افتتاح «فخر المسلمين»... أكبر مساجد أوروبا في الشيشان

الرئيس قديروف يشيد بمواقف السعودية الداعمة لوحدة الصف الإسلامي ونشر الوسطية والاعتدال

د. يوسف العثيمين خلال إلقائه كلمته في حفل افتتاح المسجد أمس (الشرق الأوسط)
د. يوسف العثيمين خلال إلقائه كلمته في حفل افتتاح المسجد أمس (الشرق الأوسط)
TT

افتتاح «فخر المسلمين»... أكبر مساجد أوروبا في الشيشان

د. يوسف العثيمين خلال إلقائه كلمته في حفل افتتاح المسجد أمس (الشرق الأوسط)
د. يوسف العثيمين خلال إلقائه كلمته في حفل افتتاح المسجد أمس (الشرق الأوسط)

افتتح في جمهورية الشيشان، أمس، أكبر جامع بأوروبا، والذي سُمّي «فخر المسلمين»، بحضور ممثلي ملوك ورؤساء الدول الإسلامية، وجمع غفير من كبار العلماء، وعدد من الوزراء وآلاف المصلين. وبالمناسبة أكد الرئيس الشيشاني رمضان أحمدوفيتش قديروف أن مشاركة المملكة العربية السعودية في افتتاح الجامع، تأتي في إطار حرص خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، على المشاركة الفاعلة في جميع المناسبات الدينية والمحافل الدولية، انطلاقاً من رسالة المملكة السامية في خدمة الإسلام والمسلمين، وتجسيداً لدورها في دعم كل عمل يسهم في جمع الصف الإسلامي.
كما أشار الرئيس الشيشاني إلى أن مشاركة المملكة تأتي أيضاً لتأكيد العلاقات والروابط الأخوية بين البلدين، والتي تقوم على أساس متين من رابطة الدين والأخوة الإسلامية، مشيداً بمواقف المملكة الداعمة لمختلف القضايا التي تجمع الصف الإسلامي، وتنشر الوسطية والاعتدال، وتحارب كل أشكال العنف والتطرف والإرهاب، مبيناً أن الجامع سيحمل رسالة المحبة والسلام، ونشر قيم وسماحة الإسلام، بعيداً عن كل أشكال العنف والتطرف والإرهاب، التي تنافي تعاليم الدين الإسلامي.
وقدم الرئيس رمضان قديروف التهنئة لقيادة المملكة، بنجاح موسم الحج لهذا العام، والذي كان استثنائياً، لافتاً النظر إلى أن الدور الذي تقوم به المملكة في رعاية الحرمين الشريفين دور مشكور، ومحل تقدير من جميع المسلمين بالعالم، سائلاً الله - تعالى - أن يجمع كلمة المسلمين على الخير والمحبة، وأن يتقبل من الحجاج حجهم وصالح أعمالهم.
ورحب الرئيس الشيشاني بالشيخ الدكتور عبد اللطيف آل الشيخ، وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد السعودي، الذي يرأس وفد المملكة المشارك في افتتاح أكبر المساجد في أوروبا. كما شكر جميع الوفود المشاركة من مختلف الدول العربية والإسلامية في مراسم الافتتاح.
من جانبه، ثمَّن وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد السعودي، ما قامت به جمهورية الشيشان من بناء هذا المسجد الكبير، الذي يعـد معلماً من معالم أوروبا، والذي سيكون منارة هدى ونور، تنشر تعاليم الإسلام الصحيح الوسطي.
من جهته، نوه الدكتور يوسف العثيمين، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، في كلمته خلال افتتاح الجامع، بالرعاية والعناية بالمساجد، لخدمة المسلمين في أداء شعائرهم بكل راحة، متطلعاً إلى أن تكون المساجد دائماً صوتاً للاعتدال والحكمة ومكافحة التطرف والغلو والإرهاب؛ لافتاً إلى أن منظمة التعاون الإسلامي تثمن عالياً خدمة الدول الإسلامية للمساجد والمصلين.
من جانبه، وصف مستشار الرئيس الشيشاني المفتي العام لجمهورية الشيشان الشيخ صلاح ميجييف، مشاركة المملكة في افتتاح أكبر جامع في أوروبا، بالعمل المبارك والمعهود للمملكة وقيادتها، التي دأبت على دعم ومساندة وتشجيع كل عمل إسلامي رشيد، مشيراً إلى أن ذلك تأكيد لرسالتها العالمية والريادية في خدمة الإسلام ونشر الوسطية والاعتدال، مؤكداً أن مشاركة المملكة هي محل تقدير واعتزاز من مختلف أطياف الشعب الشيشاني، الذي يكن لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين محبة خاصة وتقديراً كبيراً، نظير خدماتهما للإسلام والمسلمين بالعالم.
وبطلب من الرئيس الشيشاني، ألقى الشيخ الدكتور محمد العيسي أمين عام رابطة العالم الإسلامي، أول خطبة جمعة في المسجد؛ حيث تحدث خلالها عن فضل عمارة المساجد، مؤكداً أن المساجد منصات وعي لإرشاد الأمة وتبصيرها من على منابرها، مشدداً على أهمية عدد من القضايا في حياة الأمة، ولا سيما شبابها، وأنها تتطلب من العلماء الراسخين الأخذ بأيديهم، وتبصيرهم، ومعالجة حيرتهم.
وأشاد الشيخ العيسى في الخطبة بحضور الرئيس الشيشاني لمؤتمر وثيقة مكة المكرمة، تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في رمضان الماضي، والتي صادق عليها أكثر من 1200 مفتٍ وعالم، اجتمعوا عليها في رحاب مرجعية الأمة الإسلامية؛ حيث القبلة الجامعة مكة المكرمة.
كما طلب مفتي جمهورية الشيشان الشيخ صالح ميجييف، من الشيخ الدكتور محمد العيسي، أن يلقي كلمة الختام لحفل التدشين، بعد أن أدى الجميع صلاة الجمعة.
ويمثل بناء جامع «فخر المسلمين» بتصميمه، فن العمارة الإسلامية، وتم بناؤه على أعلى المستويات المعمارية. ويتكون الجامع من طابقين، وتصل قدرته الاستيعابية إلى 20 ألف مصلٍّ في الداخل، ونحو 100 ألف مصلٍّ في الخارج، كما يضم مساحات خضراء واسعة على جوانبه. وحضر افتتاح الجامع أمس وفود كبيرة من العالم الإسلامي.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».