إيران «تهدئ» مع دول المنطقة وتتوعد «تحالف أمن الخليج»

ميركل تتوقع مناقشة «المهمة الأوروبية» لحماية الملاحة خلال اجتماع في فنلندا

السفينة البرمائية «يو إس إس جون ب. مورثا» ترافق أسطولاً تابعاً لحاملة الطائرات «أبراهام لينكولن» في أثناء عبوره مضيق هرمز قبالة عُمان (رويترز)
السفينة البرمائية «يو إس إس جون ب. مورثا» ترافق أسطولاً تابعاً لحاملة الطائرات «أبراهام لينكولن» في أثناء عبوره مضيق هرمز قبالة عُمان (رويترز)
TT

إيران «تهدئ» مع دول المنطقة وتتوعد «تحالف أمن الخليج»

السفينة البرمائية «يو إس إس جون ب. مورثا» ترافق أسطولاً تابعاً لحاملة الطائرات «أبراهام لينكولن» في أثناء عبوره مضيق هرمز قبالة عُمان (رويترز)
السفينة البرمائية «يو إس إس جون ب. مورثا» ترافق أسطولاً تابعاً لحاملة الطائرات «أبراهام لينكولن» في أثناء عبوره مضيق هرمز قبالة عُمان (رويترز)

غداة انطلاق سفينة بريطانية ثالثة لحماية أمن الملاحة في مضيق هرمز والخليج، سعى الرئيس الإيراني حسن روحاني مرة أخرى إلى تهدئة التوتر مع دول المنطقة، بينما هاجم خطة الولايات المتحدة لإقامة تحالف دولي يضمن سلامة السفن التجارية، واصفاً الخطة بـ«الفارغة» و«غير العملية» و«الاستعراضية»، فيما لوّح رئيس الدفاع المدني الإيراني الجنرال غلام رضا جلالي بأن قوات بلاده «ستدافع عن مصالحها القومية في مياهها الإقليمية وفي أي مكان يتطلب ذلك»، في حين توقعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أمس، أن تكون مناقشة «المهمة الأوروبية» لحماية السفن في الخليج العربي على جدول أعمال الاجتماع الوزاري للاتحاد الأوروبي نهاية الشهر الحالي في فنلندا.
وقال روحاني في اجتماع الحكومة الإيرانية، أمس، إنه «بمقدور إيران ودول الخليج الأخرى حماية أمن المنطقة، ولا توجد حاجة لقوات أجنبية»، مكرراً رفض المهمة البحرية الأمنية الأميركية في المنطقة، وفق ما نقلت «رويترز» عن التلفزيون الرسمي الإيراني.
وفي جزء آخر من كلامه نقلته وكالات إيرانية، قال روحاني: «دول المنطقة بإمكانها حفظ الأمن والاستقرار في الخليج بالوحدة والتلاحم والحوار» لافتاً إلى أن دول المنطقة «كانت جارة وشقيقة على مدى التاريخ وستكون، والتفرقة والانفصال في صالح الأعداء».
ومنذ عام تحول أمن الملاحة في مضيق هرمز إلى محور التوتر بين إيران والولايات المتحدة عقب تهديد ورد على لسان روحاني بشأن عدم السماح بتصدير نفط أي دولة أخرى من مضيق هرمز إذا ما قررت الولايات المتحدة منع صادرات النفط الإيراني. وخَيّر ترمب بين «أم الحروب» و«أم السلام» مع إيران، وهو ما رد عليه الرئيس الأميركي دونالد ترمب بتحذير إيران من رد لم يَرَه سوى قلة في التاريخ.
وفي يوليو (تموز) 2018، تعهد قاسم سليماني قائد «فيلق القدس»؛ الذراع الخارجية لـ«الحرس الثوري»، بخوض حروب «غير متكافئة» من دون أن تكلف إيران الدخول بقواتها العسكرية إلى مواجهة مباشرة. وجاء التهديد بعد أيام من تلاسن الرئيسين الإيراني والأميركي.
وتجدد النزاع حول مضيق هرمز بعدما أنهت الولايات المتحدة إعفاءات من عقوبات النفط الإيراني لتبدأ خط منع النفط الإيراني من مايو (أيار) الماضي بهدف إجبارها على مفاوضات تؤدي إلى اتفاق جديد. وتعرضت 6 ناقلات نفط إلى عمليات تخريب، وأوقفت إيران 3 ناقلات نفط؛ منها ناقلة تحمل علماً بريطانياً، مما أدى إلى تفاقم القلق من التهديدات في هرمز.
وتمر نحو 14 ناقلة نفط يومياً من مضيق هرمز، وتقدر قيمة شحناتها من النفط الخام بما مجموعه 1.3 مليار دولار.
وبدأت الولايات المتحدة مهمة أمنية بحرية في الخليج مدعومة من بريطانيا بعدما سيطرت إيران على ناقلة ترفع العلم البريطاني هناك الشهر الماضي.
وهذا أول تعليق من روحاني على تحالف أمن الملاحة بعدما أعلنت بريطانيا انضمامها إلى تلك القوات بقيادة الولايات المتحدة.
واستخدم روحاني مفردات وردت قبل أيام على لسان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، لتوجيه اللوم إلى إصرار الولايات المتحدة على إنشاء تحالف عسكري جديد في المنطقة، ووصفه بـ«الشعارات الاستعراضية وغير العملية». ومع ذلك قال: «الشعارات مهما أصبحت عملية، فلن تساعد على أمن المنطقة».
وكان ظريف قبل ساعات من إعلان انضمام بريطانيا شكك في قدرة الولايات المتحدة على إقناع حلفائها وإنشاء التحالف وسط اهتمام دولي بضمان استمرار تدفق إمدادات الناقلات دون عوائق. وقبل ذلك بأسبوعين دعت بريطانيا إلى تشكيل «مهمة بحرية» بقيادة أوروبية.
في هذا الصدد، قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أمس، إنها تعتقد أن فكرة وجود «مهمة بحرية أوروبية» في مضيق هرمز ستطرح للنقاش مرة أخرى خلال اجتماعات غير رسمية لوزراء الخارجية والدفاع بالاتحاد الأوروبي في فنلندا خلال وقت لاحق من هذا الشهر.
ونقلت «رويترز» عن ميركل قولها في مؤتمر صحافي عقب اجتماعها مع رئيس ليتوانيا جيتاناس نوسيدا الذي يزور ألمانيا: «أعتقد أن مسألة تشكيل (مهمة أوروبية) ستطرح للنقاش مرة أخرى هناك، لأن هذه المناقشات لم تتم بعد في كل مكان، لذا أعتقد أن الرئاسة الفنلندية ستلعب دوراً تنسيقياً في هذا الشأن».
ومن المقرر أن يعقد وزراء خارجية ودفاع الاتحاد الأوروبي اجتماعات غير رسمية في هلسنكي في أواخر أغسطس (آب) الحالي.
وإذا ما نجحت الولايات المتحدة في إطلاق التحالف، فسيكون الثاني من نوعه خلال أقل من 10 سنوات بعد تشكل «التحالف الدولي ضد (داعش)» في سبتمبر (أيلول) 2014، لكن نطاقه سيكون محدوداً بردع التهديدات الإيرانية في ظل التوجه البريطاني بشأن عدم انخراطه في استراتيجية «الضغط الأقصى» على إيران، وتحفظ ألماني وفرنسي على التحالف.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لقناة «سكاي نيوز» البريطانية، إن بلاده طلبت من أكثر من 60 دولة تقديم المساعدة في تأمين خطوط الملاحة البحرية في ​مضيق هرمز.
وبالتزامن؛ زار وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر كوريا الجنوبية واليابان وأستراليا نهاية الأسبوع لبحث انضمامها إلى تحالف أمن الملاحة.
من جانب آخر، علق روحاني على «رغبة» مسؤول إسرائيلي بشأن حضور بلاده في مهمة حماية الخليج، وعدّ تصريحاته «فارغة» وقال: «الرد على هذه المزاعم واضحة، لو استطاع الإسرائيليون لحفظوا أمنهم حيثما كانوا»، وتابع: «يجب ألا يسقط أحد في فخ تصريحات كهذه ومزاعم نهايتها واضحة للجميع».
من جانبه، قال رئيس منظمة الدفاع المدني الإيرانية الجنرال غلام رضا جلالي، إن بلاده «ستدافع بقوة عن مصالحها القومية في مياهها الإقليمية وأي مكان يتطلب ذلك»، مشدداً على أنها «لن تمزح مع أي أحد في هذا الخصوص».
واتهم جلالي الولايات المتحدة بالسعي وراء «زعزعة استقرار الخليج»، وقال إن بلاده «تريد اتساع الأمن الشامل في الخليج، وهذا يتحقق في إطار التعاون المشترك مع الجيران في إطار المصالح المشتركة».
وعلى طريقة غيره من المسؤولين الإيرانيين خلال الأيام الماضية، دفع جلالي باتجاه إلقاء كرة التوتر الحالي إلى الملعب الإسرائيلي، وقال إنها «ستتلقى رداً حازماً وحاسماً من قواتنا مثلما رأت قوتنا من قبل».
على صعيد آخر، دافع قائد «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي عن «دور إيران الإقليمي» الذي يعدّ أحد العاملين الأساسيين في تنفيذ وعود الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن تمزيق الاتفاق النووي.
وقلل سلامي من تأثير العقوبات الاقتصادية التي أعادت فرضها إدارة ترمب منذ أغسطس 2018، مشيراً إلى أن إيران جعلت من «تهديد (العقوبات) فرصة لتعزيز الإنتاج والابتعاد عن الاقتصاد النفطي». وقال: «كلما قرر الأعداء الضغط على الشعب الإيراني، جعل الإيرانيون من الضغوط فرصة لزيادة القوة».
واختار المرشد الإيراني علي خامنئي؛ حسين سلامي قائداً لـ«الحرس الثوري» في أول خطوة كبيرة تشهدها هيكلة الجهاز العسكري الموازي للجيش الإيراني عقب تصنيفه على قائمة المنظمات الإرهابية الدولية بقرار من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في منتصف أبريل (نيسان) الماضي.
وعاد سلامي مرة أخرى لإرسال تلميحات بشأن تمسك بلاده بنزعة «تصدير الثورة»، وتوقف عند محطات ثلاث تطالب أطراف دولية وإقليمية بتعديل السلوك الإيراني فيها، وقال إن بلاده «أحبطت مؤامرة التصدي لنفوذ خطاب الثورة الإيرانية». وفي أول محطة أشار إلى خوض «حزب الله» اللبناني حروباً بالوكالة في سوريا، وعدّ قتاله في الحرب الداخلية السورية سبباً في «تنامي» دور «حزب الله»، وقال في هذا الصدد إنه «بلغ من القوة في حروب الوكالة ما يمكنه من محو إسرائيل من الخريطة».
على المنوال نفسه، في المحطة الثانية، أشاد سلامي بالميليشيات العراقية الموالية لإيران، وتحديداً بتجمعها تحت خيمة «الحشد الشعبي» الذي تتطلع إيران إلى أن يكون تكراراً لـ«الحرس الثوري» بنسخته العراقية. وفي المحطة الثالثة، قال في إشارة إلى جماعة الحوثي الموالية لإيران في اليمن، إنها «هزمت الجهاز العسكري الأميركي الصلب».
كل ذلك عدّه سلامي «دليلاً على أخطاء الأعداء مقابل الثورة في إيران»، وعلى أن قواته «ستكون في أي مكان قبل أن يوجد فيه الأعداء، لواد آمالهم».



الزعيم الروحي للدروز في إسرائيل يطالب بضمانات أمنية أميركية للأقليات في سوريا

الشيخ موفق طريف (رويترز)
الشيخ موفق طريف (رويترز)
TT

الزعيم الروحي للدروز في إسرائيل يطالب بضمانات أمنية أميركية للأقليات في سوريا

الشيخ موفق طريف (رويترز)
الشيخ موفق طريف (رويترز)

حث الزعيم الروحي للدروز في إسرائيل الشيخ موفق طريف الولايات المتحدة على توفير الأمن للطائفة الدرزية لمنع تكرار أعمال العنف التي وقعت في وقت سابق من هذا العام في محافظة السويداء السورية ذات الأغلبية الدرزية في سوريا التي يهيمن عليها السنة.

وقال طريف لوكالة «رويترز»، أمس الثلاثاء، خلال زيارة رسمية إلى مقر الأمم المتحدة في جنيف إن واشنطن بحاجة إلى القيام «بواجبها» لحماية حقوق الأقليات في سوريا من أجل تعزيز الاستقرار، مضيفاً أن الدعم الأميركي سيلغي أيضاً الحاجة إلى التدخل الإسرائيلي في جنوب سوريا.

وقال: «الولايات المتحدة دولة عظمى، ونأمل أن تضمن حقوق جميع الأقليات في سوريا، وأن تحميها من أي اعتداءات، حتى لا نشهد مجدداً مجازر أو مذابح بحق هذه المجموعات».

وتعهد الرئيس ترمب في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ببذل كل ما في وسعه لمساعدة سوريا على النجاح بعد محادثات تاريخية مع نظيره السوري أحمد الشرع.

اشتباكات دامية في يوليو

الدروز أقلية ينتمون لطائفة دينية لها أتباع في إسرائيل وسوريا ولبنان.

وفي يوليو (تموز) الماضي، اندلعت اشتباكات بين السكان الدروز والبدو في السويداء بعد عمليات خطف متبادلة، مما تسبب في إزهاق أرواح على مدى أسبوع وعصف بالتعايش الهش الذي استمر على مدى أجيال متعاقبة.

وتفاقمت أعمال العنف عندما اشتبكت القوات الحكومية التي أُرسلت لاستعادة النظام مع مسلحين دروز، وورود أنباء عديدة عن حدوث أعمال نهب وعمليات إعدام دون محاكمة انتهاكات أخرى.

ودخلت إسرائيل على خط المواجهة بطلب من الأقلية الدرزية، وهاجمت القوات الحكومية بهدف معلن، وهو حماية الدروز السوريين والإبقاء على حدودها بلا أي وجود للمسلحين.

وتسببت المواجهات في تهجير عشرات الآلاف من أبناء الطائفتين، وأنهت القلاقل وجود البدو في معظم أنحاء محافظة السويداء.

وفي أعقاب ذلك، دعا زعماء دروز إلى إقامة ممر إنساني من هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل إلى السويداء، وطالبوا بحق تقرير المصير، وهو ما ترفضه الحكومة.

«الحاجة إلى إعادة بناء الثقة»

ورداً على سؤال حول مقترحات الزعيم الدرزي الكبير الشيخ حكمت الهجري بفصل السويداء عن سوريا، شدد طريف على ضرورة إتاحة تقرير المصير والحقوق والأمان لجميع الأقليات.

وقال إن من غير المعقول مطالبة الدروز بتسليم أسلحتهم.

وكانت المحادثات الرامية إلى إعادة ضم قوات الشرطة السابقة في السويداء للعمل تحت سلطة دمشق، مع السماح للدروز بالاحتفاظ بحكم ذاتي محلي واسع النطاق، تحرز تقدماً مطرداً إلى أن أدت إراقة الدماء في يوليو إلى عرقلة هذه المحادثات.

وتعهد الشرع بحماية الدروز، لكن الهجري يصر على أنه يشكل تهديداً وجودياً لطائفته، ورفض في سبتمبر (أيلول) خريطة طريق من 13 نقطة توسطت فيها الولايات المتحدة لإنهاء العداء. وقاد الشرع فصائل المعارضة التي أطاحت بالرئيس السابق بشار الأسد في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

ورداً على سؤال حول ما إذا كان ينبغي إحياء المحادثات، قال طريف إنه تجب إعادة بناء الثقة عبر السماح للسكان بالعودة إلى منازلهم، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل إلى السويداء.

وأضاف: «اليوم لا توجد ثقة... تجب إعادة الثقة».


قبرص تطلق عملية بحث عن يخت مفقود أبحر من إسرائيل

اليخت أبحر في الثاني من ديسمبر متجهاً إلى جزيرة كريت اليونانية (بكساباي)
اليخت أبحر في الثاني من ديسمبر متجهاً إلى جزيرة كريت اليونانية (بكساباي)
TT

قبرص تطلق عملية بحث عن يخت مفقود أبحر من إسرائيل

اليخت أبحر في الثاني من ديسمبر متجهاً إلى جزيرة كريت اليونانية (بكساباي)
اليخت أبحر في الثاني من ديسمبر متجهاً إلى جزيرة كريت اليونانية (بكساباي)

أعلنت السلطات القبرصية، اليوم (الأربعاء)، إطلاق عملية بحث وإنقاذ بعد أن فُقد يخت أبحر من إسرائيل قبل أكثر من أسبوع في ظل ظروف عاصفة قبالة الجزيرة المتوسطية.

وقال مركز تنسيق الإنقاذ المشترك إنه بدأ عملية البحث، أمس، لتحديد موقع اليخت الذي أبحر في الثاني من ديسمبر (كانون الأول)، متجهاً إلى جزيرة كريت اليونانية.

وذكر المركز في بيان، أن آخر موقع معروف له تم تسجيله في الثامن من الشهر الجاري داخل منطقة البحث والإنقاذ القبرصية، على بعد نحو 89 ميلاً بحرياً (165 كيلومتراً) من مدينة بافوس الساحلية في غرب البلاد.

وأضاف: «تم تكليف السفن الموجودة في المنطقة بالمساعدة في تحديد موقع اليخت الشراعي المفقود»، لافتاً إلى انضمام طائرات بحث إلى العملية، الأربعاء.

يتزامن فقدان اليخت مع وصول العاصفة «بايرون» التي جلبت معها أمطاراً غزيرة ورياحاً عاتية هبّت على قبرص.

وتسببت «بايرون» في اضطرابات كبيرة في جميع أنحاء شرق البحر الأبيض المتوسط، مما أدى إلى تعقيد الرؤية وعمليات البحث.


كيف ستتخلص تركيا من منظومة «إس-400» الروسية لإزالة عقوبات «كاتسا»؟

جانب من لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره التركي رجب طيب إردوغان بالبيت الأبيض في 25 سبتمبر الماضي (الرئاسة التركية)
جانب من لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره التركي رجب طيب إردوغان بالبيت الأبيض في 25 سبتمبر الماضي (الرئاسة التركية)
TT

كيف ستتخلص تركيا من منظومة «إس-400» الروسية لإزالة عقوبات «كاتسا»؟

جانب من لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره التركي رجب طيب إردوغان بالبيت الأبيض في 25 سبتمبر الماضي (الرئاسة التركية)
جانب من لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره التركي رجب طيب إردوغان بالبيت الأبيض في 25 سبتمبر الماضي (الرئاسة التركية)

أثارت تصريحات أميركية وتركية متكررة بشأن اقتراب رفع العقوبات التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على تركيا بموجب قانون مكافحة أعداء أميركا بالعقوبات (كاتسا)، وإعادتها إلى برنامج تطوير مقاتلات «إف-35»، تساؤلاً حول تخليها عن منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس-400»، التي بسببها تعرضت للعقوبات.

وفي أحدث هذه التصريحات قال سفير الولايات المتحدة لدى تركيا، توم براك، إن واشنطن تواصل المحادثات مع أنقرة بشأن عودتها إلى برنامج مقاتلات «إف-35»، وتأمل في أن تسفر عن انفراجة خلال الأشهر المقبلة. وفي الوقت ذاته، أوضح براك، عبر حسابه في «إكس»، أن القانون الأميركي لا يسمح لتركيا بتشغيل أو حيازة منظومة «إس-400» الروسية إذا أرادت العودة لبرنامج إنتاج وتطوير المقاتلة الأميركية.

ولفت إلى أن العلاقات الإيجابية بين الرئيس ترمب ونظيره التركي رجب طيب إردوغان هيأت أجواء جديدة من التعاون، نتج عنها محادثات هي الأكثر فائدة منذ نحو 10 سنوات فيما يتعلق بهذا الموضوع.

عقوبات واعتراضات

وأخرجت الولايات المتحدة تركيا من برنامج مقاتلات «إف-35»، التي تنتجها شركة «لوكهيد مارتن» عقب حصولها على منظومة «إس-400» في صيف عام 2019، وفرضت عليها عقوبات بموجب قانون «كاتسا» في عام 2020، فيما اعتبرته تركيا قراراً غير عادل، لا سيما أنها دفعت نحو 1.4 مليار دولار لشراء مقاتلات«إف-35».

وتعارض اليونان، الجارة لتركيا وحليفها في حلف شمال الأطلسي (ناتو) وكذلك إسرائيل، حصول أنقرة على المقاتلات الأميركية.

المقاتلة الأوروبية «يورفايتر تايفون» التي سعت تركيا إلى الحصول عليها بديلاً لـ«إف-35» (أ.ب)

وعلى الرغم من اتجاه تركيا للبحث عن بدائل مثل طائرات «يوروفايتر تايفون» الأوروبية أو إنتاج بدائل محلية، فإنها تواصل السعي لرفع العقوبات الأميركية والحصول على مقاتلات «إف-35».

والأسبوع الماضي، قال براك خلال مشاركته في مؤتمر «ميلكن» للشرق الأوسط وأفريقيا الذي عقد في أبوظبي، إن غالبية الملفات المهمة التي يجري التفاوض عليها بين تركيا والولايات المتحدة قد حُلت، وأن المتبقي منها سيحل خلال مدة تتراوح بين 4 و6 أشهر.

المقاتلة الأميركية «إف-35» (موقع شركة لوكهيد مارتن)

وأضاف أن ترمب يرى أن العقوبات المفروضة على تركيا لا معنى لها، ويدرك أن الصناعات الدفاعية لديها تطورت وأنها تصدر طائرات مسيّرة إلى أوكرانيا، وتشتري مقاتلات «يوروفايتر تايفون»، في وقت لا تصدر فيه الولايات المتحدة إليها طائرات مقاتلة.

رسائل متكررة

ولفت براك إلى أن هناك شرطين يتعلقان بمنظومة «إس-400» الروسية التي تملكها تركيا، وهما التشغيل، وقد تم حلها، والثاني الملكية، وهو الأصعب قليلاً.

بدوره، قال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إن مسألة عقوبات «كاتسا» ستحل خلال أشهر، دون الكشف عن خطوات أو مطالب محددة. وسبق أن أعلن إردوغان عقب لقائه ترمب بالبيت الأبيض في 25 سبتمبر (أيلول) الماضي، عن مفاوضات لعودة تركيا إلى برنامج «إف-35».

ترمب وإردوغان شهدا توقيع وزيري الخارجية الأميركي والطاقة والموارد الطبيعية التركي اتفاقية الطاقة النووية بين بلديهما خلال زيارة إردوغان لواشنطن في 25 سبتمبر الماضي (الرئاسة التركية)

وتحدث مراقبون، عقب لقاء ترمب - إردوغان، عن تحولات جوهرية في الخيارات الجيوسياسية لتركيا، التي سبق أن حولت بوصلتها شرقاً باتجاه روسيا، في مجال الدفاع (اقتناء منظومة إس-400) والطاقة النووية (مشروع محطة أكويو النووية لتوليد الكهرباء في مرسين جنوب تركيا والمفاوضات حول بناء محطات أخرى)، لتعود مجدداً إلى التوجه غرباً من خلال فتح ملف مقاتلات «إف-16» و«إف-35»، والصفقة الضخمة لشراء طائرات «بوينغ»، واتفاقية التعاون النووي المدني الاستراتيجي، التي سيتم وضع تفاصيلها النهائية لاحقاً.

وكانت تركيا قد تحركت لاقتناء المنظومة الروسية، بسبب عدم الاستجابة لطلباتها المتكررة للحصول على بطاريات «باتريوت» الأميركية، وسحب الدول الحلفاء في «الناتو»، مثل إيطاليا وإسبانيا، بطارياتها التي تم نشرها في تركيا لتأمين الحدود الجنوبية للحلف.

عقبات متعددة

ولم تتمكن تركيا من تشغيل المنظومة الروسية، وعندما تحدث ترمب عن النظر في رفع عقوبات «كاتسا»، لم يفته استحضار قضية القس الأميركي أندرو برونسون، الذي اعتقل في تركيا بدعوى دعم محاولة الانقلاب الفاشلة التي اتهمت حركة «الخدمة» التابعة للداعية الراحل فتح الله غولن بتنفيذها في 15 يوليو (تموز)، لإظهار قدرته على التصرف عبر التهديد والضغط عندما لا يحصل على ما يريد، وهو ما أثار انتقادات واسعة لإردوغان من جانب المعارضة التركية.

منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس-400» (موقع الصناعات الدفاعية التركية)

وفي أبريل (نيسان) الماضي، كشفت تقارير عن أن تركيا تناقش مقترحاً لنقل منظومة «إس-400» إلى سوريا.

وعلى أثر ذلك وجّه عضوا مجلس النواب الأميركي، غاس بيلراكيس وبراد شنايدر، رسالةً إلى وزارة الخارجية، حذرا فيها من أن إعادة نشر هذه المنظومة الروسية سيشكل تصعيداً خطيراً، وستكون لها تداعيات واسعة النطاق على أمن إسرائيل، ومصداقية إنفاذ العقوبات الأميركية ضد تركيا، وموقف الردع الأميركي، وستكون بمثابة مكافأة لتركيا على تحديها الاستراتيجي، ورسالة مقلقة إلى الحلفاء والخصوم على حدٍ سواء. وحسب ما أعلن وقت توقيع صفقة «إس-400» عام 2017، لا يحق لتركيا بيع منظومة «إس-400» إلى دولة ثالثة، وهو ما يجعل تخلصها منها أمراً شبه مستحيل.