دخلت صناعة الألماس العالمية إلى ما يصفه الخبراء الألمان بـ«الأوضاع المقلقة» التي تخفي تحت طيّاتها أزمة «مجهولة الأبعاد»، في ظلّ انقطاع طلبات بعض القطاعات الصناعية على فئات معيّنة من منتجات الألماس. وتشير أبرز جمعيات تجار الأحجار الكريمة الأوروبية إلى أن أسواق الألماس موجودة حالياً في مرحلة أسوأ مما كانت الحال عليه في عامي 2008 و2009. أي خلال اندلاع الأزمة المالية الدولية.
وفي تحليل صدر عن مصرف «دويتشه بنك»، تقول الخبيرة الألمانية نادين سيغفريد إن إجمالي مبيعات الألماس الخام، لدى شركة «دي بيرز» الرائدة، تراجعت 17 في المائة في شهر يوليو (تموز) من هذا العام، قياساً إلى الشهر ذاته من العام الفائت. في حين تراجع إجمالي مبيعات مجموعة «ألروسا» الروسية العالمية المتخصصة في التعدين واستخراج الماس 33 في المائة خلال الشهور العشرة الأخيرة.
واعتماداً على مؤشر «زيمنيسكي غلوبال رو دياموند برايس إيندكس»، الذي يوفّر للمستثمرين الدوليين معلومات متجدّدة عن أسعار الألماس الخام كل أسبوع، فإنّ سعر قيراط الألماس الخام تراجع في شهر يوليو من عام 2019 نحو 2.3 في المائة، مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي. وهو يرسو اليوم على أدنى مستوى له منذ 52 أسبوعاً.
وتضيف بأن المعنويات الضعيفة لصناعة الألماس، المرتبطة بعوامل الاقتصاد الكلي والأوضاع الجيوسياسية الدولية وحالة عدم اليقين المنوطة بانتشار الألماس الصناعي، الذي يتم إنتاجه مخبرياً في مدة لا تتجاوز الأسبوعين، لعبت دوراً في إحباط آمال شركات إنتاج الألماس التاريخية.
وتختم: «قطعت الشركات العالمية توقعاتها، في ملف إنتاج وبيع الماس بما معدله 2 في المائة لعام 2019. أي 31 مليون قيراط. ونتيجة إغلاق بعض المناجم الأفريقية، سُجّل تراجع في إنتاج الماس لدى شركة «دي بيرز»، التابعة لمجموعة «أنغلو أميريكان»، بأكثر من 8 في المائة سنويا. ومن المتوقع أن يرسو الناتج العالمي للألماس عند 143 مليون قيراط لعام 2019. واستجابة لظروف التداول الضعيفة بالألماس اختار حُكّام صناعة الألماس الدوليون موقفاً تجارياً دفاعياً مفاده، أن تخفيض الإنتاج وبيع أكبر قدر ممكن من الألماس إلى أسواق دولية معيّنة هو الاستراتيجية الناجحة مؤقتاً».
في سياق متصل، يقول تاجر الألماس الألماني كارل هاينريش سينهاوسر من مدينة ميونيخ إن أوضاع أسواق الألماس الأميركية الشمالية تبقى أفضل من تلك الأوروبية. في حين تتقلّب أوضاع أسواق الألماس الآسيوية بين الفينة والفينة اعتماداً على ما يطرأ من مستجدات في كل من الصين والهند. كما أن مستقبل الطلب العالمي على الألماس تلفّه الشكوك من جميع الجوانب.
ويردف قائلا: «نظراً إلى التأثير الكلي المحتمل للحروب التجارية وموجة الاحتجاجات التي تشتعل مراراً وتكراراً في مدينة هونغ كونغ الآسيوية والتوترات الأميركية الإيرانية وحركة السترات الصفراء في فرنسا والفوائد المصرفية السلبية التي اجتاحت أوروبا، يبدو أن نمو صناعة الألماس سيكون إيجابياً؛ إنما محدود. ففروع متاجر «تيفاني آند كو»، وهي الأكبر عالمياً سجّلت نمواً في مبيعاتها الأوروبية بنسبة 2.7 في المائة في الشهور الستة الأولى من عام 2019. علما بأن الولايات المتحدة تمثل أكبر سوق للألماس في العالم، لأنها تستأثر بنحو 50 في المائة من منتجاته بفضل استمرارها في الاستفادة من أسواق أوراقها المالية الموجودة، اليوم، في أعلى مستوياتها على الإطلاق.
ويختم: «للمرة الأولى منذ شهر أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2008 خفّض الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة 0.25 في المائة. ومن الناحية النظرية، سيكون لهذه الخطوة تأثير محفّز على الاقتصاد الأميركي من شأنه إضعاف الدولار الأميركي. بدوره، يمكن للدولار الأميركي الضعيف أن يكون ذا فائدة على طلبات شراء الألماس من خارج الولايات المتحدة التي تنحصر أوروبياً على كل من ألمانيا وسويسرا والنمسا وهولندا، بصورة أساسية. فالدولار الأميركي القوي طالما كان عائقاً، إلى حدّ ما، ساهم في تثبيط طلبات شراء الألماس العالمية في الأعوام الأخيرة».
أسواق الألماس العالمية تشق طريقها إلى أزمة مقلقة
تراجع بالغ بمبيعات عمالقة الصناعة
أسواق الألماس العالمية تشق طريقها إلى أزمة مقلقة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة