يسلم الرئيس الموريتاني المنتهية ولايته محمد ولد عبد العزيز (63 عاماً) اليوم السلطة إلى خلفه الرئيس المنتخب محمد ولد الغزواني (63 عاماً)، بعد أن فاز في الانتخابات الرئاسية، التي نظمت نهاية شهر يونيو (حزيران) الماضي، وهي أول عملية تناوب سلمي على السلطة بين رئيسين منتخبين في هذا البلد، الذي يملك تاريخاً طويلاً مع الانقلابات العسكرية.
وعلى الرغم من أن ولد عبد العزيز سيسلم السلطة لصديقه ورفيق دربه ورجل ثقته، ورغم الشكوك التي تثيرها المعارضة حول نتائج الانتخابات، فإن الموريتانيين يعتبرون هذه اللحظة «تاريخية»، وتمثل بالنسبة لهم «قطيعة» مع الانقلابات العسكرية التي أعاقت نمو وازدهار البلاد.
وبدت الأجواء احتفالية في العاصمة نواكشوط، قبل موعد حفل تنصيب الرئيس الجديد، بينما رفعت على جنبات شوارع المدينة أعلام دول سيحضر قادتها حفل التنصيب، في ظل حديث مصادر رسمية عن حضور 10 رؤساء أفارقة للحفل، أغلبهم من دول الجوار، بينما يمثل المغرب من طرف رئيس الحكومة سعد الدين العثماني.
وقبل ساعات من حفل تنصيب الرئيس الجديد، سلم الرئيس المنتهية ولايته محمد ولد عبد العزيز ظرفاً، يتضمن جرداً بجميع ممتلكاته إلى «لجنة الشفافية في الحياة العمومية»، خلال لقاء جرى في القصر الرئاسي أمس، وذلك في التزام حرفي بمقتضيات القانون، الذي يلزم رئيس الجمهورية بالتصريح بممتلكاته فور تسلمه للسلطة وعند مغادرته لها، وهو قانون صادق عليه البرلمان الموريتاني عام 2007 من أجل مكافحة الفساد والإثراء غير المشروع، ويشمل بالإضافة إلى رئيس الجمهورية الوزير الأول، وكبار المسؤولين، وقادة المؤسسة العسكرية، وزعيم مؤسسة المعارضة الديمقراطية.
وسبق أن صرح ولد عبد العزيز بممتلكاته عام 2010، بعد عام واحد من فوزه بالانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2009.
ويحصل رئيس الجمهورية في موريتانيا على راتب قدره 7 ملايين أوقية قديمة، أي نحو 20 ألف دولار أميركي، هذا بالإضافة إلى علاوات ومنح تجعل راتب الرئيس الموريتاني واحداً من أعلى رواتب الرؤساء والقادة في أفريقيا والعالم، وهو ما سبق أن أثار جدلاً كبيراً في موريتانيا، وارتفعت مطالب تدعو إلى تقليص راتب رئيس الجمهورية.
ويخرج ولد عبد العزيز من السلطة وهو متهم من طرف معارضيه بالتورط في عمليات فساد، وبأن مقربين منه أصبحوا بفضله أثرياء في سنوات قليلة، بعد منحهم أفضلية الحصول على مشروعات وصفقات كانت تشوبها عمليات فساد كبيرة. لكن ولد عبد العزيز نفى في كثير من تصريحاته الإعلامية هذه التهم، وقال إنها تهدف إلى تشويه صورته.
وتشير معلومات متداولة من طرف الإعلام المحلي، إلى أن ولد عبد العزيز سيخرج بصفة نهائية من المشهد السياسي، على الأقل خلال الأشهر القليلة المقبلة، إذ من المتوقع أن يتوجه حسب بعض المصادر إلى بريطانيا أو ألمانيا؛ حيث سيقضي عطلة قد تستمر لستة أشهر.
ويغادر ولد عبد العزيز السلطة بعد نحو 15 عاماً من تصدر المشهد السياسي، وإدارة دفة الحكم في موريتانيا، إذ قاد انقلاباً عسكرياً أبيض عام 2005 أطاح بحكم الرئيس الأسبق معاوية ولد سيدي أحمد الطائع، الذي حكم البلاد لأكثر من عقدين، كما عاد وقاد انقلاباً أبيض آخر عام 2008، أنهى حكم سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، أول رئيس مدني منتخب.
واستقال ولد عبد العزيز من الجيش عام 2009، بعد أن كان يحمل رتبة «جنرال»، وترشح للانتخابات الرئاسية في العام نفسه، ليفوز بها في الشوط الأول، وأعيد انتخابه عام 2014، ولكن الدستور الموريتاني منعه من الترشح لولاية رئاسية ثالثة، فقرر دعم ترشح صديقه محمد ولد الغزواني الذي قاد معه انقلابين عسكريين، وكان يوصف بأنه «رجل ثقته». ورغم العلاقة الشخصية القوية التي تربط ولد عبد العزيز وولد الغزواني، فإن اختلافات جوهرية تفرق بينهما. فالأول يوصف بأنه حاد ومتهور، بينما يوصف الأخير بأنه هادئ ورزين، وهي اختلافات سيكون لها تأثيرها على حكم الرجلين.
أول تناوب سلمي على السلطة بين رئيسين منتخبين في موريتانيا
ولد عبد العزيز ينهي حكمه متهماً بالفساد
أول تناوب سلمي على السلطة بين رئيسين منتخبين في موريتانيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة