تحتشد مجموعة من الفتيان والفتيات حول سبورة سوداء كبيرة، وهم يمسكون بقطع ملونة من الطباشير. وتوجد أمامهم على مكتب خشبي مجموعة من الجماجم البشرية وجماجم القردة. وتخاطب المعلمة، جنيفر شواب، تلاميذها قائلة: «يمكنكم أن تلمسوها قدر ما تشاؤون».
تلك هي حصة علوم أخرى في مدرسة «والدورف» التي تقع في قلب وادي السليكون، معقل التكنولوجيا الرقمية الجديدة في الولايات المتحدة. ورغم أن المدرسة تقع على مسافة 20 دقيقة بالسيارة من مقرّ شركات تكنولوجيا عملاقة مثل «أبل» و«غوغل» و«فيسبوك»، فإنها لا تستخدم وسائل التكنولوجيا الحديثة في فصولها، وإنما تنتهج أسلوب «واتفورد» في التدريس، الذي يركز على بناء الإبداع والمهارات الاجتماعية، حسب وكالة الأنباء الألمانية.
ولن تجد في فصل شواب بالمدرسة أي شاشات أو أجهزة كومبيوتر. ويقول مدير المدرسة بيير لوران: «نحن هنا لا نتعلم بواسطة التفكير فقط، بل أيضاً نستخدم حواسنا من خلال اللمس». وأضاف: «جلوس الطفل أمام الشاشة، ومن خلفه المعلم، هو أمر خطير... فالمعلمون في هذه الحالة يقومون بدورهم التعليمي من وراء ظهور الطلاب». وعمل لوران، خبير الكومبيوتر الذي ينحدر من فرنسا، لدى شركة «مايكروسوفت» العملاقة للبرمجيات طوال 9 سنوات، قبل أن يبتعد عن مجال التكنولوجيا، ويشغل منصب المدير الإداري في المدرسة.
وأصبحت مفاهيم التدريس التي لا تعتمد على وسائل المساعدة الرقمية، أو على عدد محدود منها، تجتذب مزيداً من الاهتمام منذ فترة، ولكن هل يحدث ذلك في قلب وادي السيليكون؟
يقول لوران (56 عاماً)، وهو أب لـ3 أطفال، ضاحكاً: «بالطبع... يمكنك أن تنظر إلى قوائم الطلاب، فنحن لدينا عدة فصول لديها قائمة انتظار... فهناك اهتمام متزايد بهذا الاتجاه».
وتعاني مدرسة «كانتربري» المسيحية في مدينة لوس ألتوس المجاورة من مشكلة تزايد عدد الطلاب المتهمين بالدراسة في المدرسة عن عدد الأماكن المتاحة. ويصطف عشرات الطلاب في الصف في فناء المدرسة الصغير. وترتدي الفتيات ثياباً ذات مربعات صغيرة، فيما يرتدي الفتيان زياً مدرسياً من اللونين الأحمر والأزرق، ويصطفون جميعاً لأداء الصلوات الصباحية، قبل أن يهتفوا في صوت واحد: «صباح الخير أيها الأب ماسياس».
ويقول مدير المدرسة ستيفان ماسياس: «تقريباً جميع آباء التلاميذ هنا يعملون في شركات مثل (إيباي) و(فيسبوك) و(إنتل) و(إتش بي)»، وهو يفتخر بتقاليد مدرسته التي تهتم بتدريس اللغة اللاتينية والقراءة والرياضيات منذ تأسيسها قبل 50 عاماً... فلا توجد بها كومبيوترات، بل انضباط ولمسة إنسانية.
في قلب وادي السيليكون مدارس تختار الابتعاد عن التكنولوجيا
في قلب وادي السيليكون مدارس تختار الابتعاد عن التكنولوجيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة