لزعزعة الأمنِ والاستقرار في غزة وحولها».
وهاجم مغردون برهوم، وقالوا إن «حماس» هي التي فتحت الباب لمثل هذا الفكر. وردّت «حماس» معربة عن استغرابها «من تبرير حركة فتح لاستهداف رجال الأمن في غزة». ولاحقاً أدانت جميع الفصائل، بما فيها «فتح» التفجيرات. وقالت الفصائل الفلسطينية إنها تقف في مواجهة هذه الجرائم.



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.