احتفالات شعبية ورسمية ومواكب مليونية احتفالاً بتوقيع الاتفاقات

TT

احتفالات شعبية ورسمية ومواكب مليونية احتفالاً بتوقيع الاتفاقات

تنطلق اليوم السبت احتفالات رسمية وشعبية بمناسبة التوقيع على الاتفاق التاريخي بين المجلس العسكري الانتقالي السوداني، وقوى إعلان الحرية والتغيير، لنقل السلطة لحكومة مدنية. وتبدأ مراسم الاحتفال الرسمي بالتوقيع على الاتفاق ظهر اليوم بقاعة الصداقة بالخرطوم، ويحضره عدد من رؤساء الدول ومسؤولين رفيعي المستوى من الدول العربية والغربية وممثلي المنظمات الدولية والإقليمية.
ويلقي رئيس المجلس العسكري الانتقالي، الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان، كلمة للأمة السودانية عقب التوقيع على الاتفاق، كما يخاطب الاحتفال الدكتور محمد ناجي الأصم ممثلاً عن قوى الحرية والتغيير. وأكد رئيس اللجنة العليا للاحتفالات، الفريق ركن محمد علي إبراهيم، مشاركة الرئيس التشادي إدريس ديبي والإثيوبي آبي أحمد، والأوغندي يوري موسفيني، والكيني أهور كيناتا، ورئيس أفريقيا الوسطى فاوستن تواديرا. وسيجرى استقبال رسمي لرؤساء الدول وضيوف البلاد بمطار الخرطوم الدولي ينتقلون بعدها مباشرة إلى قاعة الاحتفالات.
وأضاف إبراهيم لـ«الشرق الأوسط»: «كما يشرف مراسم الاحتفال، وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير، ووزير خارجية البحرين خالد بن أحمد آل خليفة، ونائب رئيس مجلس الوزراء، ووزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، ورئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي». وقال إبراهيم: «يحضر مراسم الاحتفال الرسمي الوسيط الأفريقي، محمد الحسن لبات، والمبعوث الإثيوبي، وممثلون عن الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي».
كما يشارك في مراسم التوقيع، ممثل الأمم المتحدة، رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي، ووكيل وزارة الخارجية الأميركي للشؤون السياسية، وممثل الاتحاد الأوروبي والمبعوث البريطاني الخاص بالسودان.
وتتخلل الاحتفال الرسمي بقاعة الصداقة، الأناشيد والأغاني الوطنية والفرق الشعبية التي تعكس التنوع الثقافي والتعدد الاثني. وتنتقل الاحتفالات إلى ساحة الحرية بالخرطوم، حيث تنظم قوى إعلان الحرية والتغيير احتفالاً شعبياً ضخماً، يتوقع أن يحضره الملايين بعد الدعوات التي وجهتها للشعب السوداني للمشاركة في هذا العرس الوطني.
وتشهد ساحة الحرية عصر اليوم مراسم توقيع رمزي على الاتفاق النهائي، بمشاركة أسر شهداء ثورة ديسمبر (كانون الأول) تعبيراً ووفاء لما قدموه من أجل الوطن. وستنظم قوى إعلان الحرية والتغيير مهرجانا خطابيا بمناسبة التوقيع على الاتفاق يخطب به عدد من قادتها. ومن المتوقع أن يصل للخرطوم قطار يحمل الآلاف من مدينة عطبرة شمال البلاد للمشاركة في الاحتفالات الشعبية، والذي سيجد استقبالاً حاشداً في عدد من المحطات وحتى وصوله إلى ساحة الحرية بالخرطوم.
أثناء ذلك، دعت قوى إعلان الحرية والتغيير إلى تسيير مواكب تحت اسم الحرية والمدنية في العاصمة الخرطوم والأقاليم. وقالت في بيان إن اليوم سيكون وطنياً خالصاً وسيتم التوقيع الجماهيري على عهد الحفاظ على الفترة الانتقالية والديمقراطية. وأضاف البيان: «تقام خلال مراسم الاحتفالات الشعبية معارض للشهداء ومعرض أرشيفي للثورة السودانية منذ اندلاعها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وتشارك في الاحتفال الشعبي الفرق الشعبية الغنائية وكرنفالات وأناشيد ثورية واحتفائية تلقي خلالها أسر الشهداء والمفقودين كلمات في مخاطبة الحشد الجماهيري».
ووقع المجلس العسكري الانتقالي في 4 أغسطس (آب) الحالي مع قوى إعلان الحرية والتغيير التي تقود الثوار، بـ«الأحرف الأولى» على وثيقة «الإعلان الدستوري» التي تم التوصل لها بوساطة أفريقية إثيوبية مشتركة.
ونص الاتفاق على فترة انتقالية مدتها 39 شهراً، يتقاسم خلالها الطرفان السلطة 21 شهرا للعسكريين، و18 شهرا للمدنيين، تعقبها انتخابات حرة ونزيهة. وينتظر أن يوقع الطرفان اليوم وثائق الفترة الانتقالية بشهادة أفريقية ودولية، ويعقب ذلك تسمية مجلس سيادة من 5 أعضاء عسكريين يختارهم المجلس العسكري، و5 أعضاء مدنيين تختارهم قوى إعلان الحرية والتغيير، إضافة إلى شخصية مدنية يتم اختيارها بالتوافق. وأعلنت قوى إعلان الحرية أمس، تسمية الخبير الاقتصادي عبد الله حمدوك رئيساً لحكومة الفترة الانتقالية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم