الشرعية تندد بـ«الانتهاكات المناطقية» في عدن وتدعو إلى وقفها فوراً

TT

الشرعية تندد بـ«الانتهاكات المناطقية» في عدن وتدعو إلى وقفها فوراً

أثار الهجوم الحوثي المزدوج على مدينة عدن اليمنية الخميس الماضي، موجة من الغضب في أوساط بعض أتباع «المجلس الانتقالي الجنوبي» المطالب بانفصال الجنوب، وهو ما دفعهم إلى شن حملات تهجير لأبناء المحافظات الشمالية في المدينة وفق دوافع وصفتها الحكومة اليمنية بـ«المناطقية».
وفي الوقت الذي تعهدت فيه الحكومة الشرعية بالتصدي لأي انتهاكات تطول مواطنيها، كان ناشطون يمنيون بثوا في اليومين الماضيين مقاطع مصورة لمسلحين وهم يرحلون المئات من أبناء المناطق الشمالية، إضافة إلى حملات استهدفت إغلاق المحلات التجارية التي يملكها أشخاص ينتمون إلى المحافظات الشمالية.
وندد حقوقيون وسياسيون على مواقع التواصل الاجتماعي بتلك الأعمال التي اعتبروها منافية لقيم التعايش المشترك بين اليمنيين، في الوقت الذي أكدوا فيه أنها لا تمثل كل سكان الجنوب أو حتى مدينة عدن التي عرفت بأنها مدينة حاضنة لكل اليمنيين على امتداد عقود.
وفي حين عبرت قوى سياسية جنوبية وقبلية في بيانات متفرقة عن أن مثل هذه الأعمال من الكراهية من شأنها أن تحرف مسار الكفاح المشترك ضد الميليشيات الحوثية، أكد شهود عيان في مدينة عدن لـ«الشرق الأوسط» أن هذه التصرفات العدائية كانت عبارة عن حوادث منعزلة في بعض أحياء مدينة عدن من قبل مجاميع غاضبة لمقتل القيادي في الحزام الأمني العميد منير اليافعي والعشرات من الجنود جراء الاستهداف الحوثي لمعسكر الجلاء في مديرية البريقة.
وأعرب رئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك في سلسلة تغريدات على «تويتر» أمس، عن تقدير الحكومة العالي «لرفض أبناء عدن وبقية المحافظات الجنوبية لكل أشكال الانتهاكات التي طالت مواطنين أبرياء بدوافع مناطقية».
وقال إن الحكومة تشيد «بدور الفاعليات الاجتماعية والسياسية الفعال في منع تفاقم وتيرة الانتهاكات التي تخالف القوانين المحلية والدولية وأخلاق الإنسان اليمني».
واعتبر عبد الملك أن ما يحصل في عدن «من انتهاكات تطول بالأذى والإهانة مواطنين يمنيين بدوافع مناطقية (مسألة) لا يمكن التغاضي عن تبعاتها الخطيرة في شق النسيج الاجتماعي وإضعاف جبهة الشرعية والتحالف في مواجهة ميليشيات التمرد الحوثي والمشروع الإيراني في المنطقة».
وكشف عن أن قيادة الشرعية تجري اتصالات عالية مع قيادات التحالف الداعم لها لإيقاف هذه الانتهاكات، وعن أنها (الشرعية) «تضغط في اتجاه الحل، وليس من أجل صب مزيد من الزيت على نار خطاب الكراهية والتصرفات المناطقية»، وفق تعبيره.
وشدد رئيس الحكومة اليمنية على التزام «الحكومة والتحالف بالدفاع عن كل المواطنين»، وقال: «لا مجال للمساومة حين يتعلق الأمر بحياة الناس وأمنهم ونتحمل جميعاً مسؤولية إيقاف هذه الانتهاكات، كما سيتحمل تبعاتها كل من يدعو أو يبرر لتصعيدها».
واتهم رئيس الوزراء اليمني الحوثيين بمحاولة استغلال ما حدث في عدن، مؤكداً أن مساعيهم ستفشل، وقال إن ذلك «لن يغير من حقيقة مسؤوليتهم عن تدمير مؤسسات الدولة وتمزيق النسيج الاجتماعي واقترافهم أسوأ أنواع الممارسات العنصرية والإجرامية حيال الشعب اليمني في كل مكان من أرض الوطن».
وعلى وقع الأحداث نفسها، كان رئيس البرلمان اليمني سلطان البركاني أوضح في تغريدة على «تويتر»، أن «لحظات الفرج قد اقتربت وأن ما يجري في عدن وبعض المحافظات سيتم تجاوزه خلال الساعات المقبلة»، وفق تعبيره.
وتعليقاً على القضية نفسها، أشار وزير الإعلام في الحكومة اليمنية معمر الإرياني إلى أن «الأعمال الإرهابية في مدينة عدن نفذتها وأقرت بمسؤوليتها الميليشيات الحوثية وتنظيم داعش الإرهابي، واستهدفت كل اليمنيين دون تفريق، وقوبلت بإدانة واستنكار الجميع كونها تستهدف تعميق جراح اليمنيين وتأجيج مشاعر الكراهية وتمزيق النسيج الاجتماعي واللعب على الوتر المناطقي تنفيذاً لأجندة إيران».
ووصف الإرياني ما حدث في عدن خلال اليومين الماضيين على خلفية الجرائم الإرهابية من اعتداءات على المواطنين البسطاء ونهب للممتلكات وترحيل الآلاف منهم، بأنه «جرائم جنائية وانتهاكات ضد الإنسانية، وتصرفات غوغائية لا تستقيم مع كون هؤلاء ضحايا عانوا الويلات من جرائم الميليشيات الحوثية الإرهابية».
وقال: «أعمال الفوضى والعنف في مدينة عدن تنفيذ حرفي لأهداف الميليشيات الحوثية ومن خلفهم نظام الملالي بإيران في خلط الأوراق وتشويه الأوضاع في المحافظات المحررة وجر اليمنيين لمعارك ثانوية وصرف الأنظار عن المعركة الرئيسية مع الميليشيات باعتبارها الخطر الذي يهدد اليمن والمنطقة برمتها».
وفيما جدد الوزير اليمني إدانة الانتهاكات التي حدثت، أشاد بمواقف الغالبية العظمى من أبناء المحافظات الجنوبية الذين عبروا عن مواقفهم الرافضة لهذه الاعتداءات عبر مختلف وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، داعياً المشايخ والعلماء والسياسيين والإعلاميين والمثقفين للقيام بواجباتهم الوطنية والإنسانية في هذه المرحلة التاريخية.
وكانت قيادة ألوية العمالقة الجنوبية استنكرت في بيان لها الاعتداء والترحيل للمواطنين الشماليين من العاصمة عدن، وقالت إن من يقوم بها أشخاص بعينهم بشكل فردي، داعية قوات الأمن إلى «حماية المواطنين الشماليين والحفاظ على ممتلكاتهم وعدم السماح بالاعتداء عليهم وترحيلهم بطريقة غير مسؤولة».
وفي حين أبدى البيان الحزن الشديد على مقتل القيادي في الحزام الأمني في عدن منير اليافعي «أبو اليمامة»، قال إنها لا ترى الثأر لهم في ترحيل المواطنين البسطاء ونهب ممتلكاتهم.
وبالتوازي مع هذه الموجة من الكراهية التي شهدتها عدن، كانت الميليشيات الحوثية حاولت أن تستثمر الأحداث المؤسفة لمصلحتها، عبر قيام قادتها بالدعوة لتشكيل لجنة خاصة في صنعاء تابعة لحكومة الانقلاب تكون مهمتها استقبال المهجرين قسراً من عدن ومعالجة أوضاعهم، على حد تعبير القيادي في الجماعة محمد علي الحوثي. ويؤكد ناشطون وسياسيون يمنيون أن الجماعة الحوثية تسعى إلى تكريس الفرقة بين المكونات اليمنية في الشمال والجنوب لجهة إضعاف جبهة الشرعية وحلفائها في مواجهة مشروع الجماعة الطائفي المدعوم من إيران.
كما تسعى - على حد قولهم - إلى تكريس فصل الشمال عن الجنوب عبر فرض الضرائب ورسوم الجمارك في مناطق سيطرتها على البضائع المقبلة من الجنوب، إلى جانب زعمها أنها تدعم الجنوبيين لإقامة دولة منفصلة خاصة بهم بعيداً عن الشمال الذي تسيطر على معظم محافظاته.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.