إغلاق ثاني أكبر سوق شعبية في شمال سيناء

إجراءات أمنية مشددة لتفادي وقوع «عمليات إرهابية» خلال العيد

TT

إغلاق ثاني أكبر سوق شعبية في شمال سيناء

أغلقت السلطات المصرية، أمس، سوق «الخميس» الشعبية وسط مدينة العريش شمال شبه جزيرة سيناء، في إطار إجراءات وُصفت بـ«الاحترازية» تحسباً لاختراق عناصر إرهابية وتنفيذ عملية داخله. و«الخميس» هي ثاني سوق شعبية تُغلق في غضون هذا الأسبوع بعد إغلاق «سوق الثلاثاء» في مدينة الشيخ زويد بشكل مفاجئ، قبل 3 أيام، وهو إجراء وصفه التجار والأهالي بأنه «جديد من نوعه». وقال مصدر أمني، لـ«الشرق الأوسط»، فضل عدم كشف اسمه: «إغلاق السوق الشعبية هو إجراء يأتي في إطار حماية تجمعات المدنيين في سيناء من أي محاولات لعناصر إرهابية للتسلل واستهداف المدنيين وارتكازات الشرطة القائمة على حمايتهم على أبواب هذه الأسواق». وتقاتل قوات الجيش والأمن المصرية منذ سنوات ضد مجموعات مسلحة في شمال ووسط سيناء تَدين في معظمها بالولاء لتنظيم «داعش» الإرهابي. وفي فبراير (شباط) 2018 بدأت القوات عملية واسعة النطاق ضد تلك المجموعات. وقال عبد الرحمن سعيد حسين، تاجر ملابس، لـ«الشرق الأوسط»: «سوق (الخميس) ينعقد مساء الأربعاء حتى ظهر الخميس، في ساحة تجاور قلعة ومقابر العريش وسط الكتلة السكانية، وفيه يعرض تجار جملة بضائعهم من المنتجات والسلع كافة». وأضاف أنه عندما حضر عصر الأربعاء إلى المكان لاتخاذ موقعه في السوق مع ما يقرب من 250 تاجراً آخرين، فوجئ بأن قوات الأمن تطلب منهم عدم الوجود حفاظاً على حياتهم من عمليات إرهابية محتملة. وتابع: «بعض التجار اتخذوا من شوارع جانبية مقراً مؤقتاً لبيع ما يمكن بيعه من البضائع».
بدورها، قالت رضوى السيد سالم (ربة منزل): «سوق العريش الأسبوعي بالنسبة إلى أهالي المدينة وجهة مهمة للموظفين ومحدودي الدخل فيه يجدون سلعاً تباع بأسعار مخفضة، فضلاً عن حضور مزارعين لبيع منتجاتهم بسعر أقل من المحلات التجارية، لذا تشهد إقبالاً وزحاماً شديداً».
وأشارت إلى أنها سمعت ما تردد من إغلاق السوق، وأصرت على الذهاب إليها فجراً، وهي عادة لم تقطعها أسبوعياً طوال 10 سنوات، لكنها فوجئت بالمكان فضاء دون تجار.
وقال محمد حجاب، من الرموز العائلية بالعريش، لـ«الشرق الأوسط»، إن «السوق وساحتها أُغلقت، لكن لم تُغلق الشوارع، ومن كان يتسوق من السوق ذهب للتزود بمشتريات العيد من المحلات».
ساهر يوسف، سائق سيارة نصف نقل، قال: «إنهم يعتبرون احتفالهم بالعيد هو التحدي في مواجهة العناصر الإرهابية»، لافتاً إلى أنهم كمدنيين يتغلبون على كثير من الصعوبات في سبيل انتهاء ما سماها «غمة الإرهاب».
وشهدت العريش في 27 يونيو (حزيران) الماضي إحباط قوات الشرطة محاولات عناصر إرهابية استهداف حواجز بمنطقة «المساعيد». وحسب مصادر أمنية وقتها أفادت بأنه تم رصد تحركات لعناصر إرهابية بمحيط حاجز أمني على مدخل منطقة المساعيد (غرب العريش)، وحاجز أمني آخر لتأمين كنيسة مار مينا والبابا كيرلس بالمنطقة، تم استهداف العناصر وإحباط محاولة استهداف الأكمنة. سبقه بـ24 ساعة إعلان الداخلية المصرية مقتل ضابط و6 مجندين، ومقتل 4 من العناصر الإرهابية، خلال مواجهات بمدينة العريش.
من جهته، أعلن اللواء عبد الفضيل شوشة محافظ شمال سيناء، تشكيل غرفة عمليات رئيسية في ديوان عام المحافظة وغرف عمليات أخرى فرعية في كل مجلس مدينة ومديرية استعداداً لعيد الأضحى والتوسع في الشوادر الخاصة ببيع الأضاحي واللحوم بأسعار مناسبة للمواطنين مع حظر إقامة أي تجمعات لبيع الأضاحي الحيّة في غير الأماكن المخصصة لها. كما خصصت أوقاف شمال سيناء 35 ساحة لأداء صلاة عيد الأضحى، وفتح 880 مسجداً احتياطياً للصلاة في وجود إمام المسجد، ورفع درجة الاستعداد في جميع المستشفيات العامة والمركزية والوحدات الصحية.
وتراجعت وتيرة الهجمات الإرهابية ضد قوات الأمن خلال الفترة الماضية، بينما أقدمت السلطات، قبل شهور، على إجراءات لتخفيف القيود المتعلقة بالسفر ونقل البضائع وتوفير الوقود في سيناء، والتي كانت تخضع لترتيبات صارمة لمنع وصولها إلى العناصر «الإرهابية» أو لمنع تسلل آخرين إلى المنطقة.


مقالات ذات صلة

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

المشرق العربي مئات السوريين حول كالين والوفد التركي لدى دخوله المسجد الأموي في دمشق الخميس (من البثّ الحرّ للقنوات التركية)

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

قام رئيس المخابرات التركية، إبراهيم فيدان، على رأس وفد تركي، بأول زيارة لدمشق بعد تشكيل الحكومة السورية، برئاسة محمد البشير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا سيارات همفي تابعة لـ«طالبان» متوقفة أثناء مراسم جنازة خليل الرحمن حقاني جنوب كابل 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

تشييع وزير اللاجئين الأفغاني غداة مقتله في هجوم انتحاري

شارك آلاف الأفغان، الخميس، في تشييع وزير اللاجئين خليل الرحمن حقاني، غداة مقتله في هجوم انتحاري استهدفه في كابل وتبنّاه تنظيم «داعش».

«الشرق الأوسط» (شرنة (أفغانستان))
شؤون إقليمية عناصر من قوات مكافحة الإرهاب التركية أثناء عملية استهدفت «داعش» (إعلام تركي)

تركيا: القبض على 47 من عناصر «داعش»

ألقت قوات مكافحة الإرهاب بتركيا القبض على 47 من عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي، في حملة شملت 5 ولايات؛ بينها أنقرة وإسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)

الجيش الموريتاني: لن نسمح بأي انتهاك لحوزتنا الترابية

أفرجت السلطات في دولة مالي عن 6 مواطنين موريتانيين، كانت قد اعتقلتهم وحدة من مقاتلي مجموعة «فاغنر» الروسية الخاصة.

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي مسيّرات تركية قصفت مستودع أسلحة يعود لقوات النظام السابق بمحيط مطار القامشلي (المرصد السوري)

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: تركيا ستطالب أميركا بموقف حاسم من «الوحدات» الكردية

أكدت تركيا استمرار الفصائل الموالية لها في التقدم بمناطق «قسد»، وقالت مصادر إنها ستطلب من وزير الخارجية أنتوني بلينكن موقفاً أميركياً ضد «الوحدات» الكردية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.