أوشكت إيطاليا أن تطوي صفحة ماتّيو سالفيني، زعيم حزب «الرابطة» اليميني المتطرف، بعد التقارب السريع الذي تحقق في اليومين الماضيين بين حركة النجوم الخمس والحزب الديمقراطي لتشكيل حكومة ائتلافية، إثر إعلان الأخير أنه لا يمانع في أن يعود جوزيبي كونتي لتولّي رئاسة الحكومة.
وكان إصرار الحزب الديمقراطي حتى الآن على أن تتولّى شخصية غير كونتي رئاسة الحكومة هو العقبة الرئيسية التي تعثرّت عندها المفاوضات لتشكيل حكومة جديدة، تحول دون الذهاب إلى انتخابات مبكرة. وكانت المفاوضات الجارية بين الحزبين اللذين تفصل بينهما خصومة شديدة قد وصلت إلى طريق مسدود صباح أمس الأربعاء، عندما صدر عن الحركة بيان تعلن فيه وقف المفاوضات مع الحزب الديمقراطي إلى أن يقبل هذا الحزب بتولّي كونتي رئاسة الحكومة. وتجدر الإشارة أن كونتي الذي لا ينتمي إلى أي حزب، لكنه قريب من الحركة التي كانت قد رشّحته لرئاسة الائتلاف الحكومي مع حزب «الرابطة»، أصبح المرشّح الأقوى لقيادة النجوم الخمس التي تراجعت أسهم زعيمها لويجي دي مايو في الأشهر الأخيرة أمام سيطرة سالفيني شبه المطلقة على الحكومة.
وجاء في بيان الحركة الذي أعلنت فيه وقف المفاوضات أن «الأمور ما زالت ملتبسة في الحزب الديمقراطي، لكن عليهم أن يدركوا أن عودة كونتي إلى رئاسة الحكومة هي خارج نطاق التفاوض، والشرط الأساسي للتوصل إلى اتفاق». لكن بعد ساعات قليلة من صدور البيان المذكور، أعلن رئيس كتلة الحزب الديمقراطي في البرلمان أن لا اعتراض على كونتي رئيساً للحكومة، ودعا إلى استئناف المفاوضات بسرعة وإنجازها قبل نهاية المهلة الدستورية التي حدّدها رئيس الجمهورية في منتصف ليل الأربعاء إلى الخميس.
ومن العقبات الأخرى التي واجهت المفاوضات كان توزيع الحقائب الوزارية، وإصرار دي مايّو على تولّي منصب نائب رئيس الحكومة ووزارة الداخلية، التي تولّاها سالفيني في الحكومة المستقيلة. وكان رئيس الكتلة الديمقراطية في مجلس الشيوخ، آندريا ماركوتشي، قد حذّر من أن «الطموحات الشخصية عند دي مايّو، وإصراره على تولّي مسؤوليات واسعة في الحكومة، من شأنه أن يحرم البلاد من حكومة جديدة في هذه المرحلة الحرجة». لكن حركة النجوم الخمس ردّت بقولها: «لم يطالب دي مايّو أبداً بوزارة الداخلية. مضمون البرنامج الحكومي بالنسبة إلينا هو الأهمّ».
وتقول أوساط الديمقراطيين إن قبول الحزب بتولّي كونتي رئاسة الحكومة، مشروط بعدم تولّي دي مايّو منصب نائب رئيس الوزراء، كما في الصيغة السابقة للائتلاف الحكومي، عندما كان سالفيني أيضا يتولّى منصباً مماثلاً إلى جانب وزارة الداخلية.
وتفيد مصادر النجوم الخمس والحزب الديمقراطي أن الطرفين قد تجاوزا عقدة رئيس الحكومة، وقرّرا تأجيل البحث في توزيع الحقائب حتى إنجاز البرنامج الحكومي الذي يجب أن يكون على طاولة رئيس الجمهورية سرجيو ماتّاريلّا، صباح اليوم الخميس. ومن البنود الرئيسية في البرنامج الحكومي إعداد موازنة العام المقبل لعرضها على المفوضية الأوروبية قبل نهاية الخريف، إضافة إلى حزمة من الإصلاحات العدلية وإعادة النظر في قانون الأمن وإجراءات تنظيم الهجرة التي اعتمدتها الحكومة السابقة تحت الضغط المستمر من سالفيني وتهديداته.
وفيما يطالب الحزب الديمقراطي بإلغاء هذا القانون والإجراءات المتفرعة عنه، والتي وافقت عليها الحركة في الأشهر السابقة، تصرّ النجوم الخمس على المطلب الذي كان حصان معركتها الانتخابية، بخفض عدد أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب، والذي ما زال الديمقراطيون يرفضونه بشدة.
وكان رئيس الجمهورية قد اجتمع مطولاً، في نهاية المشاورات التي أجراها مع قيادات الأحزاب الممثلة في البرلمان، برئيسي مجلسي الشيوخ والنواب، ما أوحى بأن المفاوضات الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة قد بلغت مرحلة متقدمة. لكن بعض الأوساط الإعلامية لا تستبعد مفاجآت اللحظات الأخيرة، وانهيار المفاوضات بين النجوم الخمس والحزب الديمقراطي، فيما لا يزال زعيم «الرابطة» ماتّيو سالفيني، الذي كان وراء تفجير الأزمة الحكومية، يصرّ على أن ثمّة مجالاً بعد للعودة إلى الائتلاف السابق مع الحركة.
ويذكر أن سالفيني هو الذي أقدم على تقديم طلب بسحب الثقة من رئيس الوزراء في مجلس الشيوخ، مطالباً بالذهاب فوراً إلى صناديق الاقتراع، مدفوعاً باستطلاعات الرأي التي كانت ترجّح فوزه في الانتخابات بنسبة تتجاوز 36 في المائة من الأصوات، علماً بأنه قد حصل على 17 في المائة في الانتخابات الأخيرة. لكن سالفيني حاول العودة عن خطوته، عندما شعر بالتقارب بين الحركة والحزب الديمقراطي، وسحب طلب حجب الثقة من رئيس الحكومة خلال المناقشات في مجلس الشيوخ، لكنه لم يلق تجاوباً من الحركة.
إيطاليا تستعدّ لطي صفحة سالفيني
النجوم الخمس والحزب الديمقراطي تجاوزا عقدة رئيس الحكومة
إيطاليا تستعدّ لطي صفحة سالفيني
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة