متحف نجيب محفوظ يتزيّن بلوحات كاريكاتير عن صاحبه

عبر معرض يشارك فيه فنانون من 48 دولة

رسومات كاريكاتيرية عن محفوظ لفنانين من دول مختلفة
رسومات كاريكاتيرية عن محفوظ لفنانين من دول مختلفة
TT

متحف نجيب محفوظ يتزيّن بلوحات كاريكاتير عن صاحبه

رسومات كاريكاتيرية عن محفوظ لفنانين من دول مختلفة
رسومات كاريكاتيرية عن محفوظ لفنانين من دول مختلفة

في أول استضافة له لحدث فني، تزيّن متحف نجيب محفوظ ببورتريهات كاريكاتيرية خاصة بمعرض «نجيب محفوظ بريشة فناني العالم». يواصل المعرض حالة الاحتفاء بأديب نوبل العالمي في مصر، خصوصاً بعد افتتاح متحفه بمبنى تكية محمد بك أبو الذهب في وسط القاهرة التاريخية، الشهر الماضي، وسط اهتمام رسمي وثقافي كبير.
يقول الفنان المصري فوزي مرسي، منظم المعرض، وعضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للكاريكاتير، لـ«الشرق الأوسط»: «يضم المعرض 48 عملاً لفنانين من دول العالم، من بينها بورتريهات شخصية للأديب الكبير الراحل نجيب محفوظ، وهي أعمال عُرضت خلال الدورة الأخيرة للملتقى الدولي للكاريكاتير».
يستمر المعرض حتى يوم 20 أغسطس (آب) الجاري، ويشارك فيه فنانون من عدة دول، من بينهم مصر، وجنوب أفريقيا، والسعودية، وكوبا والصين، واليابان، والبرازيل، وروسيا، والمغرب وإسبانيا.
وعن فكرة معرض الكاريكاتير يتابع فوزي مرسي: «بعد النجاح الكبير الذي حققه الملتقى الدولي السادس للكاريكاتير، الذي نظمته الجمعية المصرية للكاريكاتير، بالتعاون مع قطاع العلاقات الثقافية الخارجية وقطاع صندوق التنمية الثقافية، جاءت فكرة المعرض بطلب من قطاع صندوق التنمية الثقافية، بعرض عدد من الأعمال الخاصة بالأديب العالمي نجيب محفوظ، لعرضها في إطار افتتاح المتحف الجديد، وذلك أسعدنا جميعاً، وأظن أنّ هذا حدث غير مسبوق في تاريخ الكاريكاتير، لكونه أول معرض فني يقيمه متحف الأديب العالمي نجيب محفوظ بعد افتتاحه قبل شهر».
وكان الملتقى الدولي للكاريكاتير في نسخته السادسة قد احتفى بثيمة «الثقافة» التي عبّر عنها المشاركون باختيار لشخصية نجيب محفوظ، ليكون بطلاً رئيسياً للملتقى، وبلغت الأعمال المشاركة عن نجيب محفوظ آنذاك، أكثر من 100 لوحة كاريكاتيرية، وجرى اختيار 48 لوحة منها للمشاركة في المعرض الجديد في متحف نجيب محفوظ.
من بين الفنانين المشاركين في المعرض الفنان كيوامي نويونجو من كينيا، الذي تصوّر نجيب محفوظ في حالة انهماك إبداعي وإنتاج غزير، وتطلّ من خلفه بانوراما من حضارات مصر المختلفة التي هي موطن إلهامه الأول. فيما تخيّل رسّام الكاريكاتير السعودي سليمان المسيهيج نجيب محفوظ وهو يعبر سطحاً مائياً مُستعيناً بريشته وكتاب، في إحالة لأبرز أسباب بقاء مشروع نجيب محفوظ «الكتابة والإبداع».
وكانت قلادة نوبل هي مُرتكز رؤية عدد من المشاركين، منهم الفنانين الإيطالي ماركو داجوستينو، والروسي آليكسي كيفوكورتسيف. واعتمد الفنان الهندي راجو مك، صيغة المبالغة في تناول ملامح نجيب محفوظ، لا سيما نظارته الشهيرة، وكذلك فعل الفنان الإسباني جوزيف بارشال، الذي استخدم مبالغاته الكاريكاتيرية عبر لوحة بالأبيض والأسود، وجعله يُمسك بريشة الكتابة ومن خلفه كتاب ضخم.
فيما مال عدد آخر من الفنانين لتصوير ملامح محفوظ بشكل أكثر كلاسيكية، كما فعل الفنان المصري أدهم لطفي، في لوحة تُبرز جدية نجيب محفوظ وبدلته التقليدية وعصاه، ومنح له أذنين كبيرتين في إحالة رمزية لقيمة الاستماع التي كان يحذوها الأديب الراحل، من خلال جلساته مع أصدقائه أو من الحارات الشعبية التي كانت منهل كتابته.
يقع متحف نجيب محفوظ، في تكية أبو الذهب بحي الأزهر العريق، بالقرب من بيت الأديب الراحل بحي الجمالية، مسقط رأس الأديب الراحل، ويضمّ المتحف مكتبة عامة، ومكتبة سمع بصرية، ومكتبة نقدية تضم أبحاثاً ودراسات عن أعمال نجيب محفوظ، كما يضم جناحاً للأوسمة والشهادات التي نالها محفوظ، وجناح لمتعلقاته الشخصية يضم أوراقاً بخط يده، وقاعة تضم جميع أعمال محفوظ بطبعاتها القديمة والحديثة، إضافة إلى الأعمال المترجمة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».