السفارة الأميركية في أنقرة تؤكد التوصل إلى اتفاق حول شرق الفرات

TT

السفارة الأميركية في أنقرة تؤكد التوصل إلى اتفاق حول شرق الفرات

أعلنت السفارة الأميركية في أنقرة التوصل إلى اتفاق مع تركيا على إنشاء مركز عمليات مشتركة «في أقرب وقت ممكن» من أجل تنسيق وإدارة المنطقة الآمنة شمال سوريا، في وقت لم تؤكد وزارة الدفاع (بنتاغون) أو تنفي صحة الإعلان التركي عن التوصل إلى اتفاق حول إقامة تلك المنطقة.
وأبلغت المتحدثة باسم البنتاغون كارلا غليسون «الشرق الأوسط» بأن وزارة الدفاع ستصدر لاحقا موقفا من هذا التطور، على خلفية المفاوضات الجارية بين وفدين عسكريين من البلدين، التي تواصلت الأربعاء في أنقرة.
بدوره، أعلن المتحدث باسم البنتاغون شون روبرتسون أن وزارة الدفاع تتابع الموضوع وستصدر لاحقا موقفا من التطورات دون أن يؤكد أو ينفي الخبر. وسبق له أن حذر في تصريحات صحافية من أن أي عمل عسكري تركي غير منسق مع الولايات المتحدة داخل سوريا، سيقوض المصالح المشتركة بين أنقرة وواشنطن. وشدد على أن الأولوية هي لحماية القوات الأميركية من أي خطر، وبأنها ستقوم بالدفاع عن نفسها.
وبينما يواصل العسكريون الأميركيون الحديث عن ضرورة التوصل إلى تفاهمات مشتركة مع تركيا ومع الأكراد في الوقت نفسه، فإنهم يتشددون في تسمية المنطقة: «هل هي منطقة آمنة أم حزام أمني؟».
ورغم أن الخلافات تبدو وكأنها تدور على شكل المنطقة ومداها، لكنها في واقع الحال أساسية على اعتبار أن العمق الجغرافي سيقرر الطبيعة السياسية لمستقبل تلك المنطقة.
ونقل عن مسؤولين عسكريين أن واشنطن مصممة على منع تركيا من تنفيذ أي هجوم على المنطقة، وأنها قادرة على تنفيذ قصف جوي على الشريط الفاصل بين القوات التركية والكردية لمنع القوات التركية من التقدم.
واعتبرت أوساط مطلعة أن تلك التحذيرات تشير إلى أن الموقف الأميركي يرفض التصلب والتصعيد اللذين لجأ إليهما الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في الوقت الذي تتعرض فيه أنقرة لضغوط كبيرة بسبب ما يوصف بالفشل الذي منيت به سياساتها في سوريا بشكل عام.
ورأت تلك الأوساط أن إردوغان يستغل العطلة الصيفية للكونغرس بمجلسيه وتغاضي ترمب المؤقت عن معاقبته على صفقة إس 400؛ للحصول إما على مكاسب في الملف السوري، أو النجاح في مقايضة العمل العسكري الذي يهدد به في شرق الفرات، مقابل صفقة الصواريخ الروسية. واعتبرت مصادر سياسية أن تلقي الأكراد للمساعدات العسكرية الأخيرة، يشير إلى أن واشنطن تستعد للأسوأ مع تركيا فيما لو فشلت المفاوضات.
قادة البنتاغون لطالما أشاروا إلى أن «المعركة مع الأكراد لن تكون نزهة بالنسبة إلى تركيا»، محذرين من تداعياتها، ليس فقط على العلاقة مع أنقرة، بل وعلى الوضع التركي نفسه، وعلى استمرار عملية القضاء على تنظيم «داعش» الذي عاد ليشكل بقوة مصدر قلق أميركي. وقالت: «رغم محاولات واشنطن تغيير عقيدتها واستراتيجيتها العسكرية من (مواجهة الإرهاب) إلى مواجهة القوى العظمى الأخرى، بحسب ما أعلنه وزير الدفاع الجديد مارك إسبر في جلسة تثبيت تعيينه أمام الكونغرس، عاد خطر التنظيم ليلقي بظلاله على تلك الجهود وعلى الموارد التي ترغب واشنطن في توظيفها في استراتيجيتها الجديدة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».