مدير مكافحة المخدرات في سوريا متهم بالتغطية على متورطين

مناقلات جديدة في وزارة الداخلية

مدير مكافحة المخدرات في سوريا متهم بالتغطية على متورطين
TT

مدير مكافحة المخدرات في سوريا متهم بالتغطية على متورطين

مدير مكافحة المخدرات في سوريا متهم بالتغطية على متورطين

«حاميها حراميها» مقولة تنطبق على قضية الفساد التي هزت وزارة الداخلية في دمشق الأسبوع الماضي، والتي دفعت وزير الداخلية اللواء محمد رحمون لإجراء تنقلات في وزارته، بعد أقل من شهرين من إجرائه مجموعة تنقلات واسعة. وقد كشفت التحقيقات الجارية مع اللواء رائد خازم، مدير إدارة مكافحة المخدرات، وعدد من الضباط معه، تورطهم باستبدال مواد غير مخدرة بأخرى مخدرة لتبرئة تجار مخدرات ومجرمين، على خلفية ضبط 83 كيلوغراماً من مادة الكوكايين. وتشير التحقيقات، بحسب وسائل إعلام سورية غير رسمية قريبة من النظام، إلى تورط ضباط الداخلية بالإشراف والاطلاع على زراعة الحشيش في أماكن سرية. وقد تم توقيفهم في سجن عدرا المركزي على ذمة التحقيق.
ونشطت تجارة الحشيش بسوريا على نطاق واسع خلال سنوات الحرب، ولا يكاد يمر يوم دون أن يتحدث الإعلام الرسمي السوري عن توقيف مروجي المخدرات والحشيش في مناطق مختلفة، غالبيتها عمليات تستهدف صغار المروجين الذين وصل نشاطهم إلى المدارس، بعد أن غزا الحدائق العامة. ويتهم ناشطون إعلاميون في المعارضة عناصر الميليشيات التابعة لـ«حزب الله» اللبناني، وفرع الأمن العسكري، بتهريب المخدرات والحشيش من البقاع في لبنان إلى سوريا عبر المناطق الحدودية، القلمون بريف دمشق، وتلكلخ والقصير بريف حمص. ويقول الناشطون إن مساحات كبيرة من أراضي ريف القصير، غرب نهر العاصي، تحولت إلى مزارع للقنب الهندي والتبغ، التي لم تكن تزرع قبل عام 2011 في المنطقة المشهورة بزراعة الفواكه (التفاح والمشمش).
كما تتهم المعارضة الميليشيات الرديفة لقوات النظام بترويج المواد المخدرة بين طلاب المدارس، حتى باتت الحبوب والحشيش تباع علناً في الشوارع، ما يؤكد ضلوع شخصيات نافذة في النظام و«حزب الله» اللبناني بترويج المخدرات في سوريا، حيث تعتبر المخدرات مورداً مالياً مهماً لـ«حزب الله»، يُقدّر بمئات ملايين الدولارات، حسب إدارة مكافحة المخدرات الأميركية.
مصادر حقوقية متابعة للقضية في دمشق قالت لـ«الشرق الأوسط» إن «المتهمين يواجهون تهماً بالفساد تتجاوز قيمتها 4 مليارات ليرة سورية (نحو 6 ملايين ونصف المليون دولار)، قيمة 83 كيلوغراماً من مادة الكوكايين المخدرة، تمت مصادرتها من قبل إدارة مكافحة المخدرات، واعتقل المشتبه بمسؤوليتهم عن تهريبها إلى سوريا. وخلال فترة توقيفهم، تم استبدال الطحين ببودرة الكوكايين لتبرئة المتهمين بالقضية، وبينهم موظفين حكوميين». ولفتت المصادر إلى أنه تم توقيف محامي الدفاع عن المتهمين، لاعترافه بالقيام بوساطات في قضايا متهم فيها 4 ضباط وعناصر شرطة كان قد تم استدعاؤهم قبل شهر من اعتقال رئيسهم مدير إدارة مكافحة المخدرات. وأضافت المصادر أن الموقوفين يواجهون تهمة «التغطية على شخصيات معروفة في مجال تهريب وزراعة الحشيش، والسماح لهم بزراعة القنب الهندي وبذور مختلفة من المخدرات ضمن مناطق سرية». وأضافت المصادر أن هناك مساعي لتبرئة المحامي الذي يقال إنه ضحية تقرير كيدي، ولم تستبعد المصادر «لفلفة القضية»، كما جرت العادة، وتخفيف أحكام التهم، أو التبرئة من تهم «الإشراف والاطلاع على مواقع زارعة الحشيش، واستبدال المواد المخدرة».
وحسب المصادر، فإن «قضايا المخدرات تعد من أخطر قضايا الفساد، وغير مسموح فتح كافة الملفات المتعلقة بها، لأنها قد تصل إلى شخصيات رفيعة بالنظام، حيث جرت العادة على إلقاء القبض على المروجين الصغار وناقلي الحمولات الكبيرة والتشهير بهم، دون الكشف عن مشغليهم».
وتفيد أرقام وزارة الداخلية بأن قضايا الاتجار بالمخدرات بلغت عام 2018 نحو 6599 قضية، وعدد المتهمين إلى 8409.
وعلى خلفية قضية ضباط الداخلية، قام وزير الداخلية اللواء محمد رحمون بنقل اللواء رائد خازم، الموقوف بسجن عدرا المركزي، إلى فرع المقر العام، وكلف بدلاً عنه العميد حسين جمعة بإدارة مديرية مكافحة المخدرات، بعد نقله من فرع الأمن الجنائي باللاذقية إلى معاون مدير إدارة المخدرات، وذلك ضمن مجموعة تنقلات لضباط الشرطة شملت اثني عشر ضابطاً، بينهم ألوية وعمداء وعقداء، وبعضهم لم يمضِ على تعيينهم أكثر من شهر.
ويشار إلى أن وزير الداخلية اللواء محمد رحمون، الوارد اسمه على قائمة العقوبات الغربية، كان قد بدأ فور تسلمه وزارة الداخلية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018، بناء على مقترح روسي، فتح ملفات الفساد المتعلقة بقضايا اختلاس من الوزارة، قدرت بمئات الملايين، وشملت عشرات الضباط. كما أجرى سلسلة تنقلات في يوليو (تموز) الماضي، شملت أكثر من 400 ضابط، بينهم مديرو «إدارة التوجيه المعنوي» و«إدارة الدراسات» و«إدارة التأهيل والتدريب»، وقسم الحراسات الخاص بالسفارات ومجلس الشعب، وكتيبة حفظ النظام، ووحدة المهام الخاصة، والأمن الجنائي، وشرطة المرور، وفروع الهجرة والجوازات، وقيادة الشرطة، وبعض الأقسام الشرطية.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.