الفلسطينيون يتطلعون إلى تعديل «اتفاقية باريس»

بعد الاتفاق الذي تم على ضريبة الوقود

TT

الفلسطينيون يتطلعون إلى تعديل «اتفاقية باريس»

أعرب وزير الاقتصاد الفلسطيني، خالد العسيلي، عن أمله في أن تُشكّل اتفاقية ضريبة «البلو» المتعلقة بمشتقات البترول، بداية لتعديل اتفاقية باريس الاقتصادية، وهي المُلحق التجاري لاتفاقيات أوسلو، بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل. وكان وزير الشؤون المدنية، حسين الشيخ، أعلن مؤخراً انتهاء أزمة الضرائب على المحروقات، قائلاً إن السلطة ستبدأ بموجب الاتفاق الجديد استيراد البترول من إسرائيل من دون ضريبة «البلو»، بأثر رجعي عن الشهور السبعة الماضية. وتم التوافق على الخطوة بعد مفاوضات مضنية.
وقال العسيلي إن الفلسطينيين يتطلعون بعد ذلك إلى تعديل اتفاقية باريس التي مضى عليها 25 عاماً. وأضاف: «كثير من الأمور تغير والاستمرار بهذه الاتفاقية كما هي عليه الآن، ظلم للاقتصاد الفلسطيني والفلسطينيين». وعمل الفلسطينيون لسنوات من أجل التخلص من اتفاق باريس الاقتصادي، لكن دون جدوى. واتفاق باريس هو أحد ملاحق اتفاقية غزة - أريحا، ووقع في عام 1995. وينص على أن تجمع إسرائيل الضرائب والرسوم الجمركية المستحقة للسلطة الفلسطينية ثم تحولها إلى السلطة، إضافة إلى أنه يحدد غلافاً جمركياً وحصة للسلع المسموح باستيرادها من الخارج، إلى جانب أمور أخرى.
وسعى الفلسطينيون خلال سنوات من أجل تعديل الاتفاق المضر بالمصالح الاقتصادية الفلسطينية، لكن إسرائيل لم تستجب لذلك. وقال العسيلي: «نريد توثيق التعاون الاقتصادي مع دول عربية، لكن إسرائيل تقف بهذا الاتفاق حجر عثرة». ووصف العسيلي التعاون مع العرب بأنه «خطوات خارج الصندوق»، مستذكراً «الزيارة المهمة التي تمت للعراق، وبُحث خلالها باستيراد البترول، وفتح الأسواق العراقية للمنتج الفلسطيني دون أي ضرائب». وأضاف: «ما تم الاتفاق عليه مع الأردن مؤخراً في كثير من المجالات مثل زيادة الكهرباء، إضافة إلى كثير من الأمور من شأنها أن تدعم الاقتصاد الفلسطيني والأردني على حد سواء، كزيادة حجم التبادل الذي يمكن له أن يتخطى المليار لو تم الدخول بموضوع النفط والإسمنت».
وقال العسيلي إن «العقبة الرئيسية هي الاحتلال الذي يعرقل أبسط الإجراءات كاستصدار التراخيص اللازمة وإغلاق المعابر التجارية»، موضحاً أن «هناك مطالبات حثيثة برقابة دولية على كثير من القضايا للتخلص من سياسة الاحتلال السابقة فيما يتعلق بالاقتصاد الوطني». وأكد العسيلي استمرار الحكومة في سياسة الضغط على الجانب الإسرائيلي لتعزيز الانفكاك الاقتصادي»، واتهم إسرائيل بـ«تعطيل» إمكانية انعقاد اللجنة الاقتصادية المشتركة، المنبثقة عن اتفاق باريس رغم محاولات كثيرة ومتابعة من القيادة الفلسطينية مع الجانب الفرنسي وجهات دولية حول ذلك. واتهم العسيلي إسرائيل والولايات المتحدة بـ«فرض حصار سياسي واقتصادي على الفلسطينيين، لمحاولة تصفية القضية الفلسطينية».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.