الأحلام الواعية... هل يمكن التحكم بها؟

دراسات واعدة لعلاج الذين يعانون من الكوابيس واضطراب ما بعد الصدمة

الأحلام الواعية... هل يمكن التحكم بها؟
TT

الأحلام الواعية... هل يمكن التحكم بها؟

الأحلام الواعية... هل يمكن التحكم بها؟

غالباً ما تكون الأحلام عبارة عن تجارب مربكة وغير واضحة.
ويحثّنا ضعف التفكير المنطقي، وضعف أو غياب القدرة على استعادة الذكريات، والانفعال الزائد والمشاعر التي تنتابنا أثناء الحلم، على التوقّف طويلاً للتفكير بها بعد الاستيقاظ مباشرة وقبل النهوض من السرير.

وعي الحلم
لكن الأحلام لا تحصل دائماً بهذه الطريقة. إذ إن معظمنا جرب ولو لمرّة واحدة في حياته حالة الوعي للحلم في لحظة حدوثه، وفي بعض الحالات، نشعر بأننا نملك القدرة على إخراج الحلم وكأننا مثل المخرج السينمائي المشهور ستيفن سبيلبرغ، النائم؛ حتى أن 25 في المائة من البشر يؤكّدون رؤيتهم لحلمٍ واعٍ أو أكثر في الشهر الواحد.
تعود هذه الأوضاع إلى تغييرين أساسيين في الدماغ. تُظهر القشرة الجبهية الصدغية التي تتحكّم في قدرات البشر الإدراكية المهمّة وتنشط خلال الأحلام العادية، نشاطاً أكبر خلال الأحلام الواعية. كما لاحظ الباحثون خلال هذه الأحلام تزايداً في موجات «غامّا»، أي حدوث «اشتعال» متزامن في نشاط مجموعات الأعصاب على تردّد عالٍ يشترك في الإدراك الواعي والوظائف التنفيذية كالحركات الطوعية واتخاذ القرارات.
يركّز العلماء اهتمامهم حالياً على التوصل إلى كيفية التأثير على الدماغ لإدخاله في وضع الحلم الواعي وليس فقط على دراسة الجانب المرح فيه. وهم يأملون أن تزوّدهم الأحلام الواعية بحقائق قيّمة حول تكوّن الوعي، إلى جانب النجاح في استخدامها العملي في سيناريوهات متنوعة.
قد يحمل علاج الأحلام الواعية إمكانات كبيرة لعلاج الأشخاص الذين يعانون من الكوابيس المزمنة ومتلازمة اضطراب ما بعد الصدمة. إذ غالباً ما يعيش المصابون بهذه المتلازمة كوابيس متكرّرة تتمحور غالباً حول حادثة بشعة مرّوا بها. وعادة ما تكون هذه الكوابيس مرعبة فتسبب لهم حالات كالقلق العصبي، والأرق، واضطرابات النوم، تؤثر بدورها على أدائهم في اليوم التالي. لكنّ العلاج بالأحلام الواعية قد يتيح لهؤلاء معرفة أنّ ما يختبرونه ليس حقيقياً والعمل تدريجياً على تحويل الكابوس إلى حلم إيجابي أو عادي غير مؤثّر.
يقدّم الحلم الواعي أيضاً فرصاً لتحسين المهارات الحركية عبر التصوّر. فقد تبيّن أنّ استخدام التصوّر الدماغي لتدريب المهارات الحركية يساعد في تحسين أداء الرياضيين وممتهني الطبّ والموسيقيين، إلى جانب مساهمته في إعادة تأهيل التحكّم باليد وغيرها من المهام الحركية بعد أي ضرر يصيب الجهاز العصبي. تنطوي هذه التقنية على فاعلية حقيقية؛ لأن تصوّر الإنسان أنه يقوم بنشاط حركي محدّد ينشّط التركيبات العصبية نفسها التي تنشط عند القيام بها فعلاً... والأمر نفسه ينطبق على الأفعال التي يراها الإنسان في حلمه.

تحفيز الأحلام الواعية
شهدت السنوات الأخيرة تطوير واختبار الكثير من التقنيات التي تحفّز الأحلام الواعية، لكنّ ولا واحدة منها أثبتت فاعليتها ونجاحها الشامل والمطلق. لكنّ هذا الأمر لا يعني أنّها لن تنجح إذا استخدمتموها، وبخاصة أن بعض التقنيات تحمل وعوداً حقيقية مع أن البحوث في هذا المجال لا تزال في مراحلها الأولى. فيما يلي، ستتعرفون إلى بعض التقنيات التي أثبتت فاعلية كبيرة والتي يمكنكم تجربة بعضها في المنزل.
التقنيات الإدراكية هي نشاطات تتمّ تأديتها خلال اليوم أو النوم؛ مما جعلها المقاربة الأفضل والأكثر نجاحاً في تحفيز الأحلام الواعية. وقد أجرى الباحثون أخيراً دراسة ضمّت 169 أسترالياً، جُرّب فيها مزيج من التقنيات الثلاث الأنجح في تحفيز الأحلام الواعية وهي: اختبار الواقع، وحثّ الذاكرة للحلم الواعي، و«الاستيقاظ والعودة إلى النوم».
> اختبار الواقع. تعتمد وسيلة اختبار الواقع عادة على سؤال نفسكم الواعية ما إذا كنتم تحلمون مع تأدية حركة ما تساعدكم في تحديد الجواب. يتحدّث الفيلم الشهير «إنسيبشن» Inception (الاستهلال) عن هذه التقنية، ويستعين ببلبل دوّار يتوقّف أخيراً عن الدوران في الحقيقة، ويستمر في الدوران إلى الأبد في الأحلام. في حال كنتم لا تحبّذون فكرة استخدام بلبل دوّار، يمكنكم الاستعانة بأنفكم وتأدية نشاط التنفّس الذي لا مفرّ منه.
إن المراجعات التي ستقومون بها لهذا النشاط خلال اليوم، ستدفعكم على الأرجح إلى تكرارها خلال الحلم، لتصبحوا بالتالي واعين لعالم أحلام أكثر حريّة تستطيعون فيه التنفس من أنف مسدود.

حثّ الذاكرة
> في التقنية الثانية، أي تحفيز الذاكرة للحلم الواعي Mnemonic Induction Lucid Dream (MILD)، يتدرّب الفرد على الحلم ويتصوّر أنه واعٍ بينما يكرّر شعاراً يعبّر عن النيّة نفسها كالتالية: «في المرّة المقبلة التي سأرى فيها حلماً، أريد أن أتذكّر أنني أحلم».
ولتحقيق نتائج أفضل، يجب عليكم تطبيق هذه التقنية في الوقت الذي تعودون فيه إلى النوم خلال تقنية «الاستيقاظ والعودة إلى النوم»، والتي يعمد فيها المشارك إلى ضبط منبّهه ليستيقظ قبل ساعة أو اثنتين من موعد استيقاظه اليومي، فيستيقظ فعلاً لبضع دقائق، ومن ثمّ يعود إلى النوم.
> الاستيقاظ. يعتقد العلماء أن فترة الاستيقاظ القصيرة هذه تزيد النشاط القشري في مناطق الدماغ الأساسية المشاركة في الأحلام الواعية عندما ينخرط الفرد بنوم حركة العين السريعة، أي المرحلة التي تحصل فيها الأحلام النشيطة. وتبيّن أيضاً، على نحو غير مفاجئ، أن النقر على زرّ تهدئة المنبّه «سنوز» (غفوة) أكثر من مرّة قبل الاستيقاظ، يزيد فرص حصول الحلم الواعي.

تقنيات غير موثوقة
> لكن هذه الاستراتيجيات تتطلّب دون شكّ جهوداً مستدامة للحصول على التأثير المرجوّ منها. وفي إطار البحث عن طريق أسهل إلى الأحلام الواعية، بادرت بعض الشركات المتخصصة بصناعة التقنيات القابلة للارتداء، إلى تطوير أدوات غريبة تصدر الضوء، أو الذبذبات، أو الأصوات خلال مرحلة نوم حركة العين السريعة. تعتمد هذه الأدوات على فكرة المشاركة في محتوى الحلم بشكل يتيح لها تنبيه الفرد إلى أنّه يحلم.
لكن نتائج الأبحاث العلمية وتجربتي الشخصية في مختبر النوم في جامعة إسكس، توصي باستخدام تقنيات التحفيز هذه بعناية. ففي حال تمّ تقديمها بالشكل الخاطئ، لن ينجح التحفيز في الانخراط بالحلم، أو قد يؤدي إلى ما هو أسوأ، أي إيقاظ الشخص النائم. ولأنّ درجة عمق النوم تختلف بين شخص وآخر، يجب ضبط قوّة المحفّز وفقاً للمستوى الصحيح الذي يؤدي إلى استيقاظ الفرد.
علاوة على ذلك، يجب الحرص على تشغيل المحفّز في الوقت المناسب من مرحلة نوم حركة العين السريعة، أي عندما يكون الدماغ في أوجّ استعداده للتلقّي. لكنّ التقنيات المتوافرة اليوم لا تأخذ هذه العناصر بعين الاعتبار، غير أنّ البحوث لم تنجح حتى اليوم في تحديد الوسيلة الفاعلة لتوظيف المحفّز.
من جهة ثانية، رجحت دراسة حديثة أن التدخلات الدوائية تحمل بعض الوعود أيضاً. على سبيل المثال، أثبت الغالانتامين، galantamine وهو مثبط إنزيمات يستخدم لعلاج مرضى ألزهايمر، فاعليته في تعزيز نسب تحفيز الأحلام الواعية عندما يستخدم مع تقنيتي «الاستيقاظ والعودة إلى النوم» و«تحفيز الذاكرة للحلم الواعي». إلا أن الباحثين ينصحون الراغبين في تحفيز أحلامهم الواعية بالابتعاد عن هذا الدواء، لأن الأبحاث لا تزال في مراحلها الأولى، فضلاً عن أنه قد يتسبب في آثار جانبية.
ويشدّد المختصون أيضاً على ضرورة توخّي الحذر عند استخدام بعض أنواع المكمّلات والأعشاب التي تدّعي قدرتها على زيادة وعي الأحلام؛ لأنّها غير مدعومة بالدليل العلمي، وقد تعرّض مستخدميها لخطر الحساسية أو الآثار الجانبية.
وقد شهد مفهوم الأحلام الواعية تقدّماً كبيراً في العقد الأخير، ولا شكّ أنّه لا يزال يحتاج إلى الكثير من العمل والبحث، إلّا أننا نأمل ألّا ننتظر كثيراً قبل التوصل إلى وسائل فعالة لتحفيز الأحلام الواعية بشكل دائم.

- «كوارتز»
- خدمات «تريبيون ميديا»



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».