سنجار تحيي ذكرى احتلال «داعش» وتنتظر عودة سكانها

بارزاني يدعو إلى «إعادتها إلى أهلها»

جانب من مراسم إحياء الذكرى الخامسة لإبادة الإيزيديين التي جرت في باعدرى بمحافظة دهوك في إقليم كردستان أمس (إ.ب.أ)
جانب من مراسم إحياء الذكرى الخامسة لإبادة الإيزيديين التي جرت في باعدرى بمحافظة دهوك في إقليم كردستان أمس (إ.ب.أ)
TT
20

سنجار تحيي ذكرى احتلال «داعش» وتنتظر عودة سكانها

جانب من مراسم إحياء الذكرى الخامسة لإبادة الإيزيديين التي جرت في باعدرى بمحافظة دهوك في إقليم كردستان أمس (إ.ب.أ)
جانب من مراسم إحياء الذكرى الخامسة لإبادة الإيزيديين التي جرت في باعدرى بمحافظة دهوك في إقليم كردستان أمس (إ.ب.أ)

مرت أمس، الذكرى الخامسة لاحتلال «داعش» قضاء سنجار ذات الأغلبية السكانية الإيزيدية وارتكابه إبادة جماعية ضد سكانها وقتل وسبي المئات من الرجال والنساء، قبل أن تتمكن القوات العراقية وقوات البيشمركة الكردية بإسناد من طيران التحالف الدولي من تحرير القضاء وطرد عناصر «داعش» في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015.
وصوّت برلمان إقليم كردستان، أمس، على اعتبار ما تعرض له الإيزيديون «إبادة جماعية». وكان البرلمان الاتحادي صوت في 28 أبريل (نيسان) عام 2016، على اعتبار سنجار «مدينة منكوبة».
وتشير تقديرات المنظمات الأهلية والحكومية في كردستان إلى وجود نحو 3 آلاف إيزيدي مجهولي المصير حتى الآن، وما زال كثير من الاتجاهات الإيزيدية غير راضٍ عن عمليات إعادة الإعمار في المدينة، تمهيداً لعودة سكانها المقدر عددهم بنحو 90 ألف مواطن، يقيم معظمهم اليوم في إقليم كردستان.
واعتبر رئيس الجمهورية برهم صالح في بيان أمس، أن «المجازر التي ارتكبها تنظيم داعش الإرهابي ضد الإيزيديين صفحة مؤلمة وحزينة، عبرت عن النهج والفكر الإجرامي التكفيري لهذا التنظيم وعقيدته الدموية». ودعا صالح رئاسة وأعضاء مجلس النواب إلى «الإسراع بالمصادقة على مشروع قانون الناجيات الإيزيديات الذي أرسل منذ 28 - 3 - 2019. بعد أن أعدته وأنجزته رئاسة الجمهورية لضمان حقوق الناجيات المشروعة وإنصافهن وتعويضهن مادياً ومعنوياً».
ودعا الرئيس المجتمع الدولي إلى «تكثيف الجهود لمعرفة مصير المختطفين الإيزيديين لدى تنظيم داعش ومحاسبة عصابات التنظيم الإرهابي عن الجرائم التي ارتكبتها في العراق».
واقترح زعيم الحزب «الديمقراطي» الكردستاني ورئيس إقليم كردستان السابق مسعود بارزاني، أمس، خلال رسالة وجهها إلى بغداد، بمناسبة الذكرى، «خريطة طريق مشتركة لإعادة قضاء سنجار إلى أهله»، على حد قوله. ووصف بارزاني ما حصل في سنجار بأنه «كارثة هزت الأعماق، تحتم تكثيف الجهود في الداخل والخارج من أجل تعريفها جريمة إبادة جماعية والعثور على المختطفين وإعادتهم». ودعا بارزاني في بيانه «حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية إلى إعداد خريطة طريق مشتركة لإعمار سنجار وتسليم إدارة المدينة إلى أيدي أهلها». ولم يشِر بارزاني صراحة إلى الجهات التي تسيطر على سنجار اليوم، لكنه أشار إلى أن «الإيزيديين جزء لا يتجزأ من شعب كردستان».
بدوره، يقول النائب عن الكون الإيزيدي صائب خدر، إنه منذ «عام 2014، لم يحدث أي تغيير، فالصراعات والخلافات على مناطق سنجار متواصلة، وكل طرف يدعي عائدية القضاء إليه، وذلك أثّر كثيراً على إعادة إعمارها وعودة الأهالي، وما زال 85 في المائة منهم خارج درياهم». ويرى خدر في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «الجغرافية الإيزيدية كانت منقسمة حتى قبل 2003، إلى موالين لبغداد وأربيل، وهذا الانقسام المؤسف أدى إلى انقسام في الهوية، الذي أدى بدوره إلى انقسامات سياسية حادة داخل المكون الإيزيدي».
وفي مقابل اتجاهات إيزيدية ترفض انتسابها للأكراد وأخرى ترفض انتسابها للهوية العربية، يقول خدر إن «المادة الثانية من الدستور العراقي الدائم تذكر (الإيزيديين) فقط ولا تنسبهم إلى أي جهة، لذلك نحن ببساطة إيزيديون كما وصفنا الدستور، وأي اتجاه آخر خارج هذا التوصيف لا يخدم قضيتنا».
وتتصارع على السيطرة على سنجار، 4 قوى رئيسية؛ تتمثل الأولى بالحكومة الاتحادية والقوى المساندة لها، والثانية بالحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه مسعود بارزاني، إلى جانب قوى من فصائل من الحشد الشعبي وأخرى من حزب العمال الكردستاني التركي وبعض الجماعات الإيزيدية التي تعمل معه.
من جهته، اعتبر رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني في بيان أمس، أن ما تعرض له الإيزيديون يرقى إلى جريمة «الإبادة الجماعية (الجينوسايد)». وأشاد بـ«الدور الميداني المباشر للرئيس (مسعود) بارزاني وتضحيات قوات البيشمركة في تحرير سنجار وأطرافها». وبارك لبرلمان إقليم كردستان تصويته أمس على «اعتبار 3 أغسطس (آب) يوماً للإبادة الجماعية للإيزيديين».
وتصادف ذكرى المجزرة مع عيد منتصف فصل الصيف، وهو عيد ديني أحياه الآلاف من أبناء الطائفة الإيزيدية أمس في معبد «لالش»، وهو المعبد الأكبر الذي يؤمه عشرات الآلاف من الإيزيديين في المناسبات الدينية ويقع شرق محافظة دهوك، فيما لا يزال نحو 300 ألف نازح إيزيدي يقيمون في 13 مخيماً، موزعين على محافظات أربيل ودهوك والسليمانية، ويعيشون في ظل أوضاع معيشية غاية في الصعوبة. ولا يزال مصير 3 آلاف و900 مختطف، من أصل 7 آلاف إيزيدي معظمهم من النساء، مجهولاً حتى الآن، فيما جرى العثور على رفات نحو 5 آلاف شخص ممن أعدمهم مسلحو «داعش» ودفنوهم في 72 مقبرة جماعية، في محيط سنجار، بعد استيلائهم على البلدة مباشرة قبل 5 أعوام.
وقال أحمد إلياس (53 عاماً) من أهالي إحدى قرى سنجار، ويقيم حالياً في مخيم آشتي بالسليمانية، إنه فقد 27 فرداً من أسرته بينهم 9 رجال، ولم ينجُ من المجزرة سواه وزوجة شقيقه الأكبر. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «حياتنا كالموت هنا في هذا المخيم البائس، ومعاناتنا تتضاعف يومياً، مع تلاشي الأمل في العثور على أهلنا المفقودين، الذين بحثنا عنهم حتى في سوريا مؤخراً، ولكن من دون جدوى». وتساءل: «لماذا ومن أجل ماذا نعود إلى سنجار، وقد فقدنا كل أهلنا؟ سنبقى هنا حتى النهاية».



ناجون يتحدثون عن إعدامات وتخريب في هجوم «الدعم السريع» على مخيم زمزم بدارفور

سيدة سودانية نازحة عقب هجوم من «قوات الدعم السريع» على مخيم زمزم للنازحين في دارفور (رويترز)
سيدة سودانية نازحة عقب هجوم من «قوات الدعم السريع» على مخيم زمزم للنازحين في دارفور (رويترز)
TT
20

ناجون يتحدثون عن إعدامات وتخريب في هجوم «الدعم السريع» على مخيم زمزم بدارفور

سيدة سودانية نازحة عقب هجوم من «قوات الدعم السريع» على مخيم زمزم للنازحين في دارفور (رويترز)
سيدة سودانية نازحة عقب هجوم من «قوات الدعم السريع» على مخيم زمزم للنازحين في دارفور (رويترز)

جلست نجلاء أحمد وسط مجموعة من الأمهات والأطفال تحت أشعة الشمس الحارقة، ووصفت لحظة هجوم عناصر «قوات الدعم السريع» على مخيم زمزم للنازحين في دارفور؛ حيث نهبوا المنازل وأحرقوها تحت وابل القذائف وتحليق الطائرات المُسيَّرة في السماء.

وفقدت نجلاء أثر معظم أفراد عائلتها في أثناء فرارها. وقالت لوكالة «رويترز» للأنباء: «لسه لهسَّه ما أجو. لا أمي لا أبوي لا أخوي ولا إخواني ولا جدي. جئت مع ناس غرباء». وهي واحدة من 6 ناجين أخبروا «رويترز» عن عمليات حرق وإعدام خلال الهجوم.

واستولت «قوات الدعم السريع» بعد عامين من صراعها مع الجيش السوداني، على المخيم الضخم في شمال دارفور قبل أسبوع، في هجوم تقول الأمم المتحدة إنه أسفر عن مقتل 300 شخص على الأقل ونزوح 400 ألف.

وقالت «قوات الدعم السريع» إن المخيَّم استخدم قاعدة للقوات الموالية للجيش. ونددت المنظمات الإنسانية بما حدث، ووصفته بأنه هجوم استهدف مدنيين يواجهون بالفعل مجاعة.

وتمكنت نجلاء أحمد من إيصال أطفالها إلى بر الأمان في طويلة، وهي بلدة تبعد 60 كيلومتراً عن زمزم وتسيطر عليها جماعة محايدة، وتقول إن هذه هي المرة الثالثة التي اضطرت فيها للفرار من «قوات الدعم السريع» في غضون أشهر.

وأضافت أنها رأت 7 أشخاص يموتون جوعاً وعطشاً، وآخرين توفوا متأثرين بجراحهم في رحلة فرارها الأحدث.

ونشرت «قوات الدعم السريع» مقاطع فيديو لعبد الرحيم دقلو، نائب قائد القوات شبه العسكرية، وهو يَعِد بتوفير الطعام والمأوى للنازحين، في المخيم الذي ظهرت فيه المجاعة في أغسطس (آب).

العثور على جثث

وذكرت المنسقية العامة لمخيمات النازحين واللاجئين -وهي جماعة حقوقية- أن أكثر من 280 ألفاً لجأوا إلى طويلة، بالإضافة إلى نصف مليون شخص وصلوا إلى هناك منذ اندلاع الحرب في أبريل (نيسان) 2023.

وقال رجل طلب عدم ذكر اسمه من مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور، على بعد 15 كيلومتراً شمالي زمزم التي تحاول «قوات الدعم السريع» انتزاعها من الجيش، إنه عثر على جثث 24 شخصاً قُتلوا في هجوم على مدرسة دينية، وتم وضع بعضهم في صفوف.

وأضاف: «بدأوا باقتحام منازل الناس ونهبها... قتلوا بعض الناس... وبعد ذلك فر الناس هاربين في اتجاهات مختلفة. اندلعت حرائق. كان معهم جنود يحرقون المباني لبث مزيد من الرعب».

وقال رجل آخر -وهو من كبار السن في المخيم- إن «قوات الدعم السريع» قتلت 14 شخصاً من مسافة قريبة في مسجد بالقرب من منزله. وأضاف: «الناس الخائفون يذهبون دائماً إلى المسجد بحثاً عن ملجأ، ولكنهم ذهبوا إلى كل مسجد وأطلقوا النار عليهم».

وأظهر مقطع مصور تحققت منه وكالة «رويترز» للأنباء مقاتلين يصرخون في وجه مجموعة من الرجال الأكبر سناً والشبان خارج مسجد، ويستجوبونهم بشأن ما يفترض أنها قاعدة عسكرية.

وأظهرت مقاطع مصورة أخرى، تحققت منها «رويترز» أيضاً، أفراداً من «قوات الدعم السريع» يطلقون النار على رجل أعزل، بينما كان آخرون ممددين على الأرض. وأظهر مقطع مسلحين يحتفلون وهم يقفون حول مجموعة من الجثث. وقالت «قوات الدعم السريع» إن هذه المقاطع مزيفة.