وزارة المالية الروسية تعتزم زيادة الضرائب على القطاع النفطي

شكوك حول التقديرات الرسمية لحصة الخام في إيرادات الميزانية

TT

وزارة المالية الروسية تعتزم زيادة الضرائب على القطاع النفطي

أكدت وزارة المالية الروسية «تسريبات» حول عزمها زيادة الضرائب على قطاع الإنتاج النفطي، وبررت ذلك بالحاجة إلى التعويض عن «إيرادات» لن تُحَصِلها الميزانية بسبب منح تسهيلات ضريبية إضافية لمشروع إنتاج نفطي.
في غضون ذلك كشفت دراسة أعدتها صحيفة «آر بي كا» عن مدى ارتباط إيرادات الميزانية بقطاعي النفط والغاز، وقالت إن الزيادة التي أعلنتها الحكومة على إيرادات القطاعات غير النفطية، هي في الواقع عائدات مصدرها ضرائب على القطاع النفطي.
وكانت صحيفة «كوميرسانت» الروسية قالت إن وزارة المالية قد تزيد العبء الضريبي على القطاع النفطي، وأضافت، نقلا عن مصادر مطلعة، أن الوزارة تسعى عبر هذه الخطوة إلى التعويض عن إيرادات قيمتها بـ600 مليار روبل (نحو 9 مليارات دولار) لن تحصلها الميزانية، نتيجة منح تسهيلات ضريبية لمشروع الإنتاج في حقل «بريوبسك»، الذي تنفذه «روسنفت» و«غاز بروم نفط». ويوم أمس أكدت الوزارة تلك الأنباء، ونقلت وكالة «تاس» عن أليكسي سازانوف، مدير دائرة السياسات الضريبية والجمركية في الوزارة قوله: «أجل هذا اقتراح تقدمنا به»، موضحا أنه «يتصل حصرياً بقرار منح تسهيلات ضريبية جديدة لحقل بريوبسك، تصل قيمتها نحو 60 مليار روبل سنوياً، مع سعر 55 - 60 دولارا لبرميل النفط في السوق العالمية».
وقال إن «هذه الإيرادات (600 مليار روبل) مُدرجة بالفعل ضمن فقرات الأنفاق المقررة في الميزانية لتمويل المشروعات القومية، ولا يمكننا التخلي عنها.
لا بد من التعويض عنها حتى نتمكن من توفير التمويل الضروري لتنفيذ كامل فقرات الأنفاق المعتمدة في الميزانية»، لذلك «تبحث الوزارة عن مصدر للتعويض عن تلك الإيرادات، وضريبة استخراج الخامات واحد من مصادر التعويض المحتملة»، على حد قول سازانوف، الذي أشار إلى أن الإيرادات التي ستسقط، أي لن يتم تحصيلها نتيجة دعم حقل بريوبسك موزعة بين 28 مليار روبل لن يحصلها صندوق الرفاه الوطني، و32 مليار روبل لن تحصلها الميزانية.
وقال إن تراجع الإنتاج في القطاع النفطي بشكل عام غير مُدرج ضمن توقعات وزارة المالية، وبالتالي لا تتوقع الميزانية تراجع عائدات الإنتاج خلال السنوات القادمة.
وشككت صحيفة «آر بي كا» الروسية في تقديرات وزارة المالية لحصة عائدات النفط والغاز في دخل الميزانية، وقالت إن بيانات الوزارة عن العام 2018 تشير إلى أن تلك العائدات شكلت 46.3 في المائة من إجمالي دخل الميزانية الفيدرالية، وخلال الفترة من يناير (كانون الثاني) وحتى يوليو (تموز) 2019 شكلت 41.7 في المائة من إجمالي دخل الميزانية، أو ما يعادل 4.78 تريليون روبل.
وترى الصحيفة أن تلك التقديرات الرسمية غير دقيقة لأن «تقديرات وزارة المالية لا تشمل الإيرادات العامة من صناعة النفط والغاز. وعلى سبيل المثال لا تشمل الضريبة على أرباح القطاع النفطي، أو ضريبة القيمة المضافة على هذه الصناعات».
وبعد إضافة تلك الضرائب على إيرادات النفط والغاز خلصت «آر بي كا» إلى أن تقديرات الوزارة أقل بنحو 17 في المائة من الحجم الفعلي لإيرادات القطاعين خلال العام 2018، وتوقفت بعد ذلك عند تصريحات وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف، التي أشار فيها إلى زيادة أعلى من التوقعات لإيرادات القطاعات غير النفطية، وأكد أنها وفق فقرات ميزانية 2019 كانت أعلى من إيرادات قطاعي النفط والغاز. ورأت الصحيفة الروسية أن 165.6 مليار روبل، قيمة الزيادة في إيرادات القطاعات غير النفطية، مصدرها في واقع الأمر زيادة الضريبة على أرباح قطاعي إنتاج النفط والغاز، لافتة إلى أن الوزارة لا تحسب هذه الضريبة ضمن فقرات عائدات القطاع النفطي.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.