الشرطة الجزائرية تحتجز المتظاهرين الأكثر تشدداً ضد قائد الجيش

حراك الجمعة الـ27 تزامن مع سجن أحد أبرز وجوه «النظام البوتفليقي»

محتجون في مواجهة الشرطة في العاصمة الجزائر أمس (أ.ف.ب)
محتجون في مواجهة الشرطة في العاصمة الجزائر أمس (أ.ف.ب)
TT

الشرطة الجزائرية تحتجز المتظاهرين الأكثر تشدداً ضد قائد الجيش

محتجون في مواجهة الشرطة في العاصمة الجزائر أمس (أ.ف.ب)
محتجون في مواجهة الشرطة في العاصمة الجزائر أمس (أ.ف.ب)

«الشعب يريد الاستقلال» و«راهو جاي راهو جاي... العصيان المدني»، و«أطلقوا سراح الجزائر»، ثلاثة شعارات رددها بمدن الجزائر، أمس، آلاف المتظاهرين بمناسبة «جمعة الحراك الـ27»، التي تزامنت مع سجن أحد أبرز وجوه «النظام البوتفليقي»، وزير العدل سابقاً، الطيب لوح، الذي حمَّله المحتجون مسؤولية وفاة الصحافي محمد تامالت عام 2016، ومناضل حقوق الإنسان الطبيب كمال الدين فخار، نهاية مايو (أيار) الماضي، وكلاهما مات متأثراً بإضراب عن الطعام في السجن خلال فترة تولي لوح شؤون القضاء.
من «ساحة موريس أودان» بقلب العاصمة، إلى سطيف، كبرى مدن شرق البلاد، من حيث الكثافة السكانية، إلى بجاية «القلب النابض» بمنطقة القبائل، وحتى تلمسان بأقصى الغرب وتمنراست بأقصى الجنوب، جدد آلاف الجزائريين تمسكهم بمطلبهم الأساسي الذي خرجوا من أجله يوم 22 فبراير (شباط) الماضي، وهو تغيير النظام بكامله.
وتصدر «راهو جاي العصيان المدني» (العصيان ضد سلطة الدولة آت)، شعارات المظاهرات للأسبوع الثالث على التوالي، وهو تعبير عن نفاد صبر المتظاهرين حيال السلطة التي ترفض مطالبهم، وتمارس شتى أنواع التضييق عليهم في الساحات العامة، وتعتقلهم، وتضغط على وسائل الإعلام لمنعها من تغطية المظاهرات.
ورفع شعار بالغ التعبير بهذا الخصوص، إذ كتب على لافتة كبيرة مصنوعة من قماش: «صوتك الذي لا يصل إلى التلفاز، كيف تريده أن يصل إلى الصندوق؟!». ويحيل ذلك إلى رغبة السلطة في تنظيم انتخابات رئاسية في أقرب وقت، بينما يرفض المتظاهرون ذلك خوفاً من التزوير، فيفرز لهم الصندوق «بوتفليقة جديداً»، بحسب تعبير أحد المتظاهرين.
ويقصد بـ«العصيان المدني» التمرد على الحكومة، وقد يأخذ ذلك أشكالاً كثيرة كالتوقف عن العمل في قطاعات النشاط الحكومي، ورفض تسديد فواتير الكهرباء والماء والهاتف. وطرحت هذه الفكرة لأول مرة، أيام الصراع الحاد بين «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» والحكومة، وذلك مطلع تسعينات القرن الماضي، وتطور إلى اندلاع حرب أهلية ما زالت البلاد تعيش تداعياتها إلى اليوم.
وشهدت المسيرة الشعبية بالعاصمة مراقبة شديدة من طرف الشرطة، التي نشرت المئات من شاحناتها بالطرق والشوارع الرئيسية، ما ضيَّق الأماكن على المتظاهرين. ولوحظ «تسلل» رجال أمن بزي مدني وسط المتظاهرين، وكانوا من حين لآخر «يخطفون» أكثر الشباب حماسة وتشدداً ضد قائد الجيش الجنرال قايد صالح، وذلك لمنعهم من «تسخين» الحراك وقطع صلتهم ببقية المتظاهرين، وتم اقتيادهم إلى مراكز الأمن بالعاصمة، حيث احتُجِزوا إلى نهاية اليوم وأُطلِق سراح أغلبهم. يُشار إلى أن العشرات من المتظاهرين يوجدون في السجن بتهم كثيرة، منها «تهديد الوحدة الوطنية» (بسبب رفع الراية الأمازيغية)، و«إهانة هيئة نظامية» (التهجم على الجنرال صالح خلال المظاهرات).
ونال كريم يونس رئيس «هيئة الوساطة والحوار»، النصيب الأكبر من الشعارات المعادية للسلطة؛ فقد اتهمه المتظاهرون بالعاصمة، وبجاية (شرق) التي يتحدر منها، بـ«محاولة إنقاذ النظام» على أساس أنه انخرط في أجندة قائد الجيش، الذي يبحث عن تنظيم رئاسية بأسرع ما يمكن.
وكتب ناصر الدين سعدي صحافي صاحب تجربة مهنية طويلة، وهو ناشط بالحراك منذ بدايته، حول أوضاع الحراك، أمس، بالعاصمة: «الشرطة هكذا منذ بداية الحراك السلمي؛ في الصباح حين يكون عدد الحراكيين قليلاً تتعثر وتستفز وتفتش وتراقب الوثائق... إلخ، ولكن عندما تأتي الحشود تبقى على الجانب، ومنذ عشر جمعات صارت تحتل المكان شيئاً فشيئاً من النفق الجامعي إلى منصة البريد المركزي إلى ساحة أودان، إلى الأنهج المحاذية للجامعة المركزية إلى إغلاق الأرصفة التي تتوفر على الظل... لتقليص مساحة التجمع. اليوم (أمس) يبدو أن الشرطة تلقت أوامر بافتعال الصدام، لكن أعتقد أن الشباب لن يسقط في شرك النظام. عشريني قال لزميل من تربه في إحدى الجمعات الأخيرة: (هم عصابة يستفزوننا كي نرد، وتحدث الفوضى، ويبرروا حالة الطوارئ، ما يهمهم هو أن يتحكموا في أموال الدولة. لا تهمهم أنت ولا أنا ولا البلد، عندهم كنز يغرفون منه، المهم بالنسبة لهم أن يستمر هذا)».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.