لماذا تنحاز الصين للجانب الباكستاني في صراع كشمير؟

بعد تأييدها بحث الموضوع في مجلس الأمن

خريطة توضح توازن القوى في إقليم كشمير (الشرق الأوسط)
خريطة توضح توازن القوى في إقليم كشمير (الشرق الأوسط)
TT

لماذا تنحاز الصين للجانب الباكستاني في صراع كشمير؟

خريطة توضح توازن القوى في إقليم كشمير (الشرق الأوسط)
خريطة توضح توازن القوى في إقليم كشمير (الشرق الأوسط)

تدخل الصين حالياً على خط الأزمة الخاصة بإقليم كشمير المتنازع عليه، بعد أن أيّدت طلب باكستان من مجلس الأمن الدولي، ببحث قرار الهند بإلغاء الوضع الخاص لولاية جامو وكشمير.
وطلبت من المجلس أن يعقد اجتماعاً مغلقاً اليوم (الخميس) وغداً (الجمعة)، وفق ما نقلت وكالة «رويترز» عن دبلوماسيين.
والإقليم الواقع في جبال الهيمالايا يعد بؤرة ساخنة بين الهند وباكستان والصين كذلك، وينقسم بين الهند، التي تدير وادي كشمير المكتظ بالسكان ومنطقة حول مدينة جامو معظم سكانها من الهندوس، وباكستان، التي تسيطر على قطاع من الأراضي في غرب الإقليم، والصين، التي تدير منطقة أراض على ارتفاع عال يقطنها عدد قليل من السكان في الشمال.
وتحكم الصين حالياً منطقة ديمشوك، ووادي شاكسغام، ومنطقة أكساي شن، وتنازعها الهند على هذه الأقاليم التي تصرح الصين بامتلاكها، منذ استيلائها على أكساي شن، خلال الحرب الهندية - الصينية عام 1962.

العلاقات الصينية - الباكستانية
تجمع بين الصين وباكستان مصالح مشتركة تؤرق نيودلهي منذ عقود، حيث تسعى الصين إلى جعل باكستان حلقة رئيسية في مبادرتها لإحياء ما يعرف باسم «طريق الحرير»، وقد شرعت في العمل على ربط إقليم سنغان بميناء غوادار الباكستاني الذي بنته الصين.
ويعرف هذا المشروع بالممر الاقتصادي الصيني - الباكستاني، وتقدر تكلفته بـ46 مليار دولار ويمرّ عبر كشمير الباكستانية ويتصل بشبكة من الطرق الصينية البرية والبحرية والسكك الحديدية وخطوط الأنابيب؛ الأمر الذي سيتيح للصين الوصول إلى المحيط الهندي، وبالتالي الدخول في تحدٍّ مع الهند في حديقتها الخلفية البحرية وخلق تهديد جديد أمامها، وذلك وفقاً لما جاء في تقرير سابق نشرته «الشرق الأوسط»، كما أن الممر سيسمح للصين بالتحرك سريعاً لنجدة إسلام آباد في حال اندلاع حرب بينها وبين نيودلهي.
وزار نائب الرئيس الصيني وانغ تشيشان باكستان في مايو (أيار) الماضي؛ تعزيزاً للعلاقات الدبلوماسية التي تجمع بين البلدين، والتقي رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، ووقعوا اتفاقيات التعاون الثنائي المتعلقة بالزراعة والجمارك والإغاثة في حالات الكوارث، حسبما ذكرت صحيفة «شاينا ديلي» الصينية.
واللافت للانتباه، أنه في الوقت الذي تتزايد مشاركة الصين في مشروعات استراتيجية داخل كشمير الباكستانية، فإنها لمحت بوضوح إلى أن التحالف الصيني - الباكستاني بمقدوره تضييق الخناق على الهند في كشمير. وعليه، تجد الهند نفسها في مواجهة جبهتين في حال اندلاع حرب مع أي من البلدين.
وتجري محادثات غير مثمرة بشأن الحدود المتنازع عليها بين الهند والصين منذ 1962، عندما خاض البلدان حرباً قصيرة، لكن وحشية بسبب المنطقة.

الحرب الصينية - الهندية
في أكتوبر (تشرين الأول) عام 1962 بدأت الحرب بين البلدين، وعرفت أيضاً باسم الصراع على الحدود بين الصين والهند، حيث نشرت الهند نقاطاً عسكرية على طريق بري كانت الصين قد أنشأته ليربط إقليم التبت بإقليم سنجان.
وكانت الحدود في جبال الهيمالايا المتنازع عليها ذريعة رئيسية للحرب، بالإضافة إلى السيطرة على إقليم أكساي تشين، وشهدت سلسلة من الحوادث الحدودية العنيفة بعد انتفاضة التبت عام 1959، عندما منح الهند حق اللجوء للدالاي لاما، وانتهت بانتصار الصين في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) 1962.
وتتشارك الصين والهند في حدود طويلة، تقع أكساي تشين في الجزء الغربي من هذه الحدود، وتبرز أهمية المنطقة في احتوائها على بعض المنخفضات التي مكّنت الصين من إنشاء طريق يربط إقليم التبت بإقليم سنجان؛ وذلك بسبب الوعورة الكبيرة لإقليم التبت.
وبالعودة إلى مشروع القانون الهندي المتعلق بإعادة تنظيم وضعية المنطقة من ولاية إلى منطقتين تخضعان للإدارة الاتحادية: «جامو وكمشير» و«لاداخ»، فإنه من المقرر أن يظل لجامو وكشمير مجلس تشريعي خاص، بينما لن يكون الأمر نفسه للاداخ.

صراع حول منطقة «لاداخ»
وعليه، انتقدت بكين بشدة قرار الهند تحويل منطقة «لاداخ» التي تسكنها غالبية من البوذيين في كشمير إلى منطقة إدارية تحكمها نيودلهي مباشرة، حسبما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
وتقول الهند، إن الصين تحتل 38 ألف كلم مربع من منطقتها الشمالية الغربية بشكل غير قانوني، بينما تزعم بكين أحقيتها في 90 ألف كلم من ولاية «أروناشال براديش» في شمال شرقي الهند.
وشهدت المنطقة الحدودية بين الهند والصين مواجهة استمرت لأسبوعين في سبتمبر (أيلول) 2014 عندما تقدمت القوات الصينية لكيلومترات عدة داخل القطاعات الشمالية من لاداخ.



طائرات مقاتلة من الجيل السادس لضمان التفوق الجوي الأميركي لعقود مقبلة

طائرات مقاتلة من الجيل السادس لضمان التفوق الجوي الأميركي لعقود مقبلة
TT

طائرات مقاتلة من الجيل السادس لضمان التفوق الجوي الأميركي لعقود مقبلة

طائرات مقاتلة من الجيل السادس لضمان التفوق الجوي الأميركي لعقود مقبلة

التوترات وانعدام الثقة بين واشنطن وبكين لن ينحسرا في أي وقت قريب؛ ولهذا، يستعد الجيش الأميركي لأسوأ سيناريو في حالة نشوب صراع مسلح في منطقة المحيطين الهندي والهادي.

رسم تخيلي لتصاميم طائرات برنامج الجيل التالي للهيمنة الجوية (NGAD) الأميركية

برنامج للهيمنة الجوية

وكتب وايلدر أليخاندرو سانشيزو (*) أن هذه الاستعدادات تشمل تحديث مخزون القوات المسلحة. وبالنسبة لسلاح الجو الأميركي (USAF)، فإن برنامج الجيل التالي المهم للهيمنة الجوية (NGAD)، الذي يهدف إلى بناء طائرة مقاتلة من الجيل السادس يمكنها ضمان التفوق الجوي لعقود مقبلة، هو حجر الزاوية في جهود التحديث هذه. ومن الأهمية بمكان بالنسبة لواشنطن أن سلاح الجو الأميركي لن يكون الجهة الوحيدة عبر منطقة المحيطين الهندي والهادي التي ستحصل على طائرات مقاتلة جديدة.

ويتفحص الخصوم والحلفاء المناقشات التي لا تعد ولا تحصى بشأن المشتريات العسكرية في العاصمة الأميركية. إذ يعمل خصوم الولايات المتحدة في منطقة المحيطين الهندي والهادي بالفعل على تصاميم لطائراتهم المقاتلة من الجيل التالي.

تحديثات صينية وروسية

يعمل سلاح الجو التابع لجيش التحرير الشعبي الصيني على تطوير طائرة حربية من الجيل السادس. وكما كتب ريك جو مؤخراً في مجلة «ذا دبلومات» (The Diplomat)، فإن الطائرة الجديدة يمكن أن تدخل الخدمة بحلول منتصف ثلاثينات القرن الحالي. وتحرص موسكو على إظهار أنه على الرغم من عامين من الحرب والعقوبات الدولية، فإن صناعتها الدفاعية لا تزال فعالة.

وتعمل روسيا على تطوير طائرة مقاتلة من الجيل السادس، تسمى مقاتلة «ميكويان- ميغ 41» (Mikoyan MiG-41) أو «المجمع الجوي المحتمل للاعتراض طويل المدى» (PAK DP, ПАК ДП). إلا أن التفاصيل الموثوقة شحيحة، كما أن الحرب مع أوكرانيا تعرقل إنتاج طائرات «ميغ - 41». وتشير تقارير وسائل الإعلام إلى أنه من المتوقع أن تتم الرحلة الأولى لها في عام 2025، ويمكن أن يبدأ الإنتاج بحلول نهاية العقد.

تصاميم حلفاء أميركا

بالنسبة لحلفاء الولايات المتحدة وشركائها، يعد الموقف الاستراتيجي لواشنطن وسياسة المشتريات بمثابة اعتبارات وجودية. فاليابان جزء من برنامج المقاتلة الشبح «تيمبيست» (Tempest)، وهو برنامج مشترك بين لندن وروما وطوكيو. وأعلنت إدارة برنامج الاستحواذ الدفاعي في كوريا الجنوبية (DAPA) عن بدء بناء أسطول من الطائرات المقاتلة (KAI KF-21 Boramae).

وتشتري اليابان وكوريا الجنوبية أيضاً طائرة «Lockheed إف-35 Lightning II» الحربية من الجيل الخامس - ووافقت وزارة الخارجية الأميركية على بيع 25 طائرة حربية من طراز «إف - 35» (F35) لكوريا الجنوبية في عام 2023. وأخيراً، تقوم شركة تطوير صناعة الطيران التايوانية (AIDC) بتطوير الطائرة الحربية المقاتلة الدفاعية المتقدمة (ADF).

تصاميم هندية

الهند، التي لديها شراكة معقدة مع واشنطن، على الرغم من كراهيتها للصين وعلاقاتها الوثيقة مع موسكو، تفكر أيضاً في طائرات حربية من الجيل التالي. ستقوم شركة «هندوستان» للملاحة الجوية المحدودة (HAL) المملوكة للدولة بتصنيع طائرة حربية من الجيل الخامس للقوات المسلحة، وهي الطائرة القتالية المتوسطة المتقدمة (AMCA). علاوة على ذلك، في يناير (كانون الثاني) الماضي، زار وفد بقيادة وزير الدفاع راجناث سينغ المملكة المتحدة، الأمر الذي أثار تكهنات بأن نيودلهي قد تنضم إلى برنامج المقاتلة الشبح «تيمبيست».

أهداف التفوق الأميركي

مع وجود برامج تطوير واقتناء الجيل التالي من الطائرات المقاتلة في جميع أنحاء منطقة المحيطين الهندي والهادي وأوروبا، إذ إن سلاح الجو الأميركي لا يستطيع تحمل التخلف في هذا الفضاء المعقد للغاية والمتنازع عليه، لا تحتاج الولايات المتحدة إلى التنافس مع خصومها فحسب، بل تحتاج إلى التفوق عليهم في الأداء، مع دعم حلفائها.

في مايو (أيار) 2023، أوضح وزير سلاح الجو فرنك كيندال، أن «منصة NGAD عنصر حيوي في عائلة أنظمة الهيمنة الجوية، التي تمثل قفزة أجيال في التكنولوجيا مقارنة بالطائرة (F - 22)، التي ستحل محلها». وستشارك الطائرة المقاتلة، التي تهدف إلى استبدال مقاتلة «لوكهيد إف - 22 رابتور» ابتداءً من عام 2030، في مهام جوية مضادة، وهجمات جو - أرض، وضربات جو - جو.

طائرة «الخفاش الشبح» من دون طيار لمرافقة الطائرات المقاتلة الحديثة

طائرات بذكاء اصطناعي

وهي تستند في الأساس إلى برنامج «Loyal Wingman»، الذي يعتمد على تطوير طائرة من دون طيار تعمل بالذكاء الاصطناعي تحلق جنباً إلى جنب مع الجيل التالي من الطائرات المقاتلة المأهولة. ويتدارس سلاح الجو الأميركي شراء ما يصل إلى 200 طائرة من طراز «NGAD» بقيمة تبلغ نحو 300 مليون دولار لكل منها، وتبلغ تكاليف البرنامج نحو 28 مليار دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة، إذا تم الالتزام بها.

وكما الحال مع الأنظمة والمنصات الدفاعية الأخرى المصنعة في الولايات المتحدة، سيتم بيع نظام «NGAD» في النهاية إلى الحلفاء الآسيويين والأوروبيين. لكن مستقبل «NGAD» أصبح موضع شك حالياً.

وفي منتصف يونيو (حزيران) الماضي، أثناء مناقشة البرنامج في رابطة سلاح الجو والفضاء، أقر رئيس أركان سلاح الجو الأميركي الجنرال ديفيد ألفين بالحاجة إلى اتخاذ خيارات وقرارات «عبر كل تفاصيل» برنامج «NGAD» خلال «العامين المقبلين». ودفعت هذه التصريحات وكالات الأنباء والتحليلات الدفاعية إلى التساؤل عما إذا كان البرنامج في خطر.

انحسار الثقة في طائرات «إف - 35»

المشكلة بالنسبة لسلاح الجو الأميركي وشركاء واشنطن أن برنامج طائرات «إف - 35» المتضخم لم يولد الثقة في قدرة القوة على الحفاظ على التفوق الجوي أثناء الحروب مع قوى عسكرية نظيرة أخرى. وفقاً لمكتب المحاسبة الحكومية، تكلف طائرة «إف - 35» الواحدة في الأصل 130 مليون دولار مقابل 8 آلاف ساعة طيران. ثم تضخم هذا الرقم إلى 450 مليون دولار.

ويذكر أن أقل من ثلث طائرات «إف - 35» المنتجة هي في حالة جاهزة للقتال، ويصفها مشروع الرقابة الحكومية بأنها «طائرة مقاتلة بدوام جزئي». إن السجل السيئ لطائرة «إف - 35» لا يوحي بالثقة بين حلفاء الولايات المتحدة أيضاً. كما واجهت محاولات تصحيح هذا الوضع بالترقيات والتعديلات التحديثية، مشكلات.

وأسهمت المحاولات الأولية لإصلاح كثير من المشكلات الفنية في تضخم التكاليف وزحف المهمة. وكشفت المحاولات اللاحقة لتبسيط هذه المشكلات وتصحيحها للكونغرس أن تحديث طائرات «إف - 35» المتراكمة قد يستغرق أكثر من عام. والآن، أوقف البنتاغون مرة أخرى عمليات تسليم طائرات «إف - 35» المحدثة وسط صعوبات في البرمجيات.

ومن الآمن الافتراض أن أجهزة استخبارات خصوم الولايات المتحدة، مثل الصين، تراقب حالة برنامج طائرات «إف - 35».

وسائط ردع لصراعات الغد

لا يعتمد الردع حصرياً على المواصفات الفنية لأي منصة أو نظام أسلحة، بل تجب أيضاً الموازنة بين القوة اللوجيستية والمنفعة الاقتصادية. ولا يتفوق برنامج «إف - 35» في أي من هذه الفئات. وعندما لا تتمكن طائرة «إف - 35» من الطيران وينتهي الأمر بتكلفة تعادل عشرات الطائرات الصينية أو آلاف الطائرات الصينية من دون طيار الرخيصة، فلن يتم ردع خصوم واشنطن في منطقة المحيطين الهندي والهادي، ولن يطمئن حلفاء الولايات المتحدة.

ومع تصاعد التوترات في منطقة المحيطين الهندي والهادي، يعمل الجيش الأميركي على منصات وأنظمة جديدة لمعالجة صراعات الغد. ولسوء الحظ، لم توفر طائرة «إف - 35» الثقة والكفاءة اللتين يحتاج إليهما سلاح الجو الأميركي والقوات المسلحة لحلفاء وشركاء الولايات المتحدة الآخرين.

وبينما يقوم خصوم الولايات المتحدة (وحلفاؤها) في منطقة المحيطين الهندي والهادي بتطوير طائرات مقاتلة من الجيل التالي، من بين برامج الأسلحة الأخرى التي ستجعل المنطقة أكثر نزاعاً بكثير، تدعم واشنطن برنامجاً غير موثوق به مثل طائرة «إف - 35». ومن خلال القيام بذلك، يتم إبطاء البرامج القيّمة مثل تحديث الطائرات من دون طيار، وترقيات «أرض - جو»، و«NGAD»، التي تتمتع جميعها بالقدرة على النجاح، أو تسوء. وهذا ليس الوقت المناسب لإهمال البدائل الأفضل.

(*) «ذا دبلومات» خدمات «تريبيون ميديا»