نصف احتياطيات الذهب عالمياً «للبيع»

المصارف المركزية الأوروبية تستعد لإلغاء اتفاقية وضعت قيوداً على المعدن الأصفر

نصف احتياطيات الذهب عالمياً «للبيع»
TT

نصف احتياطيات الذهب عالمياً «للبيع»

نصف احتياطيات الذهب عالمياً «للبيع»

في خطوة غير مسبوقة منذ عام 1999 قررت المصارف المركزية الأوروبية التخلّص من اتفاقية مشتركة تُعرف باسم «سنترال بنك غولد أغريمنت» فرضت عليها لأكثر من 20 عاماً قيوداً على عمليات بيع ذهبها. ويفيد الخبراء الألمان في برلين بأن إلغاء هذه الاتفاقية ستكون له انعكاسات على أسواق الذهب الدولية قد تكون إيجابية وربما سلبية تتباين بين دولة وأخرى حسب الظروف الاقتصادية والمالية العالمية والمحلية، في ضوء امتلاك نحو نصف احتياطيات الذهب عالمياً للبنوك المركزية في منطقة اليورو.
ومن المعلوم أن المصرف المركزي الأوروبي شارك في التوقيع على هذه الاتفاقية مع 21 هيئة مالية تتضمن تلك التابعة لدول منطقة اليورو إضافةً إلى مصرفي سويسرا والسويد المركزيين.
تقول الخبيرة الألمانية كيرستن شرودر المتخصصة في أسواق المعادن الثمينة، إن اتفاقية الذهب المشتركة وُقّع عليها للمرة الأولى عام 1999 ثم تم تجديدها في 2004 و2009 و2014، وكان من شأنها الحدّ من كمية الذهب المبيعة في عام واحد من جانب أي مصرف من المصارف المركزية المشاركة في توقيعها.
وأضافت أن مخزون المصارف المركزية العالمية من سبائك ذهب رسا في أواخر عام 2018، عند أكثر من 33 ألف طن، أي خُمس ما يتوافر من ذهب في الأسواق العالمية. وتركّز هذا المخزون الوافر داخل المصارف المركزية التابعة للدول ذات الاقتصاد المتقدّم، أي تلك الموجودة في أوروبا الغربية وأميركا الشمالية. ما عكس النفوذ الهائل لهذه المصارف في تحديد أسعار الذهب يومياً حول العالم.
وتختم: «التقلبات الحادة والمفاجئة في سعر الذهب قبل التوقيع على المرحلة الأولى من اتفاقية الذهب المشتركة، عام 1999 هي المثال الأبرز لأهميتها، لأنها أعطت أسواق الذهب العالمية الضمانة الضرورية لتهدئتها. وعلاوة على تجهيز الجميع بالشفافية التجارية المطلوبة للتداول بالذهب، منعت الاتفاقية المصارف المركزية من خوض عمليات غير منسّقة بينها لبيع الذهب. واستفاد منتجو الذهب والمستثمرون والدول الفقيرة المثقلة بالديون التي تعوّل على تصدير الذهب كثيراً من هذه الاتفاقية. لكن، ومع إلغاء هذه الاتفاقية اعتباراً من شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، ستتبنى أسواق الذهب العالمية مساراً جديداً من الصعب التنبؤ بملامحه اليوم».
في سياق متصل، تشير الخبيرة المالية الألمانية باولا باور في فرانكفورت، إلى أن عملية إحياء اتفاقية «سنترال بنك غولد أغريمنت» للذهب المشتركة كانت وليدة ردود فعل دولية على عمليات بيع كميات ضخمة من الذهب، بصورة فجائية، قادتها المملكة المتحدة ودول أخرى، ما آل في تسعينات القرن الماضي إلى انهيار أسعار المعدن الأصفر النفيس.
وترى باور أن إلغاء هذه الاتفاقية لن يكون له صدى سوقي سلبي، ومنذ عام 2010 زاد المخزون العالمي للذهب من دون توقّف. أما عمليات الشراء فوصلت في عام 2018 إلى أعلى مستوى لها منذ عام 1971، إذ رست عند أكثر من 650 طناً حول العالم. وقادت روسيا والصين عمليات الشراء هذه من جراء رغبتهما في تنويع الاحتياطيات والابتعاد عن الدولار الأميركي. وهذا ما جعل أسعار الذهب تقفز إلى أعلى مستوى لها في الأعوام الستة الأخيرة لتصل إلى 1400 دولار للأونصة.
وتختم بالقول: «تمتلك المصارف المركزية التابعة لمنطقة اليورو نصف احتياطيات الذهب العالمية. ومنذ عدة أعوام لم تكن كميات الذهب المبيعة ذات معنى. إذ تستخدم هذه المصارف ذهبها لتغطية إصداراتها من الأوراق المالية. وتصدّر المصرف المركزي الألماني عمليات بيع الذهب منذ عام 2014 التي لم تتجاوز إلى اليوم 16 طناً سنوياً. وهذا رقم بعيد جداً عن مبيعات للمصارف المركزية الأوروبية رسا إجماليها عند 400 طن سنوياً عام 1999 و500 طن عام 2004 و400 طن عام 2009. والذهب سيبقى مهماً داخل نظام الاحتياطيات المالية العالمية، وبالتالي فإن مصارف أوروبا المركزية لا تخطط لبيع كميات كبيرة منه تزامناً مع الإلغاء القريب للاتفاقية».


مقالات ذات صلة

«الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

تحليل إخباري رجل يقف أمام الشرطة ويحمل لافتة كُتب عليها: «يون سوك يول... ارحل» في سيول (أ.ف.ب)

«الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

فجأة اصطخبت مياه البحيرة الكورية الجنوبية وعمّت الفوضى أرجاء سيول وحاصر المتظاهرون البرلمان فيما كان النواب يتصادمون مع قوات الأمن.

شوقي الريّس (بروكسل)
أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)
أوروبا رجل يلتقط صورة تذكارية مع ملصق يحمل صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول: «لماذا نريد مثل هذا العالم إذا لم تكن روسيا موجودة فيه؟» (رويترز)

«فليحفظ الرب القيصر»... مؤيدون يهنئون بوتين بعيد ميلاده الثاني والسبعين

وصف بعض المؤيدين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ«القيصر»، في عيد ميلاده الثاني والسبعين، الاثنين، وقالوا إنه أعاد لروسيا وضعها، وسينتصر على الغرب بحرب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جندي أوكراني يجلس داخل دبابة ألمانية الصنع من نوع «ليوبارد 2 إيه 5» بالقرب من خط المواجهة (أ.ف.ب)

هل انتهى عصر الدبابات «ملكة المعارك» لصالح الطائرات المسيّرة؟

رغم أن الدبابات ساعدت أوكرانيا في التقدم داخل روسيا، تعيد الجيوش التفكير في كيفية صنع ونشر هذه الآليات القوية بعد أدائها المتواضع خلال الفترة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
TT

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي، المهندس صالح الجاسر، عن تحقيق الموانئ تقدماً كبيراً بإضافة 231.7 نقطة في مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية، وفق تقرير «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)» لعام 2024، إلى جانب إدخال 30 خطاً بحرياً جديداً للشحن.

كما كشف عن توقيع عقود لإنشاء 18 منطقة لوجيستية باستثمارات تتجاوز 10 مليارات ريال (2.6 مليار دولار).

جاء حديث المهندس الجاسر خلال افتتاح النسخة السادسة من «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»، في الرياض، الذي يهدف إلى تعزيز التكامل بين أنماط النقل ورفع كفاءة الخدمات اللوجيستية، ويأتي ضمن مساعي البلاد لتعزيز موقعها مركزاً لوجيستياً عالمياً.

وقال الوزير السعودي، خلال كلمته الافتتاحية في المؤتمر، إن «كبرى الشركات العالمية تواصل إقبالها على الاستثمار في القطاع اللوجيستي؛ من القطاع الخاص المحلي والدولي، لإنشاء عدد من المناطق اللوجيستية».

يستضيف المؤتمر، الذي يقام يومي 15 و16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عدداً من الخبراء العالميين والمختصين، بهدف طرح التجارب حول أفضل الطرق وأحدث الممارسات لتحسين أداء سلاسل الإمداد ورفع كفاءتها. كما استُحدثت منصة تهدف إلى تمكين المرأة في القطاع من خلال الفرص التدريبية والتطويرية.

وأبان الجاسر أن منظومة النقل والخدمات اللوجيستية «ستواصل السعي الحثيث والعمل للوصول بعدد المناطق اللوجيستية في السعودية إلى 59 منطقة بحلول 2030، من أصل 22 منطقة قائمة حالياً، لتعزيز القدرة التنافسية للمملكة ودعم الحركة التجارية».

وتحقيقاً لتكامل أنماط النقل ورفع كفاءة العمليات اللوجيستية، أفصح الجاسر عن «نجاح تطبيق أولى مراحل الربط اللوجيستي بين الموانئ والمطارات والسكك الحديدية بآليات وبروتوكولات عمل متناغمة؛ لتحقيق انسيابية حركة البضائع بحراً وجواً وبراً، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، ودعم العمليات والخدمات اللوجيستية وترسيخ مكانة المملكة مركزاً لوجيستياً عالمياً».

وخلال جلسة بعنوان «دور الازدهار اللوجيستي في تعزيز أعمال سلاسل الإمداد بالمملكة وتحقيق التنافسية العالمية وفق (رؤية 2030)»، أضاف الجاسر أن «الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار)» تعمل على تنفيذ ازدواج وتوسعة لـ«قطار الشمال» بما يتجاوز 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار)، وذلك مواكبةً للتوسعات المستقبلية في مجال التعدين بالسعودية.

إعادة التصدير

من جهته، أوضح وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، أن السعودية سجلت في العام الحالي صادرات بلغت 61 مليار ريال (16.2 مليار دولار) من قطاع إعادة التصدير، بنمو قدره 23 في المائة مقارنة بالعام الماضي، «وهو ما تحقق بفضل البنية التحتية القوية والتكامل بين الجهات المعنية التي أسهمت في تقديم خدمات عالية الكفاءة».

وأشار، خلال مشاركته في جلسة حوارية، إلى أن شركة «معادن» صدّرت ما قيمته 7 مليارات ريال (1.8 مليار دولار) من منتجاتها، «وتحتل السعودية حالياً المركز الرابع عالمياً في صادرات الأسمدة، مع خطط لتحقيق المركز الأول في المستقبل».

جلسة حوارية تضم وزير النقل المهندس صالح الجاسر ووزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف (الشرق الأوسط)

وبين الخريف أن البلاد «تتمتع بسوق محلية قوية، إلى جانب تعزيز الشركات العالمية استثماراتها في السعودية، والقوة الشرائية الممتازة في منطقة الخليج»، مما يرفع معدلات التنمية، مبيناً أن «قوة السعودية في المشاركة الفاعلة بسلاسل الإمداد تأتي بفضل الموارد الطبيعية التي تمتلكها. وسلاسل الإمداد تساهم في خفض التكاليف على المصنعين والمستثمرين، مما يعزز التنافسية المحلية».

وفي كلمة له، أفاد نائب رئيس «أرامكو السعودية» للمشتريات وإدارة سلاسل الإمداد، المهندس سليمان الربيعان، بأن برنامج «اكتفاء»، الذي يهدف إلى تعزيز القيمة المُضافة الإجمالية لقطاع التوريد في البلاد، «أسهم في بناء قاعدة تضم أكثر من 3 آلاف مورد ومقدم خدمات محلية، وبناء سلاسل إمداد قوية داخل البلاد؛ الأمر الذي يمكّن الشركة في الاستمرار في إمداد الطاقة بموثوقية خلال الأزمات والاضطرابات في الأسواق العالمية».

توقيع 86 اتفاقية

إلى ذلك، شهد «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية» في يومه الأول توقيع 86 اتفاقية؛ بهدف تعزيز أداء سلاسل الإمداد، كما يضم معرضاً مصاحباً لـ65 شركة دولية ومحلية، بالإضافة إلى 8 ورشات عمل تخصصية.

جولة لوزيرَي النقل والخدمات اللوجيستية والصناعة والثروة المعدنية في المعرض المصاحب للمؤتمر (الشرق الأوسط)

وتسعى السعودية إلى لعب دور فاعل على المستوى العالمي في قطاع الخدمات اللوجيستية وسلاسل التوريد، حيث عملت على تنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية والإنجازات التشغيلية خلال الفترة الماضية، مما ساهم في تقدمها 17 مرتبة على (المؤشر اللوجيستي العالمي) الصادر عن (البنك الدولي)، وساعد على زيادة استثمارات كبرى الشركات العالمية في الموانئ السعودية».