صانعو عرائس مصريون يستلهمون التراث في أعمالهم

منتجاتهم الفنية تبهر الجمهور على المسرح

الفنان محمد فوزي بكار مع عرائسه
الفنان محمد فوزي بكار مع عرائسه
TT

صانعو عرائس مصريون يستلهمون التراث في أعمالهم

الفنان محمد فوزي بكار مع عرائسه
الفنان محمد فوزي بكار مع عرائسه

قد يصعب تصوّر المراحل الطويلة والدقيقة التي تمر بها العروسة أو الدُمية حتى تتشكل بملامحها التفصيلية، وطلتها الجذابة، ناسجة من حولها عالماً من البهجة بمجرد تحريكها.
ويركز صناع العرائس في أعمالهم على استلهام التراث والفلكلور المصري والعربي طوال الوقت، لتلقى أعمالهم قبولاً وحضوراً عند الجمهور، ويعد تصميم شكل العروسة أصعب ما يواجه صانعي العرائس إذ يبحثون دائماً عن الأفكار المبتكرة وغير المكررة.
ورغم مضي نحو 7 سنوات على خروج أول عرائسها للنور، فإن مُصممة ومُحركة العرائس المصرية سارة البطراوي ما زالت تمر بصعوبات كل مرحلة لصناعة عروسة جديدة تقوم بتصميمها.
حملت العروسة الأولى التي قامت بتصميمها عام 2012 اسم «كان يا ما كان» وهي عروسة تمثل رجلاً صنعت له جسداً على هيئة كتاب، وكأن صاحبها يتغذى على الحكايات، ويجمع الحكايات من كل مكان يذهب إليه، واستلهمت اسم هذه الدمية من ورشة للحكي التحقت بها في هذا الوقت.
تروي الفنانة المصرية سارة البطراوي لـ«الشرق الأوسط» أنها تخرجت في كلية التربية الفنية، ودرست بها أصول النحت، ولكن لأنه لا توجد كلية أو قسم متخصص لدراسة تصميم الدُمى، فقد سعت منذ تخرجها لتطويع دراستها للفن والنحت في تصميم العرائس، وكذلك من خلال التعلم الذاتي، لتستطيع التمكن من تصميم العرائس وتحريكها أيضاً، حتى صار هو مجال شغفها الفني الكبير الذي تفرغت له حالياً، وصار لها صفحة خاصة تعرض عليها أعمالها على موقع «فيسبوك» اسمها «باطرو بابيتس» أو «عرائس باطرو».
تقول البطراوي: «أصعب ما يواجهني في بداية تصميم أي عروسة، هو أن تكون مبتكرة، حتى لا أكرر شيئاً قدمته من قبل، وكذلك أبحث دائماً عن أن تكون للعروسة كاريزما وحضور، وذلك يكون غالباً من خلال تحديد ملامح معينة أو مبالغتها، كما أن هناك تحديد لشخصية العروسة، سواء كانت كاريكاتيرية أو شبيهة لشخص معين، وكذلك حركتها، فمثلاً إذا كان المطلوب تصميم عروسة تعزف الموسيقى، فذلك يعتمد على تشكيل حركتها إلى جانب ملامح وجهها، وأخيراً المرحلة النهائية التي يتم فيها التحقق من دقة التنفيذ، والألوان، وتناسب مقاسات الوجه مع الجسد، والكتلة والفراغ، حتى لا تواجه مشكلة لاحقة عند تحريكها أو جلوسها».
تستخدم سارة خامات مختلفة لصناعة عرائسها، ما بين عجينة الورق، والطين الأسواني، مروراً بعملية العجن والسنفرة وإثقال السطح، وهي مراحل قد لا يتصوّر جمهور العرائس ومقتنيها أن صانعيها يمرون بها قبل أن تتحرك العروسة وتنشر بهجتها.
تعدد سارة البطراوي أنواع العرائس، ما بين العرائس المصنوعة من إعادة التدوير، وعرائس خيال الظل، والمابت، وعرائس الماريونت، تلك الأخيرة التي تسعى لأن تسترد مكانتها من خلال عروض المسرح، وتقول: «الجهود الفردية هي التي تقف وراء محاولة إحياء عروض العرائس، وجميعها فرق مستقلة، وللأسف فإن معظم جهود الدولة وقطاعات الإنتاج تتوجه للدراما والتلفزيون والسينما وغيرها من الفنون، في حين أن المسرح يظل بعيداً، وتحديداً مسرح العرائس».
إلى جانب الورش والفعاليات الفنية، طرحت سارة البطراوي تجارب لنقل عالم العرائس على السوشيال ميديا، مثال لذلك فيديوهات «وساويس شو» في شهر رمضان الكريم، التي حاولت بها معالجة فكرة التصدي لوسوسة الشيطان، من خلال قصة تجمع بين عروستين إحداهما تمثل الخير والأخرى تمثل الشر، وتوضح: «مع ظهور مشكلات عروض العرائس، نحاول دائماً أنا وغيري من مصممي ومحركي العرائس إيجاد حلول، وكانت منصات السوشيال ميديا هي الحل، وأشهر مثال لذلك كانت شخصية (أبلة فاهيتا) التي بدأت من خلال فيديوهات، ثم تطور الأمر مع تعلق الجمهور بها ليصبح لها برنامج تلفزيوني شهير».
ولعل من العروض التي حازت على شغف الجمهور في السنوات الأخيرة، العرض المسرحي «أم كلثوم تعود من جديد» وهو عرض للعرائس يستلهم الحفل الشهير الذي كانت تواظب كوكب الشرق على إحيائه يوم الخميس من أول كل شهر، تماثل العرائس أم كلثوم وفرقتها وتصاحبها أغنياتها، في عرض يجمع بين الحنين والبسمة، تستضيفه «ساقية الصاوي» بمصر.
كان فنان العرائس المصري محمد فوزي بكار، أحد المشاركين في هذا العرض منذ بدايته، وصار المُحرك الرئيسي لمسرح عرائس ساقية الصاوي، والتقط من خلال لقائه بجمهور العرائس مدى شغفهم بالاقتراب من عالم العرائس، فأسس ورشة اسمها «ورشة ماريونت»، التي يتحدث عنها لـ«الشرق الأوسط» ويقول: «الورشة هدفها التعليم والتدريب والتعاون مع كل المؤسسات التعليمية والثقافية، وكذلك إنتاج وتقديم العروض المسرحية العرائسية، علاوة على تصميم وتصنيع العرائس المتحركة والثابتة بأنواعها سواء للأفراد أو للمؤسسات، ولا شرط لدينا لوجود خلفية دراسية فنية لتعليم صناعة العرائس، فقط أن يكون المتعلم لديه شغف حقيقي لتعلم هذه الصناعة».
يعتبر بكار أن التراث الشعبي دائماً هو منهل غني لتصميم العرائس، ويقول إنه يستعين بالتراث المصري، وكذلك التراث العربي كما قدم في تصميمات عرائس مثل «صالحة» و«المبقم» وهي مستلهمة من التراث الإماراتي، كما سبق وقدم شخصيات مستوحاة من التراث الغنائي كما شارك في تقديم عرائس تصور أم كلثوم وكذلك عبد الحليم حافظ وفرقة «البيتلز».
ويعتقد بكار أن الاهتمام الكبير الذي يلمسه لتعلم تصنيع العرائس، من جمهور من مختلف الأعمار والخلفيات، يؤكد أن فن العرائس يشق طريقه للنهضة من جديد، ويؤكد أنها قادرة على إحياء الفنون المرتبطة بها من مسرح وعروض أوبريت بشرط أن «تتوفر كل العناصر والمُعطيات التي تساعد في إنتاج عروض عرائسية»، على حد تعبيره.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.