المريخ لا يستقبل رواد الفضاء إلا مرة واحدة في العمر بسبب الإشعاع

يجعل كل واحد منهم عرضة لجرعة بنحو 220 ميللزيفرت

خوذة مصنوعة من مادة البولي إيثلين لحماية دماغ الإنسان
خوذة مصنوعة من مادة البولي إيثلين لحماية دماغ الإنسان
TT

المريخ لا يستقبل رواد الفضاء إلا مرة واحدة في العمر بسبب الإشعاع

خوذة مصنوعة من مادة البولي إيثلين لحماية دماغ الإنسان
خوذة مصنوعة من مادة البولي إيثلين لحماية دماغ الإنسان

يستعد الإنسان لرحلة نحو المريخ، ويُجري في هذا السياق دراسات موسعة حول تلك الرحلة ومخاطرها، وإمكانية إقامة محطات على سطح الكوكب الأحمر. إلا أنه وحتى لو بدأت تلك الرحلات، فإن رائد الفضاء لن يتمكن طيلة مسيرته المهنية من التحليق نحو المريخ أكثر من مرة واحدة في العمر. هذا ما قاله العالم الروسي فياتشيسلاف شورشاكوف، في حديث لوكالة «تاس»، وأوضح أن السبب في ذلك يعود إلى كمية الإشعاع التي يتعرض لها الجسم خلال الرحلة في الفضاء نحو المريخ.
وأشار شورشاكوف، الذي يرأس قسم «الأمن الإشعاعي للرحلات الفضائية المأهولة» في معهد المشكلات الطبية البيولوجية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، إلى معايير صارمة لجرعة الأشعة المسموح بأن يتعرض لها رائد الفضاء، وألا تزيد عن ألف ميللزيفرت طيلة مسيرته المهنية. وقال إن «رائد الفضاء يتعرض عملياً لهذه الجرعة من الإشعاعات خلال رحلة واحدة، ذهاباً وإياباً، إلى المريخ، ولذلك يتعذر إرساله في رحلة ثانية إلى هناك». ووفق التقديرات العلمية فإن متوسط عمر الإنسان الذي يتعرض لجرعة بهذا الحجم من الإشعاعات ينقص 3 سنوات.
فضلاً عن ذلك، فإن الجزيئات الثقيلة المشحونة قد يكون لها تأثير ضار بشكل خاص على الجهاز العصبي لدى رائد الفضاء. إذ يحذر شورشاكوف من أن «خللاً جدياً قد يصيب الجهاز العصبي المركزي لدى رائد الفضاء خلال الرحلة إلى المريخ، نتيجة تعرضه لتأثير تلك الجزيئات»، كما سيكون عرضة للتأثر بإشعاعات المجرة، والبروتون الشمسي، الذي تزداد شدته خلال التوهجات الشمسية. وقد يؤدي التعرض لمجمل هذه العوامل إلى خلل في الذاكرة، وفي تنسيق المهام.
وبالنسبة لرواد الفضاء العاملين على متن المحطة الفضائية الدولية، فإن العمل هناك لمدة عام كامل يجعل كل واحد منهم عرضة لجرعة أشعة نحو 220 ميللزيفرت، بينما يحصل العاملون في المحطات النووية على جرعة لا تزيد عن 20 ميللزيفرت سنوياً، ويحصل الإنسان في الحياة الطبيعية على 1 ميللزيفرت سنوياً فقط، على حد قول شورشاكوف، الذي ربط نجاح الرحلة إلى المريخ بإمكانية توفر وسائل للحماية من تلك العوامل في الفضاء الخارجي، وأشار إلى أن العلماء يعتقدون أن خوذة مصنوعة من مادة مثل البولي إيثلين، من شأنها أن تساعد في حماية دماغ الإنسان من تأثير الأشعة في الفضاء الخارجي.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».