مطالب باعتقال برلماني مغربي بتهمة التحريض على الإرهاب

بسبب انتقاده طريقة لباس متطوعات بلجيكيات

TT
20

مطالب باعتقال برلماني مغربي بتهمة التحريض على الإرهاب

أثار تعليق البرلماني الإسلامي علي العسري حول تداول صور شابات متطوعات من بلجيكا، وهن يرتدين شورتات وسراويل قصيرة، خلال مساهمتهن في ترصيص طريق برية في قرية نائية بمنطقة تارودانت، قرب ورزازات (جنوب)، جدلا كبيرا وسط الشباب المغربي والأسر المحافظة وفي شبكات التواصل الاجتماعي.
ووجه المحامي والناشط الحقوقي الحبيب حجي نداء لقاضي التحقيق، المتخصص في الإرهاب، مطالبا باعتقال البرلماني بتهمة التحريض على الإرهاب، فيما طرحت شخصيات ثقافية وفنية ونشطاء عريضة تحت عنوان «ألبسوهم السراويل القصيرة أو أخرجوهم». وجاء في العريضة «ألبسوا دعاة الكراهية السراويل القصيرة أو أخرجوهم... لا تسمعوا لهم، أظهروا لهم أن المغرب هو نحن ونحن الحل».
وسبق للأمن المغربي أن اعتقل معلما في القصر الكبير بتهمة التحريض على الإرهاب والكراهية بسبب تدوينة، دعا فيها إلى قطع رؤوس المتطوعات البلجيكيات.
وفي خضم هذا الجدل ظهرت صور جديدة للمتطوعات البلجيكيات وهن يرتدين اللباس التقليدي لمنطقة تارودانت، المعروف بالحايك، كما نشرت صور لاستقبالهن من طرف إمام مسجد القرية، التي ساهمن في تعبيد الطريق إليها بهدف فك العزلة عنها، وهو يقيم مأدبة غداء على شرفهن.
ورد علي العسري، البرلماني عن العدالة والتنمية (مستشار بالغرفة الثانية عن جهة فاس مكناس)، على منتقديه بأن كلامه فهم بشكل خاطئ، مشيرا إلى أنه يحترم لباس المتطوعات البلجيكيات. غير أنه تساءل عن خلفية ارتداء لباس يشبه لباس السباحة أثناء الاشتغال في ورش للأشغال بالإسمنت.
وأشار البرلماني إلى أن دواعي استغرابه ناتجة من كون الأوروبيين معروفين بصرامتهم في مجال لباس العمل بالأوراش ومعايير السلامة، المرتبطة بذلك. وتساءل إن كان خروج الفتيات البلجيكيات بذلك اللباس في منطقة معروفة بمحافظة سكانها يهدف إلى شيء آخر غير العمل الإنساني والتطوعي.
في السياق نفسه، وجه العسري سؤالا كتابيا لوزير الداخلية، يدعوه فيه إلى تقديم تقرير عن الأوراش التي يتولى الأجانب الإشراف عليها في المغرب.
وجاء في السؤال الكتابي للعسري: «تعرف جل مناطق بلادنا على مدار السنة إنجاز أوراش مختلفة، يقوم أو يشرف عليها أجانب من مختلف الجنسيات. ويتم ذلك في الغالب بالتعاون والتنسيق مع جمعيات وطنية أو فعاليات محلية، ويكون لهذه الأوراش آثار إيجابية على الساكنة المستهدفة، خصوصا عندما تستهدف فك العزلة، أو توفير الماء المشروب، أو تأهيل وحدات مدرسية، أو تزيين فضاءات عمومية، وكلها أعمال جليلة تستحق الإشادة بها، والتنويه بمن يقف وراءها. لكن هذا لا يمنع من استغلال بعضها، وإن قل ذلك، لأهداف غير معلنة، وهو ما يستوجب رصدها والاحتياط منها».
وطالب العسري من وزير الداخلية الكشف عن «الحجم السنوي لهذه الأوراش وتوزيعها النوعي والجغرافي، ومصادر تمويلها؛ وعن شكليات الترخيص لها وآليات تتبعها، والتأكد من سلامة قصدها وإنسانيتها؛ وإمكانية إصدار تقرير سنوي حول كل تلك الأوراش، وعرضه على البرلمان لمناقشته».
في غضون ذلك، أعلنت الجمعية البلجيكية BOUWORDE، التي تنتمي إليها الشابات المتطوعات، أن 3 من أصل 37 متطوعا ينتمون إلى الجمعية، ويوجدون في إطار مهام تطوعية بالمغرب، قرروا الرحيل قبل انتهاء مهامهم.
وأوضحت الجمعية في تصريح صحافي أنها راسلت السفارة البلجيكية في الرباط، عقب إعلان الأمن المغربي عن اعتقال معلم في مدينة القصر الكبير (شمال) بتهمة التهديد بقطع رؤوس الشابات البلجيكيات، متسائلة إن كانت المتطوعات البلجيكيات بأمان في الموقع الذي يوجدن فيه قرب تارودانت في الجنوب.
وأضافت الجمعية أن السفارة خيرت المتطوعين البلجيكيين الموجودين في المغرب «بين متابعة أعمالهم في المغرب دون خوف، أو مغادرة البلاد قبل انتهاء مهامهم».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT
20

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.