أول معرض لرسوم من وحي الطبيعة في كردستان

معرض لرسم من وحي الطبيعة
معرض لرسم من وحي الطبيعة
TT

أول معرض لرسوم من وحي الطبيعة في كردستان

معرض لرسم من وحي الطبيعة
معرض لرسم من وحي الطبيعة

أقام فرع السليمانية لنقابة الفنانين في إقليم كردستان العراق، في الفترة من 20 - 24 أغسطس (آب)، معرضاً لرسم من وحي الطبيعة، هو الأول من نوعه في الإقليم، بمشاركة لفيف من الرسامين من مختلف المحافظات العراقية، وذلك في منطقة «سركلو» الجبلية، (65) كلم شمال غربي محافظة السليمانية، بالإضافة إلى نظرائهم في الإقليم.
وقال كبير التشكيليين الكرد محمد فتاح المشرف على المعرض، إن المشروع يطلق عليه «سبموزيوم» ويعني مشاركة الفنانين التشكيليين من مختلف جمعيات الفنون التشكيلية، داخل البلد وخارجه في مشروع تقوم فكرته أساساً على قيام الفنانين برسم لوحاتهم، من وحي الطبيعة والمنطقة التي هم فيها، مقرونة بما يضيفونها إليها من أفكار معبرة.
وأضاف فتاح لـ«الشرق الأوسط»: «ارتأينا إقامة المعرض في منطقة (سركلو) التي تمتاز بطبيعتها الجبلية الساحرة، ما يحفز طاقات الإبداع عند الفنانين، ويلهمهم أفكاراً خلاقة، إضافة إلى ما تمتاز به تلك المنطقة، من أهمية معنوية بالنسبة للإنسان الكردي، لأنها كانت معقلاً للثوار إبان السبعينات والثمانينات من القرن المنصرم، فضلاً عن اطلاع الرسامين العراقيين، على المواقع والقرى التي تعرضت للقصف والتدمير من قبل الآلة العسكرية للنظام السابق، والتأكيد مجدداً على عزيمة الإنسان الكردي، في بناء كل ما تم تدميره سابقه، وبعث الحياة في المنطقة من جديد، ورسم صورة أجمل لحياة الألفة والتعايش مع إخوانهم في العراق».
وأوضح فتاح أن 25 تشكيلياً عراقياً، رسموا لوحاتهم هناك مستمدين أفكارها من الطبيعة الساحرة للمنطقة، ممزوجة برسائلهم الفكرية التي أرادوا إيصالها إلى أهلهم في كردستان، والتي جسدت بمجملها آيات الأخوة والتعايش والمصير المشترك، وحب الوطن، مؤكداً أن المعرض شهد إقبالاً جماهيرياً واسعاً، رغم بعد المنطقة عن مركز المدينة، وفي اليوم التالي تم نقل اللوحات المرسومة في «سركلو» إلى معرض كبير في السليمانية، وأضيفت إليها لوحات أخرى خطها الرسامون العراقيون، في أجزاء من المدينة، ليصبح مجموعها 49 لوحة مميزة، وقد استمر المعرض ليومين آخرين، وسط إقبال جماهيري لافت.
منوها إلى أن مجمل تلك اللوحات، يمكن بيعه لاحقاً وتخصيص ريعه، لدعم مستشفى «هيوا» الخاص بمعالجة أمراض السرطان في السليمانية.
المعرض لقي استحساناً واسعاً من سكان المنطقة، حيث وصف الشيخ محمد سركلوي، أحد وجهاء المنطقة، المعرض بأنه حدث ذو أهمية بالغة، على صعيد تعزيز وشائج التواصل بين الفنانين الكرد ونظرائهم في العراق، في المقام الأول وبين الشعبين الكردي والعربي، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لقد أتاح المعرض فرصة جيدة للفنانين والمثقفين العراقيين، ليطلعوا من كثب على مدى الظلم والحيف اللذين وقعا على الشعب الكردي في العهد السابق، وأنا على يقين أنهم سينقلون صورة أوضح إلى أشقائنا في الوسط والجنوب، عن مدى مودتنا لهم وتمسكنا بعلاقات الأخوة معهم، داعياً إلى تنظيم مثل هذه الأنشطة باستمرار لما لها من أهمية بالغة».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».