عاملان في متحف سوري دفنا 300 قطعة أثرية لحمايتها من لصوص الحرب

عاملان في متحف سوري دفنا 300 قطعة أثرية لحمايتها من لصوص الحرب
TT

عاملان في متحف سوري دفنا 300 قطعة أثرية لحمايتها من لصوص الحرب

عاملان في متحف سوري دفنا 300 قطعة أثرية لحمايتها من لصوص الحرب

ثلاثمائة قطعة أثرية عادت إلى الحياة، كانت المديرية العامة للمتاحف والآثار في حماة قد وضعتها في صندوق حديدي ودفنتها تحت الأرض، بعيداً عن أيدي لصوص الآثار الذين نشطوا خلال الحرب في سوريا. وأوضح بيان صادر عن المديرية العامة للمتاحف والآثار، أن رئيس دائرة آثار حماة، عبد القادر فرزات، طلب من اثنين من العاملين في متحف أفاميا وضع الآثار في صندوق حديدي ودفنها تحت الأرض. وبعد استعادة قوات النظام السيطرة على مدينة أفاميا الأثرية ومتحفها (65 كيلومتراً شمال غربي حماة وسط سوريا)، تم استخراج الصندوق ونُقلت محتوياته، وهي نحو 300 قطعة أثرية، تتضمن حلياً وتماثيل وأواني فخارية وزجاجية تعود إلى مختلف العصور التاريخية.
وبحسب الأرقام الرسمية، فإن أكثر من 720 موقعاً أثرياً تعرض للتخريب في سوريا، كان النصيب الأكبر منها لمحافظتي حلب وحمص، أما في إدلب وحماة اللتين يعوم ريفهما على بحر من الآثار، فقد تضرر 54 موقعاً أثرياً في محافظة إدلب، و21 موقعاً في محافظة حماة.
وكان مدير آثار حماة، عبد القادر فرزات، قد صرح سابقاً بأن «عمليات التنقيب غير الشرعي كانت تتم باستخدام الآليات الثقيلة، التي استخدمت في حفر الشارع الرئيسي لمدينة أفاميا (طوله 1850 متراً) ما أدى إلى تخريب السويات الأثرية، وطمس المعالم الأثرية الحضارية». كما قال إن متحف أفاميا قد تعرض للتخريب وتكسير قاعات العرض، ومحاولة تحطيم الأوابد الموجودة في باحته، من تيجان وأعمدة، وخصوصاً «العمود الزمني» الذي يقيس المسافات (بين مدينة أفاميا ومدينة الرفنية).
ومتحف أفاميا متخصص في اللوحات الفسيفسائية الأثرية التي عثر عليها في ريف حماة. ويعود بناء المتحف (700 متر مربع) إلى أوائل القرن السادس عشر الميلادي؛ حيث كان خاناً للحجاج القادمين من تركيا في عهد السلطان سليمان القانوني، وتحول إلى متحف عام 1982م. ومن أهم لوحات المتحف لوحة الفيلسوف اليوناني سقراط وإلى جانبيه ستة حكماء.
وبحسب أرقام تقديرية للمديرية العامة للآثار والمتاحف، تجاوز عدد القطع الأثرية التي نهبت خلال الحرب مليون قطعة، وذلك رغم ما قامت به المديرية من إجراءات احترازية ووقائية، كتمويه المقتنيات وحفظها في مناطق آمنة، إذ تم إنقاذ ما نسبته 90 في المائة من مقتنيات المتاحف، إلا أن المشكلة ليست في الحفاظ على القطع الأثرية المسجلة، وإنما المشكلة في آلاف القطع غير المعروضة والمحفوظة في المستودعات دون توثيق. إذ لا يمكن التحديد بدقة لحجم الخسائر التي نكبت بها الآثار السورية؛ حيث إن غالبية الأرقام الرسمية المتداولة هي أرقام تقديرية. وبحسب مديرية الآثار هناك نحو 16 قطعة أثرية سرقت من محافظة إدلب، ونحو 6 آلاف قطعة سرقت من محافظة الرقة، و700 قطعة من متحف بصرى الشام. ومن محافظة حمص سرق نحو 500 قطعة، علماً بأن هناك آلاف القطع التي سرقت من المستودعات غير الموثقة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».