عمليات متواصلة للقوات الأفغانية تسفر عن عشرات القتلى

«طالبان» تتحدث عن قرب التوصل إلى اتفاق سلام وتقاسم للسلطة بعد انسحاب الأميركيين

 مديرة مدرسة بويزارا الثانوية للبنات ومعلم يعرضان كتباً محترقة بعد أن قام مسلحون من «طالبان» بإشعال النار في مبنى المدرسة بالعاصمة كابل أول من أمس (إ.ب.أ)
مديرة مدرسة بويزارا الثانوية للبنات ومعلم يعرضان كتباً محترقة بعد أن قام مسلحون من «طالبان» بإشعال النار في مبنى المدرسة بالعاصمة كابل أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

عمليات متواصلة للقوات الأفغانية تسفر عن عشرات القتلى

 مديرة مدرسة بويزارا الثانوية للبنات ومعلم يعرضان كتباً محترقة بعد أن قام مسلحون من «طالبان» بإشعال النار في مبنى المدرسة بالعاصمة كابل أول من أمس (إ.ب.أ)
مديرة مدرسة بويزارا الثانوية للبنات ومعلم يعرضان كتباً محترقة بعد أن قام مسلحون من «طالبان» بإشعال النار في مبنى المدرسة بالعاصمة كابل أول من أمس (إ.ب.أ)

ارتفع عدد المصابين في حوادث التفجير في مدينة جلال آباد شرق أفغانستان ليصل إلى 123 شخصاً أصيبوا جراء انفجار 14 قنبلة في ساحات عامة وأسواق ومطاعم خارجية بالمدينة التي تشكل مركز ولاية ننجرهار المحاذية للحدود مع باكستان.
وكانت المدينة شهدت كثيراً من هجمات تنظيم «داعش» والتفجيرات الانتحارية التي قام بها التنظيم، إلا أن أياً من الجماعات المسلحة الأفغانية لم تعلن مسؤوليتها عن هذه التفجيرات بعد. وقال غول زادة سنجر أحد مسؤولي القطاع الصحافي في جلال آباد إنه لم ترد لمديرية الصحة أي تقارير عن سقوط قتلى جراء هذه الانفجارات التي تزامنت مع احتفالات باكستان بالذكرى المئوية لاستقلالها.
كما جاءت بعد يوم من تفجير انتحاري مدمر في صالة للأفراح في العاصمة كابل أسفر عن مقتل 63 شخصاً وإصابة 183 آخرين، حسب قول نصرت رحيمي الناطق باسم الداخلية الأفغانية. وأعلن تنظيم «داعش ولاية خراسان» مسؤوليته عن التفجير.
وكان عطاء الله خوكياني الناطق باسم حاكم جلال آباد قال إن 52 على الأقل أصيبوا بجروح بينهم أطفال في 8 انفجارات في مدينة جلال آباد واثنان في ضواحيها، فيما قال ظاهر عادل المتحدث باسم المستشفى الإقليمي في المدينة، إن 66 جريحاً نقلوا إلى جناح الطوارئ في المستشفى الإقليمي وحده.
واتهمت الداخلية الأفغانية حركة «طالبان» بالمسؤولية عن إضرام النيران في مدرسة للبنات في العاصمة كابل، فجر الثلاثاء، لكن «طالبان» نفت ضلوعها بالأمر.
واتهم نصرت رحيمي الناطق باسم الداخلية الأفغانية مسلحي «طالبان» بالمسؤولية بقوله: «إنهم أحرقوا المدرسة في منطقة شكر دره ليل الاثنين»، متهماً مسلحي «طالبان» بالمسؤولية عن عمليات اغتيال لمهندسين وأطباء وعلماء ومحاولة إغلاق المعاهد التعليمية.
غير أن الناطق باسم «طالبان» ذبيح الله مجاهد نفى، في بيان أصدره، مسؤولية الحركة عن حريق المدرسة أو المساس بالمؤسسات التعليمية، فيما لم تتبنَّ أي جهة مسؤولية الحريق.
من جانبها، أعلنت القوات الخاصة الأفغانية تدمير مخزن للأسلحة والذخيرة لـ«طالبان» في ولاية هلمند جنوب أفغانستان. وكانت القوات الأفغانية شنت سلسلة غارات جوية على مواقع لـ«طالبان» في ولايتي لوغر وغزني، ما أسفر عن مقتل 4 من مسلحي «طالبان» حسب بيان حكومي. وأضاف البيان أن أحد أفراد «طالبان» قتل في منطقة تشرخ في ولاية لوغر جنوب العاصمة كابل، فيما قتل اثنان آخران في مركز الولاية في مدينة بولي علم. كما قتل أحد مسلحي «طالبان» في غارة جوية في منطقة جيلان بولاية غزني، ولم تعلق «طالبان» على بيانات الحكومة الأفغانية. كما أعلنت القوات الخاصة الأفغانية عن غارات ليلية شنتها في ولاية كابيسا، ما أسفر عن مقتل وإصابة 12 من قوات «طالبان»، حسب البيان.
من جانبها، قالت طالبان في بيانات لها إن مجموعة من مقاتليها هاجمت مركزاً للشرطة في مديرية جاجي أريوب في ولاية بكتيا، ما أسفر عن مقتل شرطي. كما أعلنت «طالبان» عن مقتل وإصابة عدد من الجنود الحكوميين في ولاية لوغر جنوب العاصمة كابل في تفجير عدة ألغام زرعتها قوات «طالبان» في منطقة شيست. وشهدت مديرية قره باغ في العاصمة كابل هجوماً من قوات «طالبان» على مقر للميليشيا الحكومية، ما أسفر عن تدمير المركز وإعطاب دبابة حكومية بتفجير لغم أرضي فيها.
سياسياً، اتهم شير عباس ستانكزي رئيس وفد «طالبان» المفاوض في الدوحة الولايات المتحدة والمخابرات الأفغانية بالوقوف خلف تنظيم «داعش» في أفغانستان بهدف محاربة «طالبان» ودحرها. وقال في مقابلة مع «صنداي تايمز» إن الحركة تسعى للتوصل إلى اتفاق سلام مع الولايات المتحدة ينهي 40 عاماً من الحروب المتواصلة في أفغانستان، ولا يعود الشعب الأفغاني إلى الاقتتال مجدداً.
وقالت «صنداي تايمز» إن ستانكزي رئيس وفد «طالبان» قال إن الحركة تغيرت في سياساتها وملتزمة بوقف القتال بعد التوصل إلى اتفاق سلام. كما توقعت الصحيفة توصل «طالبان» إلى اتفاق سلام مع المبعوث الأميركي زلماي خليل زاد الذي عاد الاثنين إلى الدوحة، بحيث يشمل الاتفاق بنداً تسحب بموجبه الولايات المتحدة قواتها البالغة 14 ألف جندي من أفغانستان، إضافة إلى 8 آلاف من قوات حلف الأطلسي، مقابل إتاحة «طالبان» ممراً آمناً لانسحاب هذه القوات ومنع «طالبان» استخدام الأراضي الأفغانية من قبل أي جماعة لشن هجمات خارجية. وأوضحت أن المسؤولين الأميركيين فوجئوا بمقدار الدهاء الذي يتمتع به وفد «طالبان» المفاوض في الدوحة، والطلاقة التي يتحدث بها ستانكزي اللغة الإنجليزية، وبدا واثقاً من أن جولات المحادثات مع المبعوث الأميركي ستنتهي قبل بداية الشهر المقبل يقيناً.
وشدد ستانكزي على حماية كل الحقوق التي منحها الإسلام للمرأة مثل التعليم والعمل أو الترشح للبرلمان أو الوصول إلى المناصب الوزارية، لكنه قال إن كل تلك الحقوق ستكون وفقاً لتعاليم الإسلام والثقافة الأفغانية، وإن حكومة «طالبان» ستتحاور مع القوى الأفغانية لتقاسم السلطة وإدارة البلاد بعد انسحاب القوات الأميركية والأجنبية من أفغانستان. وكشف مسؤول وفد «طالبان» عن أن أول اتصالات أجرتها الحركة مع الأميركيين كانت في عام 2007. كما دخلت إدارة الرئيس الأميركي السابق أوباما في مفاوضات سرية مع «طالبان»، لكن ترمب مزق كل ما تم التفاوض عليه قبل أن يعين مبعوثاً خاصاً لأفغانستان.


مقالات ذات صلة

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية».

غازي الحارثي (الرياض)
أفريقيا جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

سبق أن أعلن عدد من كبار قادة الجيش بنيجيريا انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»

الشيخ محمد (نواكشوط)

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».