مواد عضوية لتحويل منزلك إلى محطة طاقة شمسية لتوليد الكهرباء

طورها علماء «كاوست» ويمكن استخدامها في طلاء أسطح المنازل ونوافذها

تدرس دريا باران من «كاوست» إمكانية الاعتماد على الخلايا الشمسية العضوية في ظل الإجهاد الضوئي والحراري
تدرس دريا باران من «كاوست» إمكانية الاعتماد على الخلايا الشمسية العضوية في ظل الإجهاد الضوئي والحراري
TT

مواد عضوية لتحويل منزلك إلى محطة طاقة شمسية لتوليد الكهرباء

تدرس دريا باران من «كاوست» إمكانية الاعتماد على الخلايا الشمسية العضوية في ظل الإجهاد الضوئي والحراري
تدرس دريا باران من «كاوست» إمكانية الاعتماد على الخلايا الشمسية العضوية في ظل الإجهاد الضوئي والحراري

يفتح بحث علمي أُجري بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) الباب أمام الوصول إلى حلم طال انتظاره، وهو تحويل أسطح ونوافذ المنازل إلى ألواح لتحويل الطاقة الشمسية إلى كهرباء.
وقد طوَّرت دريا باران، الباحثة في مركز الطاقة الشمسية في «كاوست» وزملاؤها، مادة عضوية كهرو – ضوئية، التي تولّد الكهرباء من الضوء، عبر استخدام مواد شبه موصلة، قادرة على تجميع ضوء الشمس لتحويله إلى طاقة، ويمكن استخدامها في طلاء أسطح ونوافذ المنازل.
ومن المعروف أن الألواح الشمسية التقليدية التي تُثَبَّت على أسطح المنازل تصنع من ألواح من السيليكون، غير أن الجزيئات العضوية التي جرى تطويرها يمكنها استخراج الطاقة من ضوء الشمس أيضاً. كما يمكن تحويلها إلى أحبار منخفضة التكلفة، تتم طباعتها على أجزاء المباني العادية مثل النوافذ.
وتوضح الباحثة باران من «كاوست» أن تحويل ضوء الشمس إلى كهرباء هي عملية متعددة الخطوات، مشيرة إلى أن العنصر الأساسي من أجل تطوير مواد كهرو - ضوئية عضوية عالية الأداء، هو اكتشاف جزيئات عضوية تناسب كل خطوة من هذه الخطوات.
عندما يصطدم الضوء بمادة كهرو - ضوئية عضوية يدفع إلكتروناً للتحرّر، تاركاً مكانه ثغرة موجبة الشحنة، وفي حال عودة اندماج الإلكترون والثغرة اللذين يحملان شحنتين متضادتين، تُفقَد، أي تتحرر، الطاقة المـُحتَجَزَة. لذا، تضم الخلايا الشمسية العضوية مزيجاً من الجزيئات المانحة للإلكترونات والمستقبلة لها، لإبعاد الشحنات بعضها عن بعض.
وتتذكر باران أنها عندما بدأتْ دراساتها العليا في عام 2015، كانت هناك ضجة كبيرة بخصوص مشتقات الفوليرين (كرة البوكي) بوصفها مستقبلات (الفوليرين هو شكل ثالث للكربون، ويستخدم لتصنيع عدد من المنتجات، مثل أنواع خاصة من البطاريات الكهربائية)، وكانت أعلى نسبة كفاءة مسجَّلة لها تتراوح ما بين 10 في المائة و11 في المائة تقريباً، مع مستويات استقرار ضعيفة. ونظراً لأن الفوليرينات بها كثير من نقاط الضعف – لا سيما ضعف امتصاصها للضوء نسبياً - عكفت باران على دراسة المُستَقبِلات غير الفوليرينية. وتضيف: «الآن تم تسجيل مستويات كفاءة تصل إلى 17 في المائة. كما أنني أُومن بأن هذه المـُستَقبِلات سَتُشَكِّل مستقبل المواد الكهرو - ضوئية العضوية».
وتقدم المُستَقبلات غير الفوليرينية (المعرّفة اختصاراً بـ«EHIDTBR»)، والتي درستها باران وفريقها، كثيراً من الفوائد. فقد أثبت فريق البحث أن هذه المادة العضوية الجديدة، إلى جانب قدرتها الفائقة على امتصاص الضوء، فإنها تمتزج بصورة جيدة مع مكون يصدر إلكترونات، وهو أمر بالغ الأهمية من أجل استقرار الأداء والكفاءة على المدى الطويل. ووفقاً لباران، فإن هذه المُستَقبلات كانت فعالة للغاية في تحرير الإكسيتونات (مستوى الطاقة المقيّد لإلكترون أو فجوة في عازل أو شبه موصل) ومنع إعادة اندماجها، وهي خاصية مهمة للغاية ستسهل تصنيع هذه المادة العضوية.
وفي المواد التي تسمح بمعدلات عالية لعودة الإكسيتونات إلى الاندماج، يجب أن تكون الطبقة الجامعة للضوء رقيقة للغاية، حتى تصل الشحنة الكهربائية الناجمة عن الضوء إلى القطب الكهربائي سريعاً، ولتقليل فرص عودة اندماج الإكسيتونات مرة أخرى. هذه الرقة البالغة لطبقة جمع الضوء تفرض صعوبات أكبر على عملية تصنيعها.
وتشير باران إلى أنه من السهل طباعة الأفلام الأكثر سُمكاً؛ خصوصاً عندما يُراد توسيع نطاقها لأغراض التصنيع.
وتضيف أن توسيع نطاق التقنية هي الخطوة التالية التي يتطلَّع إليها الفريق، وأن لديهم الآن شركة منبثقة من مركز الطاقة الشمسية في «كاوست» يعملون من خلالها من أجل إنتاج نوافذ فولطائية ضوئية لتوليد الكهرباء.


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً