تراشق كلامي يعمق الخلاف الدبلوماسي بين البرازيل والأرجنتين

المرشح الأرجنتيني الأبرز للرئاسة: بولسونارو «عنصري وكاره للنساء»

المرشح اليساري المتقدم في الانتخابات الرئاسية الأرجنتينية ألبرتو فرنانديز (يمين) والرئيس البرازيلي جايير بولسونارو (أ.ف.ب)
المرشح اليساري المتقدم في الانتخابات الرئاسية الأرجنتينية ألبرتو فرنانديز (يمين) والرئيس البرازيلي جايير بولسونارو (أ.ف.ب)
TT

تراشق كلامي يعمق الخلاف الدبلوماسي بين البرازيل والأرجنتين

المرشح اليساري المتقدم في الانتخابات الرئاسية الأرجنتينية ألبرتو فرنانديز (يمين) والرئيس البرازيلي جايير بولسونارو (أ.ف.ب)
المرشح اليساري المتقدم في الانتخابات الرئاسية الأرجنتينية ألبرتو فرنانديز (يمين) والرئيس البرازيلي جايير بولسونارو (أ.ف.ب)

وصف المرشح اليساري المتقدم في الانتخابات الرئاسية الأرجنتينية ألبرتو فرنانديز أمس (الثلاثاء) الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو بأنه «كاره للنساء وعنصري وعنيف»، في أحدث تراشق كلامي في الخلاف الدبلوماسي بين الدولتين الجارتين في أميركا الجنوبية.
وجاء التصعيد الكلامي لفرنانديز بعد أن أعرب بولسونارو الاثنين عن مخاوفه من أن يجر فوز اليسار الأرجنتيني في انتخابات أكتوبر (تشرين الأول) الرئاسية في الأرجنتين البلاد إلى الخراب الاقتصادي ويطلق شرارة هجرة جماعية.
وقال: «لا نريد أن نرى إخواننا الأرجنتينيين يفرّون إلى هنا».
وبات فرنانديز المرشح الأوفر حظاً لتولي الرئاسة الأرجنتينية بعد فوزه الساحق على الرئيس ماوريسيو ماكري من يمين الوسط في الانتخابات التمهيدية التي جرت الأحد.
ولم يفوّت فرنانديز الفرصة للرد على الرئيس البرازيلي اليميني، حيث قال في مقابلة تلفزيونية: «ليس لدي أي مشكلة في أن أكون على خلاف مع بولسونارو».
وأضاف: «أنا سعيد أن بولسونارو يتحدث عني بالسوء. إنه ليس سوى شخص عنصري وعنيف وكاره للنساء».
ودعا فرنانديز الرئيس البرازيلي إلى إطلاق سراح الرئيس اليساري السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا من السجن ومواجهته في انتخابات حرة.
وكان بولسونارو الضابط السابق في الجيش قد فاز في الانتخابات الرئاسية في البرازيل العام الماضي بعد أن مُنع لولا دا سيلفا من خوضها بسبب محاكمته بتهم فساد.
والأرجنتين والبرازيل شريكتان مع أوروغواي وباراغواي في تحالف «ميركوسور» الاقتصادي الأميركي الجنوبي الذي وقّع في يونيو (حزيران) الماضي اتفاقية تجارية ضخمة مع الاتحاد الأوروبي.
لكن فرنانديز أشار إلى أنه لا مخاوف لديه بشأن قدرته على العمل مع البرازيل في حال فوزه بالرئاسة.
وقال: «سنتوافق بشكل رائع. ستكون البرازيل دائماً شريكتنا الرئيسية. بولسونارو مجرد لحظة طارئة في حياة البرازيل، كما هو ماكري مجرد لحظة في حياة الأرجنتين».
وصرّح بولسونارو الاثنين أن عودة اليسار إلى السلطة قد تضع الأرجنتين «على نفس المسار مع فنزويلا»، حيث أجبرت الأزمة السياسية والاقتصادية العميقة الملايين على الفرار.
وتابع: «إذا عاد اليسار إلى الأرجنتين، قد يصبح لدينا رورايما جديدة»، في إشارة إلى الولاية البرازيلية الشمالية التي يفر الفنزويليون إليها.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.