تبرئة امرأة من تهمة قتل جنينها بعد «ولادة بالمرحاض»

إيفلين هرنانديز وإلى جانبها محاميتها لدى خروجهما من المحكمة بعد قرار التبرئة (أ.ف.ب)
إيفلين هرنانديز وإلى جانبها محاميتها لدى خروجهما من المحكمة بعد قرار التبرئة (أ.ف.ب)
TT

تبرئة امرأة من تهمة قتل جنينها بعد «ولادة بالمرحاض»

إيفلين هرنانديز وإلى جانبها محاميتها لدى خروجهما من المحكمة بعد قرار التبرئة (أ.ف.ب)
إيفلين هرنانديز وإلى جانبها محاميتها لدى خروجهما من المحكمة بعد قرار التبرئة (أ.ف.ب)

برأت محكمة في السلفادور امرأة بعد أن ولدت جنيناً ميتاً في مرحاض منزلها، متّهمة إياها بـ«القتل العمد»، وذلك بعد إعادة المحاكمة الأولى التي أسفرت عن عقوبة بالسجن لثلاثين سنة قضت منها نحو ثلاث سنوات خلف القضبان، وفق هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).
وأصرت إيفلين هرنانديز كروز طوال هذه الفترة على أنها بريئة من تهمة القتل العمد التي وجهتها إليها المحكمة، مؤكدة أنها «لم تكن تعلم أنها حامل وأنها فقدت الوعي في أثناء الولادة التي تمت في المرحاض».
وقالت هرنانديز خلال خروجها من قاعة المحكمة، اليوم (الثلاثاء): «الحمد لله، تحققت العدالة». وأضافت: «عاد لي مستقبلي، وسأستكمل دراستي وأمضي قُدُماً لتحقيق أهدافي. أنا سعيدة بذلك»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
كانت النيابة قد طالبت بتوقيع عقوبة السجن لمدة أربعين سنة على هرنانديز خلال إعادة المحاكمة.
وشغلت هذه القضية الكثيرين على المستويين المحلي والدولي وسط مطالبات بتبرئة هرنانديز من الاتهامات الموجهة إليها، من قِبل نشطاء حقوق المرأة.
وتطبق السلفادور قوانين هي الأكثر صرامة ضد الإجهاض على مستوى العالم. وتجرم هذه القوانين الإجهاض تحت أي ظرف، وفي حال إدانة أي أمرأة بالإجهاض تكون عرضة لحكم بالسجن لمدة تتراوح بين سنتين وثماني سنوات.
وفي حالات كثيرة، من بينها حالة هرنانديز، تتحول التهمة إلى القتل العمد والتي تصل عقوبتها إلى 30 سنة على الأقل.

ماذا حدث؟
وقع الحادث لإيفلين هرنانديز كروز في أبريل (نيسان) 2016 في مرحاض منزلها بمنطقة ريفية نائية في السلفادور. وفقدت وعيها بعد أن نزفت كمية كبيرة من الدم.
وقالت هرنانديز، التي كانت في الثامنة عشرة من عمرها في ذلك الوقت، إنها «لا تعرف إذا كان الجنين وُلد حياً أم ميتاً، وإنها لو علمت بحملها لذهبت إلى الطبيب من أجل الفحص والرعاية». وأخبرت هرنانديز المحكمة، في أثناء المحاكمة الأولى، بأنها «تعرَّضت للاغتصاب مراراً». ولفتت إلى أن «الحمل اختلط عليها بآلام المعدة». وأكدت أنها «لم تكن تريد قتل الجنين».
لكن المحكمة رأت في يوليو (تموز) 2017 أن هرنانديز «كانت على علم بأنها حامل وأدانتها بتهمة القتل العمد وقضت بسجنها لثلاثين عاماً».
وفي شباط فبراير (شباط) الماضي، قررت المحكمة الإفراج عنها بعد طعنها في الحكم الأول الصادر بالسجن لثلاثين سنة، وذلك حتى الانتهاء من إعادة المحاكمة.
من جهتهم، أشار محاموها إلى أنها «كانت خائفة من إبلاغ الشرطة عن الاغتصاب، وأن مغتصبها ينتمي إلى إحدى العصابات المحلية»، وفق شبكة «بي بي سي».
ولم يتمكن الأطباء من التأكد إذا كان الجنين قد مات في رحمها أم بعد ولادته.

لماذا أعيدت المحاكمة؟
وأُعيدت المحاكمة بعد استئناف محامية هرنانديز قرار المحكمة بسجن المتهمة 30 سنة استناداً إلى تقرير الطب الشرعي الذي أظهر أن الطفل مات نتيجة متلازمة «شفط العقي»، التي تتضمن استنشاق الجنين فضلاته، وهو ما يحدث أثناء الولادة أو بعد الولادة مباشرة.
وقالت محامية هرنانديز، بيرثا ماريا ديليون: إن «موكلتها لم تحاول إجهاض الجنين الذي كانت وفاته طبيعية»، مؤكدة أنه «لم تكن هناك جريمة».
واستندت المحكمة إلى «عدم وجود أدلة» على تهمة القتل العمد في فبراير، مما سوّغ إعادة المحاكمة أمام قاضٍ آخر وإطلاق سراح المتهمة حتى إعادة المحاكمة التي بدأت في يوليو.
وتشير منظمات حقوقية في السلفادور إلى أن «هناك 17 امرأة على الأقل داخل السجون بموجب قوانين الإجهاض الصارمة التي تطبقها البلاد».
وعلى مدار السنوات العشر الماضية، تمكن ناشطون في مجال حقوق المرأة من إطلاق سراح 30 امرأة في السلفادور استناداً إلى مراجعات قانونية.



«الجميلات النائمات»... معرض قاهري يعيد تشكيل الجسد بصرياً

مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجميلات النائمات»... معرض قاهري يعيد تشكيل الجسد بصرياً

مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)

يطمح الفنان المصري هشام نوّار إلى إعادة تشكيل الجسد بصرياً عبر معرضه «الجميلات النائمات» متشبعاً بالعديد من الثيمات الأيقونية في الفن والأدب والتاريخ الإنساني، خصوصاً في التعامل مع الجسد الأنثوي، بما يحمله من دلالات متعددة وجماليات عابرة للزمان ومحيّدة للمكان.

يذكر أن المعرض، الذي يستضيفه «غاليري ضي» بالزمالك (وسط القاهرة) حتى 5 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، يضم ما يزيد على 50 لوحة تتنوع خاماتها بين استخدام الألوان الزيتية على القماش بمساحات كبيرة، وبين الرسم بالألوان في مساحات أقل.

ويعدّ الجسد بمفهومه الجمالي والفني هو محور المعرض، والجسد الأنثوي تحديداً هو الأكثر حضوراً، بينما تبقى الوضعية الرئيسية التي اختارها الفنان، وهي فكرة «تمثال الكتلة» المصري القديم، وتوظيفه على هيئة فتاة نائمة هي الأكثر تعبيراً عن الفكرة التي يسعى لتقديمها، واضعاً ثيمتي الجمال، ممثلاً في الجسد الأنثوي، والنوم ممثلاً في وضعية واحدة تجسد المرأة، وهي نائمة في وضع أشبه بالجلوس، في إطار مشبع بالدلالات.

اللونان الأصفر والأحمر كانا لافتين في معظم الأعمال (الشرق الأوسط)

وعن المعرض، يقول هشام نوار: «الفكرة تستلهم تمثال الكتلة المصري القديم، فمعظم الشخصيات التي رسمتها تعود لهذا التمثال الذي ظهر في الدولة المصرية القديمة الوسطى، واستمر مع الدولة الحديثة، ويمثل شخصاً جالساً يضع يديه على ركبته، وكأنه يرتدي عباءة تخبئ تفاصيل جسده، فلا يظهر منه سوى انحناءات خفيفة، ويكون من الأمام مسطحاً وعليه كتابات، وكان يصنع للمتوفى، ويكتب عليه صلوات وأدعية للمتوفى».

ويضيف نوار لـ«الشرق الأوسط»: «تم عمل هذا التمثال لمهندس الدير البحري في الدولة الحديثة، الذي كان مسؤولاً عن تربية وتثقيف ابنة حتشبسوت، فيظهر في هيئة تمثال الكتلة، فيما تظهر رأس البنت من طرف عباءته، ومحمود مختار هو أول من اكتشف جماليات تمثال الكتلة، وعمل منها نحو 3 تماثيل شهيرة، هي (كاتمة الأسرار) و(الحزن) و(القيلولة)».

حلول جمالية بالخطوط والألوان (الشرق الأوسط)

وقد أهدى الفنان معرضه للكاتب الياباني الشهير ياسوناري كاواباتا (1899 - 1972) الحائز على نوبل عام 1968، صاحب رواية «منزل الجميلات النائمات» التي تحكي عن عجوز يقضي الليل بجوار فتاة جميلة نائمة بشرط ألا يلمسها، كما أهداه أيضاً للمثال المصري محمود مختار (1891 – 1934) تقديراً لتعامله مع فكرة «تمثال الكتلة».

وحول انتماء أعماله لمدرسة فنية بعينها، يقول: «لا يشغلني التصنيف، ما يشغلني معالجة خطوط الجسد البشري، كيف أجد في كل مرة حلاً مختلفاً للوضع نفسه، فكل لوحة بالنسبة لي تمثل الحالة الخاصة بها».

الفنان هشام نوار في معرضه «الجميلات النائمات» (الشرق الأوسط)

ويشير نوّار إلى أنه لم يتوقع أن يرسم كل هذه اللوحات، وتابع: «الفكرة وراء الجميلات النائمات الممنوع لمسهن، لكن تظل المتعة في الرؤية والحلم الذي يمكن أن يحلمه الشخص، حتى إن ماركيز قال إنه كان يتمنى أن يكتب هذه الرواية».

«يؤثر التلوين والتظليل على الكتلة، ويجعلها رغم ثباتها الظاهر في حال من الطفو وكأنها تسبح في فضاء حر، هنا تبرز ألوان الأرض الحارة التي احتفى بها الفنان، وتطغى درجات الأصفر والأحمر على درجات الأخضر والأزرق الباردة»، وفق الكاتبة المصرية مي التلمساني في تصديرها للمعرض.

أفكار متنوعة قدّمها الفنان خلال معرض «الجميلات النائمات» (الشرق الأوسط)

وتعدّ مي أن هذا المعرض «يكشف أهمية مقاومة الموت من خلال صحوة الوعي، ومقاومة الذكورية القاتلة من خلال الحفاوة بالجسد الأنثوي، ومقاومة الاستسهال البصري من خلال التعمق الفكري والفلسفي؛ ليثبت قدرة الفن الصادق على تجاوز الحدود».

وقدّم الفنان هشام نوّار 12 معرضاً خاصاً في مصر وإيطاليا، كما شارك في العديد من المعارض الجماعية، وعمل في ترميم الآثار بمنطقة الأهرامات عام 1988، كما شارك مع الفنان آدم حنين في ترميم تمثال «أبو الهول».