إلغاء صلاة العيد في 10 ساحات بشمال سيناء تفادياً لعمليات إرهابية

الأهالي يتحدّون المسلحين ويحتفلون بالعيد

صلاة عيد الأضحى في العريش أمس («الشرق الأوسط»)
صلاة عيد الأضحى في العريش أمس («الشرق الأوسط»)
TT

إلغاء صلاة العيد في 10 ساحات بشمال سيناء تفادياً لعمليات إرهابية

صلاة عيد الأضحى في العريش أمس («الشرق الأوسط»)
صلاة عيد الأضحى في العريش أمس («الشرق الأوسط»)

ألغت الجهات الأمنية والدينية المختصة في شمال شبه جزيرة سيناء المصرية، أمس، صلاة العيد في 10 ساحات مفتوحة بمدينة العريش أكبر مدن شمال سيناء، وفتحتها في ساحتين فقط من بين 12 ساحة كانت مقررة للصلاة، في إجراءات وُصفت بالاحترازية تحسباً لاستهداف عناصر إرهابية تجمعات المدنيين المفتوحة. لكنّ تلك الإجراءات لم تعق احتفال الأهالي بالعيد وتحركاتهم، وهو ما اعتبروه تحدياً من جانبهم لكل محاولات إرهابهم.
وتقاتل القوات المصرية منذ سنوات، ضد مجموعات مسلحة في شمال ووسط سيناء، تَدين في معظمها بالولاء لتنظيم «داعش» الإرهابي. وفي فبراير (شباط) 2018 بدأت القوات عملية واسعة النطاق ضد تلك المجموعات. وقال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»، فضّل عدم الكشف عن اسمه، إن «إجراء غلق الساحات جاء لحماية أرواح المدنيين ويأتي في إطار إجراءات بدأت السلطات الأمنية في اتخاذها قبل أسبوع لمنع أي تجمعات بشرية بعد أن وصلت معلومات تفيد باعتزام عناصر إرهابية استهداف هذه التجمعات».
وأشار المصدر إلى أن الساحات التي أُغلقت هي في مدينة العريش، وتم الإبقاء على ساحتين رئيسيتين تم تشديد الحراسة حولهما واتخاذ إجراءات الدخول إليهما بعد المرور عبر أجهزة الكشف عن المفرقعات.
وأعلنت أوقاف شمال سيناء، في بيان لها، أنها فتحت فقط ساحتي مركز شباب العريش، وساحة نادي أبو صقل، إضافة إلى المساجد للصلاة. وسبق وأغلقت السلطات المصرية، الخميس الماضي 8 أغسطس (آب) الجاري، «سوق الخميس» الشعبية وسط مدينة العريش شمال شبه جزيرة سيناء وهي ثاني سوق شعبية تُغلق في غضون أسبوع بعد إغلاق «سوق الثلاثاء» في مدينة الشيخ زويد بشكل مفاجئ، قبلها بـ3 أيام، وهو إجراء وصفه التجار والأهالي بأنه «جديد من نوعه»، وأعلنت الجهات الأمنية بسيناء أنه تحسباً لاختراق عناصر إرهابية وتنفيذ عملية داخلها.
كانت العريش قد شهدت في 27 يونيو (حزيران) الماضي، إحباط قوات الشرطة محاولات عناصر إرهابية استهداف حواجز في منطقة «المساعيد».
وحسب مصادر أمنية وقتها أفادت بأنه تم رصد تحركات لعناصر إرهابية بمحيط حاجز أمني على مدخل منطقة المساعيد (غرب العريش)، وحاجز أمني آخر لتأمين كنيسة مار مينا والبابا كيرلس بالمنطقة، تم استهداف العناصر وإحباط محاولة استهداف الأكمنة. سبقه بـ24 ساعة إعلان الداخلية المصرية مقتل ضابط و6 مجندين، ومقتل 4 من العناصر الإرهابية، خلال مواجهات بمدينة العريش.
إجراءات قوات الأمن صبيحة يوم عيد الأضحى في شمال سيناء، اعتبرها الأهالي تكملة لاحتفالهم بالعيد وتحديهم للإرهاب، حسب وصف محمد الشريف، أحد شباب مدينة العريش.
يقول الشريف لـ«الشرق الأوسط»، إنه حضر لأداء صلاة العيد في الساحة الشعبية بمركز شباب العريش، وكان مفترضاً يؤديها في ساحة مركز شباب 6 أكتوبر إلا أن إغلاقها أمنياً جعله يصر و4 من أصدقائه على السير لمسافة طويلة ليصلي العيد بجانب الآلاف من الأهالي، تحدياً للإرهاب.
وأضاف أن «قرار غلق الساحات التي يُخشى تسلل عناصر إرهابية إليها يعدّونه إجراءً مناسباً لحمايتهم يؤكد يقظة قوات الأمن في إحباط أي محاولات لاستهداف مدنيين»، وتابع قائلاً إنهم في العريش يحتفلون بالعيد، وبعد أداء الصلاة قام بزيارة عماته وخالاته وتناول في بيوتهن إفطار لحوم الأضاحي.
مظاهر الاحتفال بالعيد لم تغب حتى عن القرى التي شهدت موجات نزوح خلال السنوات الماضية هرباً من أجواء الحرب على الإرهاب.
وقال خالد سواركة، موظف حكومي، من قرية الجورة جنوب الشيخ زويد، إن الأهالي في قريتَي الظهير والجورة الكائنتين جنوب مدينة الشيخ زويد احتفلوا بالعيد بالتنقل ومعايدة بعضهم البعض سيراً على الأقدام وباستخدام عربات كارو تجرها الخيول نظراً، إلى توقف حركة سير المركبات في هذه المناطق.
وأضاف أنه عاد إلى هذه القرى عدد من الأهالي الذين سبق وتركوا قراهم هرباً من الإرهاب لمناطق أمنة.
بدوره قال سليمان علي، مزارع، إنه كان بين من فروا من قراهم وسكن في منطقة بئر العبد الأكثر أماناً، وهو ممن يحمل لقب «نازح»، وجاء إلى قريته لزيارة ذويه في جنوب الشيخ زويد والاحتفال معهم بالعيد، لافتاً إلى أنهم يطلقون على مَن تبقى في هذه القرى ولم يرحلوا عنها «صامدين».
وقال الشيخ عرفات خضر، أحد رموز منطقة الشيخ زويد القبلية، إن ديوان قرية الجورة الكائن وسط القرية، استقبل الأهالي المهنئين بالعيد والزائرين، لافتاً إلى أن تقليد كل عيد أن يحضر الكبار مع أبنائهم، لتهنئة رموزهم بالعيد وقضاء أجواء احتفالية وتناول غداء الأضاحي معاً.
وتراجعت وتيرة الهجمات الإرهابية ضد قوات الأمن خلال الفترة الماضية، بينما أقدمت السلطات، قبل شهور، على إجراءات لتخفيف القيود المتعلقة بالسفر ونقل البضائع وتوفير الوقود في سيناء، والتي كانت تخضع لترتيبات صارمة لمنع وصولها إلى العناصر «الإرهابية» أو لمنع تسلل آخرين إلى المنطقة.


مقالات ذات صلة

تركيا: استضافة لافتة لرئيس وزراء كردستان ورئيس حزب «حراك الجيل الجديد»

شؤون إقليمية إردوغان مستقبلاً رئيس وزراء إقليم كردستاني العراق مسرور بارزاني (الرئاسة التركية)

تركيا: استضافة لافتة لرئيس وزراء كردستان ورئيس حزب «حراك الجيل الجديد»

أجرى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مباحثات مع رئيس وزراء إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني، بالتزامن مع زيارة رئيس حزب «حراك الجيل الجديد»، شاسوار عبد الواحد

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا جنود ماليون خلال تدريبات عسكرية على مواجهة الإرهاب (أ.ف.ب)

تنظيم «القاعدة» يهاجم مدينة مالية على حدود موريتانيا

يأتي الهجوم في وقت يصعّد تنظيم «القاعدة» من هجماته المسلحة في وسط وشمال مالي، فيما يكثف الجيش المالي من عملياته العسكرية ضد معاقل التنظيم.

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي مقاتلان من الفصائل الموالية لتركيا في جنوب منبج (أ.ف.ب)

تحذيرات تركية من سيناريوهات لتقسيم سوريا إلى 4 دويلات

تتصاعد التحذيرات والمخاوف في تركيا من احتمالات تقسيم سوريا بعد سقوط نظام الأسد في الوقت الذي تستمر فيه الاشتباكات بين الفصائل و«قسد» في شرق حلب.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ علم أميركي يرفرف في مهب الريح خلف سياج من الأسلاك الشائكة في معسكر السجن الأميركي في خليج غوانتانامو (د.ب.أ)

بايدن يدفع جهود إغلاق غوانتانامو بنقل 11 سجيناً لعُمان

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أنها نقلت 11 رجلاً يمنياً إلى سلطنة عُمان، هذا الأسبوع، بعد احتجازهم أكثر من عقدين من دون تهم في قاعدة غوانتانامو.

علي بردى (واشنطن )
أميركا اللاتينية شرطة فنزويلا (متداولة)

السلطات الفنزويلية تعتقل أكثر من 120 أجنبياً بتهم تتعلق بالإرهاب

أعلن وزير الداخلية الفنزويلي ديوسدادو كابيلو، الاثنين، أن السلطات اعتقلت أكثر من 120 أجنبياً بتهم تتعلق بالإرهاب، عقب الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها.

«الشرق الأوسط» (كاراكاس )

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.