«العسكري» السوداني والمعارضة يوقّعان «الوثيقة الدستورية»

تنظم الفترة الانتقالية الممتدة لثلاث سنوات... وترحيب عربي وخليجي

ممثلو المجلس العسكري السوداني وائتلاف المعارضة الرئيسي يوقعون على «وثيقة الإعلان الدستوري» (أ.ف.ب)
ممثلو المجلس العسكري السوداني وائتلاف المعارضة الرئيسي يوقعون على «وثيقة الإعلان الدستوري» (أ.ف.ب)
TT

«العسكري» السوداني والمعارضة يوقّعان «الوثيقة الدستورية»

ممثلو المجلس العسكري السوداني وائتلاف المعارضة الرئيسي يوقعون على «وثيقة الإعلان الدستوري» (أ.ف.ب)
ممثلو المجلس العسكري السوداني وائتلاف المعارضة الرئيسي يوقعون على «وثيقة الإعلان الدستوري» (أ.ف.ب)

وقَّع ممثلون عن المجلس العسكري السوداني وائتلاف المعارضة الرئيسي بالأحرف الأولى على وثيقة الإعلان الدستوري، اليوم (الأحد)، بحضور الوسيطين الأفريقي والإثيوبي، مما يمهّد الطريق أمام تشكيل حكومة انتقالية.
وتنظّم هذه الوثيقة الدستورية الفترة الانتقالية التي تمتد لثلاث سنوات.
ومن المقرَّر أن يوقع الجانبان بشكل نهائي على «الإعلان الدستوري»، يوم 17 أغسطس (آب)، حسبما قالت مصادر مطلعة على المفاوضات لوكالة «رويترز» في وقت سابق، اليوم.
وأوضحت المصادر أنه سيتم في 18 أغسطس الإعلان عن تشكيل مجلس السيادة الذي سيدير البلاد خلال فترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات وتؤدي إلى انتخابات.
وسيتم تعيين رئيس الوزراء يوم 20 أغسطس، وستعقد الحكومة أول اجتماع لها في 28 أغسطس، كما سينعقد أول اجتماع مشترك بين مجلس الوزراء ومجلس السيادة في أول سبتمبر (أيلول).
وعقب التوقيع، أكد محمد حمدان دقلو المعروف بـ«حميدتي»، نائب رئيس المجلس العسكري، أن الإرادة السودانية قد انتصرت وأنه لا غالب ولا مغلوب في الاتفاق. وقال: «دخلنا المفاوضات كشركاء وخرجنا منها فريقا واحدا... انتصرت الإرادة الوطنية حيث لا غالب ولا مغلوب، فمصلحة الوطن مقدمة على الجميع في هذه الاتفاقية».
وأضاف حميدتي: «طوينا صفحة عصيبة من تاريخ السودان ساد فيها التناحر والاقتتال».
من جانبه، أشاد عمر الدقير القيادي في «قوى الحرية والتغيير» بتوقيع «الوثيقة الدستورية». وقال، وهو يغالب دموعه، إن الاتفاق «يفتح صفحة جديدة للسودان لإطلاق بناء دولة المؤسسات».
وأضاف الدقير أن «أولويات المرحلة الانتقالية ستكون الكشف عن قتلة الشهداء وتحقيق السلام وإقامة علاقات خارجية متوازنة... والسعي لوضع دستور دائم».
وتابع قائلاً إن المرحلة القادمة «ستكون أصعب وستشهد إتمام المصالحة وإنهاء نهج الإقصاء في السودان»، مشدداً في الوقت نفسه على أن الثوار «سينامون بعيون مفتوحة لمراقبة مدى تحقيق أهداف الثورة».
بدوره، هنأ الوسيط الأفريقي محمد حسن ولد لبات السودانيين بهذا التوقيع، وحثّهم في الوقت نفسه على الوفاء للثورة السودانية واحترام المنظومة العسكرية والأمنية والحفاظ على استقلال القرار السوداني عن أي تدخلات أجنبية ورعاية الشباب والنساء.
وأكد أن رئيس المفوضية الأفريقية سيكون حاضرا في مراسم التوقيع النهائي للوثيقة والمقررة في وقت لاحق من الشهر الجاري.
كما هنأ الوسيط الإثيوبي الخاص للسودان السفير محمود درير السودانيين بهذه اللحظة التاريخية وشدد على ضرورة أن يكون الشغل الشاغل للمرحلة الانتقالية هو العمل على تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة وإنهاء وضع السودان كدولة راعية للإرهاب ورفع الديون الكثيرة المترتبة على عاتق السودان والبالغة 65 مليار دولار أميركي.
وشد درير على أن نجاح المفاوضات السودانية يؤكد على أن الأفارقة قادرون على حل مشاكلهم.
وفي السياق ذاته، أعربت مصر، في بيان صادر عن وزارة الخارجية، عن ترحيبها بالاتفاق الذي تم التوصل إليه في السودان الشقيق بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير بشأن بنود «وثيقة الإعلان الدستوري»،  وعدّت الاتفاق «خطوة مهمة على الطريق الصحيح ونحو تحقيق الأمن والاستقرار في البلاد».
وأكدت مصر، في البيان، على الدعم الكامل لخيارات وتطلعات الشعب السوداني بكافة أطيافه، ومؤسسات الدولة باعتبارها المسئولة عن تنفيذ هذه التطلعات، مشددةً على استمرار قيامها بكل ما يلزم نحو دعم الأشقاء في السودان، وذلك ارتباطاً بالعلاقات الأزلية بين الشعبيّن الشقيقيّن.
كما نوّه البيان بأن الخطوات التي اتخذها الأشقاء في السودان خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها التوصل إلى اتفاق حول وثيقة الإعلان الدستوري، فضلاً عن الاتفاق على تشكيل حكومة مدنية تضم كفاءات وطنية مستقلة، إنما تؤكد على عودة السودان إلى المسار الدستوري، وهو ما يقتضي بدوره ضرورة رفع تعليق عضوية السودان بالاتحاد الأفريقي.
وجددت مصر التأكيد على ضرورة تضافر جهود المجتمع الدولي من أجل مساندة السودان وشعبه فيما يصبو إليه من آمال وتطلعات نحو تحقيق الأمن والاستقرار ومزيد من الرخاء.
كما أشاد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربي الدكتور عبد اللطيف الزياني بتوقيع «الوثيقة الدستورية» الانتقالية، ووصفها بأنها «خطوة تاريخية مهمة تؤسس لإرساء دعائم الاستقرار والأمن والسلام، واستكمال تشكيل سلطات الدولة السيادية».
ودعا الأمين العام الشعب السوداني وكافة قواه الوطنية إلى تعزيز الثقة والتوافق، وتوحيد الصفوف والجهود، والتمسك بالوحدة الوطنية، والانطلاق الى بناء الدولة الديمقراطية المدنية وفق مبادئ العدالة وحكم القانون لتحقيق تطلعات الشعب السوداني في السلام والديمقراطية والاستقرار والازدهار.
ورحّب الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، الدكتور يوسف العثيمين، بتوقيع الوثيقة الدستورية، مؤكداً أن هذا الاتفاق خطوة مهمة في مسار العملية السياسية وتحقيق متطلبات المرحلة الانتقالية.
وجدد الأمين العام، في بيان، وقوف المنظمة إلى جانب السودان في هذه المرحلة الدقيقة لتحقيق تطلعات الشعب السوداني في الأمن والسلام والاستقرار والتنمية.
كما رحبت وزارة الخارجية البحرينية بتوقيع «الوثيقة الدستورية»، مؤكدةً على «أهمية هذه الخطوة في المضي بالبلاد نحو الاستقرار  والسلام الدائمين وتحقيق تطلعات الشعب السوداني الشقيق في التنمية والتقدم»، بحسب وكالة الأنباء البحرينية (بنا).
وثمنت الوزارة حرص كافة الأطراف على المصلحة العليا، والجهود المقدرة  للتوصل إلى هذا الاتفاق، مجددةً موقف مملكة البحرين الثابت الداعم لجمهورية السودان والوقوف معها وخاصة في هذه المرحلة المهمة من تاريخها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».