تسييس حادثة قبر شمون يعقّد الإجراءات القضائية ويعرضها للتشكيك

«الاشتراكي» يهاجم عهد عون: فاشل ويرتكز على الحقد والتعصّب

مروان حمادة​
مروان حمادة​
TT

تسييس حادثة قبر شمون يعقّد الإجراءات القضائية ويعرضها للتشكيك

مروان حمادة​
مروان حمادة​

تتجه حادثة قبر شمون في جبل لبنان، نحو مزيد من التعقيد، جرّاء التدخلات السياسية في الإجراءات القضائية، واستباق نتائج التحقيق بالحديث عن كمين مسلّح ومحاولة اغتيال وزير شؤون النازحين صالح الغريب، الذي قتل اثنان من مرافقيه، وآخرها الكلام المنقول عن رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي يعدّ أن «الكمين المسلّح كان يستهدف (صهره) وزير الخارجية جبران باسيل»، مما دفع بـ«الحزب التقدمي الاشتراكي» إلى رفع سقف المواجهة، بهجوم عنيف على العهد والرئيس عون؛ إذ عدّ النائب مروان حمادة، أن «العهد الفاشل تلتقي وتتشابك فيه أوصاف الخفّة والغباء، المغلّفة بمشاعر الحقد والتعصب، التي أودت بلبنان إلى مهالك كثيرة على مدى 30 عاماً».
على صعيد الإجراءات القضائية، مثل أمس 4 من مناصري «الحزب الاشتراكي» الذين مضى على توقيفهم أكثر من شهر، أمام قاضي التحقيق العسكري مارسيل باسيل، وقبل أن يبدأ الأخير استجوابهم في التهم المسندة إليهم، وهي «الاشتراك بقتل مرافقي الوزير غريب ومحاولة قتل آخرين والانتماء إلى عصابة مسلّحة»، طلب هؤلاء منحهم مهلة لتوكيل محامين للدفاع عنهم، فأمهلوا 24 ساعة، لكن قاضي التحقيق أصدر مذكرات توقيف وجاهية بحقهم، سنداً لمواد الادعاء والتهم المنسوبة إليهم، على أن يستجوبهم اليوم أو غداً في حضور فريق الدفاع عنهم، على أن يستدعي باقي المدعى عليهم غير الموقوفين، وهم 9 أشخاص من «الحزب الاشتراكي»، و8 من مرافقي الوزير غريب، وينتمون إلى «الحزب الديمقراطي اللبناني» برئاسة النائب طلال أرسلان.
وكشف مرجع قانوني لـ«الشرق الأوسط»، عن أن «صدور مذكرات توقيف بحق الأشخاص الأربعة قبل استجوابهم، هو تدبير قضائي يعتمد دائماً، لتشريع عملية التوقيف المستمرّة منذ أكثر من شهر»، لافتاً إلى أن «القضاء تخطّى مهل التوقيف الاحتياطي بشكل كبير، وهو ما يعرّض الإجراءات القضائية للتشكيك والطعن بمصداقيتها، ويبرر مخاوف البعض من تسييس العمل القضائي، وإخراج القضية عن مسارها القانوني».
وعزز «الحزب التقدمي الاشتراكي» وجهة نظره الرافضة لوضع هذه القضية في عهدة المجلس العدلي أو المحكمة العسكرية، بمعطيات تجعل التشكيك في مكانه، وأوضح عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب هادي أبو الحسن لـ«الشرق الأوسط»، أن الحزب «لم يتخلّ عن موقفه الرافض لوجود المحاكم الاستثنائية، سواء المجلس العدلي أو المحاكم العسكرية». وأشار إلى أن «الذين يمعنون في تسييس حادثة قبر شمون، قفزوا فوق كلّ الإجراءات، واستبقوا نتائج التحقيق وأطلقوا الاتهامات وأصدروا الأحكام لاستكمال محاصرة وليد جنبلاط و(الحزب الاشتراكي)، ووضع اليد على البلد».
وقال أبو الحسن: «لقد قبلنا بمبادرة إحالة الملف إلى المحكمة العسكرية، رغم اعتراضنا المسبق، لكن ما إن وصل الملف إلى النيابة العامة العسكرية، حتى سيّسوا الإجراءات، من خلال التدخل المباشر لوزراء في القصر الجمهوري، ضغطوا لتنحية قاضٍ مشهود له بالكفاءة (قاضي التحقيق الأول فادي صوان)، واستدعاء قاضٍ من عطلته القضائية (مارسيل باسيل)، بهدف تركيب معطيات جديدة غير التي توصلت إليها شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي»، عادّاً أن «هؤلاء الوزراء يتماهون مع فريق رفض الانصياع للقانون، وامتنع عن تسليم المطلوبين لديه (أرسلان)، رغم كل التسجيلات التي تؤكد أن موكب الوزير غريب هو من أطلق النار على المواطنين في بلدة البساتين».
ويتقاطع اتهام «الحزب الاشتراكي» بنصب كمين مسلّح لاغتيال وزير النازحين أو وزير الخارجية، مع تفنيد الجرائم المنسوبة إلى عناصر «الاشتراكي»، وكشفت مصادر مواكبة للملف لـ«الشرق الأوسط»، عن أن «(الاشتراكيين) أسندت إليهم جرائم تأليف عصابة مسلّحة لارتكاب الجرائم، والقتل عمداً ومحاولة القتل، وإثارة النعرات الطائفية المذهبية، ومنع اللبنانيين من ممارسة حقهم في التجوّل على الأراضي اللبنانية، وتخريب ممتلكات عامة وخاصة»، لافتة إلى أن «التهمة الموجهة إلى مناصري النائب طلال أرسلان ومرافقي الغريب، تقتصر على جنحة إطلاق النار في الهواء».
ويخوض «الحزب التقدمي» مدعوماً من «تيار المستقبل» و«القوات اللبنانية» مواجهة سياسية شرسة، لإحباط محاولة إحالة القضية إلى المجلس العدلي وتثبيت الرأي القائل إن هناك كميناً مسلحاً نصب لاستهداف وزير أو أكثر. ورفض النائب أبو الحسن «استباق التحقيق وإظهار أن هناك محاولة اغتيال للوزير صالح الغريب أو الوزير جبران باسيل»، لافتاً إلى أن «التسجيلات تؤكد عدم وجود أي كمين أو محاولة اغتيال، بدليل أن مرافقي الغريب هم من بدأوا بالاشتباك». وقال إن «الكلام المنقول عن رئيس الجمهورية يمثّل قمة التدخل في عمل القضاء والتأثير في قراراته، لذلك نضع كلّ هذه التجاوزات برسم مجلس القضاء الأعلى، ونطالبه بالتدخل لوقف تهميش القضاء ودوره».
وشنّ النائب ​مروان حمادة​ هجوماً عنيفاً على رئيس الجمهورية، وقال في تصريح: «من أغرب ما صادفته في مسيرتي السياسية والمهنية الطويلة، هذا النمط من العهد الفاشل والذي تلتقي وتتشابك فيه أوصاف الخفّة والغباء المغلّفة بمشاعر الحقد والتعصب، وكلها أودت بلبنان إلى مهالك كثيرة على مدى 30 عاماً». وزاد: «الكلام المنسوب إلى رئيس الجمهورية عن حادثة البساتين، وادعاؤه بأن كميناً نصب لوزير الخارجية ​جبران باسيل​، واتهامه (​الحزب التقدمي الاشتراكي) بتدبير الكمين، مردود إلى مصادره أولاً، ثم، وخصوصاً، إلى الصهر المدلل (جبران باسيل) الذي يغلّب مصلحته الخاصة وطمعه بالرئاسة المبكرة، على سلامة لبنان الداخلية والخارجية». وأضاف حمادة: «لن نسكت بعد اليوم عن أي اتهام باطل، محذرين من أن اللعب بالقضاء​ على حساب الحقيقة سيرتد على أصحاب الكمائن الحقيقية؛ وزراء البلاط الذين يحيكون منذ أشهر طويلة مؤامرة للإطاحة بالمصالحة التاريخية ويعملون على تحويل ​النظام الديمقراطي البرلماني إلى ديكتاتورية عائلية فاشيّة».



19 مليون يمني يحتاجون إلى مساعدات غذائية في العام المقبل

ملايين الأسر اليمنية خصوصاً في مناطق الحوثيين ستواجه فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء (الأمم المتحدة)
ملايين الأسر اليمنية خصوصاً في مناطق الحوثيين ستواجه فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء (الأمم المتحدة)
TT

19 مليون يمني يحتاجون إلى مساعدات غذائية في العام المقبل

ملايين الأسر اليمنية خصوصاً في مناطق الحوثيين ستواجه فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء (الأمم المتحدة)
ملايين الأسر اليمنية خصوصاً في مناطق الحوثيين ستواجه فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء (الأمم المتحدة)

أفادت بيانات دولية حديثة بأن عدد المحتاجين للمساعدات الإنسانية في اليمن سيرتفع إلى 19 مليون شخص مع حلول العام المقبل، مع استمرار الملايين في مواجهة فجوات في انعدام الأمن الغذائي.

تزامن ذلك مع بيان وقَّعت عليه أكثر من 10 دول يحذر من آثار التغيرات المناخية على السلام والأمن في هذا البلد الذي يعاني نتيجة الحرب التي أشعلها الحوثيون بانقلابهم على السلطة الشرعية منذ عام 2014.

الأطفال والنساء يشكلون 75 % من المحتاجين للمساعدات في اليمن (الأمم المتحدة)

وأكد البيان الذي وقَّعت عليه 11 دولة، بينها فرنسا وبلجيكا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، على وجوب التعاون مع المجتمع الدولي في السعي إلى معالجة آثار تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي، وتعزيز الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية في اليمن بوصفها جزءاً من جهود المساعدات الإنسانية، وبناء السلام الأوسع نطاقاً.

وطالب بضرورة تعزيز تنسيق الجهود العالمية لبناء القدرات المحلية على الصمود في مواجهة المخاطر المناخية، وتعزيز إدارة الكوارث والاستجابة لها.

ومع تنبيه البيان إلى أهمية تنفيذ أنظمة الإنذار المبكر، وتحسين مراقبة موارد المياه الجوفية، دعا منظومة الأمم المتحدة إلى دعم جهود إيجاد أنظمة غذائية أكثر استدامة، واستخدام المياه والطاقة بكفاءة، فضلاً عن زيادة استخدام الطاقة المتجددة.

وذكر البيان أن الصراع المزمن في اليمن أدى إلى إلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية وانهيار اقتصادي، وجعل أكثر من نصف السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وفي حاجة إلى مساعدات إنسانية للبقاء على قيد الحياة، 75 في المائة منهم من النساء والأطفال.

وضع مُزرٍ

رأت الدول العشر الموقِّعة على البيان أن الوضع «المزري» في اليمن يتفاقم بسبب المخاطر المرتبطة بتغير المناخ، مثل ارتفاع درجات الحرارة والجفاف والتصحر، فضلاً عن أنماط هطول الأمطار غير المنتظمة والفيضانات المفاجئة. وقالت إن هذا البلد يعد واحداً من أكثر البلدان التي تعاني من نقص المياه في العالم، ويُعد الحصول على مياه الشرب أحد أهم التحديات التي تواجه السكان.

وعلاوة على ذلك، أعاد البيان التذكير بأن الأمطار الغزيرة والفيضانات أدت إلى زيادة المخاطر التي تشكلها الألغام الأرضية وغيرها من الذخائر غير المنفجرة، وزاد من خطر انتقال الكوليرا من خلال تلوث إمدادات المياه.

الفيضانات في اليمن أدت إلى زيادة مخاطر انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)

كما أدى استنزاف احتياطات المياه الجوفية، وزيادة وتيرة وشدة الأحداث الجوية المتطرفة إلى تدهور الأراضي الزراعية، ويؤدي هذا بدوره - بحسب البيان - إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي، وهو محرك للنزوح والصراع المحلي، خصوصاً مع زيادة المنافسة على الموارد النادرة.

ونبهت الدول الموقعة على البيان من خطورة التحديات والأزمات المترابطة التي تؤدي إلى تفاقم الأوضاع في اليمن. وقالت إنها تدرك «الارتباطات المتعددة الأوجه» بين تغيُّر المناخ والصراع والنزوح وزيادة الفقر والضعف، والتي تسهم جميعها في تدهور الوضع الأمني والإنساني. وأضافت أنها ستعمل على معالجتها لضمان استمرار تقديم المساعدات الإنسانية الفورية وغير المقيدة جنباً إلى جنب مع تحقيق مستقبل مستقر ومستدام للبلاد.

وجددت هذه الدول دعمها لتحقيق التسوية السياسية الشاملة في اليمن تحت رعاية المبعوث الأممي الخاص؛ لأنها «تُعد السبيل الوحيد» لتحقيق السلام المستدام والاستقرار الطويل الأمد، ومعالجة هذه التحديات، مع أهمية تشجيع مشاركة المرأة في كل هذه الجهود.

اتساع المجاعة

توقعت شبكة نظام الإنذار المبكر بالمجاعة أن يرتفع عدد المحتاجين للمساعدات الإنسانية في اليمن إلى نحو 19 مليون شخص بحلول شهر مارس (آذار) من العام المقبل، خصوصاً في مناطق سيطرة الحوثيين، وأكدت أن الملايين سيواجهون فجوات غذائية.

وفي تقرير لها حول توقعات الأمن الغذائي في اليمن حتى مايو (أيار) عام 2025؛ أشارت الشبكة إلى أن الأسر اليمنية لا تزال تعاني من الآثار طويلة الأمد للحرب المستمرة، بما في ذلك الأوضاع الاقتصادية السيئة للغاية في مختلف المحافظات.

وبيّنت الشبكة أن بيئة الأعمال في البلاد تواصل التدهور، مع نقص العملة في مناطق سيطرة الحوثيين، بينما تشهد المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً انخفاضاً في قيمة العملة وارتفاعاً في التضخم.

أعداد المحتاجين للمساعدات في اليمن زادت بسبب التغيرات المناخية والتدهور الاقتصادي (الأمم المتحدة)

وتوقعت أن تستمر الأزمة الغذائية في اليمن على المستوى الوطني، مع بلوغ احتياجات المساعدة ذروتها في فترة الموسم شبه العجاف خلال شهري فبراير (شباط) ومارس المقبلين، وأكدت أن ملايين الأسر في مختلف المحافظات، خصوصاً في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، ستواجه فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء.

وأوضحت الشبكة أن ذلك يأتي مع استمرار حالة انعدام الأمن الغذائي الحاد في مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من انعدام الأمن الغذائي) أو مرحلة الطوارئ، وهي المرحلة الرابعة التي تبعد مرحلة وحيدة عن المجاعة. وحذرت من أن استمرار وقف توزيع المساعدات الغذائية في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين سيزيد من تفاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي.

إضافة إلى ذلك، أكدت الأمم المتحدة أن آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات، والتي يقودها صندوق الأمم المتحدة للسكان بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وغيرهما من الشركاء الإنسانيين، تلعب دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات العاجلة الناشئة عن الصراع والكوارث الناجمة عن المناخ في اليمن.

وذكرت أنه منذ مطلع العام الحالي نزح نحو 489545 فرداً بسبب الصراع المسلح والظروف الجوية القاسية، تأثر 93.8 في المائة منهم بشدة، أو نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 6.2 في المائة (30198 فرداً) بسبب الصراع.