قذاف الدم يتذكر الحلقة (3): علاقتنا بفرنسا ظلت بين شد وجذب لسنوات بسبب أفريقيا.. و«سوء تفاهم» أفشل مصالحة بشار ومبارك في 2010

أحمد قذاف الدم يروي لـ(«الشرق الأوسط») مسيرة نصف قرن مع معمر القذافي

قذاف الدم مع وزير دفاع الاتحاد السوفياتي لدى وصوله  إلى موسكو مطلع ثمانينات القرن الماضي
قذاف الدم مع وزير دفاع الاتحاد السوفياتي لدى وصوله إلى موسكو مطلع ثمانينات القرن الماضي
TT

قذاف الدم يتذكر الحلقة (3): علاقتنا بفرنسا ظلت بين شد وجذب لسنوات بسبب أفريقيا.. و«سوء تفاهم» أفشل مصالحة بشار ومبارك في 2010

قذاف الدم مع وزير دفاع الاتحاد السوفياتي لدى وصوله  إلى موسكو مطلع ثمانينات القرن الماضي
قذاف الدم مع وزير دفاع الاتحاد السوفياتي لدى وصوله إلى موسكو مطلع ثمانينات القرن الماضي

لم تكن علاقة ليبيا وفرنسا تسير على ما يرام على طول الخط، رغم التقارب الظاهري بين الرئيس السابق نيكولا ساركوزي والعقيد الراحل معمر القذافي، في السنوات الـ10 من الألفية الجديدة. إنها علاقة درامية بكل معنى الكلمة.. توجد معارك حربية واشتباكات دبلوماسية و«قفشات تفاوضية» وتعاون عسكري، وغيرها من التفاصيل التي استمرت منذ طرد القواعد الفرنسية من ليبيا بعد تولي القذافي الحكم عام 1969. وحتى عودة الطائرات الفرنسية لقصف حصون القذافي ضمن قوات حلف «ناتو» في 2011. كانت ليبيا تحارب وتدعم المقاتلين في أفريقيا ضد الوجود الفرنسي، خاصة في تشاد، في العقود الـ4 الماضية. وشارك أحمد قذاف الدم في بعض هذه المواجهات، لكنه رافق القذافي أيضا في رحلات كان من أطرفها رحلة موسكو، ومفاوضات كريت مع الرئيس فرنسوا ميتران، الذي ارتبط معه ومع أسرته بعلاقة خاصة يأتي تفصيلها في حلقة أخرى، إضافة لصداقته للزعيم اليوناني باباندريو، والتباس الأمر على القذافي في هذا الأمر فيما بعد، وكذا محاولة، فشلت في المهد، لإصلاح ذات البين بين الرئيسين بشار الأسد وحسني مبارك.

* الرئيس نيكولا ساركوزي تعاون معنا منذ كان وزيرا للداخلية..
ودافع عن ليبيا في المحافل الدولية.. وساعدنا في حل بعض المشاكل في الدول الأفريقية.. والقذافي طالبنا الاهتمام بهذا الرجل ومساعدته بكل الوسائل في الترشح
للرئاسة ليكون لنا صديقا
في قصر الإليزيه
* القذافي حوّل دفة اجتماع مع قيادات الحزب الشيوعي بحضور الرئيس السوفياتي بريجينيف للحديث عن الإسلام وضرورة الإيمان بالله.. واستغرق الأمر نصف ساعة وقال لهم إن الإلحاد يدل
على التخلف ثم تلا عدة آيات قرآنية وهو ينظر لـ«بريجينيف» قبل أن يهديه مصحفا باللغة الروسية

* معمر لم يستخدم هاتف الثريا في أيامه الأخيرة في سرت وقصة اتصاله بسوريا من هناك كانت للتمويه.. لكنه كان يجري مداخلات هاتفية مع إذاعات محلية خاصة إذاعة سرت ومع بعض القيادات داخل ليبيا.. لكن بالتأكيد لم يكن ذلك من المكان نفسه ولا بالوسيلة نفسها

* إذن مد الليبيون خيوط الود في باريس في إطار محاولة بدأت منذ 2004 للتصالح مع الغرب، فالتقطها ساركوزي، على ما يبدو، حين كان وزيرا للداخلية. ولا أحد يعرف إن كان ساركوزي هو من فعل ذلك عن عمد بوصفه رجل أمن فرنسيا، أم أن الليبيين هم الذين كانوا يتحكمون في إدارة ملف هذا الرجل الذي سيغير وجهه لأصدقائه القدامى في طرابلس، ويتحول إلى رأس حربة ضدهم في الهجوم العسكري مع «ناتو» بطائرات «رافال»، لمدة 8 أشهر.
ومنذ تسليم ليبيا لبرنامجها النووي، ووقفها لمشروع بناء صواريخ عابرة للقارات، في مطلع الألفية، ومع صعود نجم سيف الإسلام نجل القذافي، لوحظ أنه كان هناك انفتاح بين ليبيا والغرب، فهل كان انفتاحا حقيقيا؟ يقول أحمد قذاف الدم: «نحن كنا نظن أنه حقيقي، لكنه اتضح فيما بعد أنه لم يكن حقيقيا.. كنا واثقين في كلام الغرب، لكن معمر لم يكن يثق في كلامهم. معمر لم يُخدع، ولكننا نحن خُدعنا».
حسنا. وهل تولد لديك، في أي لحظة، من خلال مقابلاتك بالرئيس ساركوزي، أنه يمكن أن يأتي يوم ويتحول إلى رأس حربة ضد ليبيا، كما حدث في 2011؟ يجيب قذاف الدم بشكل قاطع قائلا: «لا.. لا.. نحن علاقتنا بساركوزي كانت منذ أن كان وزيرا للداخلية. كان رجلا متعاونا معنا، والأخ معمر قال: لا بد من الاهتمام بهذا الرجل، وواجب أن يترشح للرئاسة ليكون لنا صديق في الإليزيه. وقتها كنا نحن نبني الاتحاد الأفريقي.. كنا مقبلين على قيام الحكومة الأفريقية الواحدة، ولا بد من تحييد فرنسا. وجرى دعم ساركوزي من ليبيا بكل الوسائل».
وهل يعني ذلك أن ليبيا ساهمت في تمويل حملة ساركوزي الانتخابية في 2007 كما قيل. ويرد قذاف الدم قائلا: كل الدول تساهم في مثل هذه الحملات الانتخابية في الغرب.. في أوروبا كلهم يأخذون أموالا، وساركوزي ليس استثناء.. هذا أمر معتاد في أوروبا وفي الغرب وفي أميركا أيضا. هذه أمور تقوم بها الشركات والأفراد والدول كذلك، وليس ليبيا فقط.. المهم أن ساركوزي كان صديقنا، ودعانا إلى فرنسا، وبقينا أياما كثيرة عنده في باريس، سواء قبل أن يصبح رئيسا أو بعدها.. وخلال تلك الفترة دافع عن ليبيا في المحافل الدولية، وساعد معنا في حل بعض المشاكل في الدول الأفريقية التي كانت تعترض على فكرة الاتحاد الأفريقي، وكان ولاؤها ما زال لفرنسا، وقام بدور إيجابي في هذا الصدد. أما الذي حدث بعد ذلك، فهذا سؤال يجيب عنه هو.
وفي الحقيقة، بدأت المشاكل الليبية التشادية، أو بالأخرى الدعم الليبي لجانب من التشاديين، منذ أيام الملك الليبي والحركة السنوسية التي كانت تنشر دعوتها الدينية فيما كان يُعرف باسم «السودان الأوسط». لكن الأمر سيتطور ويتجاوز المسألة التشادية إلى محاولة لإعادة تركيبة القارة السوداء على أيدي الليبيين، الذين قدموا مساعدات مالية وعسكرية أغضبت الغرب، وفي القلب منه الفرنسيون، حتى أيام الرئيس فاليري جيسكار ديستان، كما يرد في حلقة منفصلة، تخص رهان ليبيا على هزيمة ديستان الذي دعمه السادات، وفوز ميتران الذي دعمه القذافي. وكان والد أحمد قذاف الدم هو الضابط المسؤول عن القطاع العسكري الليبي في جنوب البلاد. وكانت ليبيا وقتها تدعم مسلمي تشاد في الشمال، الذين يشكلون الأغلبية في البلاد.
ويواصل قذاف الدم قائلا: أذكر أن السلطان «واداي»، والد الرئيس التشادي كوكوني واداي فيما بعد (في المدة من 1979 إلى 1982)، جاء إلى سبها، وبقي عندنا في بيتنا لعدة شهور.. وكنا نقدم له الدعم والمساندة، وبعد قيام الثورة في ليبيا بقيادة القذافي، أصبحت مساعداتنا لهم تُقدم بزخم أكبر. وفي ذلك الوقت، كان الغرب يريد أن ينصِّب رئيسا مسيحيا في تشاد، هو فرنسوا تومبال باي، وكنا نقول: كيف يحكم رجل مسيحي أغلبية مسلمة؟ أضف إلى ذلك أن التقارير والمعلومات التي كانت ترد لنا كانت تشير إلى أن «تومبال باي»، أول رئيس لتشاد بعد استقلالها عام 1960، المدعوم أساسا من فرنسا، كان يتعامل مع المسلمين التشاديين باحتقار.. وأيضا لأننا في طرابلس كنا نرى أن جنوب ليبيا، على طول الحدود مع تشاد، مهدد، لأن الاستعمار الفرنسي بقي في تشاد، وأصبح الدفاع عن مصالحنا وموجهة هؤلاء، معركة واجبة.
ويضيف قذاف الدم قائلا: ولذلك قدمنا لأنصار كوكوني واداي الدعم والمساندة وغير ذلك.. خاصة عندما وجدنا أن القوات الفرنسية ما زالت موجودة داخل تشاد، رغم إعلان استقلالها منذ سنوات.. كانت موجودة وتقاتل مع الطرف الآخر، بل تقوم بمساعدة حسين حبري في انقلابه على الرئيس واداي.. هنا تدخلت القوات الليبية مجددا، وطردت حبري، ونصّبت الرئيس الحالي إدريس دبي، وهو الرئيس الذي ما زال يحكم تشاد حتى هذه الساعة.
وخلال المعارك التي ظلت مستعرة بين الليبيين والفرنسيين في تشاد، في ثمانينات القرن الماضي، التقى قذاف الدم في إحدى المناسبات الدولية مع الرئيس ميتران، وتبادلا الحديث عمن المخطئ ومن المتسبب في الاقتتال الدائر على الأراضي التشادية. ويقول موضحا: «أذكر مرة أنني التقيت الرئيس الفرنسي، فقال لي: لماذا ترسلون قواتكم إلى تشاد؟ فقلت له: رأينا الطائرات الفرنسية تطير عبر البحر من فرنسا إلى تشاد، لكي تقاتل وتموت هناك، فقلنا أكيد هناك شيء مهم في تلك المنطقة».
ويضيف أن «الرئيس الفرنسي ابتسم ثم أخذ يضحك، وقال لي: هذا منطق أيضا.. وقلت له: سيادة الرئيس، أرفعوا أيديكم عن تشاد، ونحن نرفع أيدينا عنها.. أما وجودكم في تشاد، فإما أن نتعاون لكي نقيم نظاما مستقرا للتشاديين، أو نتقاتل.. ونحن فُرضت علينا هذه المعركة».
ويقول إنه بعد ذلك جرى عقد لقاء في جزيرة كريت في البحر المتوسط بين فرنسا وليبيا، وحضر اللقاء الرئيس ميتران والعقيد القذافي.. و«جرى الاتفاق على التقسيم في تشاد، عند خط عرض 16. بحيث لا تدخل القوات الفرنسية في تشاد شمال هذا الخط، ولا تتجاوزه القوات الليبية في تشاد نحو الجنوب، واستمر هذا الاتفاق لفترة معينة، لكن للأسف جرى اختراقه، ولا أستطيع أن أجزم الآن من السبب في خرق هذا الاتفاق».
على أي حال، الليبيون لم يكونوا راضين عن الوقوف في منتصف الطريق، وكانوا يرون أن قضية الحرية لا تتجزأ: «ولا ينبغي أن نتنازل عن حقنا، وكان السؤال لدينا هو: ماذا جاء بفرنسا الاستعمارية لهذا المكان؟ كانت هذه الروح، وهذا الحماس، هو الذي يسيطر على مجريات الأمور في ذلك الوقت. وهزمنا طبعا في معارك، وانتصرنا في معارك، لكننا قمنا بواجبنا كما ينبغي».
وفي السنوات التالية من فترة الثمانينات، لم تكن الخلافات بين القذافي وفرنسا فقط، بل اتسعت لتشمل كثيرا من دول الغرب، وكان أبرزها قضية «لوكيربي» والقصف الأميركي لمقر حكم القذافي، وغيرها، مع أن الغرب لم يكن في بداية تولي القذافي الحكم ينظر إليه تلك «النظرة الشريرة». وكان محل تقدير من جانب فرنسا أيام الرئيس جورج بومبيدو، الذي حكم فرنسا من سنة 1969 حتى وفاته في 1974، وهي الفترة التي شهدت في عهده شراء ليبيا للأسلحة الفرنسية لصالح الجيش المصري الذي لم تكن سوق السلاح الغربي قد فُتحت أمامه بعد، كما جاء في شهادة قذاف الدم في هذه الحلقات.
ومنذ السنة الأولى من الثمانينات، حيث كانت الخلافات مع الغرب تتزايد يوما بعد يوم، بدأ القذافي يرسخ من التوجه الليبي ناحية الاتحاد السوفياتي (روسيا حاليا)، ويقول قذاف الدم إن معمر تحدث وقتها معلقا على الزيارة التي كان يعتزم القيام بها إلى موسكو في ذلك الوقت: «طالما أن أميركا اتجهت ناحية إسرائيل، فنحن اتجهنا إلى الاتحاد السوفياتي». ويضيف أن العلاقة مع الاتحاد السوفياتي، أو روسيا فيما بعد، لم تكن بتلك القوة التي قد يظنها البعض، لأن القذافي كان يرى أنها، كأي دولة كبرى، لديها طموحات وأطماع، وفي عهد الاتحاد السوفياتي تحديدا.. «حتى علاقتنا بالرئيس السوفياتي ليونيد بريجينيف كانت شدا وجذبا».
ويقول: «الأخ معمر توجه إلى الاتحاد السوفياتي، لكنه كان ضد الشيوعية، وكان عندما يذهب إلى موسكو يشترط أن يصلي في مسجد بعينه بالعاصمة، وللأسف كان مسجدا مهجورا، ولذلك كان يُفتح له خصيصا، ويقوم العمال بأشغال النظافة حول المسجد وتجهيزه لصلاة القذافي.. كما أن معمر كان يحرص على أن يكون سفره إلى موسكو يوم خميس، بحيث يصلي الجمعة في ذلك المسجد بموسكو». ويضيف أنه «في أكثر من مرة، بحضور بريجينيف وقيادات الاتحاد السوفياتي السابق، احتج الأخ معمر داخل اجتماع رسمي للوفدين الليبي والسوفياتي، في الكرملين، على احتلال أفغانستان، وقال في أحد الاجتماعات: احتلالكم لكابل كاحتلالكم لطرابلس. كان هذا في بداية الثمانينات، وقال أيضا: أفغانستان دولة مسلمة وأنتم الآن اعتديتم عليها».
ويضيف قذاف الدم الذي كان حاضرا الاجتماع أن بريجينيف دافع طبعا عن موقف موسكو، وقال: «لو تركنا الأمر فإن الأميركان سيأتون إلى هنا ومحاصرتنا في منطقتنا».. كان حوارا طويلا عريضا. وحين حان موعد صلاة المغرب، قطع الأخ معمر الاجتماع، وذهب ليصلي، ثم رجع.. وعندما عاد بدأ يتحدث مع قيادات الحزب الشيوعي، بحضور بريجينيف، عن الإسلام، ويشرح لهم رسالة محمد (عليه الصلاة والسلام)، وكان يبدو على وجوه القادة السوفيات، وكلهم شيوعيون، أن هذه القضية لا تعنيهم.. وكنت أنا موجودا، ومع ذلك استمر حديث القذافي عن الإسلام نحو نصف ساعة من الاجتماع.
وقال القذافي خلال الاجتماع أيضا: «كيف للإنسان ألا يؤمن بوجود الله؟ إذا لم نؤمن بوجود الله، فما هو الوازع الذي يمنعنا من ارتكاب أي حماقة أو جريمة؟»، وقال كذلك: «إن كل هذه الديانات؛ المسيحية والإسلام واليهودية، جاءت من منبع واحد، وإن عدم الإيمان بالله لا يعني أن الله غير موجود، وأن الإلحاد يدل على التخلف لدى الشعوب».
ويضيف قذاف الدم أن «العقيد القذافي كان يعلم بالمقولة المنسوبة للشيوعيين، التي تقول إن الدين أفيون الشعوب، فتوقف عند هذه النقطة، وهو ينظر إلى الرئيس بريجينيف، وإلى قيادات الدولة من الحزب الشيوعي، وهنا قال القذافي: نعم.. قد تكون هناك انحرافات في تفسير بعض الأديان، لكن الأصل هو عبادة الله والإيمان به وبكتبه ورسله».
ويضيف أحمد قذاف الدم أن القذافي قام عند هذه النقطة بقراءة عدة آيات قرآنية عن فضائل الإيمان بالله، ثم قدم للرئيس بريجينيف، الذي كان جالسا في الجانب الآخر، مصحفا باللغة الروسية.
وماذا كان رد فعل الرئيس بريجينيف ومن معه من قيادات الحزب الشيوعي السوفياتي؟ يجيب قذاف الدم قائلا: «هم كانوا يحترمون الأخ معمر احتراما كبيرا، وكان يأتي للمطار كل قيادات الاتحاد السوفياتي لاستقباله. وكانوا معجبين جدا بشخصيته وجرأته ووضوحه.. لكن لم يكن لدينا مع السوفيات قواعد ولا اتفاقيات دفاع مشترك، وهذا في الحقيقة افتقدناه في الأزمة الأخيرة التي وقعت في عام 2011 وقيام حلف (ناتو)، باستهداف معسكرات الجيش الليبي وتدميرها».
وعن الأقاويل التي انتشرت قبل عدة سنوات عن أن رئيس الوزراء البريطاني السابق، توني بلير، عمل مستشارا للقذافي، وعما إذا كان مستشارا حقا أم مجرد صديق»، يقول قذاف الدم: «في الغرب شيء طبيعي أن يعمل شخص لديك بعد أن يترك وظيفته.. لو تريد أن يعمل لديك الرئيس الأميركي باراك أوباما، بعد أن يترك الرئاسة، فهذا ممكن، مقابل أجر، ومن الممكن أن تستعين بأي أحد منهم بأن يلقي محاضرة أو يعمل عملا أو يمثلك في أي مكان بمقابل مادي، فهذا أمر طبيعي. بلير كان متحمسا للأخ معمر، ولم يظهر أي عداء تجاه ليبيا في الأزمة الأخيرة، في الحقيقة، عكس الآخرين».
ويضيف: «كانت تربطني علاقات خاصة وقوية أيضا مع عدد من كبار المسؤولين في أوروبا.. هناك على سبيل المثال برونو كرايسكي رئيس وزراء النمسا حتى الثمانينات، الذي يرد ذكره في هذه الحلقات بوصفه أكثر الشخصيات الأوروبية مساعدة لليبيا في تلك الفترة، وكذا فيليب غونزالس رئيس وزراء إسبانيا في التسعينات، الذي كان يقول لنا عن نفسه إنه من أصول عربية، والزعيم اليوناني باباندريو، الذي زار قذاف الدم منزله في اليونان عدة مرات، بينما كان القذافي يعتقد أن على الصداقة ليست بين الشيخ باباندريو، والشاب أحمد قذاف الدم، وإنما مع ابنه الذي يحمل الاسم نفسه؛ باباندريو الابن».
ويتذكر قذاف الدم قائلا: «باباندريو الأب كان رجل رائعا.. طبعا ربطته علاقة جيدة بالأخ معمر، وكان يعتقد أنني أزوره أحيانا لأنني صديق ابنه، بينما أنا كنت صديق الأب نفسه. وفي إحدى السنوات في القمة العربية بشرم الشيخ، عام 2003. وكان حاضرا عن أوروبا وزير خارجية اليونان جورج باباندريو، أي ابن باباندريو الكبير، وكان الابن يبدو كبيرا في السن أيضا ويشبه والده.. وفوجئت بالأخ معمر يستدعيني، وكان في لقاء خاص في الغرفة، بينما كنت في قاعة الاجتماعات، وقال لي: ها هو صاحبك باباندريو، فسلمت عليه وقلت لمعمر: ليس هذا هو صاحبي بل أبوه.. وهنا أدركت أن معمر كان يعتقد أن علاقتي بابن باباندريو، وقلت له إن صديقي هو والده.. فاستغرب، وقال كيف هذا؟ بينما ابتسم باباندريو الابن، وقال: نعم، أتذكر أن الأخ أحمد كان يزور والدي في اليونان (أي حين كان قذاف الدم في العشرينيات من العمر)».
أما في القمة العربية في سرت في عام 2010، فقد جرت ملابسات كثيرة، أهمها تلك التي تخص الاتصالات التي أجراها بشار الأسد من أجل زيارة الرئيس مبارك في ذلك الوقت، أي حين عاد مبارك للقاهرة بعد إجراء عملية جراحية في ألمانيا.. وكانت العلاقات بين مصر وسوريا ليست على ما يرام. ويقول: «أشار الأخ معمر على الرئيس بشار أن يمر على الرئيس مبارك.. وليستغل هذه الفرصة. وقال له: لماذا لا تمر على القاهرة وتقوم بزيارة الرئيس مبارك.. أنت تعلم أنه رجع من عملية جراحية، زيارتك ستكسر الجليد بين مصر وسوريا».
ويبدو أن الرئيس بشار اقتنع، فطلب أن يمر على القاهرة، وهو في طريقه من سرت إلى دمشق، وبدأت الرئاسة السورية تجري الاتصالات مع المراسم المصرية، ونظرا للحالة الصحية للرئيس مبارك جرى إخطار بشار، عن طريق المراسم المصرية، بأن يكون مروره في يوم معين على الساعة الـ11 صباحا، وأن يقوم بكذا وكذا، أي تعليمات بخصوص ترتيب الزيارة، وذلك لمراعاة الظروف الصحية للرئيس.. ويقول قذاف الدم إنه يبدو أن هذا الأسلوب استفز الرئيس بشار، ويبدو أنه قال لنفسه إنه يريد أن يأتي لزيارة مريض، فكيف يقولون له الساعة كذا واليوم كذا؟!
ويضيف أن بشار الأسد بدا عليه الاستياء، وهو ما زال في سرت، ويظهر أنه فسر الأمر في حينه بأنه عدم رغبة من جانب المصريين في زيارته، وبعد أن سافر إلى دمشق، دون أن يمر على القاهرة، تدخل القذافي مرة أخرى، وقال إن «المراسم المصرية ربما قامت بهذا، لأنها كانت تعمل وفقا لتعليمات من الطبيب الخاص بمبارك، وأن بشار عليه أن يتفهم الأمر، لأن الرئيس المصري مريض.. لكن للأسف، هذا الأمر ضاعف المشكلة، بدلا من أن يحلها، رغم أن الرئيس مبارك يكن احتراما كبير لسوريا لوقوفها مع مصر في حرب 1973، وما كان ينبغي أن يكون هناك خلافات بين البلدين».
على أي حال سافر الرئيس السوري إلى بلاده، ويقول قذاف الدم: «بعد ذلك سافرت إلى سوريا والتقيت بالرئيس بشار.. وكان ما زال مقتنعا بتفسيره الخاص لرد المراسم المصرية، وهو أن (الجانب المصري لا يريدنا أن نزور مبارك في القاهرة، ولا يريدون استقبالنا)».
ويضيف قذاف الدم: «أنا قلت له: لا.. بالعكس. حتى نحن حدث معنا الموقف نفسه، حين طلبنا زيارة مبارك، وقالوا لنا إن موعد الزيارة الساعة الـ11 صباحا، والتزمنا بالموعد.. وقلت له (لبشار) إن صحة الرئيس مبارك ما كانت تسمح، وانتهى الموضع على ذلك.. على أي حال، أحيانا تحدث خلافات بين العرب، وهي لا تستحق، علاوة على الفتن بين الدول العربية والتسريبات وعمل المخابرات والمعلومات التي تأتي من هنا وهناك».
وتعامل قذاف الدم كثيرا مع بشار الأسد، وتدخل في فترات كثيرة لإصلاح الأمور التي تضطرب أحيانا بين سوريا والأردن، أو سوريا والفلسطينيين، كما يظهر تفصيل بعضها في هذه الحلقات. ويصف قذاف الدم بشار الأسد بأنه «شاب ثوري، فاجأنا كلنا بقدرته على ممارسة العمل، وبقدرته على الإمساك بزمام الأمور.. سوريا بلد ليس نفطيا، يصدر القمح والدواء، والشعب يعيش، لكن بطبيعة الحال ليس بالشكل الذي كان يطمح إليه، لأنه كان مقيدا بأشياء كثيرة؛ تركة والده، وتراكم سنين، وحروب وصراعات، ومع ذلك، استقبل في بلاده 4 ملايين لاجئ عراقي.. استضافوهم وتقاسموا معهم رغيف الخبز. وفي لبنان، عندما طلب اللبنانيون سحب قواته من لبنان قام بسحبها.. ولديه علاقات بكل الأطراف اللبنانية».
ويزيد قائلا إن بشار الأسد «حاول أن يصحح الأخطاء التي وقعت في عهد أبيه، أو يمتص هذه الاحتقانات.. كانت لديه رغبة في التطوير وتحقيق طموحات الجيل الجديد، لكن لم تكن لديه إمكانية لتوفير ما يريده الناس، وأنت تعرف أن سقف الجماهير مرتفع دائما. وكل الناس لا تعرف كثيرا من الحقائق التي تدور في هذا البلد أو ذاك».
لكن قيل إن القذافي تواصل بالهاتف مع أطراف خارجية منها في سوريا، أثناء محاصرته في سرت وقبيل مقتله هناك في خريف 2011. هل لديك أي معلومات بهذا الشأن؟ يجيب قذاف الدم قائلا: «لا.. لا، هذا غير صحيح بالمرة.. بالتأكيد كانت هناك طرق مختلفة للتواصل، لكن مثل هذه القصص التي كنا نسمعها ما هي إلا محاولات في ذلك الوقت للتمويه، حتى لا يصل العدو لمكانه.. والغرب عجز طيلة 8 أشهر عن تحديد مقر إقامته، ولولا كل تلك الاحتياطات لما استطاع أن يبقى كل ذلك الوقت».
ويضيف: «الحقيقة أن القذافي أجرى في أواخر أيامه في حصار سرت مداخلات هاتفية مع بعض الإذاعات المحلية هناك، خاصة إذاعة سرت، ومع بعض القيادات، داخل ليبيا، لكن بالتأكيد ليس من المكان نفسه ولا بالوسيلة نفسها.. معمر رجل عسكري، وكان معه في سرت قيادات عسكرية، وهو ليس بتلك السذاجة أو البساطة، لكي يتصل من مكان محدد من هاتف الثريا مثلا، بينما كان يعلم أنه مرصود، وأن ليبيا كلها تحت المجهر».

الحلقة (2) قذاف الدم يتذكر: الحسن الثاني وضع مبارك والقذافي في غرفة وأغلق عليهما الباب لتسوية خلافاتهما
لحلقة (1): قذاف الدم يروي لـ«الشرق الأوسط» بداية التوتر بين السادات والقذافي.. واجتماع ميت أبو الكوم


البحرية الهندية تعمل على تحرير مركب إيراني اختطفه قراصنة

المركب «إف في القمر 786» الذي يرفع العلم الإيراني (البحرية الهندية عبر منصة إكس)
المركب «إف في القمر 786» الذي يرفع العلم الإيراني (البحرية الهندية عبر منصة إكس)
TT

البحرية الهندية تعمل على تحرير مركب إيراني اختطفه قراصنة

المركب «إف في القمر 786» الذي يرفع العلم الإيراني (البحرية الهندية عبر منصة إكس)
المركب «إف في القمر 786» الذي يرفع العلم الإيراني (البحرية الهندية عبر منصة إكس)

أعلنت البحرية الهندية، اليوم (الجمعة)، أنها اعترضت مركب صيد إيرانياً في بحر العرب بعدما خطفه قراصنة صوماليون.

واعترضت سفينتان هنديتان المركب «إف في القمر 786» الذي يرفع العلم الإيراني، على بعد نحو 165 كيلومتراً جنوب غربي جزيرة سقطرى اليمنية غير البعيدة من الطرف الشرقي للصومال.

وقالت البحرية الهندية، في منشور على منصة «إكس»، إن عملية «جارية تنفذها البحرية الهندية لإنقاذ السفينة المختطفة وطاقمها».

وأوضحت أن 9 قراصنة مسلحين سيطروا على المركب، ولم تذكر عدد أفراد طاقمه، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

وتنشط البحرية الهندية قبالة سواحل الصومال منذ عام 2008، وكثّفت جهودها لمكافحة القرصنة العام الماضي بعد تصاعد في الهجمات، خصوصاً في بحر العرب، إضافة إلى هجمات جماعة «الحوثي» اليمنية في البحر الأحمر.

في هذا الشهر، حررت البحرية الهندية أفراد طاقم سفينة الشحن «إم في روين» التي ترفع علم مالطا، بعدما خطفها قراصنة صوماليون في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

ونقلت البحرية، السبت الماضي، 35 صومالياً متهمين بالقرصنة إلى بومباي لمحاكمتهم أمام القضاء الهندي.


غروندبرغ يستجلب دعم موسكو... والعليمي يرتّب علاقة السلطات

تتهم الحكومة اليمنية الحوثيين باستغلال الحرب على غزة خدمة لأجندة إيران (رويترز)
تتهم الحكومة اليمنية الحوثيين باستغلال الحرب على غزة خدمة لأجندة إيران (رويترز)
TT

غروندبرغ يستجلب دعم موسكو... والعليمي يرتّب علاقة السلطات

تتهم الحكومة اليمنية الحوثيين باستغلال الحرب على غزة خدمة لأجندة إيران (رويترز)
تتهم الحكومة اليمنية الحوثيين باستغلال الحرب على غزة خدمة لأجندة إيران (رويترز)

ضمن مستجدات الهجمات الحوثية البحرية المتصاعدة والضربات الغربية الوقائية، أعلنت واشنطن، الجمعة، تدمير 4 مسيرات فوق البحر الأحمر، بينما تبنّى زعيم الجماعة الموالية لإيران عبد الملك الحوثي مهاجمة 86 سفينة منذ بدء التصعيد في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

جاء ذلك في وقت أنهى فيه المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، زيارة إلى موسكو لاستجلاب دعمها لخطته الرامية إلى إحلال السلام في اليمن، حيث يتخوف من عودة القتال بين قوات الحكومة والجماعة الحوثية.

هذه التطورات واكبها تشديد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي على استكمال الإصلاحات بالمؤسسات والانسجام بين السلطات المركزية والمحلية، وذلك خلال اجتماع مشترك للحكومة والمحافظين.

وأفاد غروندبرغ، في بيان وزعه مكتبه، بأنه أنهى، الجمعة، زيارة إلى موسكو أجرى خلالها مباحثات مع كبار المسؤولين، والتقى نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين ونائب وزير الخارجية والمبعوث الروسي الخاص للشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف.

وبحسب البيان، استعرض المبعوث الجهود الأخيرة المبذولة لدعم الأطراف للتوصل إلى اتفاق بشأن خريطة طريق ولتنفيذ التزاماتهم بوقف إطلاق النار، وتدابير لتحسين الظروف المعيشية في اليمن، واستئناف عملية سياسية جامعة برعاية الأمم المتحدة.

وفي حين أوضح البيان أن المناقشات تناولت التطورات الأخيرة في اليمن والمنطقة وتأثيرها على تقدم جهود السلام، أعرب غروندبرغ عن تقديره لوحدة مجلس الأمن في دعم جهود السلام في اليمن، وشدد كذلك على أهمية استمرار الدعم المتضافر من المجتمع الدولي لتيسير التوصل إلى حل سلمي للأزمة اليمنية.

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

وكان المبعوث الأممي إلى اليمن قد أنهى زيارة إلى الرياض ثم إلى مسقط وقبلها أجرى لقاءات مع المسؤولين الأمريكيين عقب إدلائه بإحاطته أمام مجلس الأمن، حيث لم يخفِ مخاوفه من انهيار مساعي السلام وعودة القتال.

هجمات بحرية

أعلن الجيش الأميركي، الجمعة، تصديه لأربع طائرات حوثية دون طيار وتدميرها فوق البحر الأحمر، بينما أكد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي الاستمرار في الهجمات التي يزعم أنها من أجل مناصرة الفلسطينيين في غزة.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية، في بيان على منصة «إكس»، أنه «بين الساعة 6:00 و10:56 مساءً (بتوقيت صنعاء) في 28 مارس (آذار)، ولليوم الثاني على التوالي، نجحت القوات في الاشتباك وتدمير 4 طائرات من دون طيار أطلقها الإرهابيون الحوثيون المدعومون من إيران».

وأضاف البيان أن هذه الطائرات من دون طيار كانت تستهدف سفينة تابعة للتحالف وسفينة حربية أميركية كانت تشارك في الدفاع عن النفس فوق البحر الأحمر، مؤكداً أنه لم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات أو أضرار.

وطبقاً للبيان، تقرر أن هذه الأسلحة تمثل تهديداً وشيكاً للسفن التجارية وسفن البحرية الأميركية في المنطقة، حيث يتم اتخاذ هذه الإجراءات لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أماناً.

من جهته، تبنى زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي في خطبة مساء الخميس، مهاجمة 86 سفينة، من بدء التصعيد، وادعى أن جماعته نفّذت خلال أسبوع 10 هجمات ضد 9 سفن واستخدمت خلالها 37 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة.

السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر إثر هجوم حوثي (أ.ف.ب)

أُصيبت 16 سفينة على الأقل، خلال الهجمات الحوثية، إلى جانب قرصنة «غالاكسي ليدر» واحتجاز طاقمها حتى الآن، وتسببت إحدى الهجمات، في 18 فبراير (شباط) الماضي، في غرق السفينة البريطانية «روبيمار» بالبحر الأحمر بالتدريج.

كما تسبب هجوم صاروخي حوثي في السادس من مارس الحالي في مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس».

وأطلقت واشنطن تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمّته «حارس الازدهار»؛ لحماية الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض.

ويشارك الاتحاد الأوروبي - من جهته – في التصدي للهجمات عبر مهمة «أسبيدس»، التي أطلقها في منتصف فبراير الماضي، وتشارك فيها فرنسا وألمانيا وهولندا وإيطاليا واليونان، دون شنّ ضربات على الأرض، كما تفعل الولايات المتحدة وبريطانيا.

ومنذ تدخل الولايات المتحدة عسكرياً، نفذت مئات الغارات على الأرض؛ أملاً في تحجيم قدرات الحوثيين العسكرية أو لمنع هجمات بحرية وشيكة. وشاركتها بريطانيا في 4 موجات من الضربات الواسعة.

وتأمل واشنطن أن تقود جهودها إلى تحجيم قدرة الجماعة الحوثية وحماية السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، حيث تشن الجماعة هجماتها منذ 19 نوفمبر وهدّدت بتوسيعها إلى المحيط الهندي في سياق مزاعمها بأنها تساند الفلسطينيين في غزة من خلال منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، وكذا السفن الأميركية والبريطانية.

تنظيم السلطات

في سياق السعي لاستكمال إصلاح المؤسسات اليمنية وإعادة بنائها، عُقد في عدن اجتماع مشترك بين الحكومة المركزية وقيادات السلطة المحلية، ترأسه رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي، وبحضور رئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك.

وقال العليمي إنه يأمل أن يكون الاجتماع «محطة تحول نحو العمل الجماعي وتشارك المسؤوليات والإدارة الرشيدة للموارد والخدمات في ظل الظروف الاستثنائية التي تعيشها البلاد تحت ضغط التوقف المستمر للصادرات النفطية والتداعيات الكارثية للهجمات الإرهابية الحوثية على سفن الشحن البحري، والتجارة الدولية».

رئيس مجلس القيادة اليمني مجتمعاً في عدن مع الحكومة وقيادات السلطة المحلية (سبأ)

وأضاف: «أكدنا لمختلف السلطات والفعاليات أنه لا يمكن أن يكون هناك نجاح إلا بالتوافق والعمل بروح الفريق الواحد وفي المقدمة السلطة التنفيذية التي تمثلونها أنتم في هذا الاجتماع».

وشدد رئيس مجلس الحكم اليمني على أن الانسجام بين جميع السلطات هو مسار حتمي من أجل مواجهة التحديات وتعزيز الجبهة الداخلية لحماية المكاسب المحققة، وإحداث نقلة متقدمة في المعركة ضد قوى الانقلاب والإرهاب بوصفه أولوية جماعية.

وتطرق العليمي - بحسب ما أورده الإعلام الرسمي - إلى أهمية تعزيز التواصل بين مختلف مكونات السلطة، وجسر الفجوة بين المؤسسات المركزية والمحلية، الناجمة عن استمرار حرب الميليشيات الحوثية وتداعياتها الكارثية على موارد الدولة والأوضاع المعيشية، خصوصاً بعد اعتداءاتها على المنشآت النفطية، وصولاً إلى تصعيدها الأخير في البحر الأحمر والمياه الإقليمية.

وأكد الحاجة لخطط استراتيجية مرحلية وطويلة المدى تحفظ لمستويات السلطة أدوارها القانونية، ولكي تكون هي الحكم والمؤشر لتقييم أداء مؤسسات الدولة على الأصعدة كافة.

وقال: «يجب أن نحسم مسألة العلاقة بين السلطة المركزية والمحلية، والإجراءات المطلوبة لإنهاء أي تباينات، وإعادة رسم أدوارها واختصاصاتها المخولة وفقاً للقانون».


«المركزي اليمني» يحذر من نوايا الحوثيين طباعة أوراق نقدية

رفض «المركزي اليمني» تقديم أي تنازلات وتعهد بمواصلة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (إعلام حكومي)
رفض «المركزي اليمني» تقديم أي تنازلات وتعهد بمواصلة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (إعلام حكومي)
TT

«المركزي اليمني» يحذر من نوايا الحوثيين طباعة أوراق نقدية

رفض «المركزي اليمني» تقديم أي تنازلات وتعهد بمواصلة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (إعلام حكومي)
رفض «المركزي اليمني» تقديم أي تنازلات وتعهد بمواصلة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (إعلام حكومي)

حذر مجلس إدارة البنك المركزي اليمني من إقدام الحوثيين على طباعة أوراق من العملة الوطنية بطريقة غير قانونية، وهدّد باتخاذ إجراءات صارمة في حق أي مؤسسة أو جهة مالية تتعامل مع ذلك في حال تم المضي في هذه الخطوة، التي قال إنها ستقضي على أي جهود للإبقاء على ما هو قائم من تبادل للسلع والخدمات بين مختلف المحافظات.

وذكر البنك، في بيان صدر عن جلسة أعماله الثانية لهذا العام بمقره الرئيسي في العاصمة المؤقتة عدن، أنه وقف على العديد من المواضيع المهمة وذات الطبيعة العاجلة المدرجة في جدول أعماله.

مبنى فرع البنك المركزي اليمني الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

ومن أهم هذه المواضيع إعلان فرع البنك المركزي في صنعاء المستولى عليه من قبل الحوثيين عن خططه لحل مشكلة العملة التالفة دون توضيح آلية الحل ووسائلها وما تبع ذلك من تداولات بوسائل الإعلام المختلفة عن النية في إنزال عملة مطبوعة بطريقة غير مشروعة.

وحذر «المركزي اليمني» جميع المواطنين والمؤسسات المالية والمصرفية والقطاعات التجارية من التعامل أو القبول بعملة مزورة وإحلالها محل عملة قانونية «بوصف ذلك إجراءً غير قانوني» ينفذ بواسطة كيان غير شرعي. وقال إن مثل هذه الخطوة ستزيد من تعقيد معاملات المواطنين وتقضي على أي جهود تحاول الإبقاء على ما هو قائم من تبادل للسلع والخدمات بين مختلف المحافظات.

وأكد أن هذا الإجراء لا يعدو أن تكون أداة لنهب الأصول المالية للمؤسسات المالية والمصرفية والتجارية والمواطنين بواسطة وسيلة تبادل مزورة وغير قانونية علاوة على الجبايات الظالمة المتعددة وغير القانونية التي يتم تحصيلها بالقوة وفي ظل منع المرتبات وانعدام الخدمات.

وقال البنك إنه سيمارس حقه القانوني باتخاذ جميع الإجراءات التي تضمن حماية العملة الوطنية ومدخرات المواطنين والنظام المصرفي والنشاط الاقتصادي من الآثار المدمرة لأي إجراء غير مسؤول.

حل الأزمة

رأى مجلس إدارة البنك المركزي اليمني أن حل أزمة السيولة واستبدال التالف منها يكمن في رفع الحظر الحوثي عن تداول العملة الوطنية بمختلف فئاتها وطبعاتها في مختلف محافظات الجمهورية وسيقوم البنك بمسؤولياته القانونية في استبدال أي عملة تالفة مهما كان حجمها ومكان وجودها والتخلص منها وفقاً للآليات المحددة قانوناً.

أزمة السيولة تخنق مناطق الحوثيين مع تلف جزء كبير من الأوراق المالية (إكس)

وأعاد البنك تحذيره للمؤسسات المالية أو المصرفية من التعامل مع أي أوراق عملة يقدم على طباعتها الحوثيون، وقال إن أي جهة تقبل التعامل بأي وسيلة نقدية غير قانونية «ستكون عرضة لإجراءات صارمة» وسيؤثر ذلك على وضعها القانوني ونشاطها على الصعيدين المحلي والدولي.

واستعرض مستوى تنفيذ الإصلاحات التي تضمنتها برامج الإصلاح المختلفة التي يتم تنفيذها من قبل البنك بدعم المانحين وأبدى ارتياحه لما تحقق من إنجازات وقال إنها تجاوزت ما كان مخططاً، كما ناقش تطور العمل بأنظمة المدفوعات التي أدخلها البنك مؤخراً ومنها العمل بالمرحلة الأولى من المقسم الوطني الذي يعمل على ربط أجهزة الصراف الآلي ونقاط البيع والمحافظ الإلكترونية لشبكات البنوك.

وسيؤدي عمل هذا المقسم - بحسب بيان المركزي اليمني - إلى تسهيل تعاملات المواطنين وتقديم خدمات الدفع الإلكتروني لمختلف الشرائح من المواطنين، خصوصاً أولئك الذين لا يملكون حسابات مصرفية بما يسهم في تحقيق الشمول المالي وإنجاح عملية رقمنة المرتبات.

تحظر الجماعة الحوثية التعامل بالأوراق النقدية اليمنية الصادرة من عدن (إعلام محلي)

ووقف اجتماع مجلس إدارة البنك المركزي اليمني أمام تدشين العمل بالشبكة الموحدة لتحويل الأموال التي حلت محل الشبكات التابعة لشركات الصرافة الخاصة التي كان يصعب الرقابة عليها من البنك المركزي، حيث يجري حالياً ربط جميع الشركات والشبكات العاملة في المناطق المحررة بالشبكة الموحدة بما يعزز إجراءات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وأعمال المضاربة وينهي الأنشطة الضارة التي تمارسها كيانات غير قانونية وغير مرخصة وتتسبب بأضرار كبيرة بالأمن الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي للوطن والمواطنين.

إجراءات عقابية

ذكر البنك المركزي اليمني أن الإجراءات التي اتخذها بحق بعض البنوك وشركات الصرافة كانت بسبب إيقافها التعامل مع بعض الشركات العاملة في المناطق المحررة دون مبرر وبالمخالفة لتعليماته.

وأوضح أن قرار وقف التعامل مع تلك البنوك كان إجراءً عقابياً، وعند التأكد من تنفيذ البنوك لتعليماته وتعهدها بعدم تكرار ما قامت به مستقبلاً، تم رفع الحظر عنها وعادت لممارسة نشاطها المعتاد وفقاً للأنظمة والقوانين النافذة وتعليمات البنك المركزي، ونفى إجراء أي مباحثات أو إبرام أي اتفاقيات مع أي جهة محلية أو دولية كما تم تداوله ووصف ما نشر بهذا الشأن بأنها أخبار غير دقيقة.

وأفاد بأن مجلس إدارة المركزي اليمني وقف أمام تقرير لجنة المراجعة التابعة لمجلس الإدارة حول تحليلها للعروض المقدمة من شركات المراجعة الدولية لتدقيق أعمال البنك للأعوام 2021-2023 وفقاً للشروط المرجعية المعلنة والمقرة من المجلس واتخذ القرارات المناسبة حيالها تمهيداً لرفعها لرئيس مجلس الوزراء وفقاً لمقتضيات القانون واللوائح الحاكمة.

وبشأن التطورات المالية والاقتصادية والنتائج المحققة خلال الربع الأول من عام 2024 خصوصاً في جانبي الإيرادات والنفقات العامة، تعهد بأن يستمر بالسياسات والإجراءات الاحترازية والتنفيذ الصارم للقوانين.

توعد البنك المركزي اليمني المؤسسات المالية والمصرفية بعقوبات رادعة في حال مخالفة تعليماته (إعلام محلي)

ودعا البنك الحكومة لبذل المزيد من الجهود لتسريع وتيرة الإصلاحات لتجاوز كثير من الاختناقات ومعالجة الاختلالات للمساعدة في مواجهة التحديات القائمة والمقبلة من خلال تعبئة جميع الموارد باستخدام كل الوسائل المتاحة وإعادة ترتيب أولويات الإنفاق بما يتلاءم مع الموارد والتمويل المتاح من مصادر غير تضخمية.

وثمن «المركزي اليمني» مواقف السعودية والإمارات ومساعدتهما اليمن في تجاوز كثير من الاختناقات وتأمين الحد المناسب من الخدمات في ظل توقف أهم مصادر الإيرادات الوطنية منذ أكتوبر (تشرين الأول) عام 2022، وناشد مجلس القيادة الرئاسي والحكومة إسناد البنك وتوفير البيئة المناسبة لتمكينه من القيام بمهامه باستقلالية ومهنية وفقاً للقوانين واللوائح المنظمة لعمله.


تحذيرات من عودة تفشي «السل الرئوي» في اليمن

مبنى البرنامج الوطني لمكافحة السل الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
مبنى البرنامج الوطني لمكافحة السل الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
TT

تحذيرات من عودة تفشي «السل الرئوي» في اليمن

مبنى البرنامج الوطني لمكافحة السل الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
مبنى البرنامج الوطني لمكافحة السل الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)

أبدت مصادر يمنية طبية مخاوفها من عودة تفشي مرض «السل الرئوي»، خصوصاً في صنعاء ومدن أخرى خاضعة للجماعة الحوثية، وذلك بالتوازي مع إعلان منظمة أممية عن رصد عشرات الآلاف من حالات الإصابة.

وتحدثت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، عن ظهور بلاغات وتقارير محلية عدة تشير إلى وجود مئات من حالات الإصابات الجديدة بـ«السل الرئوي» تم تسجيلها في الثلاثة الأشهر الماضية بقرى ومناطق متفرقة خاضعة للحوثيين.

عاملون صحيون يمنيون يقومون بحملات تطعيم ضد أمراض وأوبئة (الأمم المتحدة)

في غضون ذلك، أوضحت منظمة الصحة العالمية أن اليمن لا يزال يعاني من انتشار كبير لمرض «السل الرئوي»، كاشفةً عن أنها رصدت أزيد من 16 ألف حالة إصابة جديدة في عام 2022 لوحده.

ويزداد تفاقم داء «السل الرئوي» وانتشاره بين اليمنيين، بمن فيهم القاطنون في المناطق الريفية، نتيجة عوامل عدة، منها الفقر وسوء التغذية والاكتظاظ المعيشي، وصعوبة الوصول إلى الرعاية الصحية، بفعل استمرار الصراع الدائرة منذ 9 سنوات.

وفي بيان حديث بمناسبة «اليوم العالمي للسل»، الذي يصادف 24 مارس (آذار) من كل عام، أكدت «الصحة العالمية» أن اليمن لا يزال يواجه تحديات كبيرة فيما يخص مكافحة مرض «السل».

10 آلاف حالة

وسط الانهيار المتسارع للقطاع الصحي اليمني جراء الإهمال والفساد، كان برنامج مكافحة السل والأمراض الصدرية الخاضع للحوثيين بصنعاء اعترف بتسجيل أكثر من 10 آلاف و411 حالة إصابة «سل رئوي»، ونحو 450 حالة إصابة أخرى بما يسمى «سل مٌقاوم» للأدوية المتعددة في 2022.

وتصدرت صنعاء العاصمة أعلى القائمة فيما يخص معدل الإصابات بمرض «السل» بتلك الفترة، تلتها حجة في الترتيب الثاني، ثم محافظة الحديدة ثالثاً، وإب في الترتيب الرابع.

وفي حين يعد هذا المرض إحدى المشكلات الصحية الكبيرة في مناطق سيطرة الحوثيين، يقدر البرنامج معدل الإصابة بنحو 48 حالة جديدة لكل 100 ألف من السكان، كاشفاً توقف 75 وحدة لمعالجة مرضى السل، بمديريات صعدة (معقل الجماعة)، وفي 5 محافظات أخرى منها حجة والبيضاء وتعز والجوف وغيرها.

أطفال يمنيون يتلقون اللقاحات على أيدي عاملين صحيين (الأمم المتحدة)

وبينما لفت تقرير البرنامج إلى «فقدان أجهزة طبية ومعدات خاصة ببرنامج مكافحة السل في مناطق عدة»، تحدثت مصادر طبية في صنعاء عن أن تلك الأجهزة والمعدات الطبية وغيرها تمت مصادرتها على يد مسلحي الجماعة الحوثية في أعقاب انقلابها واجتياحها العاصمة ومناطق أخرى.

وكشف تقرير برنامج مكافحة السل الخاضع للجماعة في صنعاء عن توقف العلاج لأزيد من 3 آلاف و600 مريض سل نتيجة نزوحهم من أماكن إقامتهم إلى مناطق أخرى، وحرمان 3 آلاف مصاب بالسل المقاوم للأدوية من التشخيص والعلاج بسبب حالة العجز التي وصل إليها البرنامج المعني بالمكافحة، الأمر الذي جعله غير قادر على تقديم خدماته للمرضى.

ويعد السل مرضاً معدياً يصيب الرئتين، ويسببه بكتيريا تنتقل عن طريق الهواء، ويمكن الشفاء منه والوقاية منه. وتهدف الأمم المتحدة إلى القضاء على وباء السل بحلول عام 2030 ضمن أهداف التنمية المستدامة.

انهيار صحي

تؤكد منظمة الطفولة الأممية «يونيسف» أن النظام الصحي في اليمن يواجه انهياراً بسبب نقص الأدوية والمعدات والموظفين واستمرار انقطاع الرواتب، مما يجعل الوضع كارثياً إذا لم يتم تقديم الدعم اللازم.

ويعاني اليمن منذ سنوات من أعلى معدلات سوء التغذية، كما يواجه نصف الأطفال دون سن الخامسة التقزم المتوسط إلى الشديد، بينما يحتاج أزيد من 20 مليون يمني إلى المساعدة الصحية، بما في ذلك 13 مليوناً من ذوي الاحتياجات الحادة.

يمني مصاب بفشل كلوي يخضع لغسل الكليتين في أحد المراكز الصحية بصنعاء (إ.ب.أ)

وتؤكد الأمم المتحدة، في أحدث تقاريرها، أن اليمن يواجه في الوقت الحاضر تدهوراً كبيراً في الصحة العامة وازدياد هجمات تفشي الأمراض، مثل الحصبة والكوليرا والملاريا وحمى الضنك، مبينة أنه لا يزال هناك 18.2 مليون شخص يمني بحاجة ماسة إلى دعم، ومن المتوقع أن يواجه 17.6 مليون شخص نقصاً حاداً في الأمن الغذائي في 2024.

وكان أطباء وعاملون في برنامج مكافحة السل بصنعاء أكدوا لـ«الشرق الأوسط» أن الحرب المستمرة، وغياب دور مراكز مكافحة السل نتيجة العبث والنهب المتكرر بحقها طوال الأعوام الماضية، ساعدا بشكل كبير في انتشار حالات الإصابة، كاشفين تسجيل البرنامج في ثلاث سنوات ماضية فقط، أكثر من 40 ألفاً و190 حالة في صنعاء و6 محافظات أخرى.


«هجوم سوشيالي» على «كوشنر» بعد دعوته لإخراج الفلسطينيين من غزة

فلسطينيون ينزحون من رفح (إ.ب.أ)
فلسطينيون ينزحون من رفح (إ.ب.أ)
TT

«هجوم سوشيالي» على «كوشنر» بعد دعوته لإخراج الفلسطينيين من غزة

فلسطينيون ينزحون من رفح (إ.ب.أ)
فلسطينيون ينزحون من رفح (إ.ب.أ)

أثارت تصريحات صهر وكبير مستشاري الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، جاريد كوشنر، حول تهجير أهالي غزة إلى صحراء النقب أو مصر، «هجوماً سوشيالياً» على المسؤول الأميركي السابق، بعد انتشار مقاطع فيديو خاصة بمحاضرة ألقاها في جامعة «هارفارد» الشهر الماضي.

وقال كوشنر إن «ممتلكات الواجهة البحرية في غزة يمكن أن تكون ذات قيمة كبيرة... إذا تمكن الناس من التركيز على بناء سبل العيش»، فيما تحدث عن أهمية «أن تبذل قصارى جهدها لنقل الناس من المنطقة وتنظيف القطاع».

واقترح كبير مستشاري الرئيس الأميركي السابق، «تجريف شيء ما في النقب وإخراج أكبر عدد من المدنيين من غزة، وإنشاء منطقة آمنة هناك، ومن ثم الدخول وإنهاء المهمة»؛ في إشارة لرفضه جهود الوساطة من أجل وقف إطلاق النار، معتبراً أنه من خلال «الدبلوماسية الصحيحة قد يكون من الممكن إدخال الفلسطينيين إلى مصر».

ورفضت مصر في أكثر من مناسبة تهجير الفلسطينيين، سواء بالنزوح داخلياً أو بالتهجير خارج أراضيهم، لا سيما الأراضي المصرية في سيناء، مع التأكيد على أن الحل الوحيد للقضية الفلسطينية يكمن في تحقيق السلام الشامل والعادل على أساس حل الدولتين، وفقاً للمرجعيات الدولية المعتمدة.

ولاقت تصريحات كوشنر التي نشرتها وسائل إعلام أميركية مؤخراً من بينها «سي إن إن»، ردود فعل غاضبة عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، وتفاعل معها عدد من الشخصيات العامة من بينهم علاء مبارك نجل الرئيس الأسبق حسني مبارك عبر منصة «إكس».

ووصف مبارك الابن تصريحات المسؤول الأميركي السابق بـ«الصادمة والمستفزة والخسيسة»، وعَدّ كوشنر «مراهقاً سياسياً يتحدث عن فرص استثمارية بغزة في ظل جرائم القتل والتدمير والإبادة الجماعية التي تقوم بها قوات الاحتلال بحق الفلسطينيين».

وأبرز علاء مبارك في حديثه عبر «إكس» تصريحات تلفزيونية للنائب الديمقراطي عن ولاية فيرجينا، جيري كونولي الذي وصف حديث كوشنر بأنه «بغيض لأبعد من الخيال» ويعبر عن «تطهير عرقي»، خاصة مع حديثه عن «استغلال الواجهة البحرية في غزة وكأنها قطعة أرض في ولاية أميركية يريد تطويرها، في حين أن هناك 31 ألف فلسطيني قتلوا».

وشارك حساب باسم الدكتور حسام الدجني عبر «إكس» منتقداً موقف كوشنر، مُعِدّاً أن الحديث يأتي «منفصلاً عن أي منطق وحق إنساني».

فيما انتقد حساب باسم أحمد عادل في تدوينة عبر «إكس» حديث مختلف الأطراف عن غزة، بينما لم يضع الشعب الفلسطيني في الاعتبار عند الحديث عن أرضه.

ويرى الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور أحمد سيد أحمد أن تصريحات كوشنر تعكس «وجود تيار سياسي داخل الولايات المتحدة يرفض الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ويسعى لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم بشكل قسري، عبر استغلال أحداث 7 أكتوبر (تشرين الأول) لتنفيذ المخطط القديم بتفريغ قطاع غزة من السكان وتحويله لمكان لا يمكن العيش فيه، بوصفه جزءاً من مخطط تصفية القضية الفلسطينية وتغيير التركيبة الديموغرافية للسكان».

وأضاف أحمد لـ«الشرق الأوسط» أن مخططات التهجير القسري في نظر القانون الدولي بمثابة «جريمة حرب» ولا يمكن القبول بها تحت أي شكل من الأشكال، وهو الموقف الذي تمسكت به مصر والدول العربية بشكل واضح من اللحظة الأولى، لافتاً إلى أن هذه المخططات التي عبر كوشنر عن جزء منها باتت تبحث اليوم عن مسارات بديلة هدفها الرئيسي تصفية القضية الفلسطينية بإخراج أهالي غزة من أراضيهم.

ووصف حساب باسم إيمي كمال تصريحات كوشنر بـ«الإجرامية المثيرة للاشمئزاز»، مع التنديد بالحديث عن التوطين في سيناء بوصفه «أمراً واقعاً يسهل تحقيقه».


«لحوم الخيول» تعود للواجهة في مصر مع ارتفاع أسعار «البلدي»

أسعار اللحوم البلدية في مصر شهدت ارتفاعات متتالية (الشرق الأوسط)
أسعار اللحوم البلدية في مصر شهدت ارتفاعات متتالية (الشرق الأوسط)
TT

«لحوم الخيول» تعود للواجهة في مصر مع ارتفاع أسعار «البلدي»

أسعار اللحوم البلدية في مصر شهدت ارتفاعات متتالية (الشرق الأوسط)
أسعار اللحوم البلدية في مصر شهدت ارتفاعات متتالية (الشرق الأوسط)

وسط ارتفاع أسعار اللحوم حالياً في مصر، عادت «لحوم الخيول» إلى الواجهة من جديد، لتثير حالة من الجدل والهلع بين المصريين، بعد واقعة القبض على جزارين في إحدى قرى محافظة المنوفية (في دلتا النيل) بتهمة ذبح الخيول وبيع لحومها على أنها لحوم بلدية، حيث لم تكن هي الواقعة الأولى التي تشهدها مصر، بعد أن تكررت وقائع مماثلة خلال الأشهر الماضية.

وشهدت مصر خلال الأشهر الفائتة ارتفاعات متتالية في أسعار اللحوم البلدية الحية والمذبوحة، ليتخطى لحم العجول البقري المذبوحة 400 جنيه (الدولار يساوي 47.40 جنيه مصري).

وتسجل أسعار اللحوم الكندوز ما بين 400 و450 جنيهاً، والجملي ما بين 300 و350 جنيهاً للكيلوغرام. ويشهد شهر رمضان زيادة في أسعار اللحوم تقدَّر بنحو 10 في المائة، متأثرةً بارتفاع وزيادة الطلب على الشراء، حسب شعبة القصابين بالغرفة التجارية بالقاهرة.

وكشفت تفاصيل الواقعة الأخيرة، حسبما نقلت وسائل إعلام محلية، قيام جزارَين باستئجار منزل داخل قرية علام بمدينة قويسنا (57 كم شمال القاهرة)، وإحضار الخيول وذبحها وبيع لحومها، ومع شك أهالي القرية بعد ملاحظاتهم تكرار إحضار الخيول إلى المنزل ثم اختفاءها أبلغوا الشرطة التي تمكنت من ضبط الجزارَين متلبسَين، وأكدا أنهما من القاهرة، مدافعَين عن نفسيهما بأن «ذبح الخيول حلال».

كانت دار الإفتاء المصرية قد أكدت في فتوى سابقة، رداً على البعض المتسائلين، أن أكل لحم الحصان يجوز شرعاً، مؤكدةً أنه لا يوجد في الدين ما ينهى عن أكل لحم الحصان.

ومع ما أثارته الواقعة الأخيرة من اهتمام، إلا أنها لم تكن الأولى من نوعها؛ ففي يوليو (تموز) عام 2022، ضُبط محل جزارة في مدينة الخصوص بمحافظة القليوبية يذبح الخيول ويسلخها ويفرم لحومها ويوزعها على محال بيع الأكلات السريعة، وهي الواقعة التي وصلت إلى البرلمان المصري، حيث تقدم أحد النواب بطلب إحاطة، مطالباً الحكومة بتكليف جميع المحافظين على مستوى الجمهورية بتكثيف حملات التفتيش على مختلف محلات الجزارة والمطاعم للتأكد من سلامة اللحوم والأكل داخل المطاعم.

تلا ذلك في مارس (آذار) 2023 ضبط مواطن أجنبي في مدينة المنصورة كان يبيع لحوم الخيول على أنها لحوم جاموس، وبسعر زهيد، حيث استغل ارتفاع أسعار اللحوم واستطاع أن يجذب الناس إليه ببيع كيلوغرام اللحم بـ160 جنيهاً فقط، فيما كان يباع في الأسواق بما بين 220 و250 جنيهاً.

وفي مايو (أيار) 2023 ألقت الأجهزة الأمنية بمحافظة الجيزة، القبض على جزار داخل محل جزارة بمنطقة الطالبية متلبساً في أثناء قيامه بذبح حصان داخل المحل استعداداً لبيعه للمواطنين على أنه لحوم بلدية، والحصول على أرباح من وراء ذلك، والطريف أن الجزار مارس ذبح الخيول نحو عامين، أوهم خلالها أهالي المنطقة بعمل عروض وتخفيض أسعار اللحوم، وكان دائماً ما يردد: «عشان الغلابة تاكل»!

ومن بعدها في سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، ألقت الأجهزة الأمنية بمدينة بنها، عاصمة محافظة القليوبية، القبض على شخصين في أثناء قيامهما بإنهاء حياة أحد الخيول، حيث تم التحفظ على بقايا لحوم الحصان المضبوط وهيكل عظمي آخر، قبل أن يُخلى سبيلهما بعد ذلك بكفالة مالية.

ويرى رئيس جمعية «مواطنون ضد الغلاء» في مصر، محمود العسقلاني، أن تكرر تلك الوقائع خلال الفترات الماضية يعود إلى الارتفاع الكبير الذي شهدته أسعار اللحوم في مصر بشكل مبالغ فيه على مدار عام مضى، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «قبل عام كان سعر كيلوغرام اللحوم 200 جنيه، لكن الآن يصل إلى ضعف هذه القيمة ويزيد، لذا جاء تكرار وقائع بيع لحم الخيول ردَّ فعل من جانب بعض الجزارين بحثاً عن وسيلة لتحقيق المكسب السريع، حيث يحاولون بطرق ملتوية تقليل التكلفة، لأنه عند زيادة السعر يُحجم الجمهور عن الشراء، مما يعني ضَعف البيع وبالتالي خسارة الجزار، وهو ما دعا بعض الجزارين إلى إغلاق محالهم».

ويلفت العسقلاني إلى أنه في الأغلب تكون الخيول التي يلجأ إليها هؤلاء الجزارون كبيرة في السن أو مريضة، مما يقلل من سعرها ويسلط الضوء أيضاً على خطورة ذلك على صحة المواطنين الذين ينخدعون بشراء تلك اللحوم.

ولتجنب تلك الوقائع، يطالب رئيس «مواطنون ضد الغلاء» الحكومة بالتوسع في طرح اللحوم للجمهور، وكذلك دعم وزارتي التموين والزراعة الجزارين بتوفير رؤوس الماشية لهم بسعر مناسب، حتى لا يُضطر بعضهم إلى اللجوء إلى البدائل.


العليمي: تصعيد الحوثيين بحرياً مزايدة بأوجاع الفلسطينيين

تقول الحكومة اليمنية إن الحوثيين يستغلون الحرب في غزة لتبييض جرائمهم بحق المدنيين (أ.ف.ب)
تقول الحكومة اليمنية إن الحوثيين يستغلون الحرب في غزة لتبييض جرائمهم بحق المدنيين (أ.ف.ب)
TT

العليمي: تصعيد الحوثيين بحرياً مزايدة بأوجاع الفلسطينيين

تقول الحكومة اليمنية إن الحوثيين يستغلون الحرب في غزة لتبييض جرائمهم بحق المدنيين (أ.ف.ب)
تقول الحكومة اليمنية إن الحوثيين يستغلون الحرب في غزة لتبييض جرائمهم بحق المدنيين (أ.ف.ب)

أعلن الجيش الأميركي تدمير أربع طائرات مسيّرة حوثية فوق البحر الأحمر، وذلك في أحدث عملية تصدٍ للهجمات التي تنفذها الجماعة المدعومة من إيران للشهر الخامس على التوالي.

جاء ذلك في وقت وصف فيه رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي تصعيد الجماعة الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن بأنه مجرد مزايدة بأوجاع الشعب الفلسطيني بدعم إيراني، داعياً القوات الأمنية إلى رفع اليقظة تحسباً لأي احتمال.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية في بيان على منصة «إكس» أن قواتها نجحت بين الساعة 2:00 و2:20 صباحاً (بتوقيت صنعاء) في 27 مارس (آذار)، في الاشتباك وتدمير أربع طائرات من دون طيار بعيدة المدى أطلقها «الإرهابيون الحوثيون المدعومون من إيران».

وبحسب البيان، كانت هذه الطائرات من دون طيار تستهدف سفينة حربية أميركية، حيث شاركت السفينة في الدفاع عن النفس فوق البحر الأحمر، ولم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات أو أضرار للسفن الأميركية أو قوات التحالف.

وأضاف البيان أنه «تقرر أن هذه الأسلحة تمثل تهديداً وشيكاً للسفن التجارية وسفن البحرية الأميركية في المنطقة، وأنه يتم اتخاذ هذه الإجراءات لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أماناً».

الإعلان الأميركي عن صد الهجمات جاء قبل ساعات عن عبور سفن حربية روسية عدة مضيق باب المندب إلى البحر الأحمر، حيث نقلت «رويترز» عن الإعلام العسكري الروسي قوله إن الطراد «فارياج» والفرقاطة «مارشال شابوشنيكوف» يشاركان في الرحلة.

وكانت تقارير أفادت بأن الحوثيين أرسلوا تطمينات إلى موسكو وبكين بشأن سلامة سفنهما في البحر الأحمر وخليج عدن؛ وهو الأمر الذي كان الكرملين علق بأنه «لم يسمع عنه شيئاً».

مسيّرة حوثية فوق البحر الأحمر دمّرتها سفينة فرنسية (أ.ف.ب)

وفي ظل التصعيد البحري الحوثي والضربات الغربية المضادة، كان إعلام الجماعة الحوثية، أقرّ، الأربعاء، بتلقي غارة وصفها بالأميركية والبريطانية، استهدفت موقعاً في منطقة القطينات التابعة لمديرية باقم في محافظة صعدة حيث معقل الجماعة.

ولم يتبن الجيش الأميركي على الفور تنفيذ الغارة، إلا أنه يشنّ منذ 12 يناير (كانون الثاني) ضربات شبه يومية للحد من قدرات الحوثيين، إلى جانب عمليات التصدي للهجمات التي يشارك فيها الأوروبيون.

وتأمل الولايات المتحدة أن تقود جهودها إلى تحجيم قدرة الجماعة الحوثية وحماية السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، حيث تشن الجماعة منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن، وهدّدت بتوسيعها إلى المحيط الهندي في سياق مزاعمها بأنها تساند الفلسطينيين في غزة من خلال منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، وكذا السفن الأميركية والبريطانية.

وأُصيبت 16 سفينة على الأقل، خلال الهجمات الحوثية، إلى جانب قرصنة «غالاكسي ليدر» واحتجاز طاقمها حتى الآن، وتسببت إحدى الهجمات، في 18 فبراير (شباط) الماضي، في غرق السفينة البريطانية «روبيمار» بالبحر الأحمر بالتدريج.

كما تسبّب هجوم صاروخي حوثي في السادس من مارس الحالي في مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس».

يتخوف اليمنيون من عودة الحرب في ظل جمود عملية السلام (رويترز)

وتبنّت الجماعة حتى الآن مهاجمة نحو 80 سفينة. في حين أطلقت واشنطن تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمّته «حارس الازدهار»؛ لحماية الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض.

ويشارك الاتحاد الأوروبي - من جهته – في التصدي للهجمات عبر مهمة «أسبيدس»، التي أطلقها في منتصف فبراير الماضي، وتشارك فيها فرنسا، وألمانيا، وهولندا، وإيطاليا واليونان، دون شنّ ضربات على الأرض، كما تفعل الولايات المتحدة وبريطانيا.

ومنذ تدخل الولايات المتحدة عسكرياً، نفذت، مئات الغارات على الأرض؛ أملاً في تحجيم قدرات الحوثيين العسكرية، أو لمنع هجمات بحرية وشيكة. وشاركتها بريطانيا في 4 موجات من الضربات الواسعة.

رفع اليقظة الأمنية

على وقع تصعيد الحوثيين البحري، عقد رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي في عدن اجتماعاً موسعاً بقيادة وزارة الداخلية ورؤساء المصالح الأمنية ومديري عموم الشرطة في المحافظات، داعياً إلى رفع اليقظة لمواجهة أي احتمالات.

وأشار العليمي إلى أن اللقاء مع قادته الأمنيين يأتي وسط ظروف محلية وإقليمية معقدة وغير مسبوقة، حيث يواجه اليمن تحديداً أكثر من غيره من البلدان، انعكاسات أمنية واقتصادية خطيرة مع استمرار تصعيد الحوثيين على مختلف الجبهات، أو من خلال تداعيات هجماتهم التي وصفها بـ«الإرهابية» على المنشآت النفطية والأمن البحري.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مجتمعاً في عدن مع القادة الأمنيين (سبأ)

ونقل الإعلام الرسمي عن رئيس مجلس الحكم اليمني قوله: «إن التداعيات الاقتصادية على الأوضاع الإنسانية، ضاعفت من عبء المؤسسة الأمنية في حماية السلم الاجتماعي؛ لأنه كلما توافرت الظروف المعيشية المعقولة للمواطنين، انعكس ذلك في سلوكيات المجتمع، واهتماماته، وبالتالي تحسين أمنه وفرص رقيه وتقدمه».

وأوضح العليمي أن الموقف الرئاسي والحكومي كان منحازاً على الدوام إلى جانب مصالح الشعب اليمني، وتخفيف معاناته وتحسين ظروفه المعيشية، «بينما اختارت الميليشيات الحوثية الذهاب إلى تصعيد جديد عبر البحار والمزايدة بأوجاع الشعب الفلسطيني بغطاء ودعم من النظام الإيراني».

وأضاف: «حين نتحدث عن هذه الانعكاسات المدمرة للتطورات الإقليمية فإنما نشير أيضاً إلى التهديدات الإرهابية المتزايدة في الداخل المتمخضة عن هذه المزايدة والتعبئة المفضوحة باسم القضية الفلسطينية العادلة».

وفي حين شدد العليمي على أن فرص استقرار العمل من الداخل مرهون دائماً بدور المؤسسة الأمنية والأجهزة الاستخبارية المختلفة، دعا إلى رفع اليقظة الدائمة تحسبا لأي تهديدات.

وقال إن الرهان على المؤسسة الأمنية: «لن يتزعزع لإحداث الفارق في إطار مجتمعاتنا المحلية وفي سياق معركتنا المركزية لاستعادة مؤسسات الدولة، وإنهاء انقلاب الميليشيات الإرهابية».


مصر تكشف موعد عمل «الضبعة النووية»

تركيب مصيدة قلب المفاعل في نوفمبر الماضي (هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء في مصر)
تركيب مصيدة قلب المفاعل في نوفمبر الماضي (هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء في مصر)
TT

مصر تكشف موعد عمل «الضبعة النووية»

تركيب مصيدة قلب المفاعل في نوفمبر الماضي (هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء في مصر)
تركيب مصيدة قلب المفاعل في نوفمبر الماضي (هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء في مصر)

كشفت مصر عن موعد تشغيل أول محطة نووية، تدشنها في مدينة الضبعة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، بالتعاون مع روسيا.

وقال الدكتور أمجد الوكيل، رئيس هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء في مصر، في تصريحات له، نشرت (الخميس)، إن التشغيل التجريبي للمفاعل الأول بالمحطة سيبدأ خلال النصف الثاني من 2027، بينما ينتظر أن يبدأ التشغيل التجاري للمفاعل في سبتمبر (أيلول) 2028، على أن يتبعه تدشين باقي وحدات المفاعل.

وتتألف «محطة الضبعة» من 4 مفاعلات نووية، قدرة الواحد منها 1200 ميغاواط، بإجمالي قدرة 4800 ميغاواط.

وأوضح الوكيل، على هامش منتدى «Atom expo 2024» الذي يعقد في مدينة سوتشي بروسيا الاتحادية، أن المشروع سيوفر بين 7.2 و7.7 مليار متر مكعب غاز سنوياً عقب تشغيل كامل وحدات المحطة النووية.

وأشار المسؤول المصري إلى أن من عقود مشروع محطة الضبعة النووية المبرمة مع الجانب الروسي عقد التعامل مع الوقود النووي المستنفد، الذي بموجبه سيتم تخزين الوقود النووي في حاويات خاصة لذلك، والتي تصل مدة التخزين بها لأكثر من 60 عاماً.

وكانت مصر، وقّعت في عام 2015، مع شركة «روساتوم» الحكومية الروسية اتفاق تعاون لإنشاء المحطة بتكلفة تبلغ 25 مليار دولار، قدمتها موسكو قرضاً حكومياً ميسّراً للقاهرة. وفي ديسمبر (كانون الأول) 2017 وقّع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، الاتفاقات النهائية لبناء محطة الضبعة خلال زيارة الرئيس الروسي العاصمة المصرية.

وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، شهد السيسي وبوتين، مراسم صب الهيكل الخرساني لوحدة الكهرباء بمحطة الضبعة، عبر شبكة «الفيديو كونفرنس».


«اليونيفيل» قلقه إزاء تصاعد أعمال العنف عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية

دورية لقوات «اليونيفيل» قرب الحدود مع إسرائيل (رويترز)
دورية لقوات «اليونيفيل» قرب الحدود مع إسرائيل (رويترز)
TT

«اليونيفيل» قلقه إزاء تصاعد أعمال العنف عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية

دورية لقوات «اليونيفيل» قرب الحدود مع إسرائيل (رويترز)
دورية لقوات «اليونيفيل» قرب الحدود مع إسرائيل (رويترز)

عبرت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان «اليونيفيل»، اليوم الخميس، عن قلقها البالغ إزاء تصاعد أعمال العنف عبر الخط الأزرق، مما أودى بحياة عدد كبير من المدنيين.

وحثت «اليونيفيل»، عبر منصة «إكس»، جميع الأطراف على وقف التصعيد على الفور، و«بدء العمل نحو حل سياسي ودبلوماسي مستدام».

وأكدت القوة التابعة للأمم المتحدة أنها على استعداد لدعم هذه العملية بأي طريقة، بما في ذلك من خلال عقد «اجتماع ثلاثي، بناء على طلب الأطراف».

ووفق «وكالة أنباء العالم العربي»، في وقت سابق، اليوم، أفادت وزارة الخارجية اللبنانية بأن بعثة لبنان لدى الأمم المتحدة ستقدم شكوى إلى مجلس الأمن ضد «المجازر» الإسرائيلية في قرى الجنوب، ولا سيما الهبارية والناقورة وبعلبك، والتي راح ضحيتها أكثر من 18 شخصاً بين مدنيين ومسعفين، خلال أيام.

ويتبادل الجيش الإسرائيلي وجماعة «حزب الله» اللبنانية القصف، بشكل شبه يومي منذ اندلاع الحرب بقطاع غزة، في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

في السياق ذاته، قال المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي إن «استعادة الهدوء على طول الحدود أمر في غاية الأهمية بالنسبة للرئيس بايدن وللإدارة، ونعتقد أن ذلك يجب أن يكون أيضا الأولوية القصوى لكل من لبنان وإسرائيل».


«الأمم المتحدة» تندد بالهجمات «غير المقبولة» على العاملين الصحيين في جنوب لبنان

قلق أممي بشأن الهجمات المتكررة على المرافق الصحية والعاملين الصحيين الذين يخاطرون بحياتهم لتقديم المساعدة في لبنان (إ.ب.أ)
قلق أممي بشأن الهجمات المتكررة على المرافق الصحية والعاملين الصحيين الذين يخاطرون بحياتهم لتقديم المساعدة في لبنان (إ.ب.أ)
TT

«الأمم المتحدة» تندد بالهجمات «غير المقبولة» على العاملين الصحيين في جنوب لبنان

قلق أممي بشأن الهجمات المتكررة على المرافق الصحية والعاملين الصحيين الذين يخاطرون بحياتهم لتقديم المساعدة في لبنان (إ.ب.أ)
قلق أممي بشأن الهجمات المتكررة على المرافق الصحية والعاملين الصحيين الذين يخاطرون بحياتهم لتقديم المساعدة في لبنان (إ.ب.أ)

أعربت «الأمم المتحدة»، اليوم (الخميس)، عن قلقها جرّاء الهجمات المتكررة و«غير المقبولة» على المرافق الصحية والعاملين الصحيين الذين يخاطرون بحياتهم في جنوب لبنان، وذلك غداة مقتل 10 مسعفين في غارات إسرائيلية.

وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، قال منسق «الأمم المتحدة» للشؤون الإنسانية في لبنان، عمران ريزا، في بيان: «أدت الأحداث المروعة التي وقعت خلال الـ36 ساعة الماضية إلى خسائر كبيرة»، مضيفاً: «قُتل ما لا يقل عن 11 مدنياً في يوم واحد، من بينهم 10 مسعفين».

وتابع: «أشعر بقلق بالغ بشأن الهجمات المتكررة على المرافق الصحية والعاملين الصحيين الذين يخاطرون بحياتهم لتقديم المساعدة الطارئة لمجتمعاتهم المحلية».

مساء الأربعاء، نعى «حزب الله» 4 من مقاتليه واثنين من مسعفي «الهيئة الصحية الإسلامية» التابعة له، فيما نعت «حركة أمل» اثنين من عناصرها، بينهم مسعف في «جمعية كشافة الرسالة الإسلامية» المرتبطة بها، قضوا في ضربات على بلدَتي الناقورة وطير حرفا.

وأعلن «حزب الله» اللبناني قصف مدينتَي غورن وشلومي الإسرائيليتين «بالأسلحة الصاروخية والمدفعية» رداً على «اعتداءات العدو الإسرائيلي المدنية، خصوصاً مجزرة الناقورة، والاعتداء على بلدة طير حرفا والطواقم الطبية فيها».

وقضى 7 مسعفين آخرين، ليل الثلاثاء - الأربعاء، في غارة إسرائيلية على مركز إسعافي تابع لـ«الجماعة الإسلامية» في بلدة الهبّارية، جنوب لبنان.

ولعديد من الأحزاب والفصائل في لبنان جمعيات صحية وإسعافية تابعة لها.

وأشار ريزا إلى أن «الهجمات على مرافق الرعاية الصحية تنتهك القانون الإنساني الدولي، وهي غير مقبولة».

ويجري قصف متبادل بشكل شبه يومي عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية بين «حزب الله» اللبناني، حليف «حماس»، والجيش الإسرائيلي، منذ اندلاع الحرب بين الدولة العبرية والحركة الفلسطينية في قطاع غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول).

وتشنّ إسرائيل منذ أسابيع غارات جوّية أكثر عمقاً داخل الأراضي اللبنانيّة تستهدف مواقع لـ«حزب الله»، ما يزيد المخاوف من اندلاع حرب مفتوحة.

وذكّر المسؤول الأممي بأن قواعد الحرب تشمل «حماية المدنيين، بمن فيهم العاملون في مجال الرعاية الصحية».

وشدّد على ضرورة «حماية البنية التحتية المدنية، بما في ذلك المرافق الصحية».

ومنذ بداية تبادل القصف بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي، قُتل في لبنان 346 شخصاً على الأقلّ، معظمهم مقاتلون في «حزب الله»، إضافة إلى 68 مدنياً، بحسب حصيلة أعدّتها وكالة الصحافة الفرنسية استناداً إلى بيانات الحزب ومصادر رسمية لبنانية.