تسبب قرار للحاكم المدني الأميركي للعراق بول بريمر (2003 - 2004) بخصوص مكاتب المفتشين العموميين بخلاف حاد بين الحكومة والبرلمان، إثر قرار اتخذه رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بإعادة تدوير مفتشين سابقين بين الوزارات، وتعيين مفتشين جدد لوزارات وهيئات مستقلة.
واستند عبد المهدي إلى قرار لا يزال ساري المفعول لرئيس سلطة الائتلاف المؤقتة الحاكم المدني الأميركي بول بريمر، بوصفه تشريعاً لا تزال له قوة القانون. ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي ونائبه الأول رفضا قرار عبد المهدي، انطلاقاً من قرار للبرلمان ألغى من حيث المبدأ مكاتب المفتشين العموميين، لكنه لم يتحول إلى قانون كونه لا يزال ينتظر التصويت عليه من قبل البرلمان.
وفي بيان له، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، قال رئيس البرلمان إن مجلس النواب صوَّت في شهر مارس (آذار) الماضي على صيغة قرار من حيث المبدأ لإلغاء مكاتب المفتشين العموميين، مؤكداً التزام المجلس بما تم التصويت عليه. وأضاف الحلبوسي أن «مكاتب المفتشين العموميين ما زالت تعمل بأمر سلطة الائتلاف المنحلة الصادر من الحاكم المدني بول بريمر رقم (57) لسنة 2004»، مشيراً إلى أن «هذه المكاتب لم تتمكن في السنوات السابقة من إيقاف هدر المال العام، ولا بدَّ من تفعيل دور هيئة النزاهة والرقابة المالية».
وتابع الحلبوسي أن «من اختصاصات مجلس النواب، وفقاً للمادة 61 من الدستور، الرقابة على أداء السلطة التنفيذية، ولا يجوز أن يستمر عمل مكاتب المفتشين العموميين بالشكل الذي يتيح للحكومة مراقبة نفسها من خلال عمل تلك المكاتب، وهذا ما يتعارض مع مهام السلطة التشريعية»، ودعا «الحكومة إلى الالتزام بقرارات مجلس النواب».
كان رئيس الوزراء قد أصدر، الخميس الماضي، أمراً ديوانياً باستحداث مكاتب للمفتشين العموميين في 7 هيئات وجهات حكومية. وفي هذا السياق، يقول الخبير القانوني أحمد العبادي لـ«الشرق الأوسط» إن «مكاتب المفتشين العموميين جاءت نتيجة أمر بريمر رقم 57 منذ عام 2004، وهذه المكاتب لا تزال تتصدر المشهد منذ ذلك اليوم حتى اليوم»، مبيناً أن «العراق، وبسبب مكاتب المفتشين العموميين، يتصدر بلدان العالم في عدم محاربة الفساد، وليس العكس».
وأضاف العبادي أن «أمر رئيس الوزراء باستحداث مكاتب مفتشين جدد قد زاد الطين بلة، في وقت يعمل فيه البرلمان على تشريع قانون بإلغائها، علماً بأنه أصدر قرارا بإلغائها من حيث المبدأ»، وبيّن أن «وضع البلد ومستويات الفساد تتطلب في الواقع إلغاء مكاتب المفتشين العموميين، وليس العكس، على أن يحصر أمر محاربة الفساد في هيئة النزاهة حصراً والرقابة المالية».
من جهته، هاجم السياسي العراقي المستقل عزت الشابندر تجربة المفتشين العموميين في العراق، قائلاً إن «الفاسدين أعاقوا حتى الإجراء الصحيح، ليثبتوا جدارتهم في مهمتهم». وتساءل الشابندر: «ماذا يعني العودة لذات التجربة، وإن فشلت لسنين عجاف خلت؟»، مضيفاً: «منذ اختراع بريمر لنظرية المفتش العام لمراقبة الأداء الإداري والمالي في الدولة، الفساد لم ينته».
أما رئيس اللجنة المالية في البرلمان العراقي هيثم الجبوري، فقد أكد، في بيان، أمس، أن اللجنة «تبدي استغرابها الكبير من تعمد الحكومة العراقية خرق استقلالية البنك المركزي، والإصرار على التدخل في سياسته وإدارته، مخالفة بذلك نص المادة 2 من قانون البنك المركزي الذي نص على عدم السماح بتدخل أي شخص أو الحكومة بعمل البنك أو سياسته النقدية، وأخضعه لرقابة مجلس النواب فقط».
وأضاف الجبوري: «إننا نذكر لحكومة بأن هذا المنصب كان موجوداً سابقاً في البنك المركزي، وتم إلغاؤه سنة 2008 لتعارضه مع قانون البنك النافذ». ودعا الجبوري إلى «الإيقاف الفوري لهذه الخطوة»، محذراً من تداعياتها الخارجية، وانعكاساتها السلبية على الاتفاقيات والتقييمات الدولية.
وأظهرت وثيقة صادرة عن رئاسة الحكومة، مؤخراً، أمراً ديوانياً يقضي باستحداث مكاتب مفتشين عموميين في البنك المركزي العراقي وهيئة الاستثمار ومفوضية الانتخابات ومفوضية حقوق الإنسان والمصرف العراقي للتجارة وهيئة الحشد الشعبي وجهاز الأمن الوطني.
خلاف حاد بين الحكومة العراقية والبرلمان حول المفتشين العموميين
مجلس النواب يريد إلغاء هذه المناصب ويؤكد مسؤوليته عن مراقبة السلطة التنفيذية
خلاف حاد بين الحكومة العراقية والبرلمان حول المفتشين العموميين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة