«تشاجي»... فن حفل الشاي الياباني

تقليد الاحتفاء بالضيف من القلب

«تشاجي»... فن حفل الشاي الياباني
TT

«تشاجي»... فن حفل الشاي الياباني

«تشاجي»... فن حفل الشاي الياباني

الـ«تشاجي -chaji » أو حفل الشاي أو طريق الشاي، هو طقس احتفالي خاص لإعداد الشاي الأخضر المجفف (يسمى ماتشا)، وتعد عملية تقديمه واحد من أجمل وأغرب التقاليد اليابانية المتعلقة بتناول الشاي لأنه فن في حد ذاته له أصوله، وتقاليده، وآدابه، وأدواته وفلسفته الخاصة به.
وهو أيضاً واحد من الفنون اليابانية الكلاسيكية الثلاثة إلى جانب فن تقدير البخور الـ«كدو» وفن «كادو» لترتيب الزهور. وقد لعبت فلسفة الزن البوذية تأثيراً كبيراً ورئيسياً في تطويره.
يطلق اليابانيون على الـ«تشاجي» أسماء كثيرة منها «شانويو» و«سادو» و«أوتشا»، في حين يطلق على الطريقة التي يتم تنفيذه بها أو فن أدائه اسم «أوتيماي – otemae»، ويقدم الشاي إلى جانب الحلويات اليابانية التقليدية لموازنة الطعم المر للشاي.
تحضير الشاي في هذا الحفل يعني توجيه انتباه الجميع إلى الحركات المحددة مسبقاً. العملية برمتها لا تتعلق بشرب الشاي، بل تتعلق بالجمال، وإعداد وعاء من الشاي من القلب. ودائماً ما يأخذ مضيف الحفل بعين الاعتبار ضيوفه بكل حركة وإيماءة، لا بل حتى موضع أواني الشاي خصوصاً الضيوف الرئيسيين الذين يطلق عليهم اسم «شوكياكو».
هناك نوعان من أنواع حفلات الشاي؛ الأول وهو الـ«تشاجي» (حدثاً للشاي) التجمع الأكثر رسمية والذي يشمل وجبة رئيسية يطلق عليها اسم الـ«كايسيكي» وتلي الوجبة الحلويات (كاشي) والشاي الأخضر الثقيل (كويتشا -Koi- cha ) والشاي الخفيف (أوستشا- Usu – cha).
النوع الثاني هو التجمع غير الرسمي للشاي «تشاكاي»، وهو عبارة عن مسار بسيط نسبياً من الضيافة يتضمن الحلويات والشاي الخفيف وربما وجبة خفيفة.
ولترتيب الفحم خلال حفل الشاي الياباني لإعادة إشعال النار والتأكد من بقاء الماء ساخناً أو إضافة الفحم إلى النار تحت إبريق الحديد (كاما)، طقس خاص يسمى «سومي – دامي (Sumi – demae)»، عادةً ما تتم دعوة الضيوف للاقتراب ومراقبة عملية إضافة الفحم إلى النار. وهذا الطقس نوعان؛ الأول يجري قبل تناول الضيوف وجبة الكايسيكي ويسمى «شوزومي»، والثاني بعد تناول الضيوف الشاي الثقيل ويسمى «غوزومي».
تستغرق عملية التمتع بالـ«تشاجي» من أربع إلى خمس ساعات، ولتنفيذ الحفل وإقامته مراسم وتقاليد خاصة ومحددة تختلف من مدرسة إلى أخرى وتعتمد على الفصل، وأي وقت من النهار، والمناسبة، وعوامل أخرى. إلا أن هناك فصلين رئيسيين؛ الأول «فورو» للأشهر الدافئة بين مايو (أيار) وأكتوبر (تشرين الأول)، والثاني «رو» للأشهر الباردة من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى أبريل (نيسان). ولأشهر الشتاء، مثلاً، ترتيباً محدداً يأتي على الشكل التالي:
- جلسة سومي- دامي: عملية تحضير الفحم وإشعاله وغلي الماء، وتستغرق عادةً ساعة أو ساعة ونصف الساعة.
- وجبة الـ«كاسيكي» الرئيسية: تعد هذه الوجبة معياراً لثقافة الطعام اليابانية، وعادةً ما تكون خفيفة من ناحية الطعم وتعد على مبادئ فلسفة الزن التي تعلمنا أنه لا ينبغي لنا أن نعيش فقط مع المظاهر الجميلة والمحببة ولكن من خلال العودة إلى أساس الطبيعة البشرية. وعملية تحضير الوجبة تأخذ بعين الاعتبار الفصل السنوي، ونوع اللحم المقدم، والمكونات عند اختيار الأطباق، وأحياناً تستغرق عملية التحضير أياماً عدة. وتتألف من طبق للشوربة وثلاثة أطباق جانبية صغيرة. وعادةً ما تحضِّر الشوربة المعدة لتقبل الشاي الثقيل.
- وجبة الحلويات الـ«كاشي»: تُظهر ألوان الوجبة «متعة كل المواسم التي يتخيلها اليابانيون».
- استراحة الـ«ناكاداتشي»: فترة الاستراحة أو الانقطاع بين وجبة الحلويات ووقت تقديم الشاي الثقيل الـ«كويتشا» ويتم خلالها تنظيف الغرفة والمصطبة التي تؤدي إليها.
- جلسة الـ«كويتشا»: جلسة الشاي الأخضر الثقيل الذي يشبهه البعض بقهوة الاسبريسو، وهي ذروة مراسم حفل الـ«تشاجي» وأهم عناصره، والوقت الأكثر فخامة الذي يفترض بالضيف مجاملة مضيفه خلال الحفل.
- جلسة «أوستشا»: جلسة الشاي الخفيف التي غاياتها الاسترخاء من فترة الشاي الثقيل عبر الدردشة بين الضيف والمضيف.
وتشير المعلومات إلى أن زراعة الشاي في اليابان لم تبدأ إلا خلال عهد أسرة تانغ بين القرن السابع والقرن العاشر، عندما بلغت العلاقات والتبادلات الثقافية بين اليابان والصين ذروتها. وتقول الموسوعة الحرة إلى أن أول دليل موثق على الشاي في اليابان يعود إلى القرن التاسع، عندما جلبه الراهب البوذي إيشو معه من الصين. وأن إيشو قام شخصياً بإعداد وتقديم الشاي الأخضر للإمبراطور ساغا عام 815، قبل أن يصبح الأمر تقليداً لدى طبقة النبلاء. وبأمر إمبراطوري عام 816 بدأت زراعة الشاي في منطقة كينكي في اليابان.
في القرن الثامن وخلال فترة نارا، كان النبلاء والكهان يزرعون الشاي ويشربونه لغايات طبية. ويقال إنه قرب نهاية عهد أسرة تانغ في الصين «كان شرب الشاي يمر بمرحلة تحول من الدواء إلى المشروبات، ولكن بسبب تدهور العلاقات بين البلدين، لم يصل هذا التحول إلى اليابان إلا بعد ذلك بكثير». كما كان الشاي آنذاك سلعة نادرة وقيمة جداً.
ويبدو أن القرن الحادي عشر (فترة كاماكيرو) كان مهماً جداً في تاريخ حفل الـ«تشاجي»، إذ إن الراهب ميوان الذي ذهب إلى الصين لدراسة الدين والفلسفة عاد إلى اليابان ليؤسس للفلسفة الزنية البوذية وليبدأ زراعة الشاي الأخضر لغايات دينية لا لغايات طبية. وكان أول من أدخل إلى اليابان عملية طحن الشاي الأخضر وخفقه بفرشاة بالخيزران قبل إضافة الماء الساخن. وقد شكّلت هاتان الطريقتان الأساس لحفل الشاي كما نعرفه اليوم. لكن إشارته إلى الفوائد الصحية للشاي هي التي ساعدت على انتشار ظاهرة حفل الشاي كما هو الحال مع تناول الشاي وانتشاره في بريطانيا بعد الطاعون في القرن السابع عشر.
وفي القرن الرابع ومع احتضان طبقة الساموراي لحفل الشاي، بدأت ظاهرة الاشتراك بطاسة شاي واحدة خلال الحفل وتَعزز الحفل أكثر من أي وقت مضى. وفي فترة موروماتشي تم التحول من نمط السأموراي إلى شوين الذي استخدم عناصر المعبد المعامرية، واحتضان تقاليد مهمة كاستخدام حصيرة التامي والاعتناء بكوة الغرفة والرفوف والزهور والمقعد وعملية ترتيب الأواني المطبخية الذكية.


مقالات ذات صلة

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق خبراء ينصحون بتجنب الوجبات المالحة والدهنية في مبنى المطار (رويترز)

حتى في الدرجة الأولى... لماذا يجب عليك الامتناع عن تناول الطعام على متن الطائرات؟

كشف مدرب لياقة بدنية مؤخراً أنه لا يتناول الطعام مطلقاً على متن الطائرات، حتى إذا جلس في قسم الدرجة الأولى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)

الأقدم في العالم... باحثون يكتشفون جبناً يعود إلى 3600 عام في مقبرة صينية

اكتشف العلماء أخيراً أقدم قطعة جبن في العالم، وُجدت ملقاة حول رقبة مومياء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق التفوُّق هو الأثر أيضاً (أ.ف.ب)

الشيف دانييل هوم... أرقى الأطباق قد تكون حليفة في حماية كوكبنا

دانييل هوم أكثر من مجرّد كونه واحداً من أكثر الطهاة الموهوبين في العالم، فهو أيضاً من المدافعين المتحمّسين عن التغذية المستدامة، وراهن بمسيرته على معتقداته.

«الشرق الأوسط» (باريس)

مطعم «تيرا نيرا» في باريس... جاذب عشاق الأكل الإيطالي والسياح

مشهد من مسلسل «إيميلي في باريس» خارج المطعم (إنستغرام)
مشهد من مسلسل «إيميلي في باريس» خارج المطعم (إنستغرام)
TT

مطعم «تيرا نيرا» في باريس... جاذب عشاق الأكل الإيطالي والسياح

مشهد من مسلسل «إيميلي في باريس» خارج المطعم (إنستغرام)
مشهد من مسلسل «إيميلي في باريس» خارج المطعم (إنستغرام)

الشيف غابريال في «إيميلي في باريس» (Emily in Paris) هو شخصية محورية في المسلسل، وهو شاب فرنسي وسيم يعمل شيفاً في مطعم في باريس. يُجسِّد دوره الممثل الفرنسي لوكاس برافو. غابريال هو جار إيميلي، ويسكن في نفس المبنى الذي تسكن فيه البطلة الأميركية، التي تنتقل من شيكاغو إلى باريس للعمل في شركة تسويق. تنشأ بينهما علاقة معقدة ومليئة بالتوتر العاطفي، حيث تنجذب إيميلي إلى الشيف غابريال، لكنه في نفس الوقت مرتبط بعلاقة حب مع كامي، وهي إحدى صديقات إيميلي.

إلى جانب جاذبيته الشخصية، غابريال موهوب جداً في الطهي، ويكرس وقته بالكامل لمهنته طاهياً وحلمه الحصول على نجمة ميشلان للتميز. في مواسم لاحقة من المسلسل، يلعب دورُه في إدارة المطعم والطموح لفتح مطعمه الخاص دوراً مهماً في تطور قصته. العلاقة بينه وبين إيميلي وكامي هي جزء أساسي من دراما الحب الثلاثي، التي تتكرر في سياق المسلسل.

الطاولة الشهيرة التي يجلس عليها الشيف غابريال (إنستغرام)

الشخصية تعكس الجوانب الرومانسية والمهنية للعالم الباريسي، حيث يتفاعل الشيف غابريال مع شغفه بالطهي وتحديات العلاقات العاطفية.

هذه هي باختصار قصة الشيف الوسيم الذي يعمل في مطعم «ليه دو كومبير» (Les Deux Compères)، وهو موقع حقيقي ومعروف في باريس، لكنه في الواقع لا يحمل هذا الاسم. المطعم الحقيقي يُدعى «Terra Nera»، وهو مطعم إيطالي يقع في الدائرة الخامسة في باريس بالقرب من البانثيون، تماماً كما في المسلسل.

ومن وراء شهرة «إيميلي في باريس» عالمياً أصبح «تيرا نيرا» وجهة شعبية للزوار والمعجبين بالمسلسل، بعد أن تم تصوير مشاهد كثيرة فيه. على الرغم من أن المسلسل يظهره مطعماً فرنسياً بإدارة غابريال، فإن المطعم الحقيقي يقدم أطباقاً إيطالية.

ويدور كثير من الأحداث والمشاهد في المسسل في هذا المطعم الذي يلعب دوراً محورياً، فهو ليس مكان عمل الشيف غابريال فقط، ولكنه نقطة التقاء شخصيات رئيسية كثيرة في القصة أيضاً.

يشتهر مطعم «تيرا نيرا» بأطباقه الإيطالية الأصلية، فهو صغير الحجم يقصده الذواقة الباحثون عن عنوان إيطالي في قلب العاصمة الفرنسية، كما يشتهر أيضاً بخدمته الجيدة. ويعمل فيه أعضاء من عائلة إيطالية واحدة. من أشهر أطباقه: أنتيباستي ميزون، واللينغويني ألي فونغولي، وساليتشي نابوليتانا، وتورتا ديلا نونا، أو «تورتة الجدة»، ولاكريما كريستي.

ميزة المطعم أنه يقدم مأكولات إيطالية تقليدية مع التركيز على الأطباق الكلاسيكية، مثل البيتزا والمعكرونة، بالإضافة إلى اللحوم والأسماك التي تحضر على الطريقة الإيطالية المتوسطية.

يشتهر «تيرا نيرا» بالأطباق الإيطالية بما فيها الأسماك (إنستغرام)

ومن الأسباب التي زادت من شهرة المطعم هو موقعه في منطقة سياحية، وقربه من معالم ثقافية كثيرة، مثل البانثيون وجامعة السوربون.

الديكور في المطعم بسيط وجميل بنفس الوقت، وأجواؤه دافئة جداً، يجذب كثيراً من الزوار بسبب المسلسل الذي تنتجه «نتفليكس»، ما زاد من شعبيته بين عشاق «إيميلي في باريس» والسياح عموماً، وخاصة عشاق الأكل الإيطالي.

وقبل ظهور المطعم في المسسل كان المطعم مقصد الذواقة الإيطاليين والفرنسيين الذين يعشقون الأكل الإيطالي.

مطعم «تيرا نيرا» الإيطالي في باريس (إنستغرام)

الطاهي الرئيسي في مطعم «Terra Nera» في باريس هو «Giovanni Lepori». يتميز «Lepori» بخبرته الواسعة في تقديم المأكولات الإيطالية الأصيلة، مع التركيز على إعداد الأطباق باستخدام مكونات طازجة وتقنيات تقليدية، تعكس روح المطبخ الإيطالي. ومن الضروري أن تقوم بالحجز المسبق نظراً لشعبيته المتزايدة، خصوصاً خلال المواسم السياحية على مدار العام.