الحلقة (2) قذاف الدم يتذكر: الحسن الثاني وضع مبارك والقذافي في غرفة وأغلق عليهما الباب لتسوية خلافاتهما

أحمد قذاف الدم يروي لـ {الشرق الأوسط} مسيرة نصف قرن مع معمر القذافي

العقيد القذافي وقذاف الدم،  قذاف الدم والملك الحسن الثاني، مبارك وقذاف الدم
العقيد القذافي وقذاف الدم، قذاف الدم والملك الحسن الثاني، مبارك وقذاف الدم
TT

الحلقة (2) قذاف الدم يتذكر: الحسن الثاني وضع مبارك والقذافي في غرفة وأغلق عليهما الباب لتسوية خلافاتهما

العقيد القذافي وقذاف الدم،  قذاف الدم والملك الحسن الثاني، مبارك وقذاف الدم
العقيد القذافي وقذاف الدم، قذاف الدم والملك الحسن الثاني، مبارك وقذاف الدم

لم تكن معرفة أحمد قذاف الدم بالرئيس المصري الأسبق حسني مبارك معرفة عابرة، بل يمكن أن تقول إنها كانت مزيجا من العلاقات العسكرية والسياسية والأسرية أيضا، امتدت من جبهات القتال والتدريب سواء في مصر أو في ليبيا، رغم فارق السن بين الرجلين والذي يبلغ نحو ربع قرن، أو من خلال اللقاءات في ثكنات الجيش في الصحارى إلى جانب مقابلات قصور الحكم أو الفنادق في أوروبا وغيرها، بالإضافة إلى خيمة القذافي نفسه بطبيعة الحال. ومع ذلك لا يخفي قذاف الدم، وهو يتحدث لـ«الشرق الأوسط» أن العلاقة بين مبارك والعقيد معمر، كانت في كثير من الأحيان تبدو كأنها تسير إلى الهاوية، إلا أن الظروف تتدخل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه لكي تستمر العجلة في الدوران.. فقد كانت ليبيا تحتاج إلى مصر في أزماتها الكثيرة مع العالم الخارجي، وكانت مصر تحتاج إلى ليبيا بسبب نحو مليوني عامل مصري يعملون في ذلك البلد النفطي المهم. ويلخص قذاف الدم مجمل ذكرياته عن مبارك، قائلا عنه إن شخصيته تختلف عن شخصية السادات.. ويقول: زرت مبارك كثيرا، وفي أكثر من مكان.. مبارك كان يعمل بمثابرة.. أحيانا كنت أطلب موعدا فيعطيني موعدا في الساعة السابعة صباحا بسبب كثرة الاجتماعات التي عليه أن يرأسها أو يشارك فيها، سواء محلية أو تخص قضايا إقليمية أو دولية. كان يعمل من الصباح الباكر حتى التاسعة مساء.. هو إجمالا رجل بسيط في بيته ومأكله وحياته الخاصة.. وليس بتلك الصورة التي صورتها عنه وسائل الإعلام بعد تخليه عن الحكم. كان رجل جيش منضبطا في مواعيده والتزاماته.

يرفع مبارك القبعة العسكرية ويمسح العرق عن جبينه، ويمر على جنوده وطياريه تحت الشمس الحارقة.. كان ذلك في قاعدة طبرق داخل الأراضي الليبية في شهور الصيف في أوائل السبعينات.. ومن جانبه كان الرئيس السادات يبحث عن أي مدد يمكن أن يزيد من جرأته على خوض الحرب واجتياز المانع المائي وخط بارليف. كان يريد إخافة الإسرائيليين والأميركيين، لكن لم يكن لديه السلاح الغربي اللازم لاستكمال هذه العملية بالطمأنينة المطلوبة. وكان الضابط أحمد قذاف الدم وعدد من زملائه الليبيين، يترددون على الوحدات العسكرية الليبية والمصرية، سواء على جانبي الحدود، أو بعيدا حيث يحرس قذاف الدم مع واحدة من كتائب الدبابات المدخل الشرقي للقاهرة، بقيادة الفريق كمال حسن علي، الذي كان وقتها قد تدرج في عدة مواقع منها منصب مدير سلاح المدرعات وقائدا للفرقة 21 العسكرية المسؤولة عن إمداد الجيش المصري بالدبابات، وغيرها، حتى أصبح، فيما بعد، وزير خارجية مصر.
وشهدت تلك السنوات أكبر عملية تنسيق وتعاون بين الجيشين الليبي والمصري.. وفي تلك الأيام قابل قذاف الدم مبارك في قاعدة طبرق، وهي القاعدة المعروفة أيضا باسم «قاعدة ناصر».. كان مبارك يتفقد بين حين وآخر هذه القاعدة مع قادة عسكريين آخرين من أجل تنفيذ العديد من المهام التدريبية استعدادا للحرب في سيناء، بعد احتلالها من جانب إسرائيل عام 1967. وترقى مبارك بعد ذلك، أي في عام 1972 ليكون قائدا للقوات الجوية.
ويقول قذاف الدم: «قبل ذلك الوقت بنحو ثلاث سنوات كنت قد انتهيت من الدراسة في الكلية الحربية بمصر، والتحقت بالقوات المسلحة الليبية، وبالتحديد في إحدى كتائب الدبابات في لواء ناصر، في ضواحي طرابلس. ثم بعدها جرى تكليفي مع ضباط آخرين بالعديد من المهام السرية من أجل مساعدة مصر في الإعداد للحرب.. انتقلنا، كعسكريين ليبيين، إلى مصر، بالبحر عبر سفينة تابعة للقوات البحرية الليبية، توجهنا بها إلى الإسكندرية ليلا.. وكنا قد غادرنا بالسفينة ميناء طرابلس ثم بعد الاستراحة في ميناء بنغازي، واصلنا الإبحار شرقا.. كنا نتحرك كمتسللين حتى لا ترصدنا أجهزة المخابرات وتخطر إسرائيل حيث كان يمكن استهدافنا وضربنا في عرض البحر. كانت كل حركتنا بالسفينة ليلا.. وكان لا بد أن نصل إلى ميناء الإسكندرية في الليل أيضا، ومن هناك انتقلنا إلى القاهرة برا»..
ويضيف: «كنا قد بدأنا العمل مع القوات المسلحة المصرية منذ ما قبل حرب 1973.. كنا ضباطا وفي الوقت نفسه كانت لدينا مهام أخرى نقوم بها. وكان عبد الناصر قد مات مبكرا.. وبدأ الرئيس السادات في قيادة الدولة المصرية وفي الإعداد للحرب. وكانت هناك مهام وقت الاتحاد الثلاثي بين مصر وليبيا وسوريا.. وكان القذافي يقوم بزيارات في بعض الدول العربية للحشد للمساعدة في الإعداد للحرب التي كان مقررا لها عام 1971، كان متحمسا.. وكنا في سباق مع الزمن، من أجل جلب بعض الأسلحة الغربية التي لم تستطع مصر في ذلك الوقت أن تحضرها من الكتلة الغربية، وكانت ليبيا ما زال لديها علاقات مع الدول الغربية خاصة في أوروبا».
ويضيف أن التكليف بالمهام السرية كان يقوم بها في ذلك الوقت أحيانا قيادات مصرية أيضا، مشيرا إلى أن «ليبيا هي أول دولة عربية تفتح سوق السلاح الفرنسي أمام العرب، من خلال شراء أسلحة من فرنسا لمصر بطريق مستتر، أيام الرئيس الفرنسي جورج بومبيدو (حكم من سنة 1969 حتى وفاته في 1974) واشترت ليبيا 100 طائرة ميراج، وأسلحة أخرى، ومنظومة دفاع جوي متحرك، وكانت كل طلبات مصر من الأسلحة الغربية يجري تلبيتها انطلاقا من ليبيا. وكانت ليبيا تتولاها من الغرب ومن روسيا أيضا مثل الزوارق المطاطية، وجسور العبور، والخراطيم التي تنسف خط بارليف، إضافة لاستيراد جرافات أميركية جرى استخدامها في إقامة سواتر ترابية للدبابات المصرية.
ومن ضمن المهام «التي قمنا بها»، كما يقول قذاف الدم.. «أننا جئنا في ذلك الوقت بالكلية الحربية المصرية إلى منطقة سوسة في ليبيا، في منطقة الجبل الأخضر في شمال وسط ليبيا، نقلناها بطلبتها وأساتذتها ومعداتها إلى هناك حتى تكون في مأمن أثناء الحرب. بينما تحولت قاعدة طبرق العسكرية لمركز أساسي لتدريب الطيارين المصريين».
ويضيف: «حين عقدنا صفقة طائرات الميراج الفرنسية، خصيصا لصالح مصر، كان لا بد أن يتدرب الطيارون المصريون عليها في فرنسا.. فأخذنا طيارين مصريين واستخرجنا لهم جوازات سفر ليبية، وأرسلناهم لفرنسا، وتدربوا هناك.. وكان ذلك في عام 1973، أي قبيل موعد الحرب بعدة أشهر. كانت هذه آخر صفقة مع الفرنسيين قبل الحرب. وأيضا كانت هناك وحدات عسكرية ليبية قرب مرسى مطروح غرب مصر من اللواء التاسع الليبي، وكذلك كتيبة من كتائب الصاعقة الليبية. وكان الوقود يأتي من ليبيا لمصر مجانا لتموين القوات المسلحة، بالإضافة إلى التبغ وكل المواد التي يحتاجها الجيش.. كنت أثق في النصر وأحلم بما هو أكبر مما تحقق بكثير. كنا نعتقد أننا سنسترجع سيناء بضربة واحدة».
وكان المعسكر الذي عمل فيه قذاف الدم في مصر أثناء حرب 1973 يقع على طريق الإسماعيلية، في شرق العاصمة المصرية، قائلا: «نحن لم نشارك في العبور، ولكن زملاءنا شاركوا، لأن مهمتنا كانت الدفاع عن القاهرة من الناحية الشرقية».
ووقعت بعد ذلك الخلافات الشهيرة في وجهات النظر حول توقف الحرب والمفاوضات مع إسرائيل، وعليه وقعت القطيعة بين ليبيا ومصر لسنوات، لكن زيارات قذاف الدم لمصر لم تتوقف، بما في ذلك ما تبقى من سنوات حكم السادات. ويقول إنه في فترة مبارك، الذي تولى الحكم منذ عام 1981 «استفدنا من أخطاء كثيرة حدثت في عهد السادات». لكن العلاقات لم تعد بين البلدين إلا في أواخر الثمانينات.. «وعليه قررنا أن نفصل بين الاختلاف السياسي ومصالح الناس، وأصبح لدينا أكثر من مليوني مصري يعملون في ليبيا. ووقعنا الاتفاقيات العشر، ومنها حرية الحركة والإقامة والتنقل دون قيد أو شرط.. وأصبح التنقل بين البلدين في بعض الفترات ببطاقة الهوية الشخصية (المحلية). والحقيقة مبارك أعاد العلاقة بين مصر والعرب». وجاء أول لقاء مباشر بين القذافي ومبارك، على هامش مؤتمر للقمة العربية في المغرب سنة 1989. ويقول قذاف الدم عن الترتيبات الخاصة بهذا اللقاء: «طبعا كان بيني وبين الرئيس مبارك لقاءات كثيرة في مصر أو خارج مصر وعبر الهاتف أيضا.. كنا نتواصل معه، وكنا نمتص كل المشاكل التي تحدث والفتن والدسائس. وفي الحقيقة عندما كنا ذاهبين، كوفد ليبي رسمي برئاسة القذافي، للقمة في المغرب، قام الملك الحسن الثاني، رحمه الله، بترتيب اللقاء مع الرئيس المصري، بعد أن كنت قد تناقشت مع الملك حول تجنب أي مشاكل قد تقع بين الأخ معمر والرئيس مبارك داخل اجتماع القمة.. واقترحت على جلالة الملك أن يلتقي مبارك والقذافي قبل الاجتماع، وذلك في غرفة مغلقة مع بعضهما البعض.. وبالفعل، وصل الأخ معمر، وبعده دخل الرئيس مبارك.. تصافحا، وهنا قام جلالة الملك بالدخول بهما داخل الغرفة، ثم تركهما وخرج، وأغلق الباب عليهما.. ووقفنا ننتظر ونترقب وننصت».
وفي الغرفة بدأ صوت كل من مبارك والقذافي يصل عبر الباب، وينقل كل طرف منهما للآخر كلمات فيها نوع من العتاب واللوم والمواجهة.. ويقول قذاف الدم: «طبعا أنا كنت قد أبلغت الأخ معمر بشخصية الرئيس مبارك وطريقته في التعامل وبساطته ووضوحه، ونحن كنا نعتبر أن الرئيس مبارك ورث وضعا يمكن تصنيفه كوضع يقع ما بين حالة عبد الناصر وحالة السادات، بالإضافة إلى ما ورثه من تداعيات الحروب والقطيعة مع العرب والوضع الاقتصادي في مصر.. وأشرت للأخ معمر أن مصر تحتاج إلى الوقوف معها ودعمها، وأن مصر القوية هي التي يجب أن تنهض ويجب دعم الرئيس مبارك والوقوف معه في هذه المرحلة. كما أن الأخ معمر جاء بهذه الروح.. ولذلك، بعد قليل، ونحن وقوف أمام باب تلك الغرفة التي فيها مبارك والقذافي، بدأنا نستمع إلى ضحكات تنبعث من داخلها. وهنا عاد الملك الحسن الثاني واصطحبهما إلى القاعة التي فيها الرؤساء، وانطلقت الاجتماعات.
وبعدها - كما يقول قذاف الدم - «وفي نفس الليلة، استدعاني الرئيس مبارك.. ذهبت إليه لآخذ انطباعه عن هذا اللقاء، وكان انطباعا إيجابيا، وقال لي: لقد اتفقت مع الأخ معمر على كل الأشياء، وفي اليوم التالي دعانا الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد، على الغداء؛ الرئيس مبارك والأخ معمر.. وجلسا مطولا في نقاش لبعض التفاهمات، ثم عدنا من المغرب. وفي اليوم الذي يليه رتبنا قمتين بين مصر وليبيا على جانبي الحدود عقدت الأولى في مدينة مرسى مطروح والثانية في مدينة طبرق. وبعد ذلك بأيام قليلة جئت للقاهرة وحملت رسالة من الأخ معمر وأعلنا عودة العلاقات رسميا وفتح السفارات، واستمرت العلاقات منذ ذلك الوقت بزخم كبير. لكن الأساس في نجاحها هو أننا اتفقنا على الفصل بين العلاقات الثنائية وبين خلافاتنا فيما يتعلق بالعدو الصهيوني أو بعض الأمور التي تخص مصر في علاقاتها مع الدول وفيما يخصنا نحن أيضا.. وشهدت العلاقة في عهد حسني مبارك ازدهارا كبيرا وتعاونا في كافة المجالات».
لكن الخلافات اشتعلت فجأة، بين مصر وليبيا، مجددا، لكن هذه المرة ليس بسبب السلام مع إسرائيل، وإنما بسبب نيران الغزو العراقي للكويت سنة 1990 والتي كادت أن تحرق ملفات العلاقة الوليدة بين البلدين وذلك أثناء القمة العربية التي عقدت في القاهرة على عجل بشأن الموقف من الغزو. ويقول قذاف الدم: «في الحقيقة لم يكن أي من القاهرة وطرابلس على علم بعملية الغزو إلا بعد الاتصال الذي أجريته مع القذافي ومبارك، وذلك عقب علمي بالموضوع بمحض الصدفة، حين أخبرني أحد أصدقائي ممن يديرون سلسلة فنادق عالمية، بدخول الجيش العراقي الكويت».
يوضح قذاف الدم: «كنت في بيتي بالقاهرة عندما تلقيت ذلك الاتصال. وقال لي صديقي إن الجيش العراقي يقف أمام الفندق في الكويت الآن. وأجريت اتصالات حتى تأكدت. بل تحدثت مع مدير الفندق في الكويت، وقال لي إنه يمكنه أن ينادي على أحد الضباط العراقيين الذين أصبحوا يتمركزون أمام الفندق لأتحدث معه. وهنا اتصلت بأصدقائي في القاهرة، فلم يكن لديهم علم، ثم اتصلت بالأخ معمر، ولم يكن لديه علم أيضا، لكنني أكدت له صحة المعلومات بشأن وقوع الغزو.. ومنذ تلك الليلة بدأت التداعيات، وقال لي الأخ معمر إنه سيبدأ في الدعوة لقمة عربية طارئة وطلب مني أن أتصل بالرئيس مبارك، لكن الوقت كان متأخرا، وكان الرئيس نائما، فتركت خبرا للرئاسة حيث اتصلوا بي في نحو الساعة السادسة صباحا وطلبوا مني الحضور لمقابلة مبارك، ورويت له ما حدث، فاتصل بالأخ معمر، وكان الوقت ما زال مبكرا في ليبيا، بسبب فرق التوقيت، وقال لي مازحا: (كنتم تريدون إيقاظي في منتصف الليل.. حسنا سوف أوقظ معمر من نومه الآن). لكن حين طلبه وجده مستيقظا، وقال له إنه لم ينم منذ أمس، وأن العديد من الزعماء وافقوا على حضور القمة، وأنه سيتوجه للقاهرة حالا ليكون أول الحاضرين..
وكان صدام حسين بعث بكلمته للقمة مكتوبة وجرى توزيعها عن طريق الوفد العراقي على الأعضاء، وكانت عبارة عن ألغام وهجوم على القادة العرب، وتسببت في انقسامات حادة في مواقف الدول العربية، بشكل كان يهدد بالفشل في اتخاذ قرار يترقبه الملايين في منطقة الشرق الأوسط على الأقل. ولجأ مبارك، الذي كان يدير الجلسة، إلى غلق باب النقاش لأنه كان يستغرق وقتا طويلا من جانب كل متحدث دون جديد. وقرر طرح قرارات القمة للتصويت عليها، وهو أمر رفضه القذافي». ويقول قذاف الدم الذي حضر هذه الوقائع: «أخطر نقطة مرت علينا، في العلاقات المصرية الليبية أيام مبارك، كانت في القمة العربية الخاصة بغزو العراق للكويت».
ويضيف: بدأت مجريات القمة، ووقعت مشادة كبيرة.. فالرئيس صدام (الذي لم يحضر وحضر وفد عراقي نيابة عنه) بعث خطابا يحمل كلمته، وجرى توزيعه على الرؤساء داخل القاعة، مما تسبب في رفع درجة الحرارة، لأنه كان يتضمن هجوما على بعض الرؤساء وعلى الرئيس مبارك نفسه. وبعد ذلك الرئيس مبارك استُفز، وأسرع بغلق النقاش، واحتج معمر على ذلك في القاعة، وبدأت مشكلة كبيرة ورفع مبارك الجلسة، إلا أن معمر بقي داخل القاعة غاضبا وكان معه الرئيس عرفات ومجموعة من الرؤساء.. الحقيقة أنا خرجت مسرعا، ولحقت بالرئيس مبارك، وكان قد اقترب من ركوب سيارته أمام قاعة المؤتمرات، فتحدثت معه وكان منفعلا أيضا، وقلت له إن الأخ معمر زعلان وجالس في القاعة، ولا ينبغي ذلك، ولا يصح تركه هكذا، لأنه في النهاية هو ضيفك. ولم يكن مبارك وحده الذي يشعر بالضيق والانفعال من مجريات القمة ومن تداعيات الغزو العراقي، بل كان غالبية الحضور يرون أن الحدث جلل، ويمكن أن يجر على المنطقة ويلات لا يعلم مداها إلا الله، ويبدو أن مبارك تحدث عن هذه المخاوف مع عدد من الزعماء في ردهات القمة قبيل انعقادها. كما أن البرقيات التي كانت ترد للزعماء لحظة بلحظة عن التطورات، لا تبشر بخير. وكان الحمل ثقيلا على الجميع. وتوقف مبارك على صوت قذاف الدم، ولم يركب السيارة، وظل يستمع إليه واقفا، وبعد أن هدأ قليلا اتخذ قراره بالعودة في محاولة لتطييب خاطر القذافي. ويقول قذاف الدم: «في الحقيقة استجاب الرئيس مبارك، وعدنا سويا إلى القاعة.. وبينما نحن في الطريق، قابلنا الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد، وكان نحيفا ذا شعر يميل للبياض ونظرة عسكرية ثاقبة، فلاحظ وجود جدل بيني وبين الرئيس مبارك وأنا أمسك بذراعه، فسأل: ما لكم؟ ما الذي يجري؟ فقلت له إن الأخ معمر زعلان وما زال هناك لا يريد أن يغادر القاعة، فقال لي: لا.. لا.. لا يجب أن نترك أخانا. فدخلنا نحن الثلاثة.. وكان الموقف محتدا وصعبا، وكان معمر ما زال غاضبا.. وبدا أن غضبه ازداد عن ذي قبل، لكن بدخول مبارك وبن جديد إلى القاعة والتوجه إليه، بدأت أساريره تنفرج، ثم قاموا بتجاذب أطراف الحديث معه عن مجريات القمة وما كان يجب وما لا يجب، وهدأ ذلك من غضب القذافي. وأنا كنت أخشى، لو عدنا إلى ليبيا بعد القمة مباشرة، ودون لقاء مبارك والقذافي، أن تنتهي العلاقات بين البلدين من جديد وهي ما زالت في المهد.
لكن ثورة القذافي كانت تستعر في داخله، على عكس ما كان يبدو للجميع من رضا، وكان قد حزم أمره على الرحيل من مقر القمة إلى المطار فطرابلس رأسا، وليس إلى الفندق كما كان مقررا. وأمر بإعداد طائرته لكي تطير به إلى طرابلس. وقال: «جهزوا الطائرة!». ويضيف قذاف الدم أنهم خرجوا من القاعة، وركبوا السيارة الطويلة مع مبارك، حتى ينسى القذافي موضوع المطار، «وكنت بصحبتهما، أنا وأسامة الباز أيضا (سكرتير الرئيس مبارك للمعلومات)». لكن أحمد قذاف الدم احتال في الأمر للإبقاء على القذافي مزيدا من الوقت في مصر ومع مبارك، لأنه كان يعلم أنه لو سافر إلى ليبيا وهو على هذه الحالة من الغضب، فإن العلاقة مع مصر ستكون قد انتهت.
ويشرح ملابسات هذه الحيلة التي أفضت إلى عقد قمة مصغرة في الإسكندرية بشأن استكمال تدارس الوضع في العراق، مشيرا إلى أن هذه القمة لم يكن مخططا لها أصلا. ويضيف موضحا أنه حين وجد أن القذافي ما زال غاضبا من مبارك، قال له، وهو معهم في السيارة التي كانت تعبر الشوارع في اتجاه الفندق وليس المطار، إن هناك قمة مصغرة يوم غد، ويجب أن نشارك فيها، فسألني القذافي وقد تفاجأ: «قمة! لماذا؟ ألم نكمل القمة هنا وانتهينا».. فقلت له: نريد أن نجلس من أجل استخلاص النتائج وما قد يحدث بعد هذه القرارات التي اتخذناها في قمة القاهرة، وقلت له أيضا إن الرئيس حافظ الأسد والرئيس الشاذلي بن جديد سيحضران أيضا.
وهنا التفت مبارك وقال للقذافي: «صحيح.. إلى أين أنت ذاهب، ونحن لدينا قمة مصغرة يوم غد». ووصلت السيارة للفندق، ونزل معمر ودخل إلى الجناح الخاص به، بعد أن شيعه الرئيس مبارك في البهو.. وحين بدأ مبارك يخطو عائدا في اتجاه الباب الخارجي، تبعته لأودعه، فوقف أمام الفندق، أي قبل أن يركب السيارة، وقال لي: «ما هي حكاية القمة المصغرة التي تتحدث عنها؟ ألم ننته من القمة اليوم؟». فقلت له: «لا.. اتفقت أنا والدكتور أسامة الباز أن نعمل غدا قمة مصغرة». ويضيف قذاف الدم أن الباز كان في هذا الوقت يقف إلى جواره، فسأله الرئيس مبارك: «إيه الموضوع يا أسامة.. قمة إيه؟». فقال له: «نعم، سيادتك.. نلتقي بكرة مجموعة من الرؤساء الذين يحبون الحضور، في اجتماع غير رسمي، نناقش الأمور». فأجاب مبارك قائلا: «خلاص.. لكن في الإسكندرية وليس هنا». فقلت له: «هذا أفضل». وبعد أن ركب مبارك السيارة ومضى، أمسك أسامة بيدي، وسأل مستهجنا كل الملابسات الخاصة بموضوع القمة الذي لم يكن له أصل، وقال لي: «ماذا تفعل».. وأضاف باللهجة المصرية منزعجا: «إيه اللي بتهببه ده؟» فقلت للباز: «لا مشكلة.. القذافي ومبارك أصبحا موافقين على القمة المصغرة في الإسكندرية.. أنت هات رئيس وأنا آتي برئيس، ودعنا ننجز هذه القمة».
وجرى الاتصال من جانب أحمد قذاف الدم وأسامة الباز بكل من الرئيس حافظ الأسد ووافق، وكذا وافق الرئيس الجزائري والرئيس الفلسطيني عرفات.. ويقول قذاف الدم: «أصبح هناك خمسة رؤساء.. وذهبنا بالطائرات من القاهرة، ونزلنا في قصر المنتزه بالإسكندرية. وعقدنا القمة هناك، وتناولوا الغداء، ثم غادروا، بينما بقينا نحن في الإسكندرية، أي الجانب الليبي والجانب المصري، وعالجنا الحالة الثنائية التي بين مصر وليبيا قبل أن تتفاقم في تلك الظروف الدقيقة.
وفي الإسكندرية أيضا جرى توضيح الصورة بشكل أكثر تفصيلا للقذافي لأنه كانت لديه شكوك في أن الولايات المتحدة الأميركية تدخلت في القرار الذي وافقت عليه تلك القمة العربية الخاصة بقضية غزو العراق للكويت. وجرى شرح الموقف للقذافي بأن سبب التوتر أساسا كان توزيع رسالة داخل القاعة فيها تهديد من الرئيس صدام، موجهة ضد بعض الرؤساء بالاسم وفيها نوع من الاستفزاز. ويقول قذاف الدم: «كنا ضد غزو صدام حسين للكويت، وكنا أيضا ضد الوجود الغربي الأميركي في المنطقة، لأنهم إذا دخلوا لن يخرجوا. وهذا الذي أوصلنا إلى كل تلك الخلافات».
وبعد مضي نحو أربعين عاما من أول لقاء له مع مبارك في شرق ليبيا، يقول قذاف الدم إن الرجل ظل، حتى تخليه عن الحكم في 2011، «هو نفس الشخص الذي قابلته في قاعدة طبرق.. لم يتغير ولم يغتر، وكان حريصا، كما هو، ويتابع كل الأشياء بدقة وبنفسه.. وأذكر واقعة لا أنساها، لأنها تحضر إلى ذهني كلما قرأت ما يكتب عن تبذير مبارك وإسرافه وتبديده للمال العام.. وهذه الواقعة كانت حين قابلته في التسعينات على هامش مؤتمر غير رسمي عقد في أوروبا، وكان المؤتمر لمدة يوم واحد، وكان هو يريد أن يغادر في نفس اليوم.. فطلبت منه أن يرتاح، وقلت له: «يا ريس.. لماذا تسافر في نفس اليوم.. ابق يوما أو يومين. هذه بلد جميلة وارتح قليلا، ونذهب غدا للغداء في مطعم أو في مكان مريح.. كما تحب».
ويتابع قذاف الدم: «هنا، أي بعد أن أنهيت كلامي، صمت مبارك قليلا، ثم قال لي: فكرة جيدة.. وبعدها سكت مرة أخرى لفترة أطول كأنه يفكر تفكيرا عميقا، ثم قال: لا.. لا أستطيع.. لدينا شغل كثير والتزامات. فقلت له إن الالتزامات لن تنتهي.. فأجاب قائلا: انظر يا أحمد.. هل تعرف كم تبلغ تكلفة الإقامة لليلة واحدة في هذا الفندق؟ في إشارة إلى ارتفاع سعر المبيت ليلة في ذلك الفندق. وقرر أن يرجع إلى مصر في نفس اليوم». ويضيف قذاف الدم: «لا أنسى هذه الكلمات التي قالها لي، وأنا أستمع إلى الذين يتهمونه بأنه أخذ مليارات.. أنا أثق في أنه كان حريصا على المال العام.. الرجل الآن يخضع للمحاكمة، وقد لا يفيدني في شيء، ولكن لا أستطيع، بعد أن عرفت هذه الأشياء عنه، إلا أن أقولها للتاريخ».

الحلقة (1): قذاف الدم يروي لـ«الشرق الأوسط» بداية التوتر بين السادات والقذافي.. واجتماع ميت أبو الكوم


موقع في غزة يتعرض لإطلاق نار أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة

موقع الرصيف البحري ومنطقة انطلاق عمليات المساعدات البحرية (أ.ب)
موقع الرصيف البحري ومنطقة انطلاق عمليات المساعدات البحرية (أ.ب)
TT

موقع في غزة يتعرض لإطلاق نار أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة

موقع الرصيف البحري ومنطقة انطلاق عمليات المساعدات البحرية (أ.ب)
موقع الرصيف البحري ومنطقة انطلاق عمليات المساعدات البحرية (أ.ب)

قال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة، الخميس، إن فريقاً تابعاً للمنظمة الدولية في قطاع غزة كان يتفقد موقع الرصيف البحري ومنطقة انطلاق عمليات المساعدات البحرية اضطر إلى البحث عن مأوى «لبعض الوقت»، الأربعاء، بعدما تعرضت المنطقة لإطلاق نار.

وأضاف المتحدث أن قذيفتين سقطتا على بعد نحو 100 متر، لكن لم تقع إصابات، وتمكن الفريق في النهاية من مواصلة الجولة.


ملك الأردن يحذر من خطورة اجتياح رفح

العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني (رويترز)
العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني (رويترز)
TT

ملك الأردن يحذر من خطورة اجتياح رفح

العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني (رويترز)
العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني (رويترز)

حذّر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، اليوم (الخميس)، من خطورة اجتياح مدينة رفح الفلسطينية، وأكّد على ضرورة التوصل إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة.

وذكر بيان للديوان الملكي الأردني أن الملك عبد الله أكد للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال اتصال هاتفي تلقاه منه ضرورة بذل الجهود لخفض التصعيد والحيلولة دون توسيع دائرة الصراع في المنطقة.

كما أكد العاهل الأردني أيضا أهمية «إيجاد أفق سياسي لتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين، الذي يضمن حصول الشعب الفلسطيني على كامل حقوقه المشروعة».


قصف إسرائيلي يستهدف عناصر دفاع مدني لبناني أثناء إخمادهم حريقاً

المدفعية الإسرائيلية تستهدف عناصر من فرق الإطفاء أثناء تأدية عملهم (أ.ف.ب)
المدفعية الإسرائيلية تستهدف عناصر من فرق الإطفاء أثناء تأدية عملهم (أ.ف.ب)
TT

قصف إسرائيلي يستهدف عناصر دفاع مدني لبناني أثناء إخمادهم حريقاً

المدفعية الإسرائيلية تستهدف عناصر من فرق الإطفاء أثناء تأدية عملهم (أ.ف.ب)
المدفعية الإسرائيلية تستهدف عناصر من فرق الإطفاء أثناء تأدية عملهم (أ.ف.ب)

أفادت الوكالة الوطنية للإعلام في لبنان اليوم (الخميس) بأن المدفعية الإسرائيلية استهدفت عناصر من فرق الإطفاء التابعة لاتحاد بلديات بنت جبيل أثناء إطفاء حريق؛ لكنها قالت إنهم نجوا من القصف.

وبحسب وكالة «أنباء العالم العربي»، ذكرت الوكالة أن الحريق الذي كانت العناصر تعمل على إطفائه كان قد اشتعل نتيجة استخدام القوات الإسرائيلية قذائف فوسفورية وضوئية.

وقالت إن القوات الإسرائيلية أطلقت عدة قذائف مدفعية «لترهيب عناصر الإطفاء».

وكان أفيخاي أدرعي، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، قال إن طائرات حربية تابعة لسلاح الجو استهدفت مبنى عسكرياً تابعاً لجماعة «حزب الله» في منطقة علما الشعب، ومنصات لإطلاق القذائف الصاروخية، وبنى تحتية تابعة للجماعة في منطقة كفر شوبا.

وذكر أدرعي عبر منصة (إكس) أن القوات الإسرائيلية نفذت هجمات أيضاً «لإزالة التهديد في عدة مناطق بجنوب لبنان»، مشيراً إلى رصد إطلاق ثلاث قذائف صاروخية عبرت من الأراضي اللبنانية باتجاه منطقة عرب العرامشة، وأربع قذائف صاروخية أخرى باتجاه منطقة جبل الروس دون وقوع إصابات.

من جهة أخرى، قالت جماعة «حزب الله» اللبنانية إنها شنت ‌‌‏اليوم هجوماً بطائرة مسيرة على مقر عين مرغليوت للمدفعية الإسرائيلية «وأصابت ‏هدفها... رداً على ‏استهداف القرى الجنوبية».

وفي وقت سابق اليوم، قال الجيش الإسرائيلي في بيان إن صفارات الإنذار دوت في عرب العرامشة بشمال إسرائيل، قرب الحدود مع لبنان، لكنه لم يذكر في بيانه أي تفاصيل أخرى.

كان الجيش الإسرائيلي قد ذكر فجر اليوم أنّ مقاتلاته قصفت ما وصفها بأنها بنية تحتية لـ«حزب الله» في منطقة مارون الراس جنوب لبنان، إضافة لنقطة مراقبة تابعة للحزب في منطقة مركبا.

ويتبادل الجيش الإسرائيلي وجماعة «حزب الله» اللبنانية القصف عبر الحدود بشكل شبه يومي منذ اندلاع الحرب بقطاع غزة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.


واشنطن تعترض هجمات حوثية... وزعيم الجماعة يتبنى قصف 102 سفينة

طائرة حوثية من دون طيار أطلقت من مكان غير معروف لمهاجمة السفن في البحر الأحمر (رويترز)
طائرة حوثية من دون طيار أطلقت من مكان غير معروف لمهاجمة السفن في البحر الأحمر (رويترز)
TT

واشنطن تعترض هجمات حوثية... وزعيم الجماعة يتبنى قصف 102 سفينة

طائرة حوثية من دون طيار أطلقت من مكان غير معروف لمهاجمة السفن في البحر الأحمر (رويترز)
طائرة حوثية من دون طيار أطلقت من مكان غير معروف لمهاجمة السفن في البحر الأحمر (رويترز)

بعد هدوء نسبي، عادت الجماعة الحوثية لتنفيذ هجماتها البحرية ضد السفن، في الشهر السادس منذ بدء التصعيد في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حيث أكد الجيش الأميركي اعتراض وتدمير صاروخ وأربع مسيرات، كما أكد الجيش اليوناني تدمير مسيرة خامسة.

وتبنت الجماعة الموالية لإيران، الأربعاء، مهاجمة ثلاث سفن في خليج عدن والمحيط الهندي، ليرتفع عدد السفن التي هاجمتها إلى 102 سفينة، وفق زعيمها عبد الملك الحوثي، في حين أبلغت هيئة بريطانية عن هجوم آخر استهدف سفينة على مقربة من جنوب غربي ميناء عدن، الخميس، دون أضرار.

وأفادت هيئة العمليات البريطانية في تقرير على منصة «إكس» بأن قبطان سفينة شحن أبلغ عن سماع دويّ قويّ ورؤية ارتطام بالماء وتصاعُد للدخان من البحر على بُعد نحو 15 ميلاً بحرياً إلى الجنوب الغربي من ميناء عدن اليمني. وأضافت أن السفينة وطاقمها بخير، وأن جهات عسكرية تقدم لها الدعم.

الإبلاغ عن الحادث جاء غداة إعلان الجماعة الحوثية تنفيذ ثلاث عمليات عسكرية في خليج عدن والمحيط الهندي، استهدفت سفينتين أميركيتين إحداهما عسكرية، وسفينة إسرائيلية. وفق بيان للمتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع.

وزعم سريع أن قوات جماعته البحرية استهدفت سفينة «ميرسك يورك تاون» الأميركية في خليج عدن، بعدد من الصواريخ البحرية المناسبة، وكانت الإصابة دقيقة. كما زعم أن جماعته استهدفتْ مدمرة حربية أميركية في خليج عدن وسفينة «إم إس سي فيراكروز» الإسرائيلية في المحيط الهندي بعدد من الطائرات المسيرة.

تصدٍّ أميركي ويوناني

أفاد الجيش الأميركي، في بيان، الخميس، باعتراض الهجمات الحوثية وتدمير صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات، كما أبلغ الجيش اليوناني عن اعتراض مدمرة تابعة له طائرتين من غير طيار.

وأوضحت القيادة الأميركية المركزية، في بيان على منصة «إكس»، أنه في الساعة 11:51 صباحاً (بتوقيت صنعاء) يوم 24 أبريل (نيسان) ، نجحت سفينة تابعة للتحالف في التصدي لصاروخ باليستي مضاد للسفن فوق خليج عدن تم إطلاقه من المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون المدعومون من إيران.

ورجح البيان أن الصاروخ كان يستهدف السفينة «إم في يورك تاون»، وهي سفينة تملكها وتديرها الولايات المتحدة وترفع علمها، وتضم طاقماً مكوناً من 18 أميركياً وأربعة يونانيين.

وفي حين لم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات أو أضرار من قبل السفن العسكرية والتجارية، أضاف البيان الأميركي أنه بشكل منفصل، بين الساعة 12:07 والساعة 1:26 ظهراً، نجحت القوات في الاشتباك وتدمير أربع طائرات دون طيار فوق المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.

وطبقاً للجيش الأميركي، تقرر أن الصاروخ المضاد للسفن والطائرات من دون طيار كانت تمثل تهديداً وشيكاً للولايات المتحدة والتحالف والسفن التجارية في المنطقة، وأنه يتم اتخاذ الإجراءات لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أماناً.

إلى ذلك، نقلت «رويترز» عن مسؤولين في وزارة الدفاع اليونانية، الخميس، قولهم إن سفينة حربية يونانية تشارك في المهمة البحرية للاتحاد الأوروبي في البحر الأحمر اعترضت طائرتين مسيرتين أطلقهما الحوثيون من اليمن صوب سفينة تجارية.

وبحسب مسؤول يوناني تحدث للوكالة، أطلقت الفرقاطة اليونانية «هايدرا»، التي كانت ترافق سفينة تجارية في خليج عدن النار على طائرتين مسيرتين، حيث دمرت واحدة بينما ابتعدت الأخرى».

وتشارك اليونان بفرقاطتها ضمن مهمة الاتحاد الأوروبي «أسبيدس» لحماية الملاحة من الهجمات الحوثية، لكن دون المشاركة في ضربات مباشرة على الأرض ضد الجماعة، كما تفعل الولايات المتحدة وبريطانيا.

الجنرال روبرت بريجر رئيس اللجنة العسكرية للاتحاد الأوروبي يتحدث إلى وسائل الإعلام (أ.ب)

وفي وقت سابق، قال قائد المهمة الأوروبية الأدميرال اليوناني فاسيليوس غريباريس إن سفن الاتحاد اعترضت 9 طائرات حوثية مُسيَّرة، وقارباً مُسيَّراً، وأربعة صواريخ باليستية.

ولدى الاتحاد 4 سفن عسكرية، ومن بين دوله المشاركة في المهمة: فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، واليونان، وبلجيكا، إلى جانب فرقاطة دنماركية عادت من المهمة إلى قاعدتها؛ إثر تعرضها لعطل في نظام الأسلحة إثر هجوم حوثي. كما عادت فرقاطة ألمانية إلى قواعدها في انتظار إرسال أخرى بديلة.

مهاجمة 102 سفينة

تبنى زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، الخميس، في خطبة بثتها قناة «المسيرة» الذراع الإعلامية للجماعة، مهاجمة 102 سفينة خلال 200 يوم، وفق زعمه، مشيراً إلى أن جماعته تسعى لتوسيع الهجمات في المحيط الهندي.

وتربط الجماعة الموالية لإيران وقف هجماتها البحرية بإنهاء الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين في غزة وإنهاء حصارها، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة إيران في المنطقة، وتتخذ من قضية فلسطين ذريعة للمزايدة.

ويرى مجلس القيادة الرئاسي اليمني أن الضربات الغربية ضد الحوثيين غير مجدية، وأن الحل الأنجع هو من خلال دعم القوات الحكومية لاستعادة كل الأراضي اليمنية، بما فيها الحديدة وموانئها.

عنصر حوثي يرفع لافتة تمجد إيران حيث تتهم الجماعة بتنفيذ أجندة طهران في المنطقة (إ.ب.أ)

ويقول الجيش الأميركي إن الحوثيين هاجموا السفن في 122 مناسبة، وإن قواته نفذت قرابة 50 ضربة على الأرض لتقليص قدرات الجماعة ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) الماضي.

وأثرت هجمات الحوثيين على مصالح أكثر من 55 دولة، وهدّدت التدفق الحر للتجارة عبر البحر الأحمر، الذي هو حجر الأساس للاقتصاد العالمي، حيث دفعت الهجمات أكثر من عشر شركات شحن كبرى إلى تعليق عبور سفنها عبر البحر الأحمر؛ ما تسبب في ارتفاع أسعار التأمين على السفن في المنطقة. بحسب ما ذكرته القيادة المركزية الأميركية.

وكانت واشنطن أطلقت تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمَّته «حارس الازدهار»؛ لحماية الملاحة في البحر الأحمر، وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض. وانضم لها الاتحاد الأوروبي ضمن عملية «أسبيدس».

ومنذ تدخل الولايات المتحدة عسكرياً، نفَّذت أكثر من 400 غارة على الأرض، ابتداء من 12 يناير الماضي لتحجيم قدرات الحوثيين العسكرية، أو لمنع هجمات بحرية وشيكة. وشاركتها بريطانيا في 4 موجات من الضربات الواسعة.

مدمرة أميركية تشارك في حماية السفن في البحر الأحمر (الجيش الأميركي)

وأُصيب نحو 16 سفينة خلال الهجمات الحوثية، إلى جانب قرصنة «غالاكسي ليدر»، واحتجاز طاقمها، وتسببت إحدى الهجمات، في 18 فبراير (شباط) الماضي، في غرق السفينة البريطانية «روبيمار» بالبحر الأحمر بالتدريج.

وأدى هجوم صاروخي حوثي في 6 مارس (آذار) الماضي إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس»، في وقت أقرت فيه الجماعة بمقتل 34 عنصراً من مسلحيها جراء الضربات الأميركية والبريطانية.


نحو 100 ألف فلسطيني من غزة وصلوا مصر منذ بدء الحرب

متطوعون بـ«الهلال الأحمر المصري» يستقبلون المرضى الفلسطينيين (الهلال الأحمر المصري)
متطوعون بـ«الهلال الأحمر المصري» يستقبلون المرضى الفلسطينيين (الهلال الأحمر المصري)
TT

نحو 100 ألف فلسطيني من غزة وصلوا مصر منذ بدء الحرب

متطوعون بـ«الهلال الأحمر المصري» يستقبلون المرضى الفلسطينيين (الهلال الأحمر المصري)
متطوعون بـ«الهلال الأحمر المصري» يستقبلون المرضى الفلسطينيين (الهلال الأحمر المصري)

قال السفير الفلسطيني في القاهرة دياب اللوح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» اليوم (الخميس) إن 80 ألفا إلى 100 ألف فلسطيني وصلوا مصر من غزة منذ بدء الحرب بين اسرائيل و«حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول).

ويعد معبر رفح بين مصر وقطاع غزة المنفذ الوحيد لقطاع غزة إلى العالم الخارجي غير الخاضع لسيطرة إسرائيل. لكن إسرائيل لها الحق في مراقبة عبور الأشخاص والبضائع. ومن خلال هذا المعبر تمر المساعدات الإنسانية إلى غزة ببطء شديد.


إعلام إسرائيلي: وفد مصري يزور إسرائيل غداً وسط جهود لوقف القتال في غزة والإفراج عن المحتجزين

البيت الأبيض: العالم يشعر بالقلق على مصير المحتجزين والمدنيين في قطاع غزة (أ.ف.ب)
البيت الأبيض: العالم يشعر بالقلق على مصير المحتجزين والمدنيين في قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

إعلام إسرائيلي: وفد مصري يزور إسرائيل غداً وسط جهود لوقف القتال في غزة والإفراج عن المحتجزين

البيت الأبيض: العالم يشعر بالقلق على مصير المحتجزين والمدنيين في قطاع غزة (أ.ف.ب)
البيت الأبيض: العالم يشعر بالقلق على مصير المحتجزين والمدنيين في قطاع غزة (أ.ف.ب)

ذكرت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية (الخميس) أنّ وفداً مصرياً سيزور إسرائيل غداً (الجمعة) في إطار الجهود الجارية لوقف القتال في قطاع غزة والإفراج عن المحتجزين.

وبحسب «وكالة أنباء العالم العربي»، تأتي هذه الزيارة في أعقاب زيارة قام بها رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي ورئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار إلى القاهرة أمس (الأربعاء).

وفي وقت سابق من اليوم، قال البيت الأبيض إن قادة 18 دولة بينها الولايات المتحدة طالبت بالإفراج الفوري عن جميع المحتجزين في قطاع غزة، بمن فيهم مواطنو تلك الدول.

وقال قادة الدول الثماني عشرة في بيان مشترك نشره البيت الأبيض إن العالم يشعر بالقلق على مصير المحتجزين والمدنيين في قطاع غزة «الذين يحميهم القانون الدولي».

وأضاف البيان أنّ الصفقة المطروحة لإطلاق سراح المحتجزين من شأنها أن تؤدّي إلى تهدئة فورية وطويلة الأمد في غزة، بما يسهل إيصال المزيد من المساعدات الضرورية إلى جميع أنحاء القطاع وإنهاء الأعمال القتالية.


مباحثات جديدة لـ«السداسي العربي» مع واشنطن والاتحاد الأوروبي في الرياض

سيكون الاجتماع السداسي الثالث من نوعه خلال أقل من 3 أشهر (واس)
سيكون الاجتماع السداسي الثالث من نوعه خلال أقل من 3 أشهر (واس)
TT

مباحثات جديدة لـ«السداسي العربي» مع واشنطن والاتحاد الأوروبي في الرياض

سيكون الاجتماع السداسي الثالث من نوعه خلال أقل من 3 أشهر (واس)
سيكون الاجتماع السداسي الثالث من نوعه خلال أقل من 3 أشهر (واس)

تستضيف العاصمة السعودية الرياض، مطلع الأسبوع المقبل اجتماعاً لـ«السداسي العربي» الوزاري، بمشاركة وزراء الخارجية في دول السعودية، وقطر، والإمارات، والأردن، ومصر، بالإضافة إلى أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، وفقاً لمصدر عربي تحدث لـ«الشرق الأوسط».

وأفاد المصدر بأنه على هامش «المنتدى الاقتصادي العالمي» الذي سيعقد في الرياض يومي 28-29 أبريل (نيسان) الحالي، من المتوقع أن تجري عدد من الاجتماعات برعاية السعودية منها لقاء للسداسي العربي ومن ثم لقاء للسداسي العربي مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن سيكون هو الثالث من نوعه خلال أقل من 3 أشهر، بالإضافة إلى لقاء آخر لـ«السداسي العربي» مع الاتحاد الأوروبي.

الاعتراف بالدولة الفلسطينية

وأضاف المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن ملف الاعتراف بالدولة الفلسطينية، سيكون أحد الملفات الرئيسية على طاولة الاجتماعات، وذلك بعدما كشف الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، (الاثنين)، عن «حديث بدأ يتبلوّر في أروقة الاتحاد الأوروبي، على الأقل عند بعض الدول، للاتجاه إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية»

الزيارة السابعة لبلينكن

ويزور أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأميركي، المنطقة للمرة السابعة منذ اندلاع الحرب في غزة، بينما يُنتظر أن يلتقي بمسؤولين عرب وإقليميين، بالإضافة للرئيس الفلسطيني محمود عباس، على هامش حضورهما «المنتدى الاقتصادي العالمي» الذي سينعقد في الرياض يومي الأحد والاثنين 28-29 أبريل (نيسان) الحالي، وفقاً لما أفاد به المصدر لـ«الشرق الأوسط».

وكان «السداسي العربي» ناقش مع وزير الخارجية الأميركي في 20 مارس (آذار) الماضي، بالعاصمة المصرية، القاهرة، تصوّراً عربياً لخطة سلام إقليمي شامل، تبدأ بإنهاء الحرب على قطاع غزة ثم إطلاق مسار يقود إلى إقامة الدولة الفلسطينية، مقابل تطبيع عربي واسع مع إسرائيل، بالاستناد إلى مبادرة السلام العربية؛ وفقاً لمصدر فلسطيني تحدّث لـ«الشرق الأوسط» في حينه.

توجّه أوروبي للاعتراف بالدولة الفلسطينية

وفي حديث لوسائل الإعلام أعقب «المنتدى رفيع المستوى للأمن والتعاون الإقليمي» بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، (الاثنين)، في لوكسمبورغ، كشف وزير الخارجية السعودي عن «تطوّر مهم جدّاً» تمثّل في توجّه لدى بعض الدول في الاتحاد الأوروبي للاعتراف بالدولة الفلسطينية، عادَّاً أن اجتماع مجلس التعاون الخليجي مع الاتحاد الأوروبي شكّل «فرصةً للضغط في هذا الاتجاه».

الاجتماع السابق في القاهرة الشهر الماضي (الخارجية المصرية)

بينما جدّد مجلس التعاون الخليجي، الدعوة إلى مؤتمر دولي تشارك فيه جميع الأطراف المعنية لمناقشة جميع المواضيع المتعلقة بالقضية الفلسطينية، والتوصل إلى حل يقوم على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

ورحّبت السعودية (الأربعاء)، بنتائج التقرير الصادر عن اللجنة المستقلة بشأن أداء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، معتبرةً أن نتائج التقرير تؤكد الدور الرئيسي للوكالة في دعم الجهود الإغاثية والإنسانية والتنموية للشعب الفلسطيني، كما أدانت الرياض، (الثلاثاء)، استمرار قوات الاحتلال الإسرائيلي في ارتكاب جرائم الحرب الشنيعة بغزة دون رادع، آخرها اكتشاف مقابر جماعية في مجمع ناصر الطبي بمدينة خان يونس جنوب القطاع، وأكدت في بيان للخارجية، أن إخفاق المجتمع الدولي في تفعيل آليات المحاسبة تجاه انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي لقواعد القانون الدولي لن ينتج عنه سوى مزيد من الانتهاكات وتفاقم المآسي الإنسانية والدمار.

وجدّدت الرياض مطالبة المجتمع الدولي بالاضطلاع بمسؤوليته تجاه وقف اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على المدنيّين في غزة، ومحاسبته على المجازر التي ارتكبها.

الجولة السابعة لبلينكن في المنطقة (واس)

وتحتضن العاصمة السعودية الرياض يومي الأحد والاثنين المقبلين، الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي، تحت شعار: «التعاون الدولي والنمو والطاقة من أجل التنمية» برعاية الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، بحضور أكثر من 1000 مشارك من رؤساء الدول، وكبار المسؤولين والخبراء الدوليين وقادة الرأي والمفكرين، من القطاعات الحكومية والخاصة والمنظمات الدولية والمؤسسات الأكاديمية، لمناقشة مختلف القضايا والتطورات الاقتصادية العالمية.


دويٌّ قويٌّ وتصاعُد للدخان من البحر جنوب غربي عدن

حاوية خلال مرورها في البحر الأحمر (أرشيفية - رويترز)
حاوية خلال مرورها في البحر الأحمر (أرشيفية - رويترز)
TT

دويٌّ قويٌّ وتصاعُد للدخان من البحر جنوب غربي عدن

حاوية خلال مرورها في البحر الأحمر (أرشيفية - رويترز)
حاوية خلال مرورها في البحر الأحمر (أرشيفية - رويترز)

قالت هيئة بحرية بريطانية إن قبطان سفينة أبلغ عن سماع دويٍّ قويٍّ ورؤية ارتطام بالماء وتصاعُد للدخان من البحر، اليوم (الخميس)، على بُعد نحو 15 ميلاً بحرياً إلى الجنوب الغربي من ميناء عدن اليمني، وفق ما أفادت به وكالة «رويترز».

وذكرت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية أن السفينة وطاقمها بخير وأن جهات عسكرية تقدم لها الدعم.

ويشن الحوثيون في اليمن هجمات على السفن في البحر الأحمر منذ نوفمبر (تشرين الثاني)، ويقولون إنها حملة للتضامن مع الفلسطينيين خلال الحرب التي تشنها إسرائيل على حركة «حماس» في قطاع غزة.

وقال الحوثيون، أمس، إنهم نفَّذوا ثلاث عمليات عسكرية في خليج عدن والمحيط الهندي.


تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن

نازحة يمنية في محافظة مأرب تجلب الماء إلى خيمتها (الأمم المتحدة)
نازحة يمنية في محافظة مأرب تجلب الماء إلى خيمتها (الأمم المتحدة)
TT

تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن

نازحة يمنية في محافظة مأرب تجلب الماء إلى خيمتها (الأمم المتحدة)
نازحة يمنية في محافظة مأرب تجلب الماء إلى خيمتها (الأمم المتحدة)

كشف تقرير أممي حديث عن تأثيرات قاسية على الأطفال اليمنيين بسبب التغيرات المناخية، حيث تسهم في النزوح وانعدام الأمن الغذائي ومفاقمة الصراعات، كما تؤدي إلى تراجع التحصيل العلمي، والإضرار بصحة الأطفال خلال مراحل مختلفة من حياتهم.

وقال التقرير الصادر عن «اليونيسيف» حول تأثير المشهد المناخي وتأثيره على الأطفال، إن السياسات والاستراتيجيات الوطنية المعنية بشؤون المناخ والبيئة والطاقة في اليمن تفتقر إلى مراعاة قضايا الأطفال، وأحياناً لا تتضمن أي إشارة لهم، كما تفتقر الاستراتيجيات القطاعية ذات الصلة بهم إلى روابط قوية مع مواجهة تحديات المناخ وتأثيرها عليهم.

طفل يمني مع حصة غذائية حصلت عليها عائلته من برنامج مساعدات دولي (إ.ب.أ)

وذكر التقرير أن درجات الحرارة المرتفعة ستؤدي إلى زيـادة حـدة وفـرات موجـات الحر والجفاف، ما يفاقم تدهور الأراضي وشـح المياه، ويضر بالنظم البيئية الساحلية، وتراجع كميات الأمطار التي تسقط كل عام وتصبح أكثر تقلباً ولا يمكن التنبـؤ بهـا.

ويؤدي شح المياه، إلى جانب أحداث السيول، إلى تعريض سبل العيش للخطر، وإشعال النزاعات على الأراضي والموارد المائية، وتدفع بمزيد من السكان إلى الهجرة والنزوح إلى المناطق الحضرية.

وبحسب التقرير، يعاني القطاع الزراعي في اليمن من عوامل ضغط تؤدي إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي، ويعد الماء عاملاً رئيســياً في هذا الخصوص، إما بسبب عدم انتظام هطول الأمطار وإما بسبب الأضرار الناجمة عن السيول.

وأشار التقرير إلى أن قطاع الطاقة يعتمد على المنتجات النفطية، التي يتصدر قائمة استهلاكها النقل والمنازل وإنتاج الكهرباء، وبعد أن شهد الإنتاج المحلي من النفط تراجعاً منذ عام 2015، وارتفعت أسعار الوقود حتى قبل بدء النزاع، كانت مرافق الكهرباء في اليمن هي الأقل قدرة على توليد الطاقة، ما جعل معدل الحصول عليها في اليمن هو الأدنى في المنطقة.

عبء ثقيل

تشكل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من اليمن نسبة ضئيلة من إجمالي انبعاثات العالم، حيث تشهد البلاد تقدماً ملحوظاً في مجال الطاقة الشمسية الكهروضوئية، التي يلجأ اليمنيون إلى استخدامها على أنها بديل موثوق لشبكة الكهرباء، ويستخدمها المزارعون في ري الأراضي، ما يؤدي إلى زيادة الضغط على طبقات المياه الجوفية الهشة.

نازحة يمنية تسير رفقة أطفالها الأربعة شمال غربي البلاد (الأمم المتحدة)

وعدّ التقرير إمكانات طاقة الرياح والطاقة الحرارية الأرضية في اليمن واعدة، على الرغم من عدم استغلالها بشكل كبير حتى الآن.

وأكد التقرير أن الأطفال اليمنيين يتحملون 88 في المائة من العبء العالمي للأمراض الناجمة عن تغير المناخ، وهم أكثر الفئات عرضة لخطر الآثار الناجمة عن الأحداث المناخية القاسية وموجات الحر، ويزداد هذا الخطر بسبب سوء التغذية وشح المياه النظيفة.

ويتوقع معدو التقرير ازدياد الأمراض المنقولة بالمياه والنواقل، وتفاقم حرمان الأطفال بسبب الصدمات المناخية المتكررة التي تفوق قدرات آليات التكيف التقليدية. وعندما يحتاج الأطفال إلى رعاية طبية عاجلة، فإن الوصول إلى الخدمات الصحية يمثل تحدّياً بالنسبة للعديد من العائلات اليمنية.

ووفقاً لـ«اليونيسيف»، يتسبّب تدهور الأراضي وانعدام الأمن الغذائي والمائي في النزوح ويسهم في اتساع دائرة الفقر والنزاع والعنف والاستغلال، مما يُعرض الأطفال للمخاطر، وتُؤدّي الكوارث الإنسانية الناجمة عن تغير المناخ إلى نزوح واسع النطاق، ما يتطلب توفير الخدمات التي تستجيب لاحتياجات الأطفال من الحماية.

وتتمثل احتياجات الحماية في الدعم النفسي الاجتماعي ومنع العنف القائم على النوع الاجتماعي، ولمّ شمل الأسرة، ليتسنى التصدي لتلك التحديات.

الإضرار بالتعليم والصحة

توقعت المنظمة الأممية، في تقريرها، أن يؤدي النمو السكاني المتسارع، إلى جانب موجات الجفاف المتكررة، إلى تفاقم حدة المنافسة على الموارد المائية، سواء للاستخدامات المنزلية أو الزراعية أو الصناعية، حيث تغطية إمدادات المياه في اليمن منخفضة بشكل كبير، إذ يعاني 39 في المائة من السكان من محدودية الحصول على مياه الشرب أو أنهم يحصلون على مياه غير مأمونة.

زاد تفاقم التهديدات المناخية والبيئية من صعوبة الالتحاق بالمدارس ومعدلات تسرّب الطلاب اليمنيين، بالإضافة إلى التأثير سلباً على تحصيلهم العلمي، بينما تتسبب السيول في إلحاق الضرر بالمدارس رديئة التصميم أو التي شيدت في مواقع غير مناسبة، بينما تستدعي موجات الحر الاستثمار في توفير التهوية المناسبة وزيادة المساحات الخضراء في المدارس.

الجفاف يتسبب بتدهور الكثير من الأراضي الزراعية في اليمن ويدفع السكان إلى النزوح والهجرة (إ.ب.أ)

ويهدد تلوث الهواء في البيئات الحضرية صحة الأطفال، ويزيد من احتمالية إصابتهم بأمراض مزمنة، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية في مراحل متقدمة من حياتهم.

ويتسم المناخ في اليمن بأنه شبه استوائي وجاف إلى حد كبير، ويكون الطقس حاراً ورطباً على طول الساحل الغربي، معتدلاً في الجبال الغربية، وحاراً وقاسياً في الصحراء على الجانب الشرقي من البلد، وتختلف درجات الحرارة اختلافاً كبيراً بحسب الارتفاع عن مستوى سطح البحر، أو بحسب البعد عن البحر كما في المناطق الساحلية.

ويتراوح معدل درجات الحرارة في الهضاب المرتفعة من أقل من 15 درجة مئوية في الشتاء إلى 25 درجة مئوية في الصيف، وفي السهول الساحلية من 22.5 درجة مئوية في الشتاء إلى 35 درجة مئوية في الصيف.

وارتفع متوسط درجة الحرارة السنوي بنحو 0.39 درجة مئوية لكل عقد منذ عام 1960، وهو معدل أسرع من المتوسط العالمي. وقد سُجل ارتفاع أسرع في درجات الحرارة خلال أشهر الصيف الثلاثة بمعدل متوسط قدره 0.56 درجة مئوية لكل عقد، مقارنة بانخفاض معدل هذا الارتفاع في فصل الشتاء ليصل إلى 10.21 درجة مئوية لكل عقد.

وتظهر البيانات المسجلة لمتوسط درجات الحرارة السنوية على مدار 120 عاماً اتجاهاً تصاعدياً متزايداً في درجات الحرارة مصحوباً بتقلبات أشدّ حدّة.


الحوثيون: نفذنا 3 عمليات عسكرية في خليج عدن والمحيط الهندي

مدمرة أميركية في البحر الأحمر لحماية السفن من هجمات الحوثيين (الجيش الأميركي)
مدمرة أميركية في البحر الأحمر لحماية السفن من هجمات الحوثيين (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون: نفذنا 3 عمليات عسكرية في خليج عدن والمحيط الهندي

مدمرة أميركية في البحر الأحمر لحماية السفن من هجمات الحوثيين (الجيش الأميركي)
مدمرة أميركية في البحر الأحمر لحماية السفن من هجمات الحوثيين (الجيش الأميركي)

أعلن الحوثيون، المدعومون من إيران، مساء اليوم (الأربعاء)، تنفيذ 3 عمليات عسكرية في خليج عدن والمحيط الهندي، استهدفت سفينة ومدمرة حربية أميركيتين، وسفينة إسرائيلية.

وقال المتحدث باسم القوات المسلحة للحوثيين العميد يحيى سريع إن القوات البحرية في القوات المسلحة اليمنية - الحوثية - نفذت عملية عسكرية استهدفتْ سفينة «ميرسك يورك تاون» الأميركية في خليج عدن، بعدد من الصواريخ البحرية المناسبة وكانت الإصابة دقيقة.

وأوضح سريع أن سلاح الجو المسير نفذ عمليتين عسكريتين استهدفتْ إحداهما مدمرة حربية أميركية في خليج عدن بعدد من الطائرات المسيرة واستهدفت العملية الأخرى سفينة «إم إس سي فيراكروز» الإسرائيلية في المحيط الهندي بعدد من الطائرات المسيرة، وقدْ حققت العمليتان أهدافهما بنجاح، وفقاً للبيان.