عرب و عجم

عرب و عجم
TT

عرب و عجم

عرب و عجم

> تركي بن محمد الماضي، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى جمهورية الصين الشعبية، حضر حفل إشهار «مشروع النشر الصيني السعودي... مكتبة الصداقة الصينية السعودية»، وتدشين ثلاثة كتب من الأدب الكلاسيكي السعودي إلى اللغة الصينية، الذي أقامته دار نشر جامعة بكين لإعداد المعلمين، بالتعاون مع مركز البحوث والتواصل المعرفي بالرياض، وقسم اللغة العربية في جامعة بكين للدراسات الأجنبية. وأكد السفير السعودي دعم السفارة لكل الأعمال الثقافية المشتركة، وكل الاتفاقيات بين المؤسسات المعرفية والعلمية في البلدين.
> علي بن محمد الرميحي، وزير شؤون الإعلام بالبحرين، استقبل جستن هيكس سيبريل، سفير الولايات المتحدة الأميركية في المنامة. واستعرض الرميحي مع السفير الأميركي العلاقات الثنائية التاريخية بين البلدين الصديقين، والسبل الكفيلة بتعزيزها وتطويرها في مختلف المجالات، مؤكداً حرص مملكة البحرين على الارتقاء بالعلاقات لآفاق أرحب من التعاون، والتنسيق المشترك لما فيه خير وصالح البلدين وشعبيهما الصديقين، فيما شدد السفير على حرص حكومة بلاده على تعزيز علاقات التعاون الثنائي، وتطويرها على الأصعدة كافة.
> رودريك دراموند سلم نسخة من أوراق اعتماده سفيراً للمملكة المتحدة في المنامة إلى الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، وزير الخارجية البحريني. وعبر السفير عن اعتزازه بلقاء وزير الخارجية، منوهاً بالعلاقات الثنائية المتميزة التي تجمع بين مملكة البحرين والمملكة المتحدة، ومؤكداً أنه سيبذل قصارى جهده للدفع بهذه العلاقات نحو آفاق أرحب، ومتمنياً لمملكة البحرين دوام التقدم والازدهار، فيما شدد الوزير على اهتمام المملكة بتعزيز العمل الثنائي مع المملكة المتحدة على مختلف المستويات.
> الدكتور محمد عفيفي القوصي، الخبير المصري، صدر قرار جمهوري بتعيينه رئيساً تنفيذياً لوكالة الفضاء المصرية. وكان القوصي قد أشرف على إطلاق أول قمر صناعي لمصر عام 2007، وشارك في وضع قانون إنشاء وكالة الفضاء المصرية، واللائحة التنفيذية الخاصة بها، فضلاً عن وضع مشروع قانون الفضاء المصري، ومشروع إنشاء مركز تجميع واختبار الأقمار الصناعية بالمدينة الفضائية بالقاهرة الجديدة، التي تم التخطيط المبدئي لها لتحتوي على كل الأنشطة الفضائية بمصر.
> سعيد هندام، سفير مصر لدى التشيك، شارك في إطلاق معرض تصويري بالمتحف الوطني التشيكي حول حياة الملك «توت عنخ آمون» ومقبرته، بداية من اكتشاف عالم الآثار هاورد كارتر للمقبرة 1922، مع مؤثرات تصويرية لفترة حكم الملك، تشرح هذه الحقبة من التاريخ الفرعوني. وشكر السفير المتحف الوطني التشيكي على الاهتمام بالآثار المصرية، حيث تأتى هذه الفعالية ضمن سلسلة من الأعمال تتم بالتعاون بين السفارة والمتحف، ومن المقرر تتويجها في يوليو (تموز) 2020 بمعرض للآثار المصرية المكتشفة بمنطقة أبو صير.
> عاطف الطراونة، رئيس مجلس النواب الأردني، التقى في دار مجلس النواب السفيرَ الإماراتي في عمان، أحمد علي محمد البلوشي. وأكد الطراونة أن ما يربط الأردن والإمارات من علاقات أخوة صادقة ومتينة يبعث دوماً على الفخر والاعتزاز بهذا المستوى من الثقة والاحترام المتبادلين، والتنسيق والتشاور المستمر بين قيادتي البلدين، معرباً عن تقدير الأردن عالياً للإمارات، بقيادة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، على دعمها المستمر للأردن في مختلف المجالات.
> محمد شقير، وزير الاتصالات اللبناني، استقبل سفير لبنان لدى غانا، ماهر الخير، وبحث معه أوضاع الجالية، وسبل تنمية العلاقات الاقتصادية بين لبنان وغانا. ورحب الوزير شقير بالسفير الخير، مؤكداً «اهتمام لبنان، بقطاعيه العام والخاص، بتنمية العلاقات الاقتصادية مع غانا، خصوصاً أن هذا البلد الصديق يحتضن جالية لبنانية كبيرة وعريقة، وبإمكانها - بالتعاون مع السفير الخير - المساهمة بشكل فاعل في تحقيق تقدم فعلي على مسار تعزيز التعاون الاقتصادي الثنائي».
> عمرو معوض، سفير مصر لدى إندونيسيا، والدكتورة منال عوض، محافظ دمياط، استقبلهما محافظ جزيرة بالي الإندونيسية، بناءً على دعوة الأخير، حيث تناول اللقاء سُبل تعزيز العلاقات بين الجانبين. وجدد السفير معوض الدعوة الموجهة إلى محافظ بالي لزيارة مدينة شرم الشيخ، تمهيداً للتوقيع على اتفاقية تآخٍ بين المدينتين السياحيتين، مُشيداً بمستوى العلاقات المُتميزة بين الدولتين، وحرصهما على الاستمرار في تعزيز وتطوير تلك العلاقات.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)