مرجعية النجف تتهم الطبقة السياسية بالفشل في حصر السلاح بيد الدولة

تجاهلت ضجة الإسلاميين حول عزف النشيد الوطني في ملعب كربلاء

TT
20

مرجعية النجف تتهم الطبقة السياسية بالفشل في حصر السلاح بيد الدولة

حسمت المرجعية الدينية العليا بالنجف الضجة التي رافقت قيام فتاة ليست محجبة بعزف النشيد الوطني العراقي أمام الآلاف في ملعب كربلاء، أول من أمس، أثناء افتتاح بطولة غرب آسيا لكرة القدم. فعلى مدى يومين انشغلت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بالجدل حول موضوع ما سمي قدسية مدينة كربلاء؛ كونها تضم مرقدي الإمامين الحسين وأخيه العباس؛ الأمر الذي أدى إلى إصدار بيانات إدانة من قبل الكثير من كبار السياسيين، بمن فيهم رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي. كما تبادلت الحكومة المحلية في مدينة كربلاء الاتهامات مع وزارة الرياضة والشباب واتحاد كرة القدم، بينما انقسم الرأي العام العراقي بين مؤيد للعزف على أرض الملعب وبين معترض.
وفي الوقت الذي كانت الغلبة للتيارات المدنية، ووجدت التيارات التي تمثل الإسلام السياسي نفسها في زاوية ضيقة، فقد انتظر الجميع ما يمكن أن يصدر عن المرجعية الدينية الشيعية العليا في النجف حيال ما بدا وكأنه أصبح بمثابة قضية رأي عام. ففي سياق تناولها الشأن العراقي، ركز ممثل المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني الشيخ عبد المهدي الكربلائي خلال خطبة صلاة الجمعة أمس في كربلاء على مسائل أساسية مثل البطالة والاقتصاد والاستثمار وعدم المقدرة على حصر السلاح بيد الدولة، وتجاهلت تماماً ما أثاره الإسلاميون من ضجة بشأن ما عدوه انتهاكاً لقدسية المدينة التي يحتضن ملعبها أول بطولة عالمية في كرة القدم.
وقدم الكربلائي مجموعة من التوصيات للجهات الرسمية، آملاً الأخذ بها جزءاً من معالجة الأوضاع الاقتصادية المتردية، وانتقد تعطيل القطاع الخاص في العراق «لأسباب لا يصعب معالجتها لو توافرت الإرادة الجادة التشريعات الكافية والتسهيلات الإدارية المناسبة لتنشيط هذا القطاع الذي يلاحظ للعيان أن دولاً كثيرة مجاورة وأخرى نامية بعضها ومتقدمة أخرى قد نهضت باقتصادها وعالجت مشكلة البطالة من خلالها، وتقدمت خطوات واسعة في مجال التنمية الاقتصادية بمختلف القطاعات من خلال تبنيها سياسة رشيدة في دعم هذا القطاع وحمايته وتوفير الأجواء الملائمة ليأخذ دوره الاقتصادي والإنساني في استيعاب الأيادي العاملة والعقول العلمية لأبناء بلدانهم مع ضرورة تقيد هذا القطع بالأنظمة والتعليمات والجدية في الإجازات الحاصلة لبعض مواضعه واختصاصه». وفي حين بيّن الكربلائي أن «من أهم مستلزمات القطاع الخاص هو توفير الأجواء الآمنة للمستثمرين وقصر يد الفاسدين والمرتشين وتعديل القوانين التي تعرقل العمل ولا تساعد على تحقيق التقدم فيه قياسا إلى ما نشاهده في دول أخرى»، فإنه أكد أنه «عندما يكون هناك سلاح خارج الدولة بإمكان أصحابه أن يهددوا من لا يروق لهم من أصحاب الشركات أو لا يستجيبوا لابتزازهم، وعندما يكون حجم الفساد والرشى في مؤسسات الدولة وفق ما تتحدث عنه الأرقام والإحصاءات الحالية، وعندما تكون القوانين والتعليمات المرتبطة بالعمل الاستثماري قديمة وبالية لا تناسب مستلزمات الاستثمار في العصر الراهن وتحول دون نهوض القطاع الصناعي والزراعي، فلا يتوقع أحد أي تقدم في هذا المجال».
ورأى ممثل المرجعية الدينية، أن «من الضروري وضع برنامج مناسب لتحديد الحقول التعليمية والاختصاصات العلمية الأكثر حاجة إلى البلد وتوجيه الطلبة إلى اختيارها بمحفزات تشجعهم على ذلك وما يلاحظ من كثرة الخريجين في اختصاصات تقل الحاجة إليها، وبالتالي يكون توظيف قسم منهم في مواقع لا علاقة باختصاصاتهم خطأ لا بد من عدم الاستمرار فيه، فلا بد من الاهتمام الجاد لتزايد حملة الشهادات العليا في الحقول التعليمية ذات العلاقة بحقلي الزراعة والصناعة ونحوهما، كما أن من الضروري عدم تجاوز الضوابط والأنظمة الرصينة التي كانت تحكم المؤسسة التعليمية العراقية وعدم فسح المجال لأصحاب المصالح والأغراض الخاصة للإضرار بمكانتها التي كانت مميزة بدول المنطقة وليست كذلك اليوم، ومن المهم ألا يسمح بالتدخل في مفاصل وزارة التعليم العالي وفقاً لأهواء ورغبات البعض، وبخاصة في اختيار المناهج وإرسال البعثات والزمالات وتحديد النظم الامتحانية، ونحوها».
ويرى السياسي العراقي والنائب السابق في البرلمان العراق، حيدر الملا، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «عدم انتقاد المرجعية لما حصل في كربلاء إنما يمثل رسالة واضحة لقبولها بما جرى على صعيد حفل الافتتاح لبطولة غرب آسيا، وتأكيداً آخر على أن من انتقد أراد أن يزايد على أهالي كربلاء وعلى المرجعية نفسها»، مبيناً أن «هؤلاء المعترضين هم ممن يتبنى فقه تجهيل المجتمع وخلق الأزمات لأنهم لا يستطيعون العمل إلا في الأزمات». وأوضح الملا أن «المرجعية تتدخل حين يكون هناك خطأ، وطالما لم تتدخل فإن هذا يعني أن ما رافق حفل الافتتاح أمر طبيعي».
وحول انتقاد المرجعية بقاء السلاح خارج سيطرة الدولة رغم نهاية المهلة التي حددها رئيس الوزراء عادل عبد المهدي للفصائل المسلحة لإلقاء سلاحها خلال مدة أقصاها شهر، يقول الملا: بالنسبة للأمر الديواني الخاص بالسلاح والفصائل المسلحة، فإن الكثير من تلك الفصائل أعلنت رفضها للامتثال له جهاراً نهاراً، وبالتالي فإن السؤال هو هل يستطيع عبد المهدي تطبيق ما وعد به»، مشيراً إلى «أننا اليوم أمام حقيقة، وهي أننا لسنا دولة داخلها أحزاب، وإنما أحزاب وجهات مسلحة فوق الدولة، وبالتالي فإن هذه القضية كانت كاشفة تماماً، وهي أننا أمام جهات تعتبر نفسها فوق الدولة». وأوضح أنه «بعد انتهاء مهلة الشهر التي تضمنها الأمر الديواني وإعلان فصائل مسلحة عدم التزامها دلالة واضحة بأن هذه الجهات أصبحت فوق سلطة القانون وفوق الدولة».



«الفارس الخشن» تستنزف قدرات الحوثيين... والعليمي يطلب تحالفاً دولياً

الجيش الأميركي أفاد بتنفيذ 800 ضربة على الحوثيين في اليمن منذ منتصف مارس الماضي (أ.ف.ب)
الجيش الأميركي أفاد بتنفيذ 800 ضربة على الحوثيين في اليمن منذ منتصف مارس الماضي (أ.ف.ب)
TT
20

«الفارس الخشن» تستنزف قدرات الحوثيين... والعليمي يطلب تحالفاً دولياً

الجيش الأميركي أفاد بتنفيذ 800 ضربة على الحوثيين في اليمن منذ منتصف مارس الماضي (أ.ف.ب)
الجيش الأميركي أفاد بتنفيذ 800 ضربة على الحوثيين في اليمن منذ منتصف مارس الماضي (أ.ف.ب)

أكد الجيش الأميركي تكبيد الحوثيين خسائر ضخمة جراء عملية «الفارس الخشن» المتصاعدة للأسبوع السابع، واتهم إيران بمواصلة دعم الجماعة، بينما أوقعت إحدى الضربات عشرات القتلى والجرحى، بعد أن أصابت مركز احتجاز للمهاجرين الأفارقة في صعدة.

وإذ يتمسك مجلس القيادة الرئاسي اليمني بتشكيل تحالف دولي واسع مع قواته على الأرض لإنهاء تهديد الحوثيين للملاحة، استهدفت الحملة الأميركية، ليل الأحد وفجر الاثنين، مواقع مفترضة للجماعة في صنعاء وعمران والجوف وصعدة.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد أمر ببدء حملة ضد الحوثيين في 15 مارس (آذار)، وتوعَّدهم بـ«القوة المميتة»، في سياق سعيه لإرغامهم على التوقف عن تهديد الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، والكف عن مهاجمة إسرائيل تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

ووفق الإعلام الحوثي، استهدفت ضربات أميركية مركز إيواء المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين في مدينة صعدة، حيث معقل الجماعة الرئيسي، وأدت إلى مقتل 68 شخصاً، وإصابة 47 آخرين، وفق حصيلة غير نهائية.

رجل يعاين الأضرار عقب ضربة أميركية في صنعاء استهدفت موقعاً مفترَضاً للحوثيين (أ.ف.ب)
رجل يعاين الأضرار عقب ضربة أميركية في صنعاء استهدفت موقعاً مفترَضاً للحوثيين (أ.ف.ب)

ولم يعلق الجيش الأميركي على الواقعة التي جاءت بعد ساعات من استهداف موقع في منطقة ثقبان في مديرية بني الحارث شمال صنعاء، التي قال إعلام الحوثيين إنها أدت إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة آخرين بعد أن استهدفت 3 منازل.

ويُتهم الحوثيون على مدار سنوات الحرب التي أشعلوها بأنهم يتخذون من المدنيين دروعاً بشرية، ويخبئون الأسلحة وسط الأحياء السكنية، وفق ما تقوله الحكومة الشرعية.

إضافة إلى ذلك، أقرت الجماعة بتلقي 4 غارات في مديرية برط العنان في محافظة الجوف (شمال شرقي صنعاء)، كما أقرت بثلاث غارات ضربت مواقع في مديرية كتاف في صعدة، و6 غارات ضربت مواقع محصنة في منطقة الجبل الأسود، حيث مديرية حرف سفيان التابعة لمحافظة عمران شمال صنعاء.

ولم يتطرق الحوثيون إلى تفاصيل عن طبيعة الأهداف المقصوفة، إلا أن مراقبين يتكهنون بأن الغارات واصلت ضرب المخابئ المحصنة للأسلحة ومراكز القيادة فضلاً عن أماكن اختباء المسؤولين عن إطلاق الصواريخ والمسيَّرات.

800 ضربة

وضمن البيانات النادرة التي يصدرها الجيش الأميركي منذ بدء حملة ترمب ضد الحوثيين، أفادت القيادة المركزية، الاثنين، بأن قواتها نفذت 800 ضربة ضد الحوثيين، وأنها تتحفظ على نشر تفاصيل عملياتها السابقة واللاحقة لأسباب تتعلق بالسرية.

ووفق البيان المنشور على منصة «إكس»، نفذت القوات الأميركية منذ منتصف مارس حملة مكثفة ومستمرة استهدفت تنظيم الحوثيين الإرهابي في اليمن، بهدف استعادة حرية الملاحة.

وتم تنفيذ هذه العمليات - وفق البيان - بناءً على معلومات استخباراتية دقيقة وشاملة لضمان تأثيرات قاتلة ضد الحوثيين مع تقليل المخاطر على المدنيين إلى الحد الأدنى.

وللحفاظ على سرية العمليات، قالت القيادة المركزية الأميركية إنها تعمدت تقليص الكشف عن تفاصيل عملياتها الجارية أو المستقبلية. وأضافت: «نحن نتبع نهجاً مدروساً للغاية في عملياتنا، لكننا لن نكشف عن تفاصيل ما قمنا به أو ما سنقوم به لاحقاً».

وتعهد البيان الأميركي بمواصلة تصعيد الضغط، والعمل على تفكيك قدرات الحوثيين بشكل أكبر ما داموا مستمرين في عرقلة حرية الملاحة، مؤكداً تنفيذ 800 ضربة من بدء العملية التي أُطْلِق عليها «الفارس الخشن».

وتسببت هذه الضربات - وفق البيان - في مقتل المئات من مقاتلي الحوثيين وعدد كبير من قادتهم، بمن في ذلك مسؤولون كبار عن الصواريخ والطائرات المسيَّرة. كما دمرت الضربات منشآت عدة للقيادة والسيطرة، وأنظمة دفاع جوي، ومرافق تصنيع أسلحة متقدمة، ومستودعات تخزين للأسلحة المتطورة.

وكانت هذه المستودعات - كما جاء في البيان - تحتوي على أسلحة تقليدية متطورة، بما في ذلك صواريخ باليستية وصواريخ «كروز» مضادة للسفن، وأنظمة جوية مسيّرة، وزوارق سطحية مسيّرة، استُخدمت في هجمات الحوثيين الإرهابية على الممرات البحرية الدولية.

وعلى الرغم من استمرار الهجمات الحوثية، فإن البيان قال إن عمليات الجيش الأميركي أضعفت وتيرة وفاعلية هجمات الجماعة، إذ انخفضت عمليات إطلاق الصواريخ الباليستية بنسبة 69 في المائة، كما انخفضت هجمات الطائرات الانتحارية من دون طيار بنسبة 55 في المائة.

وأشار البيان الأميركي إلى تدمير قدرة ميناء رأس عيسى على استقبال الوقود، وقال إن ذلك سيؤثر في قدرة الحوثيين ليس فقط في تنفيذ العمليات العسكرية، بل أيضاً على جمع ملايين الدولارات لتمويل أنشطتهم الإرهابية.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية أن عملياتها ضد الحوثيين نُفذت بواسطة مجموعة كبيرة من القوات، بما في ذلك مجموعتا حاملة الطائرات «هاري إس ترومان» و«كارل فينسون».

واتهم الجيش الأميركي إيران بمواصلة تقديم الدعم للحوثيين، وقال: «لا يمكن للحوثيين مواصلة هجماتهم ضد قواتنا لولا دعم النظام الإيراني لهم». وأكد أنه سيواصل «تصعيد الضغط» حتى تحقيق الهدف، وهو استعادة حرية الملاحة، وتعزيز الردع الأميركي في المنطقة».

تحالف دولي يمني

وفي اتجاه متصل بموقف مجلس القيادة الرئاسي اليمني، التقى رئيس المجلس رشاد العليمي السفير الأميركي لدى بلاده ستيفن فاغن، ونقل الإعلام الرسمي أن اللقاء تَطَرَّق للجهود الجارية لحماية الممرات المائية، «وردع هجمات الميليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني على خطوط الملاحة الدولية، وسفن الشحن البحري».

ووفق وكالة «سبأ» الحكومية، جدد العليمي تأكيد الحاجة الملحة إلى شراكة استراتيجية إقليمية ودولية مع الحكومة اليمنية لتأمين الممرات المائية، ومواجهة التحديات المشتركة على جميع المستويات.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في الرياض مستقبلاً السفير الأميركي (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في الرياض مستقبلاً السفير الأميركي (سبأ)

واعترف زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي في أحدث خطبه بتلقي 1200 غارة جوية وقصف بحري خلال 6 أسابيع من حملة ترمب، لكنه زعم أن الضربات لم تؤثر في قدرات جماعته العسكرية، بخلاف تقارير أميركية تحدثت عن مقتل المئات، وتدمير مستودعات أسلحة محصنة وثكنات.

وأطلق الحوثيون 16 صاروخاً باتجاه إسرائيل منذ 17 مارس الماضي، دون تأثير عسكري إلى جانب إطلاق عدد من المسيَّرات.

وكانت الجماعة منذ أن انخرطت في الصراع البحري والإقليمي بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أطلقت نحو 200 صاروخ ومسيَّرة باتجاه إسرائيل، وتسببت هجماتها البحرية في غرق سفينتين، وقرصنة ثالثة.