تعثر مفاوضات إطلاق العسكريين اللبنانيين المحتجزين لدى {النصرة}

بيروت ترفض مقايضتهم بإسلاميين موقوفين

عناصر من الجيش اللبناني يحملون جثماني زميليهما اللذين قتلا أثناء تفجير عرسال أول من أمس، أثناء تشييعهما من المستشفى العسكري ببيروت أمس (أ.ب)
عناصر من الجيش اللبناني يحملون جثماني زميليهما اللذين قتلا أثناء تفجير عرسال أول من أمس، أثناء تشييعهما من المستشفى العسكري ببيروت أمس (أ.ب)
TT

تعثر مفاوضات إطلاق العسكريين اللبنانيين المحتجزين لدى {النصرة}

عناصر من الجيش اللبناني يحملون جثماني زميليهما اللذين قتلا أثناء تفجير عرسال أول من أمس، أثناء تشييعهما من المستشفى العسكري ببيروت أمس (أ.ب)
عناصر من الجيش اللبناني يحملون جثماني زميليهما اللذين قتلا أثناء تفجير عرسال أول من أمس، أثناء تشييعهما من المستشفى العسكري ببيروت أمس (أ.ب)

أكدت «جبهة النصرة»، أمس، إعدام أحد العسكريين اللبنانيين المحتجزين لديها منذ مطلع شهر أغسطس (آب) الماضي، مرجعة ذلك إلى اعتقادها أن «المفاوضات مع الحكومة اللبنانية لإطلاق سراح المخطوفين ستطول لأشهر»، قائلة «لا تلومونا إذا طفح الكيل».
وردت الحكومة اللبنانية على إعدام الجندي محمد حمية لسان رئيسها تمام سلام، الذي أكد أن «الحكومة لن تسمح للإرهابيين بأن يستضعفوها»، لافتا إلى «الحاجة إلى التعاضد والوقوف صفا واحدا». ودعا إلى «عدم إعطاء الفرصة للإرهابيين لزرع البلبلة في صفوف اللبنانيين»، لافتا إلى أن «الشعب اللبناني يملك عناصر قوة أهمها الوحدة الداخلية».
ونشرت «جبهة النصرة» شريط فيديو يظهر عملية إعدام الجندي اللبناني المخطوف محمد حمية برصاصة في الرأس، بعدما ناشد حزب الله «فكّ الأذى عن أهل السنة في سوريا ولبنان»، وظهر إلى جانبه زميله المخطوف علي البزال الذي ناشد بدوره عائلته للتحرك، محذرا من أن يلقى وزملاؤه المصير نفسه، مطالبا بـ«عدم التحريض على أهل السنة».
وكانت «جبهة النصرة» أعلنت في حساب «مراسل القلمون» في «تويتر»، أن البزال سيكون الضحية الثانية، مشيرة إلى أن إيقاف تنفيذ الحكم به مرتبط «بعودة الحال الأمنية في عرسال إلى طبيعتها، وإطلاق كل المعتقلين من السنة الذين اعتقلوا في الآونة الأخيرة». وقالت النصرة إن البزال يواجه تهمتي «الانتماء إلى المؤسسة العسكرية اللبنانية»، والانتماء إلى الطائفة الشيعية التي «أوكلت زمام أمورها إلى حزب يدعي المقاومة والممانعة»، في إشارة إلى «حزب الله»، قائلة إن مصيره «القتل». وقطع أهالي البزال طريق البزالية في بعلبك، احتجاجا على خطف ابنهم.
والجندي حمية هو المخطوف الثالث الذي تعدمه مجموعات متشددة كانت احتجزت أكثر من 30 عسكريا لبنانيا، إثر انسحابها من بلدة عرسال (شرق لبنان) الحدودية مع سوريا في 6 أغسطس (آب) الماضي، بعد معارك مع الجيش اللبناني في البلدة. وأعدم تنظيم داعش خلال الأسبوعين الماضيين الجنديين في الجيش اللبناني علي السيد وعباس مدلج، بعد فشل المفاوضات مع التنظيمين اللذين يشترطان إطلاق سراح سجناء إسلاميين من سجن رومية المركزي (شرق بيروت) مقابل الإفراج عن العسكريين لديهما.
وطالب معروف حمية، والد العسكري محمد حمية، في مؤتمر صحافي، بعدم «التعرض لأي سوري لأنه ليس له أي ذنب في ما حصل»، مشيرا إلى أن «دم الشهيد حمية برقبة رئيس بلدية عرسال علي الحجيري والشيخ مصطفى الحجيري»، وكلاهما يتولى التواصل مع المجموعات المتشددة في عرسال. وأضاف «المجموعة الخاطفة سيحاسبها الله، والحكومة اللبنانية الله يسامحها، وهي من يذبح العسكريين، ولن نقطع أي طريق، وأهل السنة هم أهلنا»، داعيا الحكومة إلى «تنفيذ حكم الإعدام بحق الموقوفين بقضايا الإرهاب».
وبدا أن تصعيد «النصرة» جاء على ضوء تعثر المفاوضات، إذ ترفض الحكومة اللبنانية بشكل قاطع مقايضة العسكريين بإسلاميين موقوفين لديها. وادعت «النصرة» أن المفاوضات «لم تغلق من قبلنا، وليست لدينا طلبات تعجيزية، ولكن عندما سمعنا تصريحاتهم بأن المفاوضات قد تطول لشهر أو شهرين، علمنا بأن الطريق مسدود من قبلهم، وأيقنا ذلك عندما رأينا الجيش يتابع عملياته الممنهجة بالتضييق على اللاجئين السوريين في الداخل، وعلى حدود عرسال»، مختتمة بيانها بالقول «لا تلومونا إذا طفح الكيل».
ومقابل مزاعم «النصرة»، ترفض الحكومة اللبنانية الخوض في تفاصيل المفاوضات، نظرا «لدقة المسألة»، لكنها تؤكد أنها تتابع الملف بشكل جدي، وقد زار رئيس الحكومة على رأس وفد لبناني، الأسبوع الماضي، في زيارة هادفة إلى متابعة الجهود القطرية التي تعمل على خط التفاوض مع المجموعتين المتشددين.
وقالت مصادر مواكبة لعملية التفاوض لـ«الشرق الأوسط» إن الأمور «باتت مظلمة في ظل تعثر المفاوضات»، مشيرة إلى أن «النصرة» تعتبر الآن أن «الحكومة اللبنانية تماطل على صعيد الرد على طلبات الخاطفين، علما بأن المقاتلين في هذه الأوقات يتحضرون لمعارك الشتاء، ويريدون حسم هذا الملف بشروطهم». وقالت إن الجماعات السورية المتشددة، بشكل عام «لا تقف الآن عند الإغراءات المالية، لأنها مكتفية ماديا، وترى أن إطلاق سراح المقربين منها آيديولوجيا، هو نصر لها»، مشيرة إلى أن الجبهة «تسعى للمقايضة على عدد يوازي، بالحد الأدنى، المخطوفين لديها، من السجناء الإسلاميين». وقالت المصادر إن «المفاوضات الآن تراوح مكانها»، مرجحة أن تكون جبهة النصرة «أرسلت رسالة بهدف التسريع بتلبية مطالبها عبر إعدام هذا الجندي».
وتلتقي هذه المعلومات حول توقف المفاوضات، مع ما أعلنه موقع «لبنان 24» الإلكتروني بأن مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم «لم يحمل معه من قطر ما يبشر بقرب الانفراج في ملف الخاطفين»، إذ «لمس عدم وجود حماسة لدى المخابرات القطرية للتفاوض بذريعة أنه ليست هناك علاقة مع «داعش». ونقل الموقع عن مصادر معنية قولها «إن تركيا لم تعط لبنان جوابا وافيا شافيا بتسريع وتيرة العمل لإطلاق سراح الجنود المخطوفين، بل إن الأتراك نصحوا اللواء إبراهيم بالتواصل والتنسيق أكثر مع الجانب القطري الذي يمكنه أن يلعب دورا أكبر في هذا المجال».
سياسيا، أعرب رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، عن تعاطفه مع أهالي العسكريين الشهداء، وتضامنه مع عائلة الشهيد محمد معروف حمية. ونبه إلى أن «المجموعات الإرهابية التي تتخذ من خطف أبنائنا العسكريين وسيلة للضغط على الحكومة والدولة والجيش، تريد للمسلمين في لبنان أن يسقطوا في الفتنة»، داعيا إلى «التنبه والوقوف وراء الجيش والقوى الأمنية في ملاحقة بؤر الإرهاب والتطرف، وتفويت الفرصة على المتلاعبين بوحدة اللبنانيين والنافخين في رماد الفتنة». وإذ توجه بأحر التعازي لأهالي حمية، أكد أن «اجتماعنا على درء الفتنة مسؤولية تعلو على أي اعتبار آخر، بل هو واجب شرعي ووطني، لا مفر أمامنا جميعا من الدعوة إليه والالتزام به».
وفي السياق نفسه، أكد رئيس الهيئة الشرعية في «حزب الله» الشيخ محمد يزبك، أن «(داعش) وجبهة النصرة وكل توابعهما يريدون تفرقتنا وتمزيق هذا المزيج الوطني»، موضحا «اننا ندعم الجيش اللبناني، ونحن حاضرون مع كل الشرفاء لتزويد الوطن والمؤسسة العسكرية بكل ما يلزم». وإذ ناشد «كل الشعب أن الفتنة تحرق الجميع، ولذا علينا أن نتوحد»، شدد على أنه «لن نترك أسرانا، وسنثأر لشهدائنا مهما طال الوقت».
وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» مساء السبت عن فقدان 5 أشخاص من بلدة عرسال من آل الفليطي وآل الحجيري، فيما تحدث تلفزيون «الجديد» عن أن مسلحين ملثمين أقدموا على خطف أحد أبناء عرسال في منطقة الأوزاعي في بيروت وسط إطلاق نار كثيف.
وفي وقت لاحق أورد موقع «النهار» أن الخاطفين هم من أهالي العسكريين المختطفين ويطالبون باسترداد جثتي الشهيدين عباس مدلج ومحمد حمية وإطلاق جميع المخطوفين لدى «داعش» و«النصرة».



دمشق: رئيسي يلتقي اليوم ممثلي الفصائل الفلسطينية

الأسد مستقبلاً رئيسي (إ.ب.أ)
الأسد مستقبلاً رئيسي (إ.ب.أ)
TT

دمشق: رئيسي يلتقي اليوم ممثلي الفصائل الفلسطينية

الأسد مستقبلاً رئيسي (إ.ب.أ)
الأسد مستقبلاً رئيسي (إ.ب.أ)

يجري الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي محادثات في دمشق اليوم (الخميس)، في اليوم الثاني من زيارته البارزة التي أكد خلالها دعم بلاده المتجدد لسوريا وتخللها توقيع مذكرة تفاهم لتعاون استراتيجي طويل المدى في مجالات عدّة بين البلدين.
وزيارة رئيسي إلى دمشق على رأس وفد وزاري رفيع هي الأولى لرئيس إيراني منذ أكثر من 12 عاماً، رغم الدعم الاقتصادي والسياسي والعسكري الكبير، الذي قدّمته طهران لدمشق وساعد في تغيير مجرى النزاع لصالح القوات الحكومية. وتأتي هذه الزيارة في خضمّ تقارب بين الرياض وطهران اللتين أعلنتا في مارس (آذار) استئناف علاقاتهما بعد طول قطيعة، بينما يسجَّل انفتاح عربي، سعودي خصوصاً، تجاه دمشق التي قاطعتها دول عربية عدة منذ عام 2011.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1654027328727711744
وبعدما أجرى محادثات سياسية موسّعة مع نظيره السوري بشار الأسد الأربعاء، يلتقي رئيسي في اليوم الثاني من زيارته وفداً من ممثلي الفصائل الفلسطينية، ويزور المسجد الأموي في دمشق، على أن يشارك بعد الظهر في منتدى لرجال أعمال من البلدين.
وأشاد رئيسي الأربعاء بـ«الانتصار»، الذي حقّقته سوريا بعد 12 عاماً من نزاع مدمر، «رغم التهديدات والعقوبات» المفروضة عليها، مؤكّداً أنّ العلاقة بين البلدين «ليست فقط علاقة سياسية ودبلوماسية، بل هي أيضاً علاقة عميقة واستراتيجية».
ووقّع الرئيسان، وفق الإعلام الرسمي، مذكرة تفاهم لـ«خطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد»، التي تشمل مجالات عدة بينها الزراعة والسكك الحديد والطيران المدني والنفط والمناطق الحرة. وقال رئيسي إنه «كما وقفت إيران إلى جانب سوريا حكومة وشعباً في مكافحة الإرهاب، فإنها ستقف إلى جانب أشقائها السوريين في مجال التنمية والتقدم في مرحلة إعادة الإعمار».
ومنذ سنوات النزاع الأولى أرسلت طهران إلى سوريا مستشارين عسكريين لمساندة الجيش السوري في معاركه ضدّ التنظيمات «المتطرفة» والمعارضة، التي تصنّفها دمشق «إرهابية». وساهمت طهران في دفع مجموعات موالية لها، على رأسها «حزب الله» اللبناني، للقتال في سوريا إلى جانب القوات الحكومية.
وهدأت الجبهات في سوريا نسبياً منذ 2019. وإن كانت الحرب لم تنته فعلياً. وتسيطر القوات الحكومية حالياً على غالبية المناطق التي فقدتها في بداية النزاع. وبات استقطاب أموال مرحلة إعادة الإعمار أولوية لدمشق بعدما أتت الحرب على البنى التحتية والمصانع والإنتاج.
وزار الأسد طهران مرتين بشكل معلن خلال السنوات الماضية، الأولى في فبراير (شباط) 2019 والثانية في مايو (أيار) 2022، والتقى خلالها رئيسي والمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي.
وكان الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد زار دمشق في 18 سبتمبر (أيلول) 2010. قبل ستة أشهر من اندلاع النزاع، الذي أودى بأكثر من نصف مليون سوري، وتسبب في نزوح وتهجير أكثر من نصف عدد السكان داخل البلاد وخارجها.