العاهل الإسباني يدخل على خط أزمة تشكيل الحكومة

سانتشيز يكثف اللقاءات مع القيادات السياسية التي رفضت منحه الثقة

الملك فيليبي السادس
الملك فيليبي السادس
TT

العاهل الإسباني يدخل على خط أزمة تشكيل الحكومة

الملك فيليبي السادس
الملك فيليبي السادس

للمرة الأولى منذ جلوسه على العرش في 19 يونيو (حزيران) 2014، وخلافاً لما هو ملحوظ في النظام الملكي الدستوري، أطلق العاهل الإسباني الملك فيليبي السادس موقفاً علنيّاً من الأزمة السياسية التي تمرّ بها بلاده منذ أشهر بسبب تعثّر تشكيل الحكومة الجديدة بعد الانتخابات العامة التي أُجريت في أواخر أبريل (نيسان) الفائت، والذي يُخشى أن يؤدي للعودة مجدداً إلى صناديق الاقتراع في الخريف المقبل، وذلك للمرة الرابعة في أقل من أربع سنوات.
وجاء موقف العاهل الإسباني في لقائه التقليدي، أمس، مع وسائل الإعلام في المقرّ الرسمي الذي تمضي فيه العائلة المالكة إجازتها الصيفية في جزيرة مايوركا، حيث قال إنه «من المستحسن إيجاد حل لأزمة تشكيل الحكومة قبل الذهاب إلى الانتخابات. أعتقد أن ثمّة مجالاً بعد أمام الأحزاب التي حظيت بثقة المواطنين في الانتخابات الأخيرة كي تتوصّل إلى حل لتشكيل حكومة». وقال فيليبي السادس إنه يتابع الوضع السياسي «عبر وسائل الإعلام»، وإنه على تواصل دائم مع رئيسة مجلس النوّاب «لأنه قد تطرأ مستجدات في أي لحظة خلال فترة الشهرين التي تفصل عن الموعد الدستوري» قبل حل البرلمان والإعلان عن إجراء انتخابات جديدة في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. ومن المقرّر أن ينتقل، اليوم (الأربعاء)، رئيس الحكومة بيدرو سانتشيز إلى جزيرة مايوركا للاجتماع بالملك، بهدف إطلاعه على آخر مستجدات الجهود التي يبذلها لتشكيل حكومة جديدة قبل أواخر الشهر المقبل، قبل أن يواصل لقاءاته واتصالاته مع الفعاليات الاقتصادية والاجتماعية تمهيداً لوضع برنامج حكومي يعتزم عرضه أمام القوى السياسية الممثلة في البرلمان، وفي مقدّمتها حزب «بوديموس» اليساري الذي فشلت المحاولات الأخيرة للتحالف معه. وسيعقد سانتشيز اجتماعات مع قيادات منظمات أصحاب الأعمال والنقابات الرئيسية، قبل أن يبدأ جولة من الاتصالات الثنائية مع القيادات السياسية التي رفضت منحه الثقة لتشكيل الحكومة أواخر الشهر الماضي.
ويركّز سانتشيز اتصالاته في المرحلة الأولى على المنظمات الاجتماعية والنقابات، ومعظمها ذات اتجاه يساري أو تقدّمي، في محاولة منه لقطع الطريق أمام «بوديموس»، بعد أن قرّر سحب عرضه التحالفي معها من التداول ودعوتها إلى تأييد برنامج حكومي تقدّمي من غير الدخول في التشكيلة الحكومية. ويهدف سانتشيز من وراء ذلك إلى إحراج «بوديموس» ووضعها أمام مجازفة كبيرة في حال العودة إلى صناديق الاقتراع إذا رفضت تأييده بعد أن تسبب موقفها في جلسة الثقة الأخيرة إلى استياء واسع في الأوساط التقدمية واليسارية. وكان بعض التيّارات داخل «بوديموس» قد أعربت عن استعدادها لتأييد حكومة برئاسة سانتشيز على أساس برنامج تقدمي متفق عليه من غير الانضمام إلى التشكيلة الوزارية، مما ينذر بخطر الانشقاق داخل الحزب الذي تراجعت شعبيته بشكل ملحوظ في الانتخابات الأخيرة وانشقّ عنه أحد مؤسسيه الذي يستعدّ لتشكيل تنظيم سياسي جديد.
ويرى مراقبون أن «تدخّل» العاهل الإسباني في الأزمة السياسية يعود لسببين رئيسين على جانب كبير من الأهمية، بحيث يمكن اعتبار هذا «التدخّل» ضمن إطار صلاحيات الملك الدستورية، ومنها الحرص على تماسك المجتمع الإسباني واستقراره. السبب الأول يعود للوضع الاقتصادي الذي بدأت تظهر عليه علامات التباطؤ والوهن بعد فترة من الانتعاش الواعدة التي سبقتها سنوات من التضحيات الكبيرة. ويتزامن ذلك مع ظهور مؤشرات مقلقة في المشهد الاقتصادي الأوروبي تنذر بمرحلة صعبة عبّر عنها حاكم المصرف المركزي الأوروبي، ماريو دراغي، الذي تنتهي ولايته في الخريف المقبل عندما قال منذ أيّام: «لسنا مرتاحين لما نراه أمامنا». وتتوقّع السلطات المالية الأوروبية أن يذهب الوضع الاقتصادي إلى مزيد من التأزم بفعل خروج بريطانيا من الاتحاد من غير اتفاق، والحرب التجارية المفتوحة بين الولايات المتحدة والصين والتي يرجّح أن تستمر حتى الانتخابات الرئاسية الأميركية في العام المقبل. ويخشى المراقبون هنا من انعكاسات مواجهة هذا الوضع من غير حكومة تتخذ الإجراءات التي باتت طارئة، بعد أن كانت ضرورية، لتحصين الوضع الاقتصادي وصون المكتسبات الأخيرة.
أما السبب الثاني فيعود إلى ما أظهرته الاستطلاعات الأخيرة بأن العودة إلى صناديق الاقتراع في الخريف المقبل لن تغيّر شيئاً في نتائج الانتخابات الأخيرة سوى صعود مرتقب لحزب «فوكس» اليميني المتطرف الذي دخل البرلمان الإسباني للمرة الأولى في أبريل الماضي بكتلة قوامها 24 نائباً قد تتضاعف في الانتخابات المقبلة. ومن المتوقع في حال حصول اليمين المتطرف على كتلة وازنة في البرلمان أن يذهب المشهد السياسي الإسباني نحو مزيد من الانقسام والتوتّر بسبب الحالة الانفصالية، التي أصبحت لغماً مرشّحاً للانفجار من جديد كلّما اتّسع الخلاف بين القوى السياسية الرئيسية.



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.