الناقلة الإيرانية تغادر جبل طارق إلى وجهة مجهولة... وطهران تحذّر واشنطن

أرسلت إشارة إلى توجهها إلى ميناء يوناني غير مؤهل لاستقبالها... والناقلة البريطانية تنتظر قراراً قضائياً إيرانياً

وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في مؤتمر صحافي مع نظيره الفنلندي بيكا هافيستو عقب مباحثات في هلسنكي أمس (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في مؤتمر صحافي مع نظيره الفنلندي بيكا هافيستو عقب مباحثات في هلسنكي أمس (إ.ب.أ)
TT

الناقلة الإيرانية تغادر جبل طارق إلى وجهة مجهولة... وطهران تحذّر واشنطن

وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في مؤتمر صحافي مع نظيره الفنلندي بيكا هافيستو عقب مباحثات في هلسنكي أمس (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في مؤتمر صحافي مع نظيره الفنلندي بيكا هافيستو عقب مباحثات في هلسنكي أمس (إ.ب.أ)

وسط غموض حول الوجهة النهائية، هرعت ناقلة نفط إيرانية إلى عمق البحر المتوسط مبتعدة عن مياه جبل طارق باتجاه مصير مجهول قبل أن تكشف مؤسسات ملاحية أنها أرسلت إشارة عن توجهها إلى ميناء يوناني غير مؤهل لاستقبالها، وسلمت طهران رسالة إلى السفارة السويسرية في طهران تحذر من «عواقب وخيمة» لأي خطوة أميركية لاحتجاز الناقلة، في حين رهنت الخارجية الإيرانية إطلاق سفينة بريطانية محتجزة لدى «الحرس الثوري» في مضيق هرمز بقرار من القضاء الإيراني.
وغادرت ناقلة النفط الإيرانية «أدريان داريا 1» مياه جبل طارق في منتصف الليل إلى اتجاه غير معلن، وذلك بعد ساعات من رفع العلم الإيراني وإزالة الاسم السابق اسم غريس بعدما حذفتها بنما من سجلاتها يوم 29 مايو (أيار)، غير أن بيانات تتبع سفن من شركة رفينيتيف أظهرت لاحقاً أن الناقلة التي محملة بالكامل وتنقل نحو مليوني برميل من النفط. وقُدرت قيمة الشحنة بعشرات الملايين من الدولارات، تتجه إلى كالاماتا في اليونان، بحسب تقرير لوكالة «رويترز».
وفي السياق نفسه، أفادت وكالة الصحافة الفرنسية نقلاً عن موقع «مارين ترافيك» المتخصّص في تعقّب حركة السفن، بأن الناقلة «أدريان داريا» أبحرت ليل الأحد إلى مرفأ كالاماتا اليوناني، وسط غموض حول الوجهة النهائية للناقلة.
وإذا دخلت الناقلة المياه الإقليمية لليونان فسيكون هذا على الأرجح أول تحدٍ كبير في السياسة الخارجية لرئيس الوزراء الجديد كيرياكوس ميتسوتاكيس منذ تولى السلطة في يوليو (تموز).
وقال متحدث باسم خفر السواحل اليوناني، إنه لا توجد معلومات رسمية لدى خفر السواحل تفيد بأن الناقلة متجهة إلى كالاماتا وإنه يتابع الأمر.
وأفادت وكالة «بلومبرغ» عن مسؤول ميناء كالاماتا، جيانولا نيكولاوس بأن الناقلة لن تتمكن من دخول الميناء، وذلك رغم أنها تعطي إشارة بأنها متوجهة إليه، مشيراً إلى أن الميناء «لا يمكنه التعامل مع سفن ذات غاطس يتجاوز ثمانية أمتار (26 قدماً)»، ويصل غاطس «أدريان داريا 1» يصل إلى نحو 22 متراً. والغاطس هو مقياس عمق السفينة عندما تكون بكامل حمولتها.
وأضاف المسؤول اليوناني، أن السفن التي يتجاوز طولها 120 متراً لا تدخل الميناء أيضاً. ويتجاوز طول «أدريان داريا 1» 330 متراً.
وبحسب الوكالة، فإن الميناء متخصص بصورة كبيرة في استقبال القوارب الشراعية والسفن السياحية.
واحتجز مشاة البحرية الملكية البريطانية الناقلة قرب جبل طارق في الرابع من يوليو، للاشتباه بنقلها النفط إلى سوريا في انتهاك لعقوبات الاتحاد الأوروبي؛ ما أدى إلى أسابيع من التأزم بين طهران والغرب. وأدى أيضاً إلى تصعيد التوترات في الممرات الدولية لشحن النفط عبر الخليج.
واحتجز «الحرس الثوري» الإيراني الناقلة ستينا إمبيرو التي تحمل علم بريطانيا في 19 يوليو في مضيق هرمز بزعم انتهاكها قواعد الملاحة. وجاء ذلك بعد أسبوعين من احتجاز الناقلة «غريس 1»، وبعد ساعات قليلة من خطاب للمرشد الإيراني علي خامنئي يتوعد بريطانيا برد مماثل.
وأصبحت الناقلتان ورقتي ضغط في خضم أزمة أكبر تشمل عداءات أوسع نطاقاً منذ انسحبت واشنطن العام الماضي من اتفاق عالمي لكبح جماح برنامج إيران النووي، وأعادت فرض عقوبات اقتصادية على طهران بسبب تطويرها صواريخ باليستية إضافة إلى دورها الإقليمي،.
وفي قرارها الإفراج عن الناقلة، أكدت حكومة جبل طارق أنها تلقت ضمانات خطية من إيران بأن السفينة لن تتوجه إلى دول «خاضعة لعقوبات الاتحاد الأوروبي». لكن إيران نفت إعطاء أي تعهدات بشأن وجهة الناقلة لقاء الإفراج عنها.
وفي مؤتمر صحافي، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية عباس موسوي، إن طهران تنتظر قراراً من محكمة بشأن اتهام الناقلة البريطانية «ستينا إمبيرو» بانتهاك قواعد الملاحة، وعبّر عن أمله في إتمام الإجراءات في أسرع وقت ممكن.
وقال موسوي «لا علاقة على الإطلاق بين هاتين الناقلتين»، موضحاً أن الناقلة البريطانية «قامت بخرق القواعد البحرية مرتين أو ثلاث»، في إشارة إلى الناقلة «ستينا إيمبيرو» التي ترفع العلم البريطاني وتحتجزها إيران في ميناء بندر عباس. وتابع أن «المحكمة تنظر في الأمر، ونأمل أن يكتمل (التحقيق) في أقرب وقت ممكن، وأن يصدر حكم».
من جهته، قال رئيس القضاء الإيراني إبراهيم رئيسي إن إطلاق الناقلة الإيرانية «ليس كافياً»، مطالباً الحكومة البريطانية بدفع تعويضات عبر متابعة قضائية «لكي تكون عبرة لمن يتخذون إجراءات، خلافاً للقواعد الدولية»، بحسب ما نقلت وكالة «إيسنا» الحكومية.
ورفعت حكومة منطقة جبل طارق التابعة لبريطانيا، أمر احتجاز الناقلة الخميس، لكن محكمة اتحادية في واشنطن أصدرت الجمعة أمراً باحتجاز الناقلة والنفط الذي تنقله وقرابة مليون دولار بدعوى أن هناك صلات تربطها بـ«الحرس الثوري» الإيراني المصنف على قائمة الولايات المتحدة للمنظمات الإرهابية. وهو الطلب الذي رفضته منطقة جبل طارق أول من أمس، وقالت إنها ملتزمة بقانون الاتحاد الأوروبي.
وحاولت واشنطن احتجاز الناقلة «غريس 1»، ولم تعلق السلطات اليونانية على الوضع.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أيضاً رداً على سؤال عما إذا كان باستطاعة الولايات المتحدة تجديد طلب احتجاز الناقلة بعد إبحارها من جبل طارق: «مثل هذا الفعل، بل ومجرد الحديث عنه... سيعرّض سلامة الشحن في المياه الدولية للخطر». وأضاف: «أصدرت إيران التحذير اللازم من خلال القنوات الرسمية، وخصوصاً عبر السفارة السويسرية، للمسؤولين الأميركيين بألا يرتكبوا مثل هذا الخطأ؛ لأنه سيؤدي إلى عواقب وخيمة».
وتمثل سويسرا المصالح الأميركية في طهران التي ليست لديها علاقات دبلوماسية مع واشنطن.
ورأى موسوي أن قرار جبل طارق القضائي الإفراج عن الناقلة شكّل ضربة «للأحادية» الأميركية، موضحاً أن «الأميركيين لم ينجحوا في عقوباتهم الأحادية الجانب غير القانونية». ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن موسوي، أنه «رفض الطلب الأميركي» من قبل سلطات جبل طارق «مؤشر إلى أن كلمة أميركا باتت غير مسموعة وإلى أن لا مكان للبلطجة في عالم اليوم»، كما حض الدول الأخرى على أن «ترد بصورة قانونية على إجراءات الحظر الأميركية أحادية الجانب، وأن ترفضها لأن لا أساس قانونياً لها».
وتريد واشنطن خفض صادرات النفط الإيراني إلى الصفر، وعاودت فرض العقوبات الأميركية التي تقضي بإجراءات عقابية شديدة على أي انتهاكات حتى من جانب غير الأميركيين والشركات غير الأميركية وتشمل تجميد الأصول والاستبعاد من النظام المالي الأميركي.
ونسبت «رويترز» إلى مصادر في قطاع المال، أنه بينما لا تزال لوائح الاتحاد الأوروبي تسمح للشركات والمواطنين في التكتل بالتبادل التجاري مع إيران، فإن الخوف من العقوبات الأميركية يعني عدم استعداد أكثر البنوك لإجراء المعاملات المالية حتى تلك المصرح بها مثل المعاملات الخاصة بالغذاء والأدوية.
من ناحية أخرى، قال العضو في لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني، حشمت الله فلاحت بيشه، لوكالة «إيسنا» الحكومية، إن الأزمة في العلاقات مع بريطانيا، والتي تضمنت احتجاز طهران لناقلة ترفع العلم البريطاني الشهر الماضي، لن تنتهي إلا بعد وصول الناقلة إلى وجهتها.
وقال النائب الإيراني: «إلى أن تصل ناقلة النفط الإيرانية إلى وجهتها، ينبغي على البريطانيين المساعدة في إنهاء الأزمة». وتابع: «وهذا يعني أن الأزمة مع بريطانيا لم تنته. بريطانيا تتحمل المسؤولية الرئيسية عن إنهاء أزمة ناقلة النفط»، مشيراً إلى أن الأزمة متواصلة «حتى تحصل إيران على مصالحها».
وأشار فلاحت بيشه إلى أن طهران تنظر للتطورات الأخيرة في إطار وقائع حدث سابقاً بينها وبين كل من بريطانيا والولايات المتحدة وخلص إلى أن «البريطانيين يريدون إثارة أزمة أخرى للخروج من الأزمة الحالية» من دون أن يقدم تفاصيل.
وتتزامن أزمة الناقلة مع جهود تبذلها ثلاث دول أوروبية (فرنسا وألمانيا وبريطانيا) للحفاظ على الاتفاق النووي حياً عبر تفعيل آلية مالية تلتف على العقوبات الأميركية وتسمح بمواصلة التجارة مع طهران وتمارس الحكومة الإيرانية ضغوطاً على الأطراف المشاركة في الاتفاق النووي منذ مايو الماضي بإعلانها بدء خطة للانسحاب التدريجي من الاتفاق.
بدوره، قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف خلال زيارة إلى فنلندا «يسرنا انتهاء هذه المحنة، وآمل أن يؤدي هذا لخفض التصعيد». وذكر أيضاً أن أمر الاحتجاز الأميركي ليس له أساس قانوني، ووراءه دوافع سياسية بهدف «زيادة التصعيد». وقال إن إيران «لا يمكنها كشف الوجهة التي سيُنقل إليها النفط» وقال إنه بسبب «العقوبات الأميركية لا يمكننا التحدث بشفافية كبيرة عن الوجهة».
وأجرى ظريف مباحثات في هلسنكي، مع نظيره الفنلندي بيكا هافيستو والرئيس سولي نينيستو، في إطار جولة أوروبية تشمل السويد والنرويج.
وقال وزير الشؤون الخارجية الفنلندي بيكا هافيستو، إن أوروبا تبذل قصارى جهدها لإنقاذ الاتفاق، لكن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قال إن بلاده ليست مهتمة بإجراء محادثات مع واشنطن، لكن ينبغي أن تركز أي وساطة على إعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي المبرم في عام 2015 والذي انسحبت منه العام الماضي.
وهذه أول زيارة يقوم بها ظريف عقب تأزم العلاقات بين الدول الإسكندنافية على إثر إحباط مخطط للاستخبارات الإيراني للقيام بسلسلة اغتيالات لناشطين ومعارضين سياسيين في الدنمارك.
وكانت السويد أوقفت مواطناً نرويجياً من أصل إيراني على صلة وثيقة بالسفارة الإيرانية في النرويج على ذمة التحقيق قبل أن تؤكد أنه المتهم الأساسي في القضية.
وترأس فنلندا حالياً الاتحاد الأوروبي منذ الشهر الماضي. ومن المقرر أن يبحث وزراء دفاع وخارجية الاتحاد المهمة الأوروبية لضمان أمن الملاحة في الخليج ومضيق هرمز بعدما انضمت بريطانيا إلى تحالف تقوده الولايات المتحدة لنفس الغرض.
وتصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران منذ انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأحادي الجانب في مايو 2018 من الاتفاق النووي وإعادة فرض عقوبات على الجمهورية الإسلامية في إطار حملة «الضغوط القصوى» ضدها.
وردت إيران بتعليق تنفيذ بعض التزاماتها في الاتفاق. وكاد الوضع يخرج عن السيطرة في الأسابيع الأخيرة مع وقوع هجمات ضد سفن، وإسقاط إيران طائرة مسيرة أميركية، واحتجاز ناقلات نفطية.
وفي ذروة الأزمة، ألغى ترمب ضربات جوية ضد إيران في يونيو (حزيران) في اللحظة الأخيرة، رداً على إسقاط الطائرة المسيرة الأميركية.



«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مساعٍ تتوالى للوسطاء بشأن إبرام هدنة في قطاع غزة، كان أحدثها في القاهرة، وهو ما يفتح تكهنات عديدة بشأن مستقبل الاتفاق المنتظر منذ نحو عام عبر جولات سابقة عادة «ما تعثرت في محطاتها الأخيرة».

«حماس» بالمقابل تتحدث عن سعيها لـ«اتفاق حقيقي»، عقب تأكيد أميركي رسمي عن «مؤشرات مشجعة»، وسط ما يتردد «عن ضغوط وعراقيل»، وهي أحاديث ينقسم إزاءها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بشأن مستقبل الاتفاق بغزة، بين من يرى أن «الصفقة باتت وشيكة لأسباب عديدة، بينها الموقف الأميركي، حيث دعا الرئيس المنتخب دونالد ترمب للإفراج عن الرهائن في 20 يناير (كانون أول) المقبل»، وآخرين يتحدثون بحذر عن إمكانية التوصل للهدنة في «ظل شروط إسرائيلية بشأن الأسرى الفلسطينيين، وعدم الانسحاب من القطاع، قد تعرقل الاتفاق لفترة».

وفي ثالث محطة بعد إسرائيل، الخميس، وقطر، الجمعة، بحث مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، السبت، في القاهرة، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، «جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة»، وسط تأكيد مصري على «أهمية التحرك العاجل لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، و(حل الدولتين) باعتباره الضمان الأساسي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

سوليفان، بحث الجمعة، في قطر، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مستجدات الأوضاع في غزة، حسب بيان صحافي لـ«الخارجية القطرية»، عقب زيارته إسرائيل، وتأكيده في تصريحات، الخميس، أنه «يزور مصر وقطر؛ لضمان سد ثغرات نهائية قبل التوصل إلى صفقة تبادل»، لافتاً إلى أن «وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن من شأنهما أن يؤديا إلى تحرير المحتجزين وزيادة المساعدات المقدمة إلى غزة كثيراً».

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال جيك سوليفان في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وبالتزامن أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، محادثات في أنقرة مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ونظيره هاكان فيدان، وأكد وجود «مؤشرات مشجعة»، وطالب بـ«ضرورة أن توافق (حماس) على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار»، مطالباً أنقرة باستخدام «نفوذها» عليها للموافقة.

الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن «المساعي لا بد أن تكون موجودةً عادة باعتبار أنها تحول بين حدوث انفجار أو تحتويه، وليس بالضرورة يعني هذا الحراك الدبلوماسي التوصل لشيء؛ إلا في ضوء شروط معينة تلزم الطرفين بتقديم تنازلات».

ووفق عكاشة، فإن هناك طرفاً إسرائيلياً يشعر حالياً وسط المفاوضات بأنه يتحدث من مركز قوة بعد تدمير نحو 90 في المائة من قدرات «حماس»، ويتمسك بشروط «مستحيل أن تقبلها الحركة»، منها عدم خروج أسماء كبيرة في المفرج عنهم في الأسرى الفلسطينيين، ويضع مطالب بشأن الانسحاب من القطاع.

بالمقابل يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن ثمة اختلافاً تشهده المحادثات الحالية، خصوصاً في ظل مساعٍ مكثفة من الوسطاء وإصرار الإدارة الأميركية حالياً على بذل جهود كبيرة للضغط على «حماس» وإسرائيل ليسجل أن الصفقة أبرمت في عهد الرئيس جو بايدن، فضلاً عن وجود مهلة من ترمب لإتمام الهدنة.

ويعتقد أن نتنياهو قد يناور خلال الأسبوعين الحاليين من أجل تحصيل مكاسب أكبر، وقد يزيد من الضربات بالقطاع، ويمد المفاوضات إلى بداية العام المقبل لتدخل المرحلة الأولى من الهدنة قبل موعد تنصيب ترمب، كما اشترط سابقاً.

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وأفادت «القناة الـ13» الإسرائيلية، الجمعة، بأن الحكومة كشفت عدم حدوث أي اختراق جدي في مسألة إبرام صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، مؤكدة وجود كثير من الخلافات، لافتة إلى أنه تم إبلاغ وزراء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) قبل أيام بأن الحركة معنية بالوقت الحالي بإبرام صفقة، وأن هناك تغييراً في موقفها.

أما «حماس»، فأصدرت بياناً، السبت، في ذكرى تأسيسها الـ37، يتحدث عن استمرار «حرب إبادة جماعية متكاملة الأركان، وتطهير عرقي وتهجير قسري وتجويع وتعطيش، لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً»، مؤكدة انفتاحها على «أيّ مبادرات جادة وحقيقية لوقف العدوان وجرائم الاحتلال، مع تمسّكها الرَّاسخ بحقوق شعبنا وثوابته وتطلعاته، والتمسك بعودة النازحين وانسحاب الاحتلال وإغاثة شعبنا وإعمار ما دمَّره الاحتلال وإنجاز صفقة جادة لتبادل الأسرى».

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية بدير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وباعتقاد مطاوع، فإن «مجزرة النصيرات وغيرها من المجازر التي قد تزيد كلما اقتربنا من اتفاق تستخدم ورقة ضغط إسرائيلية على (حماس)، ليعزز نتنياهو مكاسبه بتلك العراقيل والضغوط»، فيما يرى عكاشة أن الحركة في ظل «عراقيل إسرائيل» لن تغامر بالمتبقي من شعبيتها وتقدم تنازلات دون أي مقابل حقيقي.

ولا يحمل الأفق «احتمال إبرام اتفاق قريب إذا استمرت تلك الشروط أو العراقيل الإسرائيلية، ولو ضغطت واشنطن»، وفق تقدير عكاشة، لافتاً إلى أن «بايدن تحدث أكثر من مرة سابقاً عن اقترب الاتفاق من الإنجاز ولم يحدث شيء».

وبرأي عكاشة، فإنه يجب أن يكون لدينا حذر من الحديث عن أن المساعي الحالية قد توصلنا لاتفاق قريب، ولا يجب أن يكون لدينا تفاؤل حذر أيضاً، لكن علينا أن ننتظر ونرى مدى جدية إسرائيل في إبرام الاتفاق المطروح حالياً أم لا كعادتها.

غير أن مطاوع يرى أن المؤشرات والتسريبات الإعلامية كبيرة وكثيرة عن قرب التوصل لاتفاق، وهناك عوامل كثيرة تقول إنها باتت قريبة، موضحاً: «لكن لن تحدث الأسبوع المقبل، خصوصاً مع مناورة نتنياهو، فقد نصل للعام الجديد ونرى اتفاقاً جزئياً قبل تنصيب ترمب».