طيلة معظم فترات القرن الماضي، ظلت «المدينة المحرمة» مكاناً مهيباً في قلب العاصمة الصينية المزدحمة بكين. الآن انتفى الغرض الذي أنشئ من أجله المجمع الذي شغل مساحة 180 فداناً والذي خطط أباطرة الصين ومستشاروهم ليكون نواة لحكم البلاد لقرون كثيرة انتهت بتنازل الإمبراطور الأخير عن العرش عام 1912. ومنذ ذلك الحين باتت أراضي القصر خاوية، وفي بعض الأحيان كان يجري التعامل معه متحفاً رتيباً أغلقت معظم قاعاته أمام الجمهور، ولم يتبقَ منها سوى القليل متاحاً للسائحين.
لكن مع اقتراب حلول عيد ميلادها الستمائة، العام المقبل، شهدت «المدينة المحرمة» تغيراً كبيراً مع استعادة زوايا القصر المظلمة والمهملة لمجدها السابق لتتاح للجميع.
حتى عام 2012، كانت مساحة 30 في المائة فقط من المجمع الواسع مفتوحة للجمهور، والآن بات 80 في المائة من المدينة متاحاً بعد أن امتلأت بمساحات للمعارض والمطاعم والمقاهي الأنيقة ومحلات بيع الكتب ومحلات الهدايا ذات الربحية العالية، فضلاً عن الممرات الهادئة والأركان المظللة بالأشجار والزوايا الفردية التي تدعو إلى التأمل في تاريخ العائلات الحاكمة القديمة.
تزامن إحياء «المدينة المحرمة» مع حملة أوسع في الصين لحماية إرث التراث الثقافي للبلاد، وهو ما يعكس الاتجاه المباشر للحزب الشيوعي الذي وصل إلى السلطة، متعهداً بإسقاط الماضي وبناء يوتوبيا اشتراكية جديدة على النهج السوفياتي، حسب تقرير لـ«نيويورك تايمز».
قدم الرئيس شي جينبينغ، الذي كثيراً ما أشاد بالتعاليم التقليدية مثل الكونفوشيوسية، ما أطلق عليه «الثقة الثقافية بالنفس» بوصفها واحدة من سياساته المميزة. فقد ضخت حكومته أموالاً لإحياء الممارسات الثقافية التقليدية. وفي عام 2014، أصدر تشي أوامره لمتحف القصر لتطوير أسلوب عرض مقتنياته.
وها قد آتت التغييرات أكلها، فشعبية «المدينة المحرمة» في ازدياد، والدليل سجل الزيارات الذي تخطى 17 مليون زائر عام 2018.
وبحسب تشاو لي، مهندس برمجيات يبلغ من العمر 44 عاماً زار المدنية مؤخراً برفقة ابنته البالغة من العمر 12 عاماً: «لم نعتد على القدوم إلى هنا مطلقاً لأنه لم يكن هناك الكثير لرؤيته. الآن يمكننا التجول ومشاهدة معارض جديدة تسهل على الشباب والأطفال فهم الماضي».
ورغم أن مجموعة المعروضات مثيرة للإعجاب، فإن كثيراً من الأعمال الفنية الأسطورية التي كانت متاحة عام 1925 قد اختفت. فقد احتفظ الأباطرة المتعاقبون بكثير من أفضل القطع الأثرية وأكثرها شهرة في الثقافة الصينية، خصوصاً المناظر الطبيعية الأثرية وفن الخط، وجميعها تعد ضمن المنتجات الثقافية الأكثر قيمة في الحضارة الصينية.
في عام 1933، نقل الحزب الوطني الصيني، أو حزب «الكومينتانغ»، بقيادة تشيانغ كاي شيك، معظم الممتلكات إلى الجنوب لحفظها. وتبعت القطع الثمينة القوميين إلى تايوان، حيث تشكل الآن العمود الفقري لأحد أكبر المتاحف في العالم؛ «متحف القصر الوطني» في تايبيه.
الصين: «المدينة المحرمة» تفتح أبوابها لتزهو بماضيها
امتلأت بالمعارض والمطاعم والمقاهي الأنيقة ومحلات بيع الكتب
الصين: «المدينة المحرمة» تفتح أبوابها لتزهو بماضيها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة