التصوير المقطعي لتوثيق تاريخ المرض عند الفراعنة

كشف أسراراً عمرها آلاف السنين

التّصوير المقطعي المحوسب يكشف أسراراً عمرها آلاف السنين
التّصوير المقطعي المحوسب يكشف أسراراً عمرها آلاف السنين
TT

التصوير المقطعي لتوثيق تاريخ المرض عند الفراعنة

التّصوير المقطعي المحوسب يكشف أسراراً عمرها آلاف السنين
التّصوير المقطعي المحوسب يكشف أسراراً عمرها آلاف السنين

كيف يمكن لأجهزة الأشعة أن تلتقط صوراً لمومياوات فرعونية مر على وفاة أصحابها آلاف السنين...؟ قبل سنوات كان هذا السؤال مقبولاً، إذ إنّ صورة الأشعة كانت تعتمد على وجود كثافة بالعضلات ومحتوى مائي بالأنسجة، وهو ليس متاحاً في المومياوات الفرعونية، ولكن مع التّطوير الذي حدث في تقنيات الأشعة بظهور «التّصوير المقطعي المحوسب»، لم يعد هذا السؤال مطروحاً، بل بات من المألوف أن تشاهد المومياوات وقد وُضعت تحت جهاز الأشعة، كما لو كانت شخصاً لا يزال حياً بيننا.
ووفق دراسة نُشر ملخصها نهاية شهر يوليو (تموز) الماضي على الموقع الإلكتروني لـ«المجلة الدولية لباثولوجيا المومياء»، فإن المعالجة بالكمبيوتر التي يتيحها التصوير المقطعي المحوسب تتيح بناء صورة ثلاثية الأبعاد عالية الدقة للمومياء، باستخدام برامج تحول عملية المسح الضوئي لأجزاء المومياء إلى شيء مرئي.
وقدمت الدراسة، التي تُنشر كاملة في أوائل الشهر القادم، بعض التفاصيل الفنية لتمكين الباحثين من النفاذ إلى الطبقات التي تغلّف المومياوات لبناء صورة عالية الجودة والدّقة بما يمكّنهم من تحديد عمر صاحب المومياء عند الوفاة والأمراض التي كان يعاني منها، بل ورسم وجوه أصحابها في بعض الحالات.
ويقول د.ستيفن، الباحث الرئيس في الدراسة والطبيب في قسم الأشعة بمركز علاج الصدمات والحوادث في مورناو بألمانيا، في تصريحات عبر البريد الإلكتروني لـ«الشرق الأوسط»: «نستخدم التّصوير المقطعي متعدد الشرائح (MSCT)، الحديث نسبياً في عملنا اليومي والروتيني في المركز، ولا يوجد أي اختلاف مع ما نفعله مع المومياوات». ويضيف: «هدفنا من الدّراسة توثيق نجاح تلك الأداة في التّعامل مع المومياوات، وتقديم الإرشادات الفنية التي تمكّن مستخدمها من الحصول على صورة عالية الجودة من المومياوات». وكشفت دراسات سابقة لهذه الدراسة عن نجاح تلك الأداة في الكشف عن الكثير من الأسرار، ومنها تلك التي نُشرت في يونيو (حزيران) الماضي، بدورية التقدم في مجال الأشعة السينية وتقنيات التصوير الألمانية، وأعلن الباحثون خلالها نجاح التصوير المقطعي المحوسب (CT) في تسجيل إصابة بأورام الغدة النّخامية برأس مومياء مصرية محفوظة في متحف «ريس - إنغلهورن» في مانهايم بألمانيا.
ووصف الباحثون خلال الدراسة حدوث تدمير في منطقة بالدماغ تسمى «السرج التركي - Sella turcica»، وهي الحفرة المركزية في جسم العظم الوتدي الذي يحوي الغدة النخامية في جمجمة الإنسان، وهو ما دعم الاتجاه نحو إصابة صاحب المومياء بورم في الغدة النخامية.
وفي ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وثّق فريق بحثي سويسري من كلية الطب في جامعة زيوريخ، أقدم إصابة بالسل في مومياء طفل مصري محفوظة في متحف الفن والتاريخ بجنيف في سويسرا، وذلك خلال دراسة نُشرت في دورية العلوم الأثرية «Journal of Archaeological Science». واستند الفريق البحثي في ترجيحه لحدوث هذه الإصابة إلى نجاح التصوير المقطعي المحوسب في اكتشاف وجود آفات عظمية صلبة متعددة البؤر تؤثر على العمود الفقري والورك الأيسر في مومياء الطفل التي يرجع تاريخها إلى العصر الروماني.
وإضافة إلى التشخيص الطبي وإعادة بناء الوجوه، فإنّ هناك فائدة غير مباشرة للتّصوير المقطعي المحوسب تشير إليها د.ولاء أبو باشا، الباحثة بقسم الأنثربولوجيا البيولوجية بالمركز القومي المصري للبحوث. وتقول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إنّ «التشخيص الطبي الذي يتيحه التصوير المقطعي المحوسب يمكن استخدامه للكشف عن نمط الحياة عند المصري القديم». وتتابع: أنّ «إصابات العظام مثلاً، التي يكشفها التصوير المقطعي المحوسب، تعطي مؤشراً على طبيعة العمل، وهل كان شاقاً أم لا، وبعض الأمراض يعطي مؤشراً على النمط الغذائي هل كان متوازناً أم كانت به مواد غذائية أدى الإسراف في تناولها إلى الإصابة ببعض الأمراض».


مقالات ذات صلة

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح رئيس الحكومة الآيرلندية سيمون هاريس خلال زيارة إلى دبلن (أ.ف.ب)

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

أعلنت وزارة الخارجية المصرية استعادة مجموعة من القطع الأثرية من آيرلندا، وذلك عقب الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الآيرلندية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

عقد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري اجتماعاً، الأحد، لاستعراض إجراءات الطرح العالمي لتخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق إناء شرب على شكل رأس بيس من واحة الفيوم في مصر يعود إلى العصر البطلمي - الروماني (القرن الرابع قبل الميلاد - القرن الثالث الميلادي)... (جامعة جنوب فلوريدا)

كوكتيلات مخدرة وطقوس سحرية: كشف أسرار أكواب المصريين القدماء

كشف الباحثون عن استخدام أكواب خاصة لتقديم مزيج من العقاقير المخدرة، والسوائل الجسدية، والكحول.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
يوميات الشرق كلب ضال أمام هرم خوفو في منطقة أهرامات الجيزة (أ.ف.ب)

بفضل «أبولو»... «كلاب الأهرامات» تجذب السياح وتنشِّط المبيعات

مقطع مصور غير اعتيادي لكلب يتسلق الهرم يجذب الزوار والسائحين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.