الطيور حول المطارات صماء وأكثر عدوانية

الضوضاء في المطارات تصيب طائر الشفشافة بالصمم
الضوضاء في المطارات تصيب طائر الشفشافة بالصمم
TT

الطيور حول المطارات صماء وأكثر عدوانية

الضوضاء في المطارات تصيب طائر الشفشافة بالصمم
الضوضاء في المطارات تصيب طائر الشفشافة بالصمم

كشفت دراسة بريطانية مشتركة بين جامعتي مانشستر ولايدن، عن تأثير الضوضاء المنبعثة من المطارات على الطيور التي توجد في محيطها.
ووفق الدراسة المنشورة أول من أمس في دورية علم البيئة الحيوانية «Journal of Animal Ecology»، فقد توصل الباحثون إلى أن ضوضاء المطارات أصابت طائر «الشفشافة»، والذي يعرف أيضا باسم طائر «النقشارة» أو «الفسفس الأصفر»، بالصمم وجعلته أكثر عدوانية.
وطائر الشفشافة الذي يتراوح طوله من 11سم إلى 12.5سم، ويزن في المتوسط 10 غرامات، من الطيور المغردة، ولكن الباحثين وجدوا أنهم يغردون على ترددات أقل عندما تكون مناطقهم أقرب إلى مدارج المطارات الصاخبة، كما في محيطي مطاري مانشستر وأمستردام، اللذين شملتهما الدراسة، حيث يحدث صعود وهبوط للطائرات كل ثلاث دقائق طوال اليوم.
ويقول دكتور هانز سلابكورن من معهد علم الأحياء في جامعة لايدن، والباحث المشارك بالدراسة في تقرير نشره موقع الجامعة بالتزامن مع نشرها، إن السبب في حدوث ذلك هو أن الضوضاء المنبعثة من المطارات تصيب هذه الطيور بحالة معروفة عند البشر تعرف باسم «فقدان السمع في الترددات العالية».
وتسمى هذه الحالة عند البشر «الصمم الجزئي»، وتعني فقدانا سمعيا حسيا عصبيا فقط في الترددات العالية، وفي تلك الحالات، تكون الخلايا الشعرية في قاعدة قوقعة الأذن فقط هي التالفة، ولكن في الجزء العلوى من قوقعة الأذن حيث توجد الخلايا الشعرية المسؤولة عن معالجة الأصوات المنخفضة تكون سليمة، وتستخدم هذه الحالات أجهزة سماعات تعينهم على مواجهة تلك المشكلة.
وكما أن هذه الحالة عند البشر تجعل سلوكهم يميل إلى العدوانية، الناتجة عن وجود حواجز في الاتصال مع الآخرين، فإنها تتسبب في سلوك مماثل عند طيور الشفشافة التي توجد في محيط المطارات.
ويقول سلابكورن: «عملية التواصل بين الذكور والإناث في الطيور المغردة تلعب فيها الأغنية دورا مهما، حيث تكون الأغنية مناجاة للطرف الآخر، ولكن حالة الصمم التي تفرضها الإقامة في محيط المطارات تجعل الذكور أكثر عدوانية، وبدلا من تسوية النزاع بالأغنية، تصبح القوة المادية هي السبيل المتاح».
وظهر هذا السلوك واضحا في الطيور التي تقيم بالقرب من المطارات عندما قارن الفريق البحثي بين سلوكهم وسلوك مجموعة ضابطة تعيش في مناطق هادئة، كما يؤكد سلابكورن.
ويضيف: «المشكلة أن الضوضاء تستنزف طاقة هذه الطيور، وسيؤثر ذلك على الطاقة المتاحة للجهود الإنجابية وتجعل الطيور أكثر عرضة للإصابة والافتراس».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».