«على مر الأجيال» تبهر جمهور مهرجان القلعة بالقاهرة

العازف العالمي سعيد الأرتيست قدم معزوفات شعبية مميزة

فرقة «على مر الأجيال» قدمت أداءً رائعاً بمهرجان القلعة (وزارة الثقافة المصرية)
فرقة «على مر الأجيال» قدمت أداءً رائعاً بمهرجان القلعة (وزارة الثقافة المصرية)
TT

«على مر الأجيال» تبهر جمهور مهرجان القلعة بالقاهرة

فرقة «على مر الأجيال» قدمت أداءً رائعاً بمهرجان القلعة (وزارة الثقافة المصرية)
فرقة «على مر الأجيال» قدمت أداءً رائعاً بمهرجان القلعة (وزارة الثقافة المصرية)

أبهرت فرقة «على مر الأجيال» المصرية، جمهور الدورة 28 من مهرجان القلعة الدولي للموسيقى والغناء، الذي يشهد حالياً إقبالاً كبيراً من آلاف المواطنين بالعاصمة المصرية القاهرة، ويشارك فيه مجموعة كبيرة من المطربين والموسيقيين المصريين والعرب.
وقدم المطربان ياسر سعيد، ومحمد الخولي من أعضاء الفريق السكندري «على مر الأجيال»، مساء أول من أمس، عدداً من الأعمال الغنائية التراثية والمعاصرة، على غرار «عمار يا إسكندرية»، «منحرمش العمر»، «ليلة إمبارح»، «أشوف فيك يوم»، «قلبي عشقها»، «بانوراما العندليب» وغيرها.
وعلى دقات الطبول أجرى عازف الإيقاع سعيد الأرتيست، وفرقته مجموعة من معزوفاته الخاصة المستلهمة من المقامات الشرقية إلى جانب عدد من ألحان الموسيقى العربية الشهيرة التي أعاد صياغتها ليلعب الإيقاع خلالها دوراً مؤثراً وأثارت إعجاب وتفاعل الجميع منها «أنا بعشقك»، «زي الهوا»، «بتونس بيك». واستضاف الأرتيست عازف الجيتار وحيد ممدوح، ليشاركه في أداء لحني لأغنيات «3 دقات»، و«حارة السقايين»، ثم عزف الأغنية الشهيرة «أما براوة»، واختتم الفقرات بلحن أغنية «يا حبيبتي يا مصر».
في السياق نفسه، قدم المطرب الشاب محمد عدوية عدداً من أعماله الخاصة التي تعكس طابع العصر وتجسد مشاعر الشباب وتروي مواقف من حياتهم.
ويعد مهرجان القلعة للموسيقى والغناء من أبرز المهرجانات الغنائية في مصر، منذ انطلاقته في بداية تسعينات القرن الماضي، إذ نجح في تحقيق شعبية واسعة بسبب تنوع وثراء محتواه الفني والموسيقي، وتستمر فعاليات الدورة الجارية بقلعة صلاح الدين الأيوبي حتى بداية الشهر المقبل، ويقدم خلالها 42 حفلاً فنياً لكبار النجوم على غرار محمد الحلو وعلي الحجار ومدحت صالح ومجد القاسم وهشام عباس وعمر خيرت إلى جانب بعض الفرق الفنية الأجنبية، وفق محمد منير، المستشار الإعلامي بوزارة الثقافة المصرية. الذي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «أبرز ما يميز مهرجان القلعة هو أنه يعتبر متنفساً حقيقياً وملاذاً فنياً للطبقات البسيطة التي تعيش في أحياء القاهرة».
وتساهم رسوم الدخول أو تذاكر الحفلات المخفضة وتنوع الفقرات، وموقع المهرجان وسط قلعة صلاح الدين الأثرية، في إقبال عشرات الآلاف من المواطنين حتى الآن على المهرجان، وبلغ عدد الحضور حتى الليلة العاشرة نحو 80 ألف مشاهد، وهذا يعكس مدى نجاح المهرجان وثرائه الفني، بحسب مستشار وزارة الثقافة.
ولفت منير إلى أن «الإقبال الكبير أعطى المهرجان سمعة عالمية طيبة، لا سيما بعد مشاركة فرق دولية به». مشيراً إلى أن مهرجان القلعة يساهم في بناء الإنسان والشخصية المصرية، عبر تقديم الفن الراقي ونشر الوعي بين الشعب.
وتنظم دار الأوبرا المصرية اليوم، 3 حفلات متتالية بمشاركة دولية من الهند يليها فقرة لفريق بغدادي باند، بقيادة عازف الترومبيت المايسترو مجدي بغدادي، الذي يقدم مجموعة من أشهر أعمال الجاز العالمية إلى جانب مختارات من ألحان الموسيقى العربية، التي أعيد صياغتها في قالب موسيقى الجاز. ومن المقرر أيضاً أن يشدو النجم مدحت صالح بمصاحبة عازف البيانو الشهير عمرو سليم وفرقته بباقة من أعماله الخاصة التي قدمها على مدار مشواره الفني الطويل.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».