اليونان تنفي طلب الناقلة الإيرانية الرسو في موانئها

ناقلة النفط الإيرانية «أدريان داريا 1» (رويترز)
ناقلة النفط الإيرانية «أدريان داريا 1» (رويترز)
TT

اليونان تنفي طلب الناقلة الإيرانية الرسو في موانئها

ناقلة النفط الإيرانية «أدريان داريا 1» (رويترز)
ناقلة النفط الإيرانية «أدريان داريا 1» (رويترز)

أكّد وزير التجارة البحرية اليوناني يوانيس بلاكيوتاكيس، اليوم (الثلاثاء)، أن ناقلة النفط الإيرانية «أدريان داريا 1» التي غادرت قبل يومين جبل طارق لم تطلب الرسو في أي ميناء يوناني.
وصرّح وزير التجارة البحرية اليوناني لوسائل إعلام يونانية: «لم يتم تقديم أي طلب رسمي بشأن وصول ناقلة النفط الإيرانية إلى أحد الموانئ اليونانية»، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف: «نتابع مسارها ونحن على تنسيق مع وزارة الخارجية اليونانية».
تصريحات بلاكيوتاكيس جاءت رداً على تساؤلات حول معلومات أوردها الموقع الإلكتروني المتخصّص في تعقّب حركة السفن «مارين ترافيك» تفيد بأن ناقلة النفط التي احتجزتها سلطات جبل طارق في 4 يوليو (تموز) أبحرت، الأحد، وتوجد اليوم على بعد نحو مائة كلم من سواحل شمال غربي مدينة وهران الجزائرية.
وحسب الموقع فإن السفينة يمكن أن ترسو في ميناء «كالاماتا» الواقع في جنوب منطقة البيلوبونيز. لكن سلطات إدارة الموانئ في المنطقة لم تؤكد هذه المعلومات.
وحسب مصدر في ميناء «كالاماتا» فإن وصول السفينة من جبل طارق إلى هذا المرفأ يستغرق خمسة أيام إبحار.
وأكد مصدر في ميناء إيراني، أمس (الاثنين)، أن ناقلة النفط توجد في المياه الدولية، إلا أنه يُفرض تعتيم شامل على وجهتها النهائية ومصير حمولتها، علماً بأن سلطات جبل طارق لم تؤكد مغادرة السفينة موانئها.
كانت سلطات جبل طارق التابعة لبريطانيا قد احتجزت السفينة للاشتباه بنقلها حمولة نفطية إلى سوريا، وذلك تطبيقاً لعقوبات أوروبية مفروضة على دمشق.
وقد سُمح للسفينة التي تم تغيير اسمها من «غرايس 1» إلى «أدريان داريا» بالمغادرة بعدما أكدت إيران أن حمولتها البالغة 2,1 مليون برميل لن تسلّم إلى سوريا.
وقد دعت الولايات المتحدة إلى إعادة احتجاز السفينة في طلب اعتبرت طهران أن تلبيته ستؤدي إلى «تداعيات وخيمة».



الاختراقات الإسرائيلية تقلق إيران مع فشل محاولات التصدي

موكب تشييع إسماعيل هنية في طهران يوم 1 أغسطس الماضي (أ.ب)
موكب تشييع إسماعيل هنية في طهران يوم 1 أغسطس الماضي (أ.ب)
TT

الاختراقات الإسرائيلية تقلق إيران مع فشل محاولات التصدي

موكب تشييع إسماعيل هنية في طهران يوم 1 أغسطس الماضي (أ.ب)
موكب تشييع إسماعيل هنية في طهران يوم 1 أغسطس الماضي (أ.ب)

وجّهت الاستخبارات الإسرائيلية على مدى الأعوام الماضية، لا سيما في الأشهر الأخيرة، سلسلة ضربات إلى إيران وحلفائها، تظهر، بحسب ما قال محللون لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، اختراقها لأجهزة إيران، ما بدأ يثير قلقاً معلناً في طهران.

وندد علي لاريجاني، أحد مستشاري المرشد الإيراني علي خامنئي، والأمين السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي، اليوم (الجمعة)، «بمشكلة اختراق في إيران (...) منذ أعوام».

وأضاف: «حصلت حالات إهمال، والأجهزة الأمنية في البلاد واجهتها، لكنها لم تنجح في وضع حد كامل لها».

ومنذ اندلاع الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، استُهدِفَت طهران وحلفاؤها بعمليات لم تكن لتتحقق في غياب معطيات استخبارية دقيقة.

واغتيل رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية في مقر إقامته أثناء زيارة لطهران، في أواخر يوليو (تموز)، في عملية نُسبت إلى إسرائيل. وبعد أقل من شهرين، قتل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصرالله بضربة جوية إسرائيلية في ضاحية بيروت الجنوبية.

وبين العمليتين، انفجرت آلاف أجهزة الاتصال اللاسلكي و«البيجرز» في حوزة عناصر «حزب الله» في لبنان؛ ما أسفر عن مقتل 39 شخصاً على الأقل، وجرح نحو ثلاثة آلاف.

بدا واضحاً أن هذه العملية المعقّدة التي نسبت أيضاً إلى إسرائيل، قد تمّ التحضير لها منذ زمن.

ورأى لاريجاني، أحد أبرز الشخصيات السياسية في إيران، ورئيس سابق للبرلمان، أن إسرائيل «عدو يفكّر على مدى أعوام، ويلحق بك الأذى في لحظة».

«عجز»

وفي حين أن تصريحات علنية مثل هذه تبقى غير معتادة، لكن مضمونها ليس مفاجئاً. فقد سبق لمسؤولين إيرانيين أن اتهموا إسرائيل بالوقوف خلف سلسلة عمليات سرّية في أراضٍ إيرانية، بما فيها اغتيال ومحاولات اغتيال وتفجير وتخريب في منشآت حساسة.

وتعرّض عدد من العلماء النوويين الإيرانيين للاغتيال أو محاولات اغتيال خلال الأعوام الماضية، أبرزهم مسؤول البرنامج النووي في وزارة الدفاع محسن فخري زاده الذي قُتِل قرب طهران في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 بسلاح رشاش تمّ التحكم به عن بُعد. وأعلن القضاء الإيراني هذا الأسبوع الحكم بإعدام ثلاثة متهمين في القضية.

صورة جوية لدار الضيافة التي كان يقيم فيها إسماعيل هنية شمال طهران أكتوبر 2024 (نيويورك تايمز)

وأعلنت إسرائيل حصولها على وثائق أرشيف البرنامج النووي الإيراني عبر عملية أمنية في طهران مطلع 2018.

كما وقعت عمليات أمنية في إيران بقي منفّذوها مجهولين، رغم الاعتقاد السائد بأن إسرائيل تقف خلفها، مثل اغتيال شخصيات بينهم ضباط في الحرس الثوري، واستهداف مواقع عسكرية باستخدام طائرات مسيّرة صغيرة.

ورأى الباحث في «معهد الأمن والاستراتيجية في القدس»، ألكسندر غرينبرغ، أن تصريحات شخصية مثل لاريجاني «تؤكد عجز الأجهزة الإيرانية عن منع الاختراق الإسرائيلي».

وأضاف لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنه عقب عملية تفجير أجهزة الاتصال في لبنان «كان (حزب الله) يأمل في أن تساعده إيران في مجال الاستخبارات. لكنهم (الإيرانيون) كانوا عاجزين عن القيام بشيء لأنفسهم حتى».

ويرى محللون أن الاختراقات الإسرائيلية تسهّلها عوامل منها الصعوبات الاقتصادية في إيران التي تعاني منها جراء عقوبات اقتصادية غربية، وتزايد المعارضة الداخلية للحكم.

وتحدث كينيث كاتسمان، الباحث في «مركز صوفان» والخبير السابق في الشأن الإيراني لدى الكونغرس الأميركي، عن «درجة اختراق مرتفعة... في كل وزارة أو منظمة، في الحرس الثوري، قوات إنفاذ النظام، وزارة الاستخبارات، القضاء، السلطات المحلية».

وتابع: «عدد من الأشخاص مستعدون، حتى في صفوف الحكومة، لمساعدة إسرائيل بغرض الحصول على المال، ولأنهم على خلاف مع النظام».

وعدَّ العضو السابق في الاستخبارات الخارجية الفرنسية، ألان شويه، أن هذه العوامل توفر «مجموعة ممكنة للتجنيد لصالح القوى الخارجية».

وأكد أن العملاء، إضافة إلى القدرات الإسرائيلية في مجال الاستعلام التقني، يوفرون معطيات لا تقدّر بثمن، مثلما أظهرت عملية اغتيال نصرالله.

وأوضح أن نصرالله «كان لا ينام في المكان ذاته ليلتين توالياً، ولا يبقى في المكان ذاته لساعتين. كان تحديد مكانه بالغ الصعوبة».

وأضاف: «بعد (تفجير) أجهزة الاتصال، لم تعد ثمة أي قطعة إلكترونية قربه».

نتنياهو يشير إلى وثائق من الأرشيف النووي الإيراني تكشف دور محسن فخري زاده في برنامج التسلح النووي لطهران (أرشيفية- رويترز)

اختراق منهجي

وشدد شويه على أن الإسرائيليين نفذوا الضربة الجوية الضخمة التي استهدفت نصرالله جنوب بيروت في 27 سبتمبر (أيلول) «وهم واثقين» من نجاحها.

وتابع: «أصابوا الهدف في الزمان والمكان المناسبين»، وذلك يعود بطبيعة الحال إلى معلومات استخبارية.

ورأى كادر الاستخبارات الفرنسية السابق أنه حتى في حال تحديد مكامن الخلل، تبدو طهران غير قادرة على معالجته، مؤكداً وجود «كثيرين عملاء لإسرائيل أو مستعدين ليكونوا كذلك».

من جهته، تحدث جايسون برودسكي، مدير برامج «اتحاد ضد إيران نووية» (UNANI)، إحدى أبرز مجموعات التي تتابع شؤون إيران عن كثب، عن أن أجهزة الأمن الإيرانية مخترقة على نطاق واسع، بما في ذلك الحرس الثوري.

وأوضح أنه «تمّ تعيين قادة جدد وتركوا مناصبهم لاحقاً، لكن المشكلة بقيت موجودة، وهذا يظهر إلى أي حد يعاني الحرس الثوري من اختراق منهجي». وأضاف: «ربما القيادات العليا مخترقة، حتى تلك الأدنى منها».

ولم يستبعد برودسكي أن يكون الاختراق طال محيط خامنئي؛ لأن مكتبه عبارة عن «بيروقراطية واسعة النطاق».

إزاء ذلك، استبعد خبراء أن تجد إيران حلاً جذرياً للاختراقات قريباً.

وأعرب شويه عن قناعته بأن لدى «جهاز الموساد» الإسرائيلي شبكات «قادرة على التحرك في أي وقت كان».